وائل العبسي أحد أبرز الشباب الذين وثقوا الثورة وأدق تفاصيلها أولا بأول منذ الانطلاق وحتى اللحظة ، عينه الثالثة كانت ترصد كل انتهاكات النظام ضد المعتصمين سلميا ، ينسى تجده في خضم المواجهات يتنقل من مكان لآخر ومن زاوية لأخرى لتقنص عدسته تفاصيل لم تكن في الحسبان ، وائل الشاب الثلاثيني الذي بدأ التصوير منذ العام 2002 ليزداد تعلقه بالعدسة فجر انطلاقة ثورة الحادي عشر من فبراير ، لتتصدر صوره الفوتوغرافية الصفحات الأولى لعدد من الصحف التي واكبت الثور أولا بأول ...يعمل حاليا مصورا في موقع الاشتراكي نت صحيفة الجمهورية كانت لها هذه اللحظات الخاطفة مع هذا الشاب الذي يعد واحدا من أبرز المصورين الذين عرفتهم ثورة الحادي عشر من فبراير : - وائل محمد منصور العبسي - ......؟ - بدأت العمل في مجال التصوير منذ العام 2002 في استوديو تصوير خلال فترة الاجازة الصيفية ومعها بدأ تعلقي بالعدسة أكثر وأكثر ليصبح عشقا يوميا وادمانا لا أستطيع الفكاك منه ، وعملت أولا في معامل أيلول للتصوير وكنت متشوقا لنزول مدينتي التي عشقتها تعز أثناء بدء الاعتصامات وانطلاق شرارة الثورة الأولى منها ومن ثم نزلت بعد حوالي اسبوع مع نصب أول الخيام في ساحة صنعاء . - .....؟ - بدأت ممارسة نشاطي الصحفي في ساحة تعز في حركة شباب نحو التغيير أول حركة شبابية ثورية وكنت من ضمن المؤسسين للمركز الإعلامي للثورة بساحة الحرية مع مجموعة من الشباب الناشطين الإعلاميين ومن ثم كنت من ضمن المشاركين في تأسيس المجلس الاعلامي للثورة اليمنية الذي وحد الخطاب الاعلامي لساحات الثورة وعدد من أهم المراكز الاعلامية في ساحات الثورة في مختلف المحافظات اليمنية . - .......؟ - أضاف لي تجربتي في توثيق أحداث ثورة الحادي عشر من فبراير الكثير في تطوير قدراتي ومهاراتي في احتراف التصوير ونقلي لأدق التفاصيل واللحظات الحرجة في تاريخ الثورة حيث اجتهدت كثيرا في رصد تلك الأحداث والانتهاكات التي تعرض لها شباب الثورة من أبناء تعز . - .................؟ - أصعب المواقف التي تعرضت لها حين كنت أقف خلف العدسة لتوثيق محرقة ساحة الحرية ولكني واصلت التصوير من أجل تعرية جرائم نظام صالح كما نجوت في أحدى المرات وبالتحديد في الرابع من اكتوبر العام الماضي في إحدى ليالي القصف على مدينة تعز أنا وأحد الزملاء من قذيفة أثناء توثيقنا ورصدنا لضحايا القذف . لكن يظل يوم المحرقة هو أصعب موقف في حياتي لقد كان منظر احتراق الساحة وحرقها بتلك الوحشية والحقد مرعبا جدا لكني تغلبت على لحظات ضعفي تلك بقوة وارادة لأستطيع توثيق اللحظة . - .......؟ - أعتز بتجربتي كثيرا في الثورة والمركز الإعلامي وأتمنى محاكمة كل القتلة الذين أحرقوا ساحتنا وقتلوا كل الأبرياء الحالمين من شباب الثورة بدولة مدنية يسودها العدل والقانون والمواطنة المتساوية . عام على المحرقة المتواصلة .. ليس كافياً ليمحوها من ذاكرة أهالي مدينة تعز عزيز الصلوي عام مضى على “محرقة هولوكوست ساحة الحرية بمدينة تعز “ لكنه ليس كافياً ليمحو من ذاكرة أهالي المدينة تداعياتها المتواصلة، حيث