المسجد للمساجد قداستها التي يجب أن تظل حاضرة في القلوب مجسّدة في الأفعال والسلوكيات داخل المساجد. والحق أن الحياة مسجد المؤمن والعكس صحيح إلى حد ما .. أي نعم المسجد حياة للمؤمن لكن إن حصر هذا المؤمن حياته في المسجد فإنه يكون فاقدا للفهم الحق لهذه المضامين الدينية. فحين يكون من المسّلم به أن المساجد دور للعبادة فلا ينبغي التعامل معها بعيدا عن هذه المسلّمة. نعم المسجد دار عبادة ولكنه أيضا دار علم وقد كان كذلك بل إنه أفضل علماء التاريخ الأسلامي تخرجوا من المسجد وفيه تعلموا. المسجد صالح لكل أمور الحياة التي تهم الناس .. كان ذلك حين كان الناس وكانت الدولة الإسلامية تتخذ منه مقرا لتقرير شؤون الدنيا والدين أما ونحن في زمننا هذا فقد أصبح لكل شأن من شؤون الحياة مقر حكومي خاص به. ما أريد قوله والإشارة إليه أن البعض يعمد إلى الأكل والشرب في المساجد، فأحرى بموائد الطعام أن تغيب في هذا الفضاء التعبدي. أكتب هذا المقال لأنني أرى ثلاجات للمياه في بعض المساجد .. هذه الثلاجات توضع في مقدمة المسجد جوار المقدمة تحديداً. وفي هذا الشهر بالذات تظل النفوس متلهفة للماء حتى وإن كانت في غير الحاجة إليه وفي الوقت المتمثل بالثلث الأخير من الليل أحرى بنا أن نكون مع الله في هذه اللحظات النفيسة نستغل ذلك الوقت الثمين لكن الثلاجات تحول دون ذلك، الكل يتقاطرون صوبها بغية الشرب قبل أن يؤذن للإمساك .. أمر يفقدك السكينة الواجب توفرها في الخشوع والخضوع والدعاء. أتمنى أن ننهي كل متطلبات المعدة بعيدا عن المسجد وحين نقرر الذهاب إلى المسجد نضع في الحسبان أننا ذاهبون للتعبد والتعبد لا سواه. سواك: المصلي يصلي والذي يقرأ الذكر لا يتذكر إلا قليلا قليلا وبين الفؤاد وقلبه ما يحدث العابرون من الانشغال.