لعب الجيش اليمني دورا محوريا في إدارة الأزمة اليمنية عبر أطراف سياسية حكمت توجهه إلى حدٍ ما, وما زال يمثل الورقة الأخطر في عملية الانتقال السلمي للسلطة في الوقت الذي يتطلب منه حماية السيادة الوطنية ويؤدي مهام صعبة في الدفاع عن البلاد من مخاطر الإرهاب، وعلى عاتقة تقع المسئولية الأكبر في حماية البلد من الانقسام والتشظي ولأهمية هذا الجانب التقت “الجمهورية “بالباحث في الشئون السياسية والعسكرية – رئيس مركز المعلومات العسكري سابقا - عميد ركن / ثابت حسين صالح الذي قدم تحليلات عدة لطبيعة الدور الذي يقوم به الجيش، مشخصا الجيش اليمني من واقع الحال والظروف الحرجة التي تمر بها اليمن في منعطف تاريخي قلما مرت به سابقا فإلى نص الحوار: .. لعب الجيش اليمني دوراً مزدوجاً أثناء ما يسمى بثورات الربيع العربي كباحث عسكري ما هي أسباب تلك الازدواجية؟ كما هو معروف مرت اليمن بظروف سياسية عسكرية أمنية واقتصادية غاية في الخطورة والتعقيد جراء تراكمات من الأزمات التي حصلت في السنوات الماضية والتي كانت ذروتها في عام 2011 م بخروج احتجاجات شعبية واسعة استخدم فيها النظام السابق كل الوسائل لقمعها بما فيها القوة المفرطة في بعض الأحيان وانحاز جزء من الجيش إلى جانب المحتجين والثورة, والجزء الآخر ظل يدافع باستماتة عن النظام القائم انذاك مما أوجد انقساماً حاداً في الجيش, فكان موضوع القوات المسلحة من أهم وأعقد المواضيع لأنها انقسمت قسمين رئيسيين، فالمشهد الذي تكون ونشأ في مطلع العام 2011م مشهد معقد ادخل البلد في أزمة خطيرة, فجاءت المبادرة الخليجية كحل سياسي وسط جنب البلد من الدمار والخراب وحقق الغاية المنشودة من التغيير فكان النموذج اليمني فريداً من نوعه, عندما لجأ اليمنيون إلى الخيار السياسي للتغيير المتمثل في المبادرة الخليجية والتوقيع عليها, وتشكيل حكومة الوفاق الوطني, وتشكيل لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار, وانتخاب الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي رئيسا للبلاد في فبراير من العام 2012م دخلت البلد في مرحلة الانتقال السياسي السلمي للسلطة, بعكس ما حدث في ليبيا وفي سوريا, وعلى عكس ما حدث في كل من تونس ومصر حيث انحاز الجيشان هناك كلية للثورتين التونسية والمصرية كان الموقف في اليمن مختلفاً تماماً بسبب ازدواجية قيادة الجيش اليمني وعدم خضوعه لقيادة سياسية وعسكرية موحدة، وهذا في تقديري يعود إلى الأسس التي بني عليها وتدرب وتربى في السنوات الماضية، ولذلك أوكلت المبادرة الخليجية إلى لجنة الشئون العسكرية مهمة إعادة تطبيع الأوضاع السياسية والأمنية وتحقيق الأمن والاستقرار وقبل كل شيء مهمة إنهاء الانقسام في القوات المسلحة وتوحيدها وهيكلتها على أسس وطنية وعلمية حديثة. .. بعد توكيلها بالمهمة.. هل استطاعت لجنة الشئون العسكرية السيطرة على الجيش بما يتطلب دورها وبنود وآليات المبادرة الخليجية والتوافق السياسي للسلطة؟ لجنة الشئون العسكرية تشكلت في ديسمبر عام 2011م وقامت بجهود طيبة خاصة في إنهاء الصدامات المسلحة والاشتباكات التي كانت تدور حينها, وفي إنهاء كثير من المظاهر والنقاط العسكرية من العاصمة صنعاء ومن مدينة تعز ومناطق أخرى كانت ذات التماس مباشر بين القوى المتصارعة وبدأت لجنة الشئون العسكرية في وضع الخطوط العريضة لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن لكن ما يؤخذ على هذه اللجنة التباطؤ النسبي في تنفيذ مهامها, فالملاحظ أن مظاهر التوتر مازالت قائمة سواء في أمانة العاصمة أو في مدينة تعز أو عدن؛ ومع ذلك علينا أن نقدر حجم الصعوبات والتعقيدات التي واجهتها وتواجهها هذه اللجنة وفي نفس الوقت فهي مطالبة أن تبذل جهداً اكبر وأسرع مما هي عليه الآن. .. إلى ما ترجع أسباب ذلك التباطؤ؟ أعتقد أن السبب الأول سبب موضوعي خارج إرادتها يعود إلى تعقيدات الوضع العسكري والأمني وهي نتيجة موروثة من الانقسام الحاد الذي حصل في القوات المسلحة والذي أساسه تعدد الولاءات السياسية لبعض القيادات العسكرية، وتعقيدات البنية القبلية وبنية البلد وتضاريسها وظروفها الاجتماعية والثقافية, والى أسباب ذاتية متعلقة بأداء بعض أعضاء اللجنة لا أريد أن أذكرهم لأن هذا الأداء قد تحسن وبشكل تدريجي وإلى الأفضل. .. ما هو الجيش من المنظور العام و انعكاس وضع الجيش اليمني على ذلك المنظور؟ الجيش من المنظور العام هو منظمة عسكرية مدربة ومنظمة ومسلحة مهمتها ووظيفتها الأساسية حماية السيادة الوطنية البر والبحر والجو وحماية استقلال وسيادة أي بلد , والجيش اليمني في واقع الأمر كان أكثر من جيش, لم يكن هناك جيش وطني موحد يخضع لقيادة موحدة هي وزارة الدفاع, بمعنى آخر كان يجب أن يخضع الجيش بكل وحداته لوزير الدفاع باعتباره هو المسؤول الأول والأخير عن القوات المسلحة أما مسئولية القائد الأعلى الذي هو رئيس الجمهورية وفقاً للدستور الحالي فهي مسئولية سياسية إشرافية وتتجلى أكثر في زمن الحروب وحالات الطوارئ. .. الواضح من الوضع العام أن الجيش سيطر عليه طرفان هما محور الارتكاز في عملية التسوية السياسية ولكن، هل اختلف الوضع بعد انتخابات فبراير الماضي؟ هذا قد يكون صحيحا إلى حد ما كان هناك طرفان سياسيان يسيطران على موازين القوى العسكرية: الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي من جهة والفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الغربية والمناطق العسكرية التي انضمت إليها من جهة أخرى، لكن القرارات التي اتخذها الرئيس وضعت أولاً حدا للمواجهة والتوتر بين القوتين, ثانيا أدت إلى إضعاف القوتين معاً, فلم يعد الآن الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي بنفس الموالاة والتشدد لصالح النظام السابق , كما لم تعد الفرقة الأولى مدرع بنفس القوة التي كانت عليها. .. في الدستور اليمني كما أشرتم الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورغم ذلك تباين الجيش في انصياعه للأوامر العسكرية من جهات مختلفة إلى ما يدل ذلك؟ الموضوع معقد أكثر مما تتصورين؛ إذا أخذنا القسم العسكري والقوانين العسكرية كما هي بشكل جامد فإن على العسكريين أن ينفذوا أوامر قيادتهم, لكن السؤال هنا من هي قيادتهم؟ المفترض أن قيادتهم المباشرة هي وزير الدفاع, أما ما كان في الواقع هو أن معظم الوحدات العسكرية كانت ترتبط مباشرة بالرئيس السابق شخصياً وهذا الوضع غير قانوني وغير طبيعي, من ناحية أخرى كانت هناك احتجاجات شعبية, الناس نزلوا إلى ساحات التغيير وساحات الحرية بعشرات ومئات الآلاف وربما وصل عددهم للملايين بالمقابل النظام القائم انذاك استخدم القوة ضدهم, وكان الجيش أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يبقى إلى جانب الرئيس ويوجه سلاحه باتجاه الشعب وإما أن ينحاز إلى الثورة كما حصل في كل من تونس ومصر, وحيث إنه لم يكن من الممكن اتخاذ موقف موحد في الجيش اليمني لأسباب مختلفة، شرحناها في معرض الإجابة عن الأسئلة السابقة, فقد كان الانقسام في الجيش متوقعاً, فجزء كبير من هذا الجيش، على الأقل من الناحية العددية انضم لحماية الشعب الثائر على النظام والجزء الآخر من الجيش وتحديداً الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والأمن المركزي بقي يدافع عن النظام السابق بمختلف الوسائل. .. وبالمقابل كان هناك شعب منقسم نصفين يواجه بعضه الآخر ويدافع عن قناعاته وجيش انقسم بينهما !!؟ - نعم الانقسام حصل ليس فقط في الجيش ولكن أيضا حصل انقسام في أوساط الشعب ناس خرجوا للمطالبة بإسقاط النظام وناس خرجوا للدفاع عن ذلك النظام, وكنا نرى كل يوم جمعاً وحشداً لأنصار الثورة في شارع الستين وحشداً مضاداً في ميدان السبعين, لكن ميزان القوى ما لبث أن بدأ بالتغير تدريجيا. ففي حين كان هناك توازن أو تكافؤ في البداية, فمع مرور الوقت قويت كفة ميزان القوى سواء الشعبي أو العسكري لصالح الثورة وهذا هو الذي خلق التوازن العسكري أولاً وثانيا هذا هو الذي جعل الخارج المتمثل في دول الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية تتدخل لصالح المبادرة الخليجية الداعية إلى التغيير السلمي وجوهر هذه المبادرة يتلخص في تنازل الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة مقابل منحه الحصانة . .. هل هناك نوع من التباين في المنهجية أو الجاهزية العسكرية للجيش اليمني الذي ظهر بصورة منشقة أو منقسمة ؟ يمكن القول إن الحرس الجمهوري والقوات الخاصة كانت القوة الأكثر والأفضل تسليحاً وتدريباً وتنظيماً وامتيازاً ثم تليها الفرقة الأولى مدرع، ولا أقصد هنا بالامتيازات الرواتب الممنوحة من الدائرة المالية بوزارة الدفاع ولكن كانت هناك حوافز وعلاوات وامتيازات, الحرس الجمهوري كان قوة خاصة بناها الرئيس السابق كي يقوي بها مركزه الخاص في مشروعه السياسي "التوريث", أما بقية الجيش التي هي وحدات الألوية المتمركزة في المناطق العسكرية فقد كانت تعاني الإهمال سواء في تنظيمها أو تسليحها ومعيشتها – رغم الجهود الجبارة التي كانت تبذلها وزارة الدفاع بقيادة اللواء الركن محمد ناصر أحمد – للحفاظ على وحدة وتماسك هذه الوحدات وحالتها القتالية والمعيشية والمعنوية - وزاد من هذا فساد مالي وإداري ضارب أطنابه منذ سنين طويلة, وعدا ذلك كان هناك مليشيات وتشكيلات خاصة بالقبائل , نتذكر مثلاً الحرب التي كانت في الحصبة, كانت حرب بين أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر من جهة وبين الحرس الجمهوري والأمن المركزي من جهة أخرى ومن الغريب جدا أن هذه القبائل أو تلك التشكيلات قاومت ولم يستطع الحرس الجمهوري ولا الأمن المركزي ولا القوات الخاصة تجاوز دفاعاتها، ولا ننسى أن هناك قوة عسكرية أخرى هي التي يمتلكها التيار الحوثي في شمال اليمن وتحديداً في صعده. .. هل معنى ذلك أن تلك التشكيلات كانت تمتلك أسلحة مكنتها من الصمود أثناء تلك الحرب - حرب الحصبة - أمام جيش تمتع كما قلت بالتنظيم والتدريب الخ؟ - أعتقد أن تسليحهم كان تسليحاً خفيفاً ومتوسطاً على الأكثر, لكنهم حصلوا أيضا على دعم من الفرقة الأولى مدرع ومن قبائل أخرى, في المقابل لابد من الاعتراف أن الحرس الجمهوري والأمن المركزي استخدموا ضدهم كل أنواع الأسلحة باستثناء الطيران تقريباً. .. هل حزب الإصلاح يمتلك أسلحة؟ لا أستطيع أن أجزم أن حزب الإصلاح كحزب يمتلك مليشيات أو أسلحة عسكرية, لكن توجد قبائل تمتلك أسلحة خفيفة ومتوسطة وتنتمي إلى حزب الإصلاح مثلها مثل القبائل التي تنتمي إلى المؤتمر الشعبي . .. في ظل تسارع الأحداث وتبدل المواقف السياسية بين الحين والآخر والجيش مازال بين كفين في ظل البطء الشديد والزحف الذي تسير عليه لجنة الشئون العسكرية .. ما هو الأهم في رأيك كباحث ومطلع على المشهد العسكري والسياسي أن تقوم به تلك اللجنة في وقت قياسي؟ المهمة التي يجب أن تضطلع بها وتواصلها لجنة الشئون العسكرية ووزارتي الدفاع والداخلية تحت قيادة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة هي أولاً وقبل كل شيء إنهاء الانقسام الحاصل في القوات المسلحة الذي مازال بكل أسف حتى الآن قائماً وان كان بحدوده الدنيا, لكنه لا يزال قادراً على التأثير وقادرا على خلق توتر وقلاقل ومشاكل وقد لاحظنا ذلك مثلا في محاولة الاستيلاء على وزارتي الدفاع والداخلية, وبعد ذلك تأتي مهمة توحيد القوات المسلحة تحت قيادة موحدة وهذا يقتضي أن يدرك كل من قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقائد الفرقة الأولى مدرع وكل القوى السياسية والاجتماعية أن لليمن رئيساً شرعياً واحد هو عبد ربه منصور هادي وان القوات المسلحة كلها هي جيش وطني واحد مهمته حماية السيادة الوطنية والاستقلال الوطني, ويفترض على الجيش الاتجاه إلى حماية الحدود البرية والبحرية والجوية, ثم المهمة الثالثة وهي إعادة هيكلة القوات المسلحة بموجب الخصائص الجيوستراتيجية التي تتميز بها الجمهورية اليمنية والرؤية إلى الحاجة الملحة لأسطول بحري قوي فلدينا أكثر من 2200 كم شريط ساحلي يمتد من ميدي وحتى سواحل المهرة, والى قوة برية تتركز باتجاه حماية الحدود البرية ثم قوة طيران نوعي حديث يستطيع أن يشكل غطاءً جوياً لأراضي الجمهورية وسنداً للقوات البحرية والبرية.. أما موضوع الأمن الداخلي فهي مهمة أجهزة الأمن, إلا إذا احتاجت هذه الأجهزة لمساعدة ضرورية من قوات الجيش أثناء الطوارئ أو الكوارث، نحن بحاجة إلى أجهزة امن وطنية تبنى على أسس وطنية وعلمية تراعي حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية ولابد من إنهاء الازدواج الناتج عن تعدد هذه الأجهزة الأمنية. .. من أين لنا بالإمكانات التي تمكنا من امتلاك أسطول جوي حديث هل ترى علميا إمكانية ذلك؟ ما زلت عند رأيي بضرورة وأهمية بناء قوات بحرية قوية بما فيه الكفاية لحماية شريط ساحلي يمتد حوالي 2200 كم ومياه إقليمية واقتصادية واسعة, بمعنى آخر اليمن دولة بحرية بامتياز, ويكفي أن نتذكر كيف استطاعت دولة حديثة الاستقلال قليلة السكان هي اريتريا من احتلال ارخبيل حنيش في ساعات عام 1995م وكيف يسرح ويمرح المهربون والقراصنة والمجرمون في هذه السواحل أليس هذا بسبب ضعف البحرية اليمنية وخفر السواحل!؟ أما الإمكانيات المادية والبشرية فهي متوفرة أو يمكن أن تتوفر. .. هل وزارة الدفاع تسيطر الآن فعليا على وحدات الجيش بكامله على غرار ما قبل المبادرة الخليجية أم أصبحت بعد المبادرة في مهمتها كلجنة لتسيير أعمال موقتة؟ بكل أسف أقول إن وزارة الدفاع كانت في الفترة الماضية خاصة في السنوات العشر الأخيرة قد تحولت إلى ما يشبه وزارة الدعم اللوجستي مهمتها الرواتب والإمداد والتموين, أما الآن ووفقاً للتغيير الحاصل والذي يجب أن يحصل ستصبح وزارة الدفاع قيادة يومية عملية مباشرة للقوات المسلحة ولا ننسى أيضا أن وزارة الدفاع بحاجة هي الأخرى إلى إعادة هيكلة كقيادة عامة للقوات المسلحة وكدوائر تقوم بالمهام الإدارية واللوجستية والعملياتية والتدريبية والتعبوية للقوات المسلحة بما يتماشى مع بناء الجيش الجديد في اليمن الجديد. .. كخبير وباحث عسكري هل ترى أن اليمن تمتلك استراتيجية عسكرية سواء في السابق أو في الوقت الحالي والمستقبل بالنسبة لمهام الجيش وصلاحياته وأدواره؟ أعتقد أن اليمن خلال الفترات الماضية كانت تتخبط في موضوع الاستراتيجية بشكل عام والعسكرية بشكل خاص بدليل أنه لم يكن الجيش قائما على أساس رؤية استراتيجية من المنظور الوطني العام, وبدليل هذا الانقسام الذي حدث خلال السنوات الماضية، الآن هناك توجه حقيقي وجاد كما يبدو, وعلى حكومة الوفاق الوطني وتحت قيادة رئيس الجمهورية وعلى لجنة الشئون العسكرية ووزارة الدفاع أن يكون لديها استراتيجية واضحة المعالم، في كل البلدان الجيوش تبنى وفقا لمذهب عسكري وعقيدة عسكرية تحدد ما هي نوعية القوات؟ ماهو مسرح العمليات, ما هي وظائف ومهام القوات المسلحة، ويمكن أن نشير إلى أن الندوة التي عقدتها لجنة الشؤون العسكرية خلال الفترة 11-13 نوفمبر 2012م يمكن أن تشكل بداية هذا الطريق، و لكن هذا سيحتاج إلى وقت وجهد وعمل وتعاون من قبل كافة الهيئات والأكاديميات ومراكز البحوث والدراسات وخاصة المعنيين بالشأن العسكري مع الاستفادة من خبرات الأشقاء والأصدقاء . .. هل تأثر الجيش في جاهزيته العسكرية والنفسية؟ بالتأكيد دمرت كثير من الأسلحة والمعدات واستشهد العديد من أبناء القوات المسلحة وتأثرت القوات المسلحة نفسيا مثلا الحرب مع ما يسمى أنصار الشريعة نتذكر أن أنصار الشريعة سيطروا على ابين كاملة كمحافظة في عام 2010م ولم تستطع الوحدات العسكرية هناك أن تنتصر على هذه الجماعات وبالمقابل هناك ستة حروب في صعدة لم يستطع فيها الجيش النظامي والحرس الجمهوري أن يحسم المعارك لصالحة في صعدة إضافة إلى هزيمة حنيش في عام 1995م, كل هذه الهزائم أثرت نفسيا على معنويات الجيش, لكن بعد التغيير وبعد انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي وبمعنى آخر بعد توفر الإرادة السياسية وتوحدها استطاعت وحدات القوات المسلحة أن تلحق الهزيمة بعناصر القاعدة وأنصار الشريعة في أبين العملية الأخيرة في منطقة ابين التي اطلق عليها السيوف الذهبية كانت معركة خاضتها وحدات عسكرية، إلى جانب اللجان الشعبية في لودر ومودية وزنجبار وجعار كلها التحمت يعني توفرت العوامل التالية :إرادة سياسية , تلاحم شعبي متمثل في اللجان الشعبية وفي العامل اللوجستي مع جاهزية قتالية وفنية ومعنويات عالية لدى أبناء القوات المسلحة. .. بناء الجيش اليمني تحقق وتم بناؤه وفق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، ولكن من وجهة نظر عسكرية كيف هي الصورة له اليوم؟ مشكلتنا أنه منذ قيام ثورة 26 سبتمبر وحتى الآن ونحن نعيش في صراعات وحروب داخلية: بعد ثورة 26 سبتمبر نشبت الحرب بين الملكيين والجمهوريين واستمرت سبع أو ثماني سنوات حتى المصالحة في اتفاقية جدة عام 70م في الجنوب كان هناك حرب أهلية بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بعدها في الشمال كانت هناك أحداث أغسطس 68م وأحداث يناير 86م في الجنوب ثم كانت حرب 94م ثم حروب صعدة الست بكل أسف الجيش كان ربما ضحية للصراع السياسي, بمعنى السياسة طغت على كل شيء لدرجة أن الدولة والمؤسسات لم تتفرغ لبناء جيش نظامي محترف وكان الجيش مشغولاً في الصراعات السياسية. .. بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م كان هناك جيشان هل تم دمجهما فعليا في جيش يمني واحد أم أن هذا من أسباب انقسام الجيش اليمني في هذه المرحلة!؟ بالنسبة للوضع الانتقالي الذي كان قبل حرب 94م كان هناك جيشان اشبه ما يكون بالوضع الذي كنا عليه في عام 2011م مع اختلاف كبير أنهما كانا جيشين نظاميين محددين لم يتم دمج هذين الجيشين منذ البداية لأن الطرفين السياسيين الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض والحزب الاشتراكي اليمني وحزب المؤتمر الشعبي العام هما الآخران دخلا في خلاف أدى إلى حرب 94م وربما يكون هذا واحداً من الأسباب المباشرة المؤدية لحرب 94م عدا أسباب هامة أخرى لسنا بصدد الحديث عنها. .. بعد حرب 94م هل تم إعادة تأهيل ودمج هذين الجيشين في جيش نظامي واحد؟ أولاً خلينا نسميها حرب 1994م، المهم بعد هذه الحرب تم دمج مشوه للجيش، أخذ من الجيش الجنوبي ما راق للطرف المنتصر في الحرب وترك الجيش كأفراد بدليل ما حصل للمئات والآلاف منهم الذين أحيلوا للتقاعد المبكر والقسري ونشأت في عام 2007م جمعية المتقاعدين وبدأت باعتصامات ومسيرات تطالب بالحقوق وتطورت هذه الحركة فيما بعد إلى حراك جماهيري واسع هو ما يعرف الآن بالحراك الجنوبي. .. هل تم السيطره الآن على كل التشكيلات العسكرية المتواجدة في عرض البلاد وطولها؟ أعتقد أن هناك تغيرا وتحسنا في الموقف والخطوات التي اتخذها الرئيس أدت إلى السيطرة على التشكيلات العسكرية، لكن ليس بالمطلق سيطرة نسبية لا تزال بعض وحدات الحرس الجمهوري لا تخضع لوزارة الدفاع, مشكلتنا هي الانقسام، كم أتمنى أن نشاهد رئيس الجمهورية وهو يترأس اجتماع القادة العسكريين ويكون العميد احمد علي عبد الله صالح واللواء علي محسن صالح حاضرين في هذا الاجتماع أسوة ببقية القادة، الانقسام الحاد بين الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع، لكني أعتقد أن الفرقة الأولى مدرع ووحدات القوات المسلحة الأخرى هي الآن بشكل نسبي تحت قيادة وزارة الدفاع ورئيس الجمهورية والبقية الباقية في طريقها إلى ذلك. .. ما تصورك للوضع في حالة صدور قرارات عزل القادة في الحرس الجمهوري والفرقة الأولى مدرع؟ إذا اتخذ مثل هذا القرار عليهم أن ينفذوه وأعتقد أنهم لا يملكون إلا أن ينفذوا مثل هذا القرار وأنا سمعت عن تأكيدات من اللواء علي محسن أكثر من مرة أبدى استعداده لتنفيذ أي قرار يصدر عن رئيس الجمهورية.