لا تزال تجاربهم الشخصية تنزف دماً وحزناً على أحبائهم الذين ارتقوا شهداء في معركة غير متكافئة انتصرت فيها شهوة القتل ، لكن انتصرت فيها تعز بإرادتها وتمسكها بالحياة رغم عمق الجراح عام مضى على المحرقة إلا أن جمرها مازال متقدا تحت رماد غطى تعز بأكملها ، ورائحة الدخان لا تزال تملأ سماء المدينة ، التي يلتحفها عشرات آلاف البشر، بانتظار تحقيق وعود تجدد الإنصاف ، لكنها بالتأكيد ستعجز عن تجديد ذاكرة ارتسمت فيها صور من سقطوا شهداء وما خلفته المحرقة من اضرار ومآسي هي محرقة وإبادة جماعية بكل المقاييس أوسعت الثوار في ساحة الحرية قتلا وحرقا وإجراما , سلبوا.. نهبوا و دمروا بوحشية، واعلان قمة المأساة فى التاريخ السياسي اليمني .. قهروا الحديد ولكن تعز لم تقهر منازل وأبواب ومحلات وبراميل مياه , ماحدث لفندق ساحة الحرية (فندق ألمجيدي سابقاً) يدلل على وحشية لعصابة اوكل اليها حرق تعز ففي تلك الليلة توجهت قوات الخوف إلى فندق ساحة الحرية وبدأت في سلبه ونهبه بعد أن كانت قد امطرته برصاص من مختلف انواع السلاح من الخارج ، بلاطجة نهبوا كل محتوياته وخاصة غرف (اللجان الإعلامية) ومحتوياتها من اجهزة كمبيوترات وكاميرات وغيرها ، إضافة إلى غرف وسائل الإعلام الداخلية التي استولى البشمراجه على محتوياتها وتم احراقها بالكامل وغرف القنوات الخارجية كالعربية والبي بي سي وجميع غرف الإعلاميين والصحفيين ، وعندما كانت تلك المجاميع البلطجية على وشك الانتهاء من عمليات السلب والنهب للفندق كانت مجموعة اخرى منهم تقتحم مستشفى (الصفوة) الخاص برفقة قوات الأمن وفور دخولهم من بوابة المستشفى باشر الجند والبلاطجة إطلاق نار كثيف على اقسام المستشفى المختلفة وهو يحتضن عشرات المصابين في حوادث الرصاص الحي .. نهبوا وسلبوا المستشفى عبثوا بمحتوياته من أجهزة ومعدات وخزينة ، ووصل بهم الحقد إلى أنهم عندما لم يستطيعوا نهب جهاز الكشف الطبقي المحوري وذلك لكبر حجمه أقدموا على الانتقام منه بإطلاق عشرات الرصاصات عليه لتعطيله والانتقام منه عشرات الملايين تقدر خسائر مستشفى الصفوة جراء اضرار تلك البشاعة التي تجلت بكل صورها اعمال عاثت فساداً ونهباً وسلباً وتخريباً وعلى مدى ليلة بكاملها البشر والشجر والحجر ولم يسلم من أذاها أحد حيث شملت كل شي في الساحة دون استثناء اضافة الى الممتلكات الخاصه . يقول الحاج محمد عبد الرحمن المنصوب صاحب مطعم الراسني بان 13/2/2011م كان يوما مشهوداً في تاريخ اليمن وتم ارسال بلاطجة الى الساحة وتم الاشتباك والتراشق بالاحجار وقيام ساحة الحرية اغلقت مطعمي في ذلك اليوم وكانت خسارتي 400 الف ريال لكني لم اكن نادما كون املي كان كبيراً في الثورة وبذلنا الغالي والرخيص في سبيل انجاحها لانها الاهم الاكبر , حتى اتى يوم محرقة الهولوكست المشهود لم يسلم احد من قبل قوات علي صالح وتم النهب والاحراق لكل ماهو جميل في هذه الساحة وتم اقتحام مطعمي من قبل الحرس العائلي في يوم 29 /5/2011م وتم نهب محتوياته بالكامل وتكبدنا خسائر تقدر ب 5 مليون ريال , واغلقت محلي 4 اشهر ترتب على اثره تراكم ايجارات المحل بواقع 150 الف ريال , اضافة الى ان هناك الكثير من المواد اتلفت وتشردت 12 اسرة للعاملين في المطعم , ولم استطع استعادة مانهب جراء الانتكاسة التي حدثت في تلك الليلة التي راينا فيها مدى بشاعة الحقد والكراهية على تعز .