أعجبني جواب رئيسة وزراء إحدى البلدان المتقدمة.. عن سر تقدم بلدها المفاجئ حيث قال ب”التعليم، التعليم، التعليم” نعم كررتها ثلاثا.. والتعليم وحده من يقود الأمم صوب الرقي والتقدم.. وكمثال ناضج لهكذا توجه “تركيا” الدولة الشقيقة.. كيف كانت وكيف هي الآن.. عن سر ذلك التحول يتحدث فتح الله كركوش مدير العلاقات العامة في المدارس التركية.. ما الذي يقدمه الإخوة الأتراك في المجتمع اليمني؟ في تركيا هناك خدمات مدنية, أصبحت قوية بشكل عام مع الأيام, صحيح أن إمكانات الحكومة موجودة، ولكنها تظل محدودة, ولذلك خدمات الجمعيات أصبحت قوية, عندما نقول خدمات فلا نقصد تجارية, وإنما خدمات خيرية، ولا بد أن تكون في جانب التعليم والتربية، الناس يسألون كيف أصبحت هذه التطورات السريعة في تركيا, وأصل هذا التطور والتقدم ليس سياسيا أبداً , وإنما بدأ من جانب التعليم والتربية منذ فترة .! وهنا بدأ التغيير داخل تركيا مصداقا لقول الله “ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم “ صدق الله العظيم, وأقول لك إن التغيير بدأ على هذه الطريقة منذ خمسين سنة, فعندهم فكر المستقبل منور بالعقل، وأيضاً هناك تطور في السلوك والتربية الإسلامية, وهذا بشكل عام غير شكل تركيا, ثم بعد ذلك جاءت الأحزاب السياسية، ولكن نرى أن الأحزاب السياسية وقد كان هناك أرض صالحة وبنية تحتية مناسبة, السياسة قد تكون اليوم موجودة وغداً غير موجود؛ لأنها حزب سياسي, هذا يأتي وهذا يذهب, والتغيير لن يأتي ولن يأتي من فوق يعني من السياسية مثل ما يأتي من التعليم والتربية. تقصد أن التغير لا يأتي من قبل الحكومة من فوق؛ وإنما من الشعب أليس كذلك؟ صحيح ذلك, التغيير للنفس والعقول والقلوب وتحسن التربية, ثم بعد ذلك الطلاب الذين يتخرجون من هذه الجامعات الخاصة والسكنات اشتغلوا في التجارة وفي مجالات كثيرة, وهم عملوا نفس الشيء, مثلاً أنا شخصياً جئت من القرية إلى المدينة من أجل أن أدرس في الجامعة, ووجدت أمامي سكنا نظيفا وبيئة نظيفة, وهناك سلوك وآداب وهناك تشجيع لي بحيث أدرس في الجامعات, وأكون ناجحا, وهنا تخرجت من هذه السكنات وأصبحت وفياً للمجتمع بشكل عام , هذه دنيا أساسية هي التي حصلت في تركيا قبل أن تجد هذا التطور الآن. يعني أنتم اليوم تحاولون أن تنقلوا نفس التجربة إلى اليمن وبلاد أخرى؟ نعم, نحن كما رأينا وجربنا هذه الخبرة في بداية التسعينيات, بحيث إن الأتراك، بدأوا يبنون مدارس خارج تركيا, وهي نفس التجربة, والتركيز على التعليم والتربية, فتحنا في اذريبجان وتركستان، ومناطق ودول الإتحاد السوفيتي سابقاً, وكانوا يحتاجون الفكرة الجديدة والتربية الجديدة, وبعد ذلك فتحوا يعني الأتراك في أكثر من أربعين دولة على مستوى العالم, ليصل عدد المدارس إلى أكثر من1000 مدرسة, في خارج تركيا, وفي داخل تركيا مدارس بالآلاف, وهنا التربية أهم شيء وهذه حاجة المجتمع, وهذه المدارس اليوم هي نفس الفكرة, وهنا لها أكثر من أربعة عشر سنة, عندما جاء الإخوة لفتح مدرسة, وقبل عامين بدأنا العمل في المشروع الذي في عصر, والآن هذه السنة سوف نفتح السنة الدراسية الجديدة في عصر بالمبنى الجديد, وهذا مشروع كامل وسوف تنتقل كل المشاريع إلى داخل هذا المشروع الجديد. ^^.. طبيعة هذا المشروع؟ هذا مشروع كبير ومبان جديدة, وهو مناسب للتعليم والتربية, وقد صرف رجال الأعمال ما يقارب أربعة ملايين دولار حتى اكتمل البناء وهو الآن جاهز وسوف نفتح في سبتمبر القادم إن شاء الله, وهذه بنية تحتية للخدمات، وعندما نقول خدمات فهي خدمات مدنية للمجتمع. ^^.. ما نسبة النجاح الذي تحقق في هذه المدرسة حتى اليوم؟ أنت تعرف أن الثمرة من الشجر يأخذ سنتين إلى ثلاثة سنين, والقمح تحتاج إلى ستة أشهر إلى سنة, والثمرة من الناس يحتاج إلى وقت قد يصل إلى عشرين عام , وهنا وصلنا إلى الدفعة الثامنة , وقد تخرج من المدرسة الكثير وهم الآن يدرسون في اليمن وفي الصين وفي كل دول العالم, وهي مثمرة وإن كانت ليس كما نحن نفكر, لدينا أفق كبير وأطول. ^^.. ما هي أهم الصعوبات التي رافقت العمل بالنسبة لديكم خلال المرحلة السابقة؟ أهم الصعوبات هي المشاكل التي رافقت العام الماضي, مشكلة الأمن أثرت بشكل كبير, يمكن 30 % من الطلاب لم يحضروا إلى الدراسة, وطبعاً بعض الشهور داخل اليمن تعمل مشاكل, مثلاً التعليم في تركيا وفي دول أخرى يبدأ من الساعة الثامنة وحتى الساعة الرابعة أو الخامسة عصراً .! هذا نصف يوم طبعاً, وما يحصل في اليمن يفقد الطالب نصف يوم بالكامل, وهنا كيف تستطيع أن تنافس الآخر وأنت تقوم بنصف يوم هذا لا يمكن .! طلاب الثانوية هنا يدرسون حتى الساعة الواحدة والنصف هذا شيء لا يمكن أن ينافس ويدخل في المنافسة. ^^.. ترى أن هذا الوقت المخصص للدراسة في اليمن غير كاف؟ نحن نحتاج وقتا حتى الساعة الرابعة عصراً وما يحصل الآن هي ثقافة يمنية, ونحن جربنا واقترحنا أن نستمر إلى الساعة الرابعة، ولكن المجتمع ليس جاهزا حتى يقبل ذلك, التعليم في اليمن بحاجة إلى تغير في الطرق والأساليب, مثل دول العالم, ومنافسة الدول الأخرى في التعليم شديد جداً, مثلاً في كوريا واليابان, الطلاب يستمرون في الدراسة خمس عشرة ساعة في اليوم الواحد, واقل الدول اثنتي عشرة ساعة, كيف نحن سننجح ونحن خمس ساعات, نحن لا نقول خمسة عشرة ساعة، ولكن أن يصل إلى ثماني ساعات يكون مناسبا وحدا أدنى على الأقل. ^^.. هل من أولوياتكم في المرحلة القادمة عمل خطة لفتح سكن للطلاب القادمين من الريف والدراسة في المدرسة والجامعة؟ المساعدة غالباً تكون من رجال الأعمال، وفي تركيا رجال الأعمال يساعدون هذه السكنات بشكل كبير, يصل إلى 20-30-40 % من وارداتهم وتدخل في الأوقاف وهذا معروف. ^^..لكم تواصل مع رجال أعمال في اليمن؟ اقترحنا هنا في اليمن, ونقوم بعمل زيارة كل عام إلى تركيا, واتحاد الأعمال هناك موجودون, ونحن نهدف من ذلك إلى أن يعرف رجال الأعمال اليمنيون الخدمات التي يقدمها رجل الأعمال التركي, وقد أعجبوا كثيراً, وهذا العام اقترحنا على رجال الأعمال اليمنيين فتح هذه السكنات ونحن ننتظر, قد أعطيناهم شيئا يقرأون ويفهمون وإن شاء الله يستفيد الشباب اليمني من ذلك. ^^.. إلى الآن لا يوجد مبادرة من رجال أعمال يمنيين؟ معجبون بما يقوم به رجل الأعمال التركي من خدمات للمجتمع ولا مبادرة منهم حتى الآن في هذا الاتجاه, طبعاً هذا يحتاج إلى وقت حتى يفهموا بشكل جيد, في دول أخرى, ونحن لا نقول نحتاج هنا إلى ثلاثة سكنات أو أربعة, هم من يأتي ويقول نحتاج هنا إلى ثلاثة إلى أربعة ويفتحون مباشرة, ونحن نشرف على ذلك , وعندما تبدأ الخدمات الأساسية على هذا الأساس سوف ينتج في المستقبل الناس الذين يفهمون كيف يصرفون جزءا من مالهم في مجال الخدمات, ونحن نشجع الجمعيات الخيرية التي تهتم بهذه القضايا المرتبطة بحياة الناس, هناك جمعيات ورجال أعمال كل سنة يقدمون مساعدات إلى اليمن. ^^.. ما الذي تتمنونه من الحكومة اليمنية؟ أهم شيء يفتحون الطريق في القطاع الخاص؛ كونه يمثل طاقة وقوة وخصوصاً في اليمن, عليها يعني الحكومة أن تساعد وتفتح الطريق ولا تخف من انتشار المدارس الخاصة, في اليابان وصل إلى 40 % ألمانيا 20 % وفي تركيا ما زال قليلا, فالعدد كبير والنسبة ما زالت قليلة, هم يقولون مثلاً في تركيا لكل واحد فرد في المدارس الخاصة ألفي ليرة وهي لا تقل عن 1500 دولار, القطاع الخاص يحتاج إلى تشجيع بحيث إن كل السكان يدخلون إلى المدارس, مهام الحكومة التركيز على الجيش والأمن وترك الباقي للمجتمع المدني يقوم بواجبه, أما أن يأخذ كل شيء هذا صعب جداً, وسوف يمثل ضغطا ولا تستطيع أن تقوم بكل شيء, وفي كل الدنيا الدول المتطورة والذي يريد أن يتطور يفتح الطريق إلى القطاع الخاص , الحكومة عليها أن تنظر إلى المدارس الخاصة ليس منافسة، ولكن مشاركة ومعاونة للحكومة, هذا ضروري جداً والنظام أو الحكومة علينا أن تكتفي وتركز على مراقبة الجودة والتوجيه بشكل مستمر, ونحن إن شاء الله نحرص على الجودة. ^^.. إلى ماذا تطمحون خلال المرحلة القادة؟ نحن بشكل عام نتوقع الإثارة, ففي كل دول العالم أصبح يركز على جانب التعليم والتربية وهذا بالنسبة لديها شيء مهم وأساسي, وكذلك التطور في التكنولوجيا في اليمن, بل يمكن يكون اليمن في يوم من الأيام مثل دبي وهذا ليس مستحيلا أبداً.! نحن نرى ماذا يفعل الناس داخل دبي ونتساءل هل سلوكهم أو أفقهم البعيد يمثل الإسلام هذا لا يوجد .!! هناك أسئلة وهناك مشاكل كثيرة في هذا الجانب, أنت تكون غنياً ولكن هناك مشاكل أسرية ومشاكل تعليمية ومشاكل أخرى, وهذا ليس حلاً, ولذلك اليمن يحتاج إلى جانب التطور الاقتصادي المهم إلى تطور فكري أهم, والتطور الفكري وهو يقوم على التعليم والتربية, مثلاً قد تجد دكتورا جيدا جداً ولكنه يخدع الناس, وأشياء كثيرة, ونحن نحتاج المسلم والخبير في عمله. ^^.. العلاقات اليمنية التركية؟ هناك تطور كبير, كان هناك مصيبة في تركيا والآن غير موجودة وهو انتظار كل شيء من الحكومة كي تقوم به.!! هذا خطأ , من ينظف الشارع .. الحكومة, من يربي أولادنا الحكومة من يقوم بكذا وكذا الحكومة وعلينا أن ننتظر هذا غير صحيح ولا يمكن. من يعطينا عملا .. الحكومة, الأتراك قبل خمسين عاما قالوا لأنفسهم خلاص لا ننتظر حتى تأتي الحكومة, نحن سوف نقوم بتنظيف الشارع والبحث عن عمل نحن من يفعل كذا ويعمل كذا, وبدأنا نشتغل في البلديات وشكلنا شركات النظافة, وقلنا نحن عاطلون لا ننتظر من الحكومة, الحكومة لديها إمكانات محدودة وكل أنحاء العالم هكذا, وإذا استمررنا في الانتظار فسوف تقوم القيامة ولم تصل الحكومة, هي لا تقدر على كل شيء, التغيير في تركيا كان في القلوب والنفوس أولاً. ^^.. تقصد المبادرة تأتي من الشعب؟ هذا صحيح, ونحن قلنا لا نتدخل في السياسية حتى لا نخسر الناس, والسياسة كما قلنا قبل قليل تفصل الناس ونحن قلنا نحتاج إلى اتحاد القلوب وتوافق العقول؛ لذلك ما ركزنا على السياسة وتركناها كاملة, هناك أحزاب عندنا إسلامية وأحزاب غير إسلامية ولكن ما ركزنا عليه، وأكثرية الناس يقولون السياسة ثانوية وليست أولية, ونحن علينا أن نبني الوطن, الآن في تركيا, القطاع الخاص متطور في تركيا بشكل عجيب أكثر من الحكومة. ^^.. ثقافة المبادرة للعمل الطوعي والخيري هل تغرس في عقول الطلاب في المدارس التي تشرفون عليها في اليمن؟ في اليمن نعم, نحن نتكلم معهم. ^^.. هل هناك نوع من الممارسة لخلق هذه الروح الجديدة؟ هم بدأوا في الطلاب الخريجين وهم الآن في الجامعات والنتيجة في المستقبل والتغيير يحتاج إلى وقت.