"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن مراد ل « الجمهورية » :
الحزب الإشتراكي حقق انتصاراً على خصمين لدودين
نشر في الجمهورية يوم 24 - 01 - 2013

برز جلياً في الآونة الأخيرة صراع ما يُسمّى بمراكز القوى السياسية في اليمن متمثلاً باستقطاب واحتواء كل مركز لمجموعة من المثقفين والكُتّاب والصحفيين ليصبحوا أدوات دعائية لخطابه السياسي ومبررين بالوكالة لمجمل مواقفه الملامسة لواقع المجتمع .. سواء كانت تلك المواقف سلبية أم إيجابية .. باستثناء قلّة قليلة من المثقفين الذين بدأوا واستمروا على خطهم الإنسانيّ الرائع في أيّ منبرٍ كانوا وأينما تواجدوا يمثلون أنفسهم ونبلهم وثقافتهم غير المشروطة.. ومن هؤلاء برز الشاعر والناقد والباحث والمفكر الأستاذ /عبدالرحمن مراد كقارئٍ عميق لمجمل الأحداث السياسية والإجتماعية في اليمن .. وهو في هذا الحوار يقرأ الوضع السياسي في البلد من المنظور الذي يراه ويفهمه ويدرك ماوراءه.
- في البداية .. هل تظن أن ثمة احتمالاً أو أملاً في الخروج من عنق الزجاجة التي وصل إليها الوطن في مرحلته الحالية ؟
كل مرحلة تحولية تمرّ بمخاضات مؤلمة ، هكذا هي طبيعة المراحل التحولية ، الماضي يتشبث بوجوده والمستقبل يزاحم في الوجود ,عملية صراعية وجودية ، ومثل ذلك الصراع أو التدافع من سنن الله في كونه ، وكل مرحلة لا يمكنها أن تكون صورة مماثلة للماضي وأبطال الماضي بالضرورة لن يكونوا هم أبطال الغد .
وما يجب التذكير به أن ساحات الاعتصام أحدثت تحولا جوهرياً في الوعي الجمعي وفي المفهوم الحقوقي والمفهوم السياسي وأصبح التعاطي مع الحالة السياسية أكثر تقدماً وأكثر وعياً من ذي قبل ، ومثل ذلك التحول الثقافي الذي صنعته ساحات الأعتصام يجعلنا نطمئن على المستقبل ونثق بقدرتنا في الخروج من عنق الزجاجة حتى ولو بلغت حالة التشظي ذروتها .
- ثمّة من يرى أن الفعاليات السياسية اليمنية لا تحمل مشروعاً وتفاعلها البيني ليس أكثر من تصفية حسابات قديمة .. والشعب ليس في سلّم اهتماماتها هل تتفق مع هذا الرآي ؟
أتفق بالتأكيد فتفاصيل المشهد السياسي تشير إلى مثل ذلك فالقضية الوطنية أصبحت تمتدّ إلى عقد الستينيات من خلال الإفصاح عن الحالات القهرية التي ظلت بعض القوى تداهن واقعها بها لأسباب إجتماعية وأمنية وسياسية أيضاً ، فالذين يصدرون الكتب وينفون حالة التشويه التي لحقت بهم من خلال إستنطاق العامل الثقافي التفاعلي التاريخي يشعرون بحالة إنفراج ويحاولون إستعادة قيمتهم التي فقدوها خلال عقود مضت والذين يرسمون الوجوه على الجدران في شوارع العاصمة يعوضون حالة الشعور بالنقص من خلال خاصية التذكر والتجميع , والذين يشعلون