أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    بينها مطار صنعاء .. اتفاقية لتفويج الحجاج اليمنيين عبر 5 مطارات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزب الإشتراكي حقق انتصاراً على خصمين لدودين
عبدالرحمن مراد ل « الجمهورية » :
نشر في الجمهورية يوم 24 - 01 - 2013

برز جلياً في الآونة الأخيرة صراع ما يُسمّى بمراكز القوى السياسية في اليمن متمثلاً باستقطاب واحتواء كل مركز لمجموعة من المثقفين والكُتّاب والصحفيين ليصبحوا أدوات دعائية لخطابه السياسي ومبررين بالوكالة لمجمل مواقفه الملامسة لواقع المجتمع .. سواء كانت تلك المواقف سلبية أم إيجابية .. باستثناء قلّة قليلة من المثقفين الذين بدأوا واستمروا على خطهم الإنسانيّ الرائع في أيّ منبرٍ كانوا وأينما تواجدوا يمثلون أنفسهم ونبلهم وثقافتهم غير المشروطة.. ومن هؤلاء برز الشاعر والناقد والباحث والمفكر الأستاذ /عبدالرحمن مراد كقارئٍ عميق لمجمل الأحداث السياسية والإجتماعية في اليمن .. وهو في هذا الحوار يقرأ الوضع السياسي في البلد من المنظور الذي يراه ويفهمه ويدرك ماوراءه.
- في البداية .. هل تظن أن ثمة احتمالاً أو أملاً في الخروج من عنق الزجاجة التي وصل إليها الوطن في مرحلته الحالية ؟
كل مرحلة تحولية تمرّ بمخاضات مؤلمة ، هكذا هي طبيعة المراحل التحولية ، الماضي يتشبث بوجوده والمستقبل يزاحم في الوجود ,عملية صراعية وجودية ، ومثل ذلك الصراع أو التدافع من سنن الله في كونه ، وكل مرحلة لا يمكنها أن تكون صورة مماثلة للماضي وأبطال الماضي بالضرورة لن يكونوا هم أبطال الغد .
وما يجب التذكير به أن ساحات الاعتصام أحدثت تحولا جوهرياً في الوعي الجمعي وفي المفهوم الحقوقي والمفهوم السياسي وأصبح التعاطي مع الحالة السياسية أكثر تقدماً وأكثر وعياً من ذي قبل ، ومثل ذلك التحول الثقافي الذي صنعته ساحات الأعتصام يجعلنا نطمئن على المستقبل ونثق بقدرتنا في الخروج من عنق الزجاجة حتى ولو بلغت حالة التشظي ذروتها .
- ثمّة من يرى أن الفعاليات السياسية اليمنية لا تحمل مشروعاً وتفاعلها البيني ليس أكثر من تصفية حسابات قديمة .. والشعب ليس في سلّم اهتماماتها هل تتفق مع هذا الرآي ؟
أتفق بالتأكيد فتفاصيل المشهد السياسي تشير إلى مثل ذلك فالقضية الوطنية أصبحت تمتدّ إلى عقد الستينيات من خلال الإفصاح عن الحالات القهرية التي ظلت بعض القوى تداهن واقعها بها لأسباب إجتماعية وأمنية وسياسية أيضاً ، فالذين يصدرون الكتب وينفون حالة التشويه التي لحقت بهم من خلال إستنطاق العامل الثقافي التفاعلي التاريخي يشعرون بحالة إنفراج ويحاولون إستعادة قيمتهم التي فقدوها خلال عقود مضت والذين يرسمون الوجوه على الجدران في شوارع العاصمة يعوضون حالة الشعور بالنقص من خلال خاصية التذكر والتجميع , والذين يشعلون فتيل الأنفصال – وقد أصبحوا أهم الفاعلين في الحدث السياسي – إنما يحاولون إستعادة قيمتهم ومعناهم بعد أن شعروا بالضياع والتحليق في خارج المدار .. ولا يمكن نكران حضور الثأر السياسي بين القوى السياسية فالإشتراكي مثلاً حقق إنتصاراً على خصمين لدودين هما المؤتمر الذي عمل على إخراجه من السلطة وصادر أمواله وممتلكاته وخاض ضده حرباً ضروساً في صيف 1994م والإصلاح الذي ساهم مع المؤتمر في الحرب وساهم في التخفيف من التأثير الجماهيري للإشتراكي من خلال فتاوى التكفير وتسفيه إيديولوجيته من على منابر المساجد .
