الخروج الحزين من البطولة الخليجية في نسختها الحادية والعشرين، لم يكن ضمن إطار المفاجآت كما يمكن أن يوصف بها المشهد العماني، خاصة وأن الفريق لم يتمكن من التسجيل سوى هدف واحد وعن طريق ضربة جزاء سجلها حسين الحضري في شباك المنتخب القطري وخسر المنتخب العماني في تلك المباراة 1-2. لقد قدم الأحمر عرضاً مميزاً في مباراة المنتخب القطري وكان الأحق بالفوز بالمباراة لو انه امتلك المهاجم الهداف القادر على ترجمة الفرص السهلة التي اتيحت أمام لاعبي خط الهجوم، وفي مباراة الامارات تكررت المشاهد وتسابق اللاعبون في اهدار الفرص أمام الشباك، وبشهادة الاماراتيين أنفسهم أكدوا ان المنتخب العماني كان الأكثر سيطرة على المباراة واستحواذا على معظم الفرص، لكن النتيجة ذهبت في النهاية للمنتخب الاماراتي الذي استفاد من 3 فرص وسجل هدفين في مشاهد أكدت بما لا يدع مجالا للشك ان الاحمر يعاني من أزمة مزمنة تعود الاسباب فيها لعدم التوفيق من المدربين السابقين في اختيار اللاعب المناسب القادر على الاستمرار في هز الشباك. لقد تولدت لدى لوغوين مدرب المنتخب العماني قناعات جديدة في خليجي 21 مفادها أن عماد الحوسني لم يعد قادرا على تسجيل الاهداف، وبالتالي تعذر ايجاد المزيد من الحلول لتقديم المنتخب الاحمر في صورة تتناسب وتتوافق مع المجموعة المميزة من اللاعبين الذين يشاركون في بقية الخطوط .. ومن غير المعقول ان تخرج بالهدف الوحيد في 3 مباريات وقبلها بهدف وحيد في بطولة خليجي 20 في اليمن وتدعي انك تملك مهاجمين قادرين على تحويل الفرص السهلة الى حالات فوز وتميز..الغريب في الأمر ان المدرب السابق الفرنسي كلود لوروا لم يبحث عن حلول جيدة للعقم الهجومي الذي يعاني منه المنتخب العماني، بقدر ما هو دوره في مضاعفة المشكلة عندما اختار حسن ربيع ليكون المهاجم الاساسي للمنتخب، رغم عدم امتلاكه المقومات المناسبة للاعب المهاجم القادر على ترجمة ابسط الفرص الى أهداف، وما تراجعه ما بعد البطولة الخليجية وغيابه عن التسجيل إلا تأكيد على قناعات خاطئة للمدرب الفرنسي الذي حاول «ترقيع» المنتخب خلال فترة من الزمن. ان حصول حسن ربيع على لقب هداف خليجي 19 بأربعة أهداف لم يكن كافيا بالحكم على مقدرته في قيادة هجوم المنتخب، مثلما هو الحكم الذي سار في اتجاه عماد الحوسني الذي اختير أيضاً هدافا للبطولة ال17 في قطر، وهو ذات السيناريو الذي يتكرر في عملية «الترقيع» وبالتالي تجاهل ما يمكن أن يستعان بهم من مهاجمين هدافين قادرين على الاستمرار في التسجيل فترات طويلة. لقد أنجبت الكرة العمانية العديد من المهاجمين القادرين على التسجيل من انصاف الفرص، وما قدمه هاني الضابط وقبله يونس أمان وحتى هلال حميد، كان بحق من المؤشرات للقيمة الحقيقية للمهاجم الهداف القادر على اضافة التميز حتى من ابسط الفرص، واذا ما قارنا من يتواجد الآن من لاعبين على نفس المستوى، فإنه من الصعب المقارنة والمنتخب العماني يدفع الضريبة الكبيرة لغياب لاعبين أعتقد البعض من المدربين على مقدرتهم في قيادة طموحات منتخب وجمهور. ليس تجنياً على المهاجم الحالي عماد الحوسني، لكنها أرقام واحصاءات لا تكذب ولا تتجمل، ومن يتابع مسيرته مع الأهلي السعودي في الدوري يجد انه لم يتجاوز حتى الآن رصيد الأربعة أهداف بعد 14 مباراة لعبها الفريق السعودي، وبالتالي، كيف لمهاجم يغيب عن التسجيل في نادي يلعب وسط كوكبه من النجوم والمهاجمين المميزين أمثال البرازيلي فيكتور والسعوي تيسير الجاسم ان يتحدث عن صانعي لعب وأنه لا يحصل على الفرص حتى يقوم بالتسجيل. لم يسجل الحوسني مع الاهلي سوى 4 اهداف، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية للاعب الذي وضع في مركز لا يتناسب وقدراته المهارية والبدنية والتي يمكن ان يستفاد منها أكثر في مركز الوسط الأيمن والذي بدأ من خلاله رحلته في الملاعب مع نادي الخابورة، وكان من أبرز الأوراق