أرى قفصاً فارغاً وصنماً من الطينِ الأسودِ المدمسِ بالملح يُرادُ لهُ أن يكون ديكتاتورياً بفعلِ العبيدِ والجواري الساذجين المادحينَ السارحين الطامعين الفاتحينَ المارقين الشاردينَ الماكرينَ وهلمّ جراً. كطبيعةِ هؤلاء القليلينَ في أنفسهم والحقيرين في ذواتهم ينفخونَ دوحاً في الهواءِ الحارِ ويصيرون له الأبْرُجَ العليا وهي في أسفلِ السافلينَ، كل هذا ليرى من نفسهُ أسداً هُماماً بعدَ كل عافيةٍ تلحظها المريضةُ بالداءِ المستشري ليظلَّ المرضُ جاثياً حتى يطيبَ لهمُ العيشُ بأمانٍ، فهم يخافون الصحة؛ لأن مرضهم ليسَ عابراً وإنما داءٌ عُضالْ. الصنمُ الذي تابَ عادَ إلى الغراقدِ مُنهكاً لقد ألبسَ نفسهُ حُللَ العهودِ وجمعَ الناسَ وأولمَ وهم ينظرونَ ويرددونَ سيكون هذا على عكسِ المسيخ الدجال تماماً سيجعلُ للقبَّرةِ مأوى بدل الجبل وسيُضفي للورِقِ التي سرتْ خفاءَ من عيون قطَّاعِ الطرقِ والسارقين المادحينَ الذي هم بجوارهِ أماناً وسيأخذُ الحجرَ والطلقةَ والعيون الحمراء إلى أتونِ القفصِ المسورِ بالأسلاكِ الشائكة لكنهُ بنزوةِ قلبٍ ضعيفٍ صعد الشجرةَ لقص يدِ حارسها الهمام وأحضرَ السكينَ وشرعَ طريقاً للسكاكينِ ليستمرَ قهرُ القبَّرةِ وحزنها من مغافيرِ فمهِ. ورطبِ كفهِ الدسمةِ.