- معنى ذلك أن الحزب الأشتراكي هو الحزب الوحيد المنتصر في أحداث 2011م ؟
لا ... ليس الوحيد ولكنه الأبرز ... القضية هنا نسبية .. الإشتراكي استطاع تجريد المؤتمر من أهم مفردات قوته وهي السلطة واستطاع تجريد الإصلاح من أهم مفردات قوته الجماهيرية وهي استغلال العاطفة الدينية ، لقد فكك هذه المنظومة بكل رموزها من خلال التناقض الذي بدت عليه تلك الرموز في القول والممارسة ، كما أن تحالف الإشتراكي والإصلاح قد كسر الحاجز النفسي الذي صنعه الخطاب الديني ضده ، عقلانية الإشتراكي انتصرت وحققت جماهيرية واسعة ,فياسين سعيد نعمان هناك إجماع شعبي على استحاقه لرئاسة الوزراء ومثل ذلك الإستحقاق لم تمنحه الجماهير لغيره من رموز العمل السياسي ، والمؤتمر فقد جزءًا كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة الحوثية والإصلاح فقد جزءاً كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة السلفية والإشتراكي استعاد عافيته في الجنوب وقلب موازين القوة الجماهيرية هناك ، وتظاهرة التصالح والتسامح كانت خارج حسابات كل القوى وعقلانية الإشتراكي خلقت تعاطفاً جماهيرياً واسعاً ليس في المحافظات الجنوبية فقط بهذه المقاييس نرى أن الأشتركي كان الأبرز في تحقيق الكسب السياسي مما حدث في عام 2011م .
- هناك قوى تقليدية تحاول أن تحتفظ بقيمتها ومكانتها من خلال الإستغراق في الفعل والتاُثير في السياسة العامة للدولة .. وهي بذلك قد تعيق حركة الإنتقال من خلال قدرتها على التأثير .. كيف تقرأ المستقبل من خلال تلك التموجات في اللحظة السياسية التي نعيش ؟.
الإنسان بطبيعته أكثر ميلاً إلى الثبات إذا ألف شيئاً يريده أن يظل كما ألفه رغم أن الحركة من حوله توحي له بالتغير والتبدل لكنه يغفل أويتغافل ولا أظن أن القوى التي تقصدها قادرة على البقاء في مناخات المستقبل ، ثمة صهر قد حدث أعاد صياغة قوالب المرحلة وفق اشتراطات اللحظة والمستقبل لا وفق اشتراطات الماضي ، بوتقة الماضي الآن تستقبل كل رموز الماضي .
- أنت ترى أن بوتقة الماضي تستقبل كل رموز الماضي .. ماذا عن اللواء علي محسن الأحمر وما تتناقله الصحف من أنباء ؟
اللواء على محسن رجل ذكي هو الآن يناور من أجل ضمان مناخ أفضل لمستقبله لكنه يدرك الحقائق الموضوعية التي ساهم في صناعتها ولا أظنه غافلاً عن حقائق التبدل والتغير كما أنه يدرك أنه من المستحيل أن يملأ زمنه وزمن غيره وفي ظني أن التفاعل مع المستجدات هو الضمان الأمثل في الإستمرار في المشهد واللواء علي محسن يملك كل مقومات تأسيس حزب وكما كان متصدراً للمشهد الإجتماعي والعسكري هو يملك مقومات التصدر في المشهد السياسي لو أحسن التفكير والصناعة وتجرد من علائق الماضي وإختلاط وتداخل مصالح الموالين ،لأنه إذا استسلم لمنطقها ففي ظني أنه يذهب إلى الفناء المؤجل بنفسه.
