طلبت إحدى المعلمات من طلابها في المدرسة الابتدائية أن يكتبوا موضوعاً يطلبون فيه من الله أن يحقق لهم أمنية يتمنونها. . وبعد عودتها إلى المنزل جلست تقرأ ما كتب التلاميذ, فأثار أحد المواضيع عاطفتها فأجهشت بالبكاء وصادف ذلك دخول زوجها البيت, فسألها: ما الذي يبكيك يا حبيبتي؟ فقالت: موضوع التعبير الذي كتبه أحد التلاميذ. فسألها: و ماذا كتب؟, فقالت له: خذ اقرأ بنفسك, فأخذ يقرأ: «إلهي, إني أسألك أمنية وطلباً خاصاً جداً و هو أن تجعلني تلفازاً !!! يا رب حقق لي هذه الأمنية فأنا أريد أن أحل محله, أريد أن أحتل مكاناً خاصاً في البيت, فتحلق أسرتي حولي وأصبح مركز اهتمامهم, فيسمعونني دون مقاطعة أو توجيه أسئلة, أريد أن أحظى بالعناية التي يحظى بها التلفاز حتى و هو لا يعمل, أريد أن أكون بصحبة أبي عندما يصل إلى البيت من العمل, حتى وهو مرهق, وأريد من أمي أن تجلس بصحبتي حتى وهي منزعجة أو حزينة, وأريد من إخوتي وأخواتي أن يتخاصموا ويتشاجروا ليختار كل منهم صحبتي، يا رب أريد أن أشعر بأن أسرتي تترك كل شيء جانباً لتقضي وقتها معي. وأخيراً وليس آخراً أريد منك يا رب أن تقدرني على إسعادهم و الترفيه عنهم جميعاً, يا رب إني لا أطلب منك الكثير أريد فقط أن أعيش مثل أي تلفاز».. انتهى الزوج من قراءة موضوع التلميذ وقال: يا إلهي، إنه فعلاً طفل مسكين, ما أشد قسوة والديه !! فبكت المعلمة مرة أخرى و قالت: هذا الموضوع كتبه ابننا!!! لاحظوا أن الأب استبعد نفسه تماماً.. وكأنه غير مهمل لابنه, مما يعني أننا قد لا ندري أننا نفعل ذلك, أو إن كان هذا ما يحس به أولادنا. فهذه دعوة لك عزيزي الأب،عزيزتي الأم لقضاء بعض الوقت مع أولادكم فهم أحق بالتلفاز بهذا الوقت. استمعوا لهم ناقشوهم تعرفوا على أمنياتهم كونوا عوناً لهم, ينبغي منا جمعياً أن نجلس مع أولادنا ونتكلم ونتحاور معهم ليس لمجرد الكلام فحسب, فنحن جميعاً بحاجة أن ننمي في أولادنا الإيمان بحقهم بالتعبير عن آرائهم و مواقفهم فهذا له دور كبير في تكوين شخصياتهم وشعورهم بالكرامة والثقة بالنفس وفي تنمية عقولهم. نحن بحاجة ماسة أن تكون حواراتنا معهم ايجابية لتخرج وتتولد إبداعاتهم وأفكارهم الجديدة والجيدة. عزيزي القارئ عزيزتي القارئة.. عندما نمارس الحوار ملتزمين بمبادئه ومراعين لشروطه نكون قد شرعنا في تربية الإنسان الايجابي والمنتج ونكون قد بدأنا نمطاً جديداً في التربية سنجني ثماره مستقبلاً.. إننا مع الأسف نمارس فلسفة إلغاء الآخر ليس في حواراتنا مع أولادنا فحسب، بل في حواراتنا مع الآخرين أيضاً, فهناك الأب المتسلط, الأم المتسلطة, المدرس, المدير, ونريد من الطرف الآخر السمع والطاعة فقط والاستجابة دون أي مناقشة أو تضجر, فنمارس بذلك إلغاءً لحريته وكيانه, إن ذلك يلغي ويقتل القدرات الإبداعية لدى الفرد ويؤثر سلباً عليه بل على الأمة بأكملها. * باحث ومدرب في الإدارة والتنمية البشرية مستشار التدريب في ديوان عام محافظة إب [email protected]