نهب كل شي في المطعم حتى صندوق التبرعات لمرضى السرطان لم يسلم من اعمالهم , وحول التعويض يقول المنصوب لم تصله أي لجان بشان ذلك غير انه قام برفع مذكرة الى مجلس شباب الثورة وقادة احزاب المشترك بقائمة ماتم نهبه من مطعمه دون اي رد ياتيه على مذكرته. اما هيكل علي سلطان الصلوي صاحب كفتيريا الصفوة قال بانه اغلق محله شهر ونصف و, اتلفت وانتهت صلاحية كل المواد التي كانت داخل الكفتيريا ومخزن تابع لها وقدر الصلوي خسارته ب300 الف ريال من قيمة المواد المنتهية الصلاحية و ايجارات وكهرباء وماء اثناء المحرقة ومابعدها من احداث اضافة الى مرتبات العمال خصوصا مع قلة العمل في تلك الفترة. صيدلية الخنساء تكبدت العديد من الخسائر وأدوية أتلفت بسبب اغلاق الصيدلية لخمسه أشهر على التوالي إضافة الى ايجارات فترة الاغلاق بواقع 100 إلف ريال شهريا وقدر احد الأطباء هناك خسائر الصيدلية بمليون ريال اضافة الى اضرار لحقت بالأبواب والزجاج في مداخل الصيدلية. محطة صافر وهي من اكثر المحلات تكبدت افضع الخسائر وبرغم اننا لم نجد مالك المحطة او احد اقربائه غير ان عمال المحطة وجدناهم فيها في حال لايسر جراء ما لحق المحطة من اضرار وتوقف العمل فيها الحاج قايد احمد حارس بالمحطة يقول : عام وعدة اشهر ونحن نعاني الماساة نحن واسرنا , 7 عمال اطفالنا لا نجد من أين نعطيهم وعلينا التزامات بعد ان توقف العمل بالمحطة ونعيش في وضع سيء جدا , وحول الخسائر التي تكبدتها محطة صافر يقول محاسب المحطة شائف هزاع مقبل بان ليس لديه تقديرا دقيقا للخسائر كونها كبيرة ولا يستطيع تقديرها نظرا لعدم معرفته بها وكون صاحب المحطة غير متواجد , وحول لجان التعويض قالوا بانه لم تات اليهم أي لجان بهذا الخصوص. راوح عبد الله عثمان صاحب مخبز يقول اغلقت محلي لمدة شهر وخسائري تقدر ب 500 الف ريال جراء إتلاف انتاج محله ليلة المحرقة ومواد العمل خلال فترة اغلاقه اضافة الى ايجارات ورواتب عمال. اما عمر علي عبد الله اسماعيل وهو صاحب مخبز ايضا يقول بان محل والده تكبد كثيراً من الخسائر منذ بداية الساحة وليلة المحرقه تعطل العمل وتلف خمسة اكياس دقيق وتعرضت سيارات المخبر للحريق مع التكسير تم اصلاحها ب 500 الف ريال , الاولى برقم 6588 /4 والثانية 44612 /2 , اضافة الى اغلاق المحل لشهر كامل مع توقف العمل نهائيا , ويضيف عمر بأن ليلة المحرقة تم نهب 890000 ريال من داخل السيارة كانت لتاجر الدقيق اضافة الى ادوات كانت في سيارة المخبز , ولم نستطع الخروج من المحل لكثافة الرصاص من كافة المداخل كما يقول بان اضراراً اخرى لحقت بمحلهم من الرصاص على الابواب والزجاجات وتوانك الماء والديزل , مع اصابة احد العمال بالرصاص الحي اثناء اطلاق نار بكثافة على ابواب المحل والعامل يدعى منذر هزاع عبده ثابت الصلوي , وقدر خسائر محله خلال فترة الاغلاق ب 10000 ريال يوميا مقابل بيع الخبز جملة داخل المحل. وحول التعويض يقول عمر بأنه لم تصلهم أي لجنة بذلك غير انهم تقدموا بشكوي في رمضان حول الخسائر التي تكبدوها ولم يتم الرد عليهم حتى اليوم او صرف تعويض مقابل خسائرهم. هذه نماذج لما لحق من اضرار لأصحاب المحلات المجاورة للساحة خسائر لا يمكن احصاؤها لأن بعض الخسائر مادية مباشرة وبعضها الآخر غير مباشر حيث هدرت مئات الالاف و الملايين بسبب التخريب المباشر والنهب والسلب الذي جرى ليلة ال29 من مايو من العام الفائت والذي عاشت فيها مدينة تعز على صدمة عمليات سلب ونهب منظمة لعصابة استباحت الممتلكات الخاصة بعد الإعتداء واحراق ساحة الحرية بوسط المدينة. محرقة الحرية اليمنية عمار السوائي لعل محرقة ساحة الحرية في تعز مثلت أكبر انتهاك سجلته الثورة ضد الحقوق والحريات الإنسانية على مستوى الوطن إجمالاً ، فهي شكلت عملاً إجرامياً منظماً أستخدمت فيه القوة المفرطة وأدواتها القامعة ضد المتظاهرين السلميين العزل ، حيث أحرقت ساحة الحرية التي راكمت بوتيرة تصاعدية المد الثوري وسربت الثورة إلى أحياء وأزقة المدينةتعز وإلى مديرياتها المختلفة ، بل ومنها أيضاً إلى كل ساحات وميادين الحرية والتغيير على امتداد التراب اليمني ، ومع إحراق الساحة قامت العناصر التي نفذت العملية الإجرامية بإحراق البعض من شباب الثورة أحياء وأختطفت البعض الآخر لتقوم بعمليات تحقيق واستجواب قاسية معهم ، والتخطيط والتنفيذ الأمني العسكري المنظم والدقيق للعملية لم يكن لينجح بمفرده لو لم يكن الشريك حاضراً معنا في الساحة مدركاً لكل تفاصيل الساحة ونقاط الضعف في لجان الأمن والنظام الخاصة بها ، وليس ثمة ما يمكن أن يمثل دلالة بالغة على ذلك مثل حدث انضمام أفراد الحرس الجمهوري ليلتها ، حيث كان دورهم في العملية قائماً على الفكرة الشهيرة لحصان طروادة ، والمحرقة بأبعادها الرئيسية ليست عملية اعتداء نفذتها السلطات الأمنية والعسكرية حينها بصورة عشوائية فاقدة للهدف والمعنى ، فليس هناك ما يبدو أكثر سذاجة من تناول الحدث من هذا المنظور القاصر ، بل أنها مثلت عملية متكاملة لها أبعادها السياسية التي لا يمكن عزلها وإفرادها عن أسيقة الترتيب السياسي القائم بين أطراف العملية السياسية ، وللتوضيح يمكن أن نبدأ بترتيب الحدث والاعتناء بقراءة التفاصيل في المشهد العام. ما من شك أن ثورة 11 فبراير السلمية كانت مفاجأة قاسية لفرقاء العملية السياسية في البلد ، فقد جدولت هذه الأطراف شكلاً من التسوية السياسية البينية لم تكتمل ملامحها عوضاً عن كون تلك التسوية عاجزة عن طمأنة المعارضة بتوفير الضمانات الكافية ، فالمفاوضات السياسية والحوارات المتتالية كانت تصل إلى انسداد دائم في أفق الحوار ولكن تأجيل الانتخابات البرلمانية الأخيرةيبدو أشبه ما يكون بحالة انتصار تحيطها الخسارات المنجزة بجدارة ، وأصيبت العملية السياسية برمتها بحالة من الشلل التام ، كان الخيار الأخير لدى المعارضة هو الاستنجاد بالشارع والاستقواء به ليمدها بالقوة الدافعة في