سياسيون ونشطاء: تراخي الأمم المتحدة شجع المليشيا لاستغلال ملف قحطان للابتزاز    المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    العليمي يطلب دعمًا لبسط سيطرة الشرعية على كامل التراب اليمني    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    رئيس برلمانية الإصلاح يتلقى العزاء في وفاة والده من قيادات الدولة والأحزاب والشخصيات    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    ناشطون يطالبون الجهات المعنية بضبط شاب اعتدى على فتاة امام الناس    شاهد :صور اليوتيوبر "جو حطاب" في حضرموت تشعل مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    مجلس النواب يجمد مناقشة تقرير المبيدات بعد كلمة المشاط ولقائه بقيادة وزارة الزراعة ولجنة المبيدات    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسار الثورة اليمنية.. إنجازات وانكسارات
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2012

عرف اليمن في معظم مراحل العمل الوطني بعد ثورة 26 سبتمبر عدم استقرار سياسي انعكس على الحياة الدستورية والحياة التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي وأثر سلباً على أعظم هدف أرادت الحركة الوطنية تحقيقه ألا وهو تأكيد ذاتية الإنسان اليمني وتمتعه بحقوقه وتأصيل حقه في المشاركة السياسية الفاعلة بعد أن كانت حقوقه مهدورة في كل جوانب الحياة في ظلمة نظام الحكم الإمامي “19041962” مسيرة الثورة زاخرة بالإنجازات ومتخمة بالدروس التي يمكن بل يجب الاستفادة منها لتأمين طريق بناء اليمن الجديد.
من أجل الإحاطة بعدد من المحطات والتحولات ذات الأهمية والانتكاسات في مجرى بناء الدولة والمجتمع وتنمية الإنسان نعرض آراء عدد من المختصين في القانون الدستوري وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد حول انعكاسات عدم الاستقرار السياسي على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر عمر الثورة اليمنية.
نظام فردي مطلق
اتسم نظام الحكم الإمامي بكونه نظاماً فردياً مطلقاً تتركز فيه السلطات بيد الإمام، وغياب الرقابة الشعبية لانعدام المشاركة السياسية إلى العزلة عن القديم والحديث وبالتالي لم يعرف اليمن قبل عام 1962م أي شكل من أشكال الديمقراطية أو التنظيم الشعبي ولم يكن هناك دستور أو قانون ينظم الإدارة ويوزع الاختصاصات.
قامت ثورة 26سبتمبر 62 لتبدأ مسيرة المعاناة التطبيقية مفتقدة للوجود الديمقراطي الصحيح وهذا شأن كثير من الأنظمة الثورية التي فشلت في تحقيق التوازن بين متطلبات الدفاع عن مشروعها الثوري وبين الديمقراطية كشرط لنجاح العملية الثورية المتكاملة ولم تشذ ثورة26سبتمبر عن ذلك خاصة وأنها واجهت حرباً شرسة منذ لحظة انفجارها.. غياب الديمقراطية أسفر عن كثير من الأخطار حيث وصلت عناصر انتهازية إلى مراكز السلطة في ظل انشغال العناصر الوطنية بمعارك الدفاع عن الثورة وحماية النظام الجمهوري.
مر النظام السياسي الجديد عبر عدة مراحل اتسمت بظهور اتجاهات وسياسات مختلفة عن الفترات السابقة فقد تم الإعلان الدستوري في 13/10/62الذي أعلن أن مصدر السيادة هو الشعب وجميع السلطات مصدرها الشعب وهو النص الذي أعاد الحق إلى أصحابه الشرعيين الذي ناضل الثوار من أجله ألا وهو الديمقراطية في ظل نظام جمهوري يحكم الشعب فيه نفسه.. هذا الإعلان لم يوضح بالتفصيل أسس نظام الحكم واكتفى بذكر الأسس العامة وأسس شكلاً من أشكال الحكم الجماعي نتيجة لظروف المرحلة غير العادلة التي واجهتها الثورة، وفي 8مايو 1963م أعلن الدستور المؤقت واتسم بالتأقيت لكنه أكد في مقدمته على إقامة حياة نيابية تحقق بها سيادة الشعب هذا الدستور اغفل تنظيم السلطة التشريعية بمجلس الرئاسة ورئيس الجمهورية، ولم يحدد طريق تكوين مجلس الرئاسة وعدد أعضائه، وشرط العضوية واتسم بصفة التأقيت.
