سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عشية إعلان الاستقلال لجمهورية جيبوتي في 26يونيو 67م كنت أول إعلامي يذيع بيان الاستقلال عميد الإعلاميين العرب في جيبوتي محمد نعمان الكعباني ل« الجمهورية »:
هو أحد مؤسسي القسم العربي بإذاعة وتلفزيون جيبوتي.. عمل في حقل الإعلام مبكراً.. في وقت كانت إمكانات إذاعة وتلفزيون جيبوتي شحيحة جداً.. وكانت هناك ندرة في الإعلاميين ولكي تعمل في الإذاعة والتلفزيون كان لابد أن تجيد اللغة الفرنسية كشرط أساس .. لأنه ما من وسيلة لتقديم نشرة الأخبار بالعربية إلا ترجمتها من الفرنسية في الحال.. وهذا الأمر يتطلب مهارة إضافية من المذيع المقدّم لنشرة الأخبار.. تفاصيل كثيرة حول العمل الإعلامي سنجدها في أعماق هذا الحوار الذي أجريناه مع الإعلامي الجيبوتي من أصول يمنية الأستاذ/ محمد نعمان الكعباني.. أو كما يسمونه في جيبوتي عميد الإعلاميين العرب.. فإلى الحوار.. أعط القارئ نبذة موجزة عنك كتعريف بك.. وتمهيد ومدخل لهذا الحوار؟ محمد نعمان الكعباني من مواليد 15أغسطس 1946م.. متزوج منذ العام 1975م وأب لأربعة أبناء ثلاثة أولاد وبنت واحدة.. الجميع يقيمون في جيبوتي.. التحصيل العلمي حدثنا عن دراستك وتحصيلك العلمي؟ تلقيت تعليمي الأولّي في مدارس جيبوتي وهي مدارس عربية، أهلية، صغيرة ثم انتقلت إلى مدرسة البادري لدراسة اللغة الفرنسية حتى الفصل السادس.. ومن جيبوتي انتقلت إلى عدن.. ودرست في مدرسة النهضة بالشيخ عثمان الصف الأول الإعدادي ثم انتقلت إلى المعهد العلمي الإسلامي الذي أسسه وعلّم فيه الشيخ الفاضل محمد سالم البيحاني رحمة الله عليه.. وزاملت في تلك الفترة الفنان الكبير أيوب طارش عبسي في العام 1962م على ما أتذكر حتى أنهيت المرحلة الإعدادية ثم انتقلت إلى القاهرة وهناك أكملت المرحلة الثانوية.. وعند حدوث نكسة 1967م كنت مضطراً للعودة إلى جيبوتي.. عملت في التجارة لوقتٍ قصير قبل دخولك حقل الإعلام.. هل زاولت مهناً أخرى؟ عملت مع والدي في مهنة التجارة مدة قصيرة لاتزيد عن ثمانية شهور فقط. الترجمة ..وتقديم نشرة الأخبار أنت إعلامي جيبوتي من أصول يمنية كيف كان التحاقك بالعمل الإذاعي والتلفزيوني؟ في مارس عام 1968م التحقت بالعمل في الإذاعة والتلفزيون كمترجم أخبار من الفرنسية إلى العربية..بالإضافة إلى تقديمي لنشرات الأخبار باللغة العربية في إذاعة وتلفزيون جيبوتي وفي العام 2001م وصلت إلى مرحلة التقاعد ولكن لأهمية بقائي في هذا العمل وحُبي لعملي الإعلامي لم أتردد في القبول بالتعاقد وتمديد فترة عملي خمس سنوات إضافية حتى العام 2006م.. لكنني بعد العام 2006م أصبحت متقاعداً.. وماذا أيضاً؟ أخبرتك في الجزء السابق من الحديث عن طبيعة عملي في مجال الإعلام ولكن فاتني أن أنوِّه بأنني تدرّجت في العمل إلى أن صرت رئيس القسم العربي بإذاعة وتلفزيون جيبوتي عملت حتى نهاية عام 2001م وهو عام بلوغي السن القانونية للتقاعد.. دورات تأهيلية في مجال الإعلام هل حصلت على دورات تدريبية وتأهيليه خارج جيبوتي؟ نعم حصلت على دورتين في الإعلام الأولى في مصر عام 1985م والثانية في تونس عام 1990م.. زرتُ بلداناً كثيرة كجزءٍ من عملك الإعلامي هل زرت بلداناً عربية وأجنبية كممثل إعلامي لجيبوتي؟ زرتُ بلداناً عديدة كالسعودية مثلاً كمرافق لبعثة الحج الجيبوتية وممثلٍ عن تلفزيون جيبوتي في الأعوام 79، 97، 2004م وفي العام 1980م زرتُ اليمن الجنوبي “سابقاً” قبل الوحدة اليمنية وفي نفس العام زرتُ جمهورية الصومال مع رئيس جمهورية جيبوتي السابق حسن جوليد أبتدون وفي العام 1982م كنت موفداً إلى المغرب لتغطية فعاليات قمة فأس المغربية وفي العام 1984م زرت الإمارات العربية المتحدة ثم قمة إسلامية في المغرب ثم زرت بعدها فرنسا زيارات إعلامية مهنية كسابقاتها.. وفي العام نفسه كنت أحد المدعوين في مؤتمر “قادسية صدام” الذي دعي إليه الإعلاميون العرب خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية.. ثم في 2004م مؤتمر الصحفيين العرب والذي حصلت فيه على ميدالية.. ثم في العام 2005م قمة الجزائر. زيارة اليمن! منذ متى لم تزر اليمن؟ وكيف وجدتها ونحن الآن في منتصف حزيران من العام 2012م؟. أول زيارة لي لبلدي اليمن كانت في عام 1984م ثم في العامين 2004، 2005م مررت بصنعاء مروراً سريعاً في بعض رحلاتي الخارجية.. لكنني اندهشت للنهضة المتسارعة التي شهدتها اليمن لاسيما في الجانب العمراني كانت أكثر المساحات جرداء قاحلة إلا أن العمران ملأ الكثير من هذه الأماكن. التلفزيون اليمني والجيبوتي ما تقييمك للإعلام في اليمن وهل فكرت يوماً أن تعمل في اليمن مثلاً؟ أنشئ تلفزيون جيبوتي في عام 1967م، أي قبل ظهور التلفزيون اليمني بسنوات عديدة ولكن بالرغم من أن التلفزيون الجيبوتي حقق تقدماً ظاهراً في مواكبة الإعلام العربي والأفريقي المجاور له إلا أنه لم يصل بعد إلى مرتبة المنافسة الحقيقية مع الإعلام اليمني.. لشحة إمكاناته وعلى ذلك يمكن القول: إن التلفزيون اليمني تفوق بفارق سنين ضوئية ومع التقدم التكنولوجي والإعلامي العالمي نتمنى أن نكون جزءاً من هذا الحراك وأن يكون لنا موقع متقدم.. أما مسألة أن أعمل في اليمن فهذا أمر لم أفكر فيه مطلقاً. القسم العربي واللغات الأجنبية! نعرف أنك تعمل في القسم العربي في إذاعة وتلفزيون جيبوتي هل العمل في القسم العربي لا يتطلب إجادة لغات أجنبية؟ العمل في القسم العربي يتطلب إجادة الفرنسية لأن الأخبار لا تأتي إلينا جاهزة بسياقها العربي الجاهز وإنما المطلوب ترجمتها على الفور وتقديمها باللغة العربية فأنا أجيد إلى جانب العربية اللغة الفرنسية والصومالية.. أيوب طارش وياسر عرفات!! شاهدناك كثيراً قارئاً للأخبار العربية في تلفزيون جيبوتي ألم تجر حوارات فنية واجتماعية.. وثقافية وسياسية خلال عملك الذي يمتد إلى أكثر من ثلاثة عقود؟ أجريت الكثير من الحوارات واللقاءات الفنية لمشاهير الغناء اليمني الذين كانوا يزورون جيبوتي لإحياء بعض الحفلات الفنية في أوساط الجالية اليمنية وللمشاركة في مناسبات مختلفة.. أمثال “أيوب طارش محمد سعد عبدالله فؤاد الشريف عبدالرحمن الحداد وديع هائل محمد صالح عزّاني” وهذا يعني أن الكثير من أغاني هؤلاء الفنانين موثقة في إذاعة وتلفزيون جيبوتي.. هذه اللقاءات كانت في السبعينيات والثمانينيات.. كما أجريت حوارات مع زعماء وسياسيين عرب كالمناضل ياسر عرفات الذي أجريت معه أكثر من حوار في جمهورية جيبوتي، وأيضاً الرئيس حسن البشير رئيس السودان الشاذلي القليبي الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية محمد بن راشد آل مكتوم :حاكم دبي ورئيس وزراء السودان الأسبق الصادق المهدي، وغير ذلك، ولا أنسى أيضاً في مطلع الثمانينيات أجريت حواراً مع الرئيس السابق لليمن الجنوبي سابقاً السيد علي ناصر محمد. وعاء حاوٍ للجميع! وأنت في جيبوتي كل هذه السنوات الطوال، هل كنت تشعر بالغربة مثلاً؟ لاسيما وأن هناك قواسم مشتركة بين اليمن وجيبوتي في كثير من قضايا المعيشة والعادات الاجتماعية؟ في الحقيقة لم أشعر بالغربة لأن جيبوتي وعاء يتسع للجميع، والبلدان “اليمن وجيبوتي” أشبه ببلدٍ واحد نظراً لوجود جالية يمنية كبيرة ساهمت ومازالت - في الحياة السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية والتعليمية وغيرها وعلى ذلك فأنا بين أهلي. ترجمة فورية للأخبار! هل بالإمكان أن تحدثنا عن معاناة الإعلامي الذي يعمل في القسم العربي بإذاعة وتلفزيون جيبوتي؟ عند الانتهاء من إلقاء هذا السؤال على ضيفنا العزيز أعتدل في جلسته وكأنه كان ينتظر مثل هذا السؤال.. فقال: عمل المذيع الإذاعي والتلفزيوني في تقديم نشرات الأخبار لم يعد اليوم عملاً مضنياً وشاقاً لأن المادة الإخبارية تأتي إلى يد المذيع جاهزة ومعدة على أكمل وجه وما عليه إلا قراءتها فقط وهذا عمل يسهل على الكثيرين القيام به، لكن عملنا لم يكن بالأمر السهل فعندما تكون جاهزاً لقراءة الأخبار بالعربية، فلا تكون المادة الإخبارية التي أمامك باللغة العربية بل بالفرنسية “هكذا تسلم إليك” وعلى الفور تقوم بترجمتها وقراءتها بالعربية وهذا يتطلب منك تركيزاً ودقة في الترجمة إلى العربية فهذا كما ترى يوجد عبئاً إضافياً لقارئ نشرة الأخبار، تترجم وتقرأ النشرة دون فاصل زمني تلتقط فيه أنفاسك، وحتى عندما كنت رئيساً للقسم العربي لم يكن عملي إشرافياً، تم في فترات لاحقة رفد القسم بمجموعة من الشباب، لكي يكونوا امتداداً للجيل وللرعيل الأول، ومع هذا لم أكن بمعزلٍ عنهم لأسباب منها: حبي للعمل، وحرصي على أن يكون ما نقدمه ونقوم به متقناً، كل ذلك كان يدفعني لكي أكون في مقدمة الطاقم الذي يعمل في تقديم النشرات الإخبارية وغيرها. أول من أعلن استقلال جيبوتي!! موقف لا تنساه أبداً؟ في 26يونيو 1967م عشية الاستقلال الوطني كنت في استديو الإذاعة انتظاراً لإعلان لحظة إنزال العلم الفرنسي ورفع العلم الجيبوتي وفي الساعة الثانية عشرة في منتصف الليل كنت مع مجموعة من الزملاء نترقب هذه اللحظة الزمنية الفارقة والهامة، وشاء الحظ أن أكون أول من يعلن استقلال جيبوتي، وأيضا تحويل الاسم من “الإذاعة الفرنسية للراديو والتلفزيون” إلى “إذاعة وتلفزيون جمهورية جيبوتي” بمعنى أنني أول مذيع قال: “هنا إذاعة جمهورية جيبوتي” كلام الأستاذ محمد نعمان الكعبابي ذكرني بما حدث هنا في اليمن عند إعلان الجمهورية، قال أول مذيع فيها “هنا إذاعة الجمهورية العربية اليمنية” وكان حدثاً ساراً ومبهجاً للجميع. بعيداً عن هم الإعلام ومعاناته دعنا نعرّج على الفن ونقول: من فنانك المفضّل من اليمنيين؟ وماهي الأغنية التي تدندن بها أو لك معها تذكار ما؟ الفنان الذي أحب سماعه عبدالقادر بامخرمة، وأيوب طارش.. أما الأغنية فهي “ارجع لحولك” للفنان القدير أيوب طارش. الجدّونة! زرتُ جيبوتي مرات عديدة آخرها في العام 1998م لفت نظري أن اليمنيين الذين هم من مواليد جيبوتي، يحتفون بالمناسبات الدينية بطقوس غاية في الروعة كالشعبانية مثلاً التي تسمونها في جيبوتي “الجدونة” ماذا تقول في ذلك؟ هي عادة قديمة يحرص فيها المواطن الجيبوتي “الصومالي والعربي معاً” على ممارسة طقوس مختلفة كاستقبال رمضان مثلاً يتوافد الناس جماعات جماعات ويكونون حشداً ضخماً من البشر تحدد له نقطة بداية ففي أي مكان يمرون فيه تنضم إليهم جماعات أخرى، مرددين بعض الأدعية والابتهالات التي تتفق مع كل مناسبة على حدة، ثم يصلون إلى ساحة تنصب فيها خيام ويشعل البخور وتردد الكثير من الأغاني الدينية في منظر بديع وجميل. في ختام هذا التطواف الشيق، ماذا تريد أن تقول؟ بمناسبة زيارتي لليمن هذا العام 2012م لي أكثر من أمنية لعل أهمها أن أرى اليمن وهي في أفضل حالات النماء والاستقرار والتطور على مختلف الأصعدة وأن يسود الحب والوئام والإخاء بين جميع أطياف وأطراف العمل السياسي، وأن يكون همنا الأكبر هو بناء هذا الوطن.. عند هذه الكلمة توقف الحديث فلملمت أوراقي وضممتها فوق بعضها منهياً الحوار، لكن للأمانة أقول: أنه أشار لي بإصبعه باتجاه الأوراق لكي أضيف إلى كل ماقاله عبارة شكر لرئيس تحرير صحيفة الجمهورية الأستاذ سمير اليوسفي وأصر على نشر المادة في صحيفة الجمهورية دون سواها لأنها كما قال: أصبحت مساحة قراءتها واسعة، كما تمنى لكل العاملين فيها كل التقدم في العمل الصحفي المهني الهادف.