الموقف التفاوضي ، الشارع ذاته الذي أنفصلت عنه المعارضة ولم تعد مطالبها معبرة عن نبضه واحتياجاته ومعاناته ، صعدت قنواتها الإعلامية المطالب السياسية المجردة وبالتالي أفتقدت أحزاب المعارضة للحيوية التي يمكن أن تكتسبها من تفاعلها مع الجماهير وصارت أشبه بلوحة نخبوية رمادية أفتقدت لألوان الحياة ، واستغلت السلطة القائمة عجز المعارضة وانفصالها عن الشارع للتلاعب بالمال العام وسحق كل المعايير المتعلقة بالأداء وإدارة الدولة ، والمحصلة إنتاج المزيد من الفوضى والاختلالات ، كانت سلطة المؤتمر مستندة على أغلبية نيابية تحصلت عليها باستغلال المال العام والإمكانيات التي وفرتها أجهزة الدولة ومؤسساتها ، وكان عجز المعارضة ( اللقاء المشترك ) قائماً بسبب الهوة بين المطالب السياسية التي يصعدها إعلامها وبين مطالب الشارع وحاجاته التي تتفاقم بما يؤزم ويفاقم معاناة المواطن ، وهذا الخلل في أداء النظام السياسي القائم على تفاعلات المؤتمر والمشترك صعد إلى السطح قضايا وطنية تجاوزت كونها مشكلات يمكن حلها بالطرق التقليدية ، منها القضية الجنوبية والصراع المستمر في صعدة ، وفي ظل هذا الظرف الحرج والترحيل المتكرر والممل للحل بل وانعدام إمكانيته اندلعت ثورة 11 فبراير السلمية ، واستمات الشباب في الشارع بل وألتجأوا إلى تحرير مساحات جغرافية أصطلح على تسميتها بالساحات خاصة بهم تميز شكل الثورة السلمية الذي اختاروه نهجاً لهم ، وفي ظل تصاعد التأييد الشعبي للشباب وثورته النقية التي كانت بواعثها ومبرراتها مستندة أساساً على حالة ثورية تعيشها المنطقة العربية بالإضافة إلى عجز أطراف العمل السياسي في الداخل عن تحقيق الانسجام اللازم بل والأسوأ وصول البلد إلى هاوية لها محاذيرها وقد تكون تباشير مرحلة الاحتراب والتشظي أبسط ما يمكن ملاحظته في قائمة التوقعات. راهنت الأطراف المختلفة على عامل الوقت الذي سيتكفل في حساباتهم بإسقاط الشعار الشبابي الشهير ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وهذا الرهان بالتحديد كان السبب الأبرز في تأخر انضمام المعارضة اليمنية ( أحزاب اللقاء المشترك ) إلى صفوف الشباب والالتحام بالشارع ، لكن التعاطف الشعبي مع الثورة أجبر الجميع على الالتفات لنبض الثورة المتعالي ، وبدأت تدخل في حساباتهم المختلفة مجبرة كل الأطراف باقتدارها وأداءها المتناغم وتضحياتها الباذلة على التفاعل معها وبالتاكيد لم يكن من بين تلك الحسابات أن تفوت المعارضة هذه الفرصة ، فأنضمت للثورة وعملت منذ لحظاتها الأولى على تسخير كل إمكانياتها من أجل تقديم الوجه السياسي للحدث بل وعملت على أن تجعل الخطاب الثوري مسايقاً لنبض العملية التفاوضية بينها وبين السلطة حيث لم تنفصل تلك العملية عن مفاوضات ما قبل الثورة وإنما اتصالاً معها مع فارق استيعابها لحسابات المصالح الإقليمية والدولية التي حضرت لتفرض معطياتها على طاولة التفاوض ، وعلى الأرض كان العائق لإنجاز السياسي يكمن في تجاوب الساحات وشبابها مع صوت الثورة القادم من ساحة تعز ، إن الكلفة الإنسانية التي دفعتها تعز لتحصل على هذا