في 1964م صدر دستور دائم “27/4/64” تلافى الانتقادات السابقة ونص على ضرورة وجود مجلس نيابي منتخب تحت اسم مجلس الشورى يختار أعضاؤه من رجال اليمن على أن يحدد القانون طريق اختيارهم وأصبحت الوزارة تحت رقابة مجلس الشورى حسب النص، وهذا الدستور لم يطبق بسبب الصراع السياسي الذي استمر حتى 5نوفمبر 1967م وشهدت البلاد ثمانية تغييرات وزارية.
ويرى د. محمد الغابري أستاذ القانون الدستوري بجامعة صنعاء أن عدم الاستقرار السياسي انعكس على المسألة الدستورية نفسها ككل نخبة تأتي بإعلان دستوري وفق رؤيتها ومصالحها في مجتمع ورث ركاماً من التخلف والصراعات حيث تباينت الآراء وعكس تعددية حزبية خفية وصراعاً فكرياً.
إن الظروف العامة التي مرت بها ثورة 26سبتمبر في مراحلها التكوينية الأولى لم تمكن من توفير الظروف الموضوعية التي تتأكد في العملية الديمقراطية في واقع اليمن وبناء المجتمع الديمقراطي الذي نص عليه الهدف الرابع من أهداف الثورة.. ومع ذلك فإن مسار الطموح الديمقراطي الذي كان ينبع من طبيعة المرحلة ويتماشى مع واقع الأحداث وكان يتجسد في العديد من المؤتمرات النوعية والعامة التي كانت تهدف إلى تأكيد فاعلية العمل الثوري ودعم العمل الوحدوي للانطلاق من موقف يتجاوز الصراعات والتناقضات بمسمى من الإرادة الثورية والمبادرات الشعبية التي هيأت الثورة أسبابها وواقعها.
فجاء مؤتمر خمر 2/5/1965م ثم توالت العديد من التكوينات السياسية الشعبية على هيئة مؤتمرات نوعية وعامة وأعقب مؤتمر خمر دستور مؤقت ثم أعلن الدستور الدائم عام 1970م والذي استمر حتى عام 90 وإعلان الجمهورية اليمنية والذي علّق العمل به مرات فبعد حركة 13يونيو 1974م علق العمل به وتم انشاء مجلس شورى ثم استبدل بمجلس الشعب التأسيسي، واستمر العمل حتى عام 1988م حين أنشئ مجلس الشورى، والذي يرى د. الغابري أنه يمكن وصفه بأنه منتخب تجاوزاً.
ويضيف قائلاً: أن عدم الاستقرار السياسي والدستوري في الجمهورية العربية اليمنية وانعكاساته على الأداء التنموي كان له خشية في الشطر الجنوبي من الوطن الذي أعلن فيه أول دستور بعد الاستقلال في عام 1970م في ظل قيادة الجبهة القومية وصدر الثاني عام 1978م عندما تأسس الحزب الاشتراكي اليمني، إلا أن النظامين لم يلتزما بالممارسات التي سطرها الدستور هنا وهناك وانعكس ذلك على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. أما الانتخابات قبل الوحدة فلم تكن حقيقية.
كما ان عدم الاستقرار السياسي وعدم الالتزام بالنصوص الدستورية انعكس على الرئاسة وكثرة التغييرات.