الرابحة التي يعتمد عليها المدرب في ايصال الكرات للمهاجمين. لقد قدم المنتخب العماني أداء مميزا في المباريات الثلاث، اذا ما استثنينا الضغط الكبير الذي واجهه الفريق في المباراة الاولى، لكن النهاية ظلت متعسرة لعدم امتلاك المنتخب قيمة اللاعب الهداف، وهي المعضلة التي ارقته كثيرا في المباريات الماضية وفي البطولات السابقة وفي تصفيات المونديال، حيث يسيطر المنتخب على جميع المجريات والاحداث ويكون مميزا في كل شيء الا التسجيل، وهي المعضلة التي لا يبدو انها بالجديدة على الساحة الحمراء، لكن الجديد ان المدرب لوجوين بدأ بعد مباراة البحرين البحث عن حلول لها..لقد اتخذ لوغوين قراراً حاسماً وجريئاً بوضع الحوسني على دكة الاحتياط، فهو يرى من خلاله ان المهاجم الأوحد في المنتخب لم يعد قادراً على حمل الطموحات خلال الفترة المقبلة وبالتالي ضرورة البحث عن خيارات جديدة يمكن أن تساهم في كتابة سطور مختلفة لجيل جديد من اللاعبين يمتازون بالعديد من الصفات والمقومات التي تسير في صالح الكرة العمانية.. إن الخطأ الذي ارتكبه لوغوين قبل البطولة تمثل في ابعاده قاسم سعيد أو حتى يونس المشيفري عن المشاركة في البطولة، وهو بذلك القرار شعر بندرة الحلول إن كان في التشكيل الاساسي أو حتى على مستوى البدلاء، فعبدالعزيز المقبالي لاعب جيد يجيد اللعب خلف المهاجمين، وربما يسحل في بعض الاحيان لكنه لا يملك مقومات اللاعب الهداف، وهي الصفات التي تنطبق على جمعه درويش أيضاً. لم يجد لوجوين في عماد الحوسني أو حتى اسماعيل العجمي الحلول المناسبة للعقم الهجومي الذي عانى منه المنتخب، وبالتالي اخطأ في غياب المشيفري وقاسم سعيد فهما الانسب حالياً وخاصة الأخير الذي أظهر في بطولة غرب آسيا علاقة حميمة مع الشباك أظهرها من خلال اللمسة الواحدة التي يصل بها الى هز الشباك وتلك العلاقة الفطرية التي تحتاج الى المزيد من الاحتكاك والثقة حتى يكون المهاجم الهداف الذي يمكن ان يعوض غياب باقي المهاجمين ويضع المنتخب أمام خيارات أكثر قبل استقطاب لاعبين آخرين تتوافر فيهم مقومات المهاجم الهداف. لن نكون مبالغين ان المنتخب الحالي اصبح يدفع تبعات وضريبة التركة الثقيلة التي خلفها التشيكي ماتشالا والمدرب الآخر كلود لوروا، وأنه أصبح على لوجوين ان لا يسير في نفس الاتجاه حتى لا تتكرر المأساة في مناسبات قادمة، ويكفي أن نقول إن القناعات الجديدة في خليجي 21 يفترض ان لا تغيب عن مخيلة لوجوين عندما يعود لمتابعة الدوري العماني والعمل على البحث عن كفاءة جديدة في خط الهجوم، ليس بالشرط ان يكون مدعوما بالاضواء في الفترة الأخيرة او يشارك بصورة اساسية في جميع مباريات ناديه. أحياناً كثيرة تكون هنالك مجموعة من المواهب تغيب مع الاختيارات غير الدقيقة لبعض المدربين، وهي من المهام التي يفترض أن تكون في اجندة المدرب لوجين حتى يفتش عنها، لاسيما وأن هنالك مجموعة كبيرة من اللاعبين الحاليين في المنتخب لم يتم التعرف عليهم سابقا من خلال منتخبات الناشئين أو حتى الشباب، ونقصد هنا بعض التخبطات التي مورست سابقا ولا تزال تمارس من قبل بعض مدربي منتخبات المراحل السنية واتجاههم الى الاختيار عن طريق العلاقات وما شابهها من روابط مع بعض الاندية والشخصيات، وهي بالقضية التي يجب على اتحاد الكرة التركيز عليها، فاختيار لاعب في غير محله كما حدث مع الكثير من اللاعبين له من التبعات الكثير على مستوى قادم السنوات وان يكون المنتخب مطالبا ان يدفع ضريبتها باهظة من الثمن والاخفاقات. لسنا هنا ضد لاعب معين او مدرب آخر، لكننا نحاول ايصال رسالة من خلال هذا التقرير الى من يهمهم الأمر، وأعتقد ان خالد بن حمد رئيس اتحاد الكرة أصبح مطالبا أكثر من اي وقت مضى بالتركيز على هذا الجانب حتى يحمي المنتخبات الوطنية من تجاوزات فنية لا يمكن التعرف على اضرارها الا بعد فترة طويلة من الزمن مثلما يحدث الآن على مستوى المنتخب الأول.