القدر من الإعجاب والتقدير الثوري كانت مرتفعة ، ففي مواجهات متعددة مثل الكرامة وغيرها كان الرقم التعزي هو الأكبر ، وكانت تعز حاضرة في كل المساحات الثورية والسياسية ، وبعد تمكنه من حوصلة ساحة التغيير في صنعاء توجب على السياسي العمل على تحقيق إنجاز مشابه في ساحة الحرية بتعز ، حيث كان الشكل الثوري الذي تستهله تلك الساحة يفرز سلسلة مستنسخةمن الاستجابات الثورية في كل الساحات كاقتفاء متصل للأثر ، وفي هذا السياق كانت محرقة ساحة الحرية في 29 و 30 من مايو 2011م حدثاً يحمل دلالاته وضروراته ، إن إلغاء التأثير التعزي على بقية الساحات كان يستلزم التأثير سلباً على المثالية الثورية لهذه الساحة وكان هذا هو الهدف الغير معلن من تحويل المشهد السلمي في المدينة إلى اعتراك مسلح ، وبالتالي قتل الاتصال بين مركزية تعز التي فرضتها الثورة وبين طرفية الساحات المختلفة التي عجزت عن تأليب تفاعل جماهيري شعبي معها ، ولم يكن الجميع على استعداد لدفع كلفة التحول إلى السلاح الذي دفعت إليه تعز قسراً من بعض الأطراف ذات التمثيل المزدوج في الثورة وفي عملية التفاوض مع سلطة علي عبدالله صالح الأحمر ، وفقدت تعز جاذبيتها الثورية بهذا الترتيب الدقيق للوقيعة ، فشهدت أياماً قاسية من التجييش العسكري سواء من طرف السلطة التي نقلت كتلاً ضخمة من معسكرات الحرس الجمهوري إلى المدينة ، أو من الميليشيات القادمة من محافظات ومناطق مختلفة التي جندتها أكبر أحزاب اللقاء المشترك لفرض هيمنتها واستغلال الفرصة المتاحة لاستعراض القوة ، والدفع بالعملية السياسية عبر مسارب مرسومة مسبقاً. وأخيراً يمكننا أن نعزو فكرة الانتصار الدائم للسياسي المحمل بأعباء وتراكمات تاريخية أنتجتها ذهنية العلاقة بين القامع والمقموع ، وأسست خلالها لثقافة أبوية دافعت عليها وظلت تراعيها حتى اللحظة ، فكرة الانتصار للسياسي الآن تسقط من الاعتبار كل ما له صلة بالوطن وما يرتبط بالمواطن وتبدو أسيرة التفاصيل المرتبة والمعدة لملف سياسي يمني ، يحضر هذا الترتيب للتفاصيل وفق حسابات القوى والمصالح الخارجية فيما تغيب عنه إرادة الفاعل الوطني تماماً ، وبهذا نخطئ بالتعبير عن محرقة حرية تعز بمدلول لفظي ضيق يتناول فقط الكلفة المادية والإنسانية على فداحتها ، ويتجاهل الكلفة الوطنية والخسارات التي ترتبت عن تلك المحرقة اليمنية الكبرى. عمار الحميري ..العدسة المتمردة عمار الحمير الشاب العشريني أحد أبرز المصورين الذين أنتجتهم ساحات الثور على مدى عام ونصف من خلال احترافيته في التقاط الصورة ومقاطع الفيديو للكثير من الاعتصامات والمسيرات ، وتواجده خلف العدسة في الكثير من المواجهات التي تعرض فيها شباب الثورة للقتل والتنكيل .... كان حاضرا وبقوة في لحظات احتراق ساحة الحرية ورصدت كاميرته بدقة عالية واحترافية مقاطع الفيديو للحظات احتراق الساحة حتى اللحظات الأخيرة كان ينتقل من مكان لأخر غير عابئ بما قد يحدث له ... عمار يعمل حاليا مصورا ومراسلا لقناة العالم في تعز وأعد التقارير التلفزيونية لعدد من القنوات التلفزيوني على مدى عام كامل .