ففي البداية تم إنشاء مجلس الرئاسة ثم تحول لمجلس الجمهورية ثم إلى مجلس القيادة ثم منصب رئيس الجمهورية في الشمال ثم بعد الوحدة من مجلس الرئاسة إلى رئيس جمهورية، فلم يكن هناك التزام بالنصوص الدستورية سواء كان الدستور مؤقتاً أم دائماً حيث تقرر النخبة الحاكمة تغيير ماهو قائم وتفرض إعلانات دستورية.
بالنسبة لتعدد التنظيمات التي تكونت تبعاً لتغيير النخب الحاكمة فقد تكون الاتحاد الشعبي الثوري في يناير 1967 في عهد الرئيس السلال وتكوّن اللجنة العليا للتصحيح بعد حركة يونيو 1974 ثم تكوّن المؤتمر الشعبي العام عام 1982 بعد التوافق وإقرار الميثاق الوطني الدليل النظري لهذا التنظيم والذي جاء في مرحلة صعبة من تاريخ اليمن الجمهوري كانت أصعب مما يمر به اليمن اليوم حسب رأي المفكر والسياسي د. أحمد محمد الأصبحي “عضو مجلس الشورى” على اعتبار أن لدى اليمنيين تجارب ناجحة في تحقيق التوافق والحوار يجب الاستفادة منها.
عندما نحاول حصر النقاط الهامة والتحولات البارزة في مسار الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر فإن الحديث لابد أن يتشعب وللوقوف على نقاط محددة وانجازات الحكومات المتعاقبة ذات الصلة ببناء الدولة ونظامها السياسي والاجتماعي وبناء الإنسان كما أرادت الحركة الوطنية ومنطلقاتها ورؤيتها لما كان يجب أن يكون على المجتمع.
د. عبدالجبار ردمان استاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء يرى أن النزاعات المسلحة بعد ثورة 26 سبتمبر 62 استنزفت المجمع اليمني وأثرت في روح الانتماء والولاء للوطن، ولم تحدد النظام والدولة والمجتمع والإنسان الذي يريده للخروج من دائرة التخلف وهو ما يقتضي طرح النظام التعليمي والصحي لبناء الإنسان وتطور المجتمع بشكل أفضل وأسرع.
وبما يلغي الصراعات في حياة الإنسان والمجتمع إلا أنه التخلف استمر ولم تنتج ثقافة تعزز الانتماء الوطني ولذا قيم الانتاج ضعيفة لدى الإنسان اليمني انعكاساً لأداء النظام السياسي.
د. عبدالجبار يضيف : فترة حكم الرئيس إبراهيم الحمدي مثلث فترة ذهبية وإضاءة جاءت في ظل مناخ ايجابي في الداخل بعد صراعات طاحنة وفي ظل مناخ دولي أفضل، لكن عموماً غاب المشروع الذي كان يجب أن تسترشد به اليمن وكمنارة للنظام السياسي في مجال التخطيط والتنمية، فالإنجازات كانت في الجانب المادي من إنشاءات لمبان حكومية ومنشآت ومرافق لكنها لم تضف القيمة المرجوة في حياة الإنسان.. انجازات مادية لم تضف قيمة جديدة لأنها ليست مشاريع إنتاجية بينما ظلت الفوضى في حياة المجتمع بسبب التناحر على السلطة أو من أجل اللقمة لعدم كفاءة النظام في تحقيق العدالة التوزيعية.
وعن الاستفادة من تجربة الأمس يقول د. عبدالجبار: مؤتمر الحوار الوطني الشامل سيحدد فيه اليمنيون ملامح اليمن الجديد وشكل الدولة والنظام السياسي والإنسان الذي نريده ورغم أن هناك بحوثاً علمية كثيرة وقيمة تعكس مؤشرات غير جيدة نظراً لتزايد وتعقيدات المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ذات البعد الاجتماعي إلا أن هناك تفاؤلاً بالمستقبل ومن تلك القضايا والمشكلات ماحصر ب 30 مشكلة، منها البطالة والانحرافات والفقر 30 قضية بحاجة للدراسة والبحث من أجل استقرار البوصلة لأن صانع القرار في المرحلة القادمة بحاجة إلى المعلومات لاتخاذ القرارات السليمة؛ واليمن مليء بالخبرات والكفاءات ويحتاج لنظام سياسي متطور وإدارة كفوءة في ظل سيادة القانون.
المشكلة في اليمن تكمن في إدارة سلطة الدولة، فالقوانين لم تكن تطبق والنظم لم تفعل رغم أنها قوانين كان اليمنيون يفاخرون بها ولكنها تظل في الأدراج ولا تطبق في إدارة المجتمع ومؤسساته.. ثورة 26 سبتمبر 1962م مثلت ولادة لليمن أخرجت شعبه من عصور الفناء إلى عصور الحياة وسعت حكومات متعاقبة من الصفر لتحقيق أهداف الثورة وسط صراع مع الثورة المضادة وانتصر النظام الجمهوري بفك الحصار عن صنعاء وإنها الصراع عام 1970م وكان ذلك الشغل الشاغل ومن ثم مواصلة الثورة حتى قيام دولة الوحدة عام 1990م وحتى اليوم كما هو الحال في ظل النظام الجمهوري.
أ.د. عبدالله المخلافي “ جامعة تعز” يرى أن النضال من أجل تثبيت النظام الجمهوري جعل من الصعوبة بمكان إحداث تنمية حقيقية لانشغال النظام بمعركة الدفاع عن الثورة والجمهورية وبعد المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين بدأ الاهتمام بالشئون الاقتصادية فكان عام 73م محطة سياسية واقتصادية هامة في حياة اليمنيين وبقيام حركة 13 يونيو التصحيحية قام الرئيس الحمدي بنقل اليمن نقلة علمية وصحيحة ونقل الاقتصاد اليمني إلى نظام قائم على التخطيط العلمي ولأول مرة برنامج انمائي ثلاثي نفذ جانب كبير منه وتعثر جزء بسبب معوقات اجتماعية واقتصادية وسياسية وانجزت مشاريع تنموية في مجال البنية التحتية وخدمات عامة وقبل هذا التاريخ لم يكن هناك اقتصاد يمني بالمعنى العلمي إذ لم يرث النظام الجمهوري إلا التخلف والثالوث الرهيب..“الجهل والفقر والمرض” وواجه صراعات سياسية وشطرية أثرت على استقرار اليمن وتنميته.
الصراعات السياسية لم تمنع من التطور في الجانب التخطيطي ففي نهاية السبعينيات من القرن العشرين أطلق الرئيس السابق علي عبدالله صالح عملية الحوار الوطني وتم صياغة الميثاق الوطني وتأسيس التنظيم السياسي المؤتمر الشعبي العام الذي عكس تعددية سياسية ودارت عجلة الحوار لتوحيد اليمن ومتابعة العملية التنموية التي انتقلت إلى الخطط الخمسية والتطور من البرمجة إلى التخطيط وأنجزت مشاريع إضافية أساسية واقتصادية رغم الصعوبات التي شكلها النظام القبلي.. عام 90 تحققت الوحدة المباركة مقترنة بالديمقراطية إلا أن الانشغال بترتيب البيت اليمني استمر عدة سنوات وتأثر الاقتصاد اليمني بعوامل خارجية وداخلية فرضت الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري عام 1995م لتحقيق مستويات معيشية لائقة واستيعاب المنح والقروض لكن للأسف لم تستطع الحكومات المتعاقبة بعد عام 95م وقبله استكمال الانجازات التي تحقق هذا الهدف الذي يطمح به الشعب اليمني وهي تتحمل المسئولية مع أن هناك انجازات لا سيما في مجال الطرق والبنية التحتية والخدمية تحققت وبقيت تحديات كبيرة في مجال الكهرباء والمياه والتطور النوعي للتعليم والصحة وندرة فرص العمل وهنا لا يمكن القول: أنه لا يوجد فشل في تحقيق هدف الثورة في رفع مستوى الشعب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وهذا الفشل جزئي لأن الحكومات السابقة عجزت عن إحداث تنمية زراعية مع وجود مشاكل المياه وتفتت الملكية الزراعية والتوسع في زراعة القات وأخيراً زيادة أسعار الوقود وأثره على هذا القطاع الأساسي وتوازيه هجرة داخلية وفي مجال الصحة تعرف أن وزارة الصحة في بداية أيام الثورة لم تجد طبيباً يمنياً واحداً.
من جانبه تحدث أ.د. محمد علي قحطان عن ضعف كفاءات الدولة وحكوماتها المتعاقبة في تحقيق عدالة توزيع الموارد واستغلالها، إذ يرى:
أن المواطن اليمني كان يرفع سقف توقعاته مع حدوث أي تطور دستوري أو سياسي لكن عدالة توزيع الدخل القومي لم تحقق وإن وجدت سياسات لهذا الغرض مثل قانون الضرائب ما وسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء حيث يذهب معظم الدخل القومي ل10 % من السكان و10 % منه للباقين وذلك المشكلة الإدارية وافتقار التشريعات للتطبيق والممارسات الإدارية الخاطئة حتى بعد الوحدة وتقاسم الوظائف وحرمان آخرين وبروز الفساد بمختلف أشكاله وصوره ووجود اجتهادات عطلت استراتيجية الإصلاح الشامل بعد حرب 1994م وإغفال جزء من الإصلاحات وهو ما انعكس سلباً وأدى إلى انتشار الفساد وزيادة مشاكل الحياة ومنها البطالة والفقر.
ويرى أ.د. محمد قحطان أن النقاط المضيئة في الجانب الاقتصادي محدودو في إطار مسيرة الثورة لوجود الفجوة واتساعها بين نسبة العاطلين وفرص العمل وبين دخل الفرد ونفقاته لا سيما مع تزايد مخرجات التعليم وذلك مقارنة بما كان متوقعاً بعد الوحدة وتكامل إمكانيات وطاقات وموارد البلاد.
وتظل هناك إنجازات واشراقات محسوبة في مجال التطور الاقتصادي في اليمن خلال عمر الثورة منها اكتشاف النفط وشبكة الطرق وغيرها لاسيما وأن الاقتصاد اليمني بدأ يتشكل في بداية السبعينيات بعد الخروج من الحرب الأهلية وتوفير نوع من الاستقرار في الشمال وفي نفس الوقت بدأ الجنوب اعتماد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتركيز على البنية التحتية.
د. قحطان يرى أن مسار التنمية في اليمن بعد الثورة وحتى الآن حقق تراكماً كمياً في مجال البنية الأساسية ومستوى الخدمات ومخرجات التعليم وقصور الجانب الكيفي بسبب غياب إدارة الدولة ووجود الفساد حيث سارت الأمور بشكل غير واعٍ وهذا قصور مقارنة بما حققته دول مثل ماليزيا رغم تقارب واستقلال هذه الدولة مع تاريخ انطلاق الثورة اليمنية.
د.قحطان يتفق مع د.محمد صالح قرعة عضو مجلس الشورى في أن الفساد الإداري منذ عام 1990م حرم اليمن من استيعاب 70 % من المنح والقروض الخارجية فلم تستوعب سوى 30 % منها.
كما يؤكد د.قحطان أن الحوار مع الاستفادة من دروس الماضي سينقل اليمن مجتمعاً ودولة وإنساناً إلى وضع أفضل معبر عن إرادة الشعب في حاضره ومنطلقات ورؤى الحركة الوطنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.