- وماذا عن أولاد الشيخ ؟
أولاد الشيخ هدموا مجداً مؤثلاً بناه لهم أبوهم الشيخ عبد الله وقد ثاروا على مشروعهم وهذا أغرب شيء مرّ في التاريخ اليمني .
- أوضح أكثر ..
بعد حرب صيف 94م تحالفت القوى التقليدية كلها ضد الحزب الإشتراكي الذي أعلن الإنفصال أو قل بعض رموزه ، وجاءت حالات الفرز ل 7 يوليو لتجعل الشيخ في واجهة الإستحقاق , وفي هذا المناخ تبلور ( مشروع الشيخ ) وكان رائده هو الشيخ عبد الله ومرتكزاته هو التصدر للمشهد السياسي ومعياريته كانت المساندة والمشاركة في حرب صيف 1994م دون أدنى اعتبار لعنصري الكفاءة والتأهيل العلمي ، وكان من نتائج هذا المشروع هو إقتصار عضوية المجلس التشريعي ( النواب ) على فئة المشائخ والعسكريين وبنسبة تكاد أن تكون مذهلة وغير معقولة وكذلك مجلس الشورى وتضخم الهيكل الإداري بأولئك المشائخ ، وظل هذا المشروع بكل مرتكزاته هو الأكثر حضوراً وفي ظلاله تبلورت فاعلية الشيخ في المشهد السياسي الوطني والإقليمي ونشأت امبراطورية حميد الأحمر المالية وأنت تلحظ أن قبل 1994م لم يكن هذا المشروع حاضراً بنفس القوة التي كان عليه بعد 1994م
وثمة من أثار الأسئلة حول هذه الظاهرة في فترات زمنية متباعدة وأحياناً متقاربة وكان يبرز حميد الأحمر كأقوى مدافع عن القبيلة ومشروع الشيخ وأظن الصحف مازالت تحتفظ بذلك الجدل الذي دار حينها حول من نقد مشروع الشيخ ودفاع حميد عنه وأولاد الشيخ ثاروا على مشروعهم بعد أن أفنوا عمراً في الدفاع عنه ولا أظنهم قادرين على صناعة بدائل .
- لكنهم يملكون امبراطورية مالية كبيرة .... ؟
نعم أصبحوا يملكون امبراطورية مالية كبيرة .. لكن تلك الإمبراطورية لا يمكنها الإستمرار إذا ظلت في مدار الاقتصاد الطفيلي والمعاشي اليومي ولم تنزاح إلى الإنتاج المؤسسي الذي يخلق لنفسه طاقة إستمرارية من خلال تحديثه لذاته وخلق علاقات جديدة وحديثة ، ولكل شيء إذا ما تم نقصان ، فصادق لا يمكنه أن يكون بديلاً عن الشيخ عبد الله ، كما أن الذي سوف يأتي بعد حميد لن يكون مثل حميد .
- وماذا عن التجمع اليمني للإصلاح ؟
الإصلاح أصابته حالة من حالات العمه الثوري فهو مع الرئيس هادي ما تناغمت مصالحه فإذا تقاطعت المصالح ذهبوا يعددون أقارب الرئيس الذين عينهم في مناصب حساسة لا يمكنه أن يعين فيها إلا من هم أهل لثقته ، ومن حق كل رئيس أن يختار معاونيه بحكم طبيعة المرحلة والواقع السياسي والاجتماعي والثقافي ويبدو مضمون خطابهم منبثقاً من وعي الغنيمة وهذا الوعي لا أظنهم يملكون القدرة على الخروج منه ، فالوطن ليس غنيمة ولا يمكن تفصيله على مقاسات فئة دون أخرى .. المضحك أن عجزهم بات واضحاً من خلال ضيق أفقهم في التعامل مع المؤسسة الأمنية وإقتراح هكيلة لا تسع إلا إلاصلاح نفسه وقد لاحظنا كيف استدعى الرئيس الخبراء لإعادة النظر في موضوع الهيكلة للجهاز الأمني .. ونمدهم في طغيانهم يعمهون .
- والحركة الحوثية ؟
- الحركة الحوثية يبدو أن زهو الإنفجار الجماهيري سيأخذها إلى مربعات العمه والطغيان، كما أن مقدمات الإشتغال على مفردة الموت سيجعل من النتائج دماراً أو حزاماً ناسفاً ، وفي ظني أن التعايش مع الآخر ثقافة قرآنية محضة وخلق المبررات للوجود من خلال صناعة أعداء وهميين أو حقيقيين لا يدل على مشروع إمتلاء حضاري ، هذا الأشتغال هو ذاته الذي كانت علية حركة (الإخوان ) ولم يكن حظ الإخوان والمسلمين من ذلك الإشتغال سوى ما وصلنا إليه من تشويه وتناقض وعجز وشلل تام ، لا يمنع الحركة من الإستفادة من تجربة الإخوان وتجاوزها .. فالعدو الحقيقي ليس الآخر بقدر ماهو عجزنا وفشلنا عن صياغة مشروع امتلاء حضاري ونديّة حضارية وثقافية كما أن الدين ليس ثابتاً ورمزيات جامدة ولكنه حركة حضارية وثقافية ومشروع نهضة.
- والحراك الجنوبي ؟
الحراك الجنوبي ربما تدل مقدماته على نتائجه وأعتقد أن أشتغاله على عبارة فك الإرتباط لن يفضي به إلا إلى مزيد من التشظي والتشرذم فعمر الوحدة في الجنوب لا يتجاوز ( 23 عاما ً) وهي فترة الحزب الأشتراكي ( 1967م – 1990م ) وفك الأرتباط يعني يقظة الهويات التأريخية وبروز أكثر من دولة وأنا أعجبني قول الدكتور ياسين أن الإنفصال سيفضي إلى نشوء أكثر من دولة في الجنوب وعدم استقرار الشمال ، الوطن ليس نزوات فالقضية الوطنية أكبر من الثأر السياسي وأكبر من نزواتنا وطموحنا للسلطة.. والشعارات التي يرفعها الحراك اليوم ستكون وبالا ًعليه غداً .
وأنا متعاطف مع مكونات الحراك كلها وإدراك مالحق به من حيف وظلم ولكنني لا أرى أن حل القضية الجنوبية في الإنفصال بل في إعادة صياغة المشروع الحضاري اليمني الوحدوي وفق رؤية أكثر تناغماً مع التناقضات الإجتماعية وأكثر تحقيقاً للعدالة الإجتماعية والشراكة الوطنية وأكثر قرباً من القيم الإنسانية والحضارية والثقافية في عصرنا الذي نعيش وتكون قادرة على التخفيف من حدة الصراع في المستقبل .
- ألا يقودنا حديثنا إلى بيان بعض الأدباء في المحافظات الجنوبية الذين رأوا في الحراك وفك الإرتباط نصاً أدبياً تحررياً ..؟
أنا رأيت في البيان الذي ذكرت ردة فعل تجاه حالات قهرية يشعر بها الذين وقعوا عليه . هناك حالات قهرية عطلت من طاقة الحركة الإبداعية فتوقفت عن الإنتاج وتوقفت عن صناعة رمزيات جديدة والحقيقة أن ذلك التعطيل لا يستهدف جغرافيا دون سواها ,إستهداف الفعل الثقافي سياسة تراكمت مفرداتها منذ حرب صيف 1994م التي أتاحت الفرصة وهيأت المناخ لنمو مشروع الشيخ الإجتماعي والديني , هذا المشروع هو الذي عطل الحركة الإبداعية وهو الذي خلق تلك الحالات القهرية وكرسها في الواقع إلى درجة إفراغ الذات من محتوياها الحضاري والتاريخي والثقافي ولم يكن بيان أدباء الجنوب إلا تعبيراً عن ذلك الفراغ .
- لكن في ظني أن المتغير الذي حدث كان كفيلاً بتغيير منظومة الإستهداف ؟
للأسف الشديد مشروع الإستهداف ما يزال مستمراً ,أضرب لك مثلاً رئيس الهيئة العامة للكتاب يشكو من تخفيض ميزانية الهيئة بنسبة 25 % ووزارة الثقافة خُفضت موزانتها بنسبة 25 % وهذا التخفيض متواليات تستهدف المشروع الثقافي بدأ منذ سنين ونراه مستمراً في حكومة الوفاق والتغيير .. الأمر الآخر المؤسسة الثقافية هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت بعيدة عن التحديث في الهيكل والوظيفة الإجتماعية ولا تزال تعاني من تبعات الدمج وهي غير قادرة على التفاعل مع حاجات المجتمع وضرورات العصر الثقافية والإجتماعية والفنية . حتى كادرها الوظيفي تخشّب وتعطلت قدراته الإبداعية والوظيفية .
- يعني أن مشروع الإستهداف الذي تحدثت عنه كان دافعاً قوياً وراء فعالية الأدباء والمثقفين بداخل مقبرة خزيمة يوم الخميس 17/1/2013م ؟
بالنسبة لي نعم كان دافعا ًأساسياً وقد تحدثت بذلك للفضائيات المتعددة التي لم أعد أذكرها لكثرتها .. لقد قلت أنني جئت لخزيمة لأثبت من رمزية المكان والبردوني أن الفعل الثقافي الذي يستهدف بالقتل والإقصاء يحمل عوامل البقاء أكثر من عوامل الفناء بدليل أن المكان الذي وارى البردوني لم يستطع أن يحجب البردوني ليصرخ في وجوهم قائلا:
لن تمنعوا يا أساطين الوفاق غداً
من أن يثور وأن ينصبّ أنهاراً
مهما أقتدرتم فما عطلتم فلكاً
ولا أحلتم محيا الشمس ديناراً
البردوني كان مستهدفاً من الفعل السياسي ورغم الموت إلا أنه ظل متداخلاً مع اللحظة وظل حاضراً طوال الأزمة لا تكاد تصدر صحيفة إلا وهو في صفحتها الأخيرة . وكم من معاصريه أحياء لكنهم أموات نحن لا نشعر بوجودهم .
- من وجهة نظرك كيف تفسر حضور البردوني وغيابهم؟
البردوني كان مثقفاً حقيقياً وصاحب مشروع ثقافي ظل يكابد أسباب الحياة حتى استطاع أن يرسم ملامح مشروعه تلك الملامح التي تستهدف نهضة اليمن ونماء الإنسان وتطوره ، كان البردوني يوظف طاقته الإبداعية للتعبير عن هموم الناس وهم – أقصد معاصريه – وظفوا إبداعهم لخدمة « الأنا المظللة » إما ادعاءً أو تبريراً , لذلك ماتوا رغم وجودهم وظل البردوني حياً رغم موته .
- هؤلاء الموتى الأحياء يتكاثرون وأمثال البردوني قليل أو نادر ..!
كل مرحلة يفرز واقعها الغثاء والسمين ، فما بالك ونحن في زمن التقنيات الحديثة التي تسعى إلى موت المثقف والمؤلف الحقيقي لتبدع نصاً مرتجلاً مجهول الغاية والهدف وبدون مؤلف , ومثل هكذا واقع يغيب المثقف الحقيقي ويغيب أمثال البردوني ويحضر الهامشي والوصولي والإنتهازي .
- بمعنى أننا نعيش واقعاً استثنائياً ؟
لا هو ليس استثنائياً إنما هو واقع متطوّر لكنه هاجمنا قبل استعدادنا له نفسياً وإجتماعياً وثقافيا ً.
- هل تظن أن المشهد الثقافي اليمني لا يزال في خير ؟
المشهد الثقافي اليمني أظنه في خير وسيكون كذلك لكنه يبدو الآن مأزوماً نوعاً ما كأثر مباشر لتداعيات الأحداث التي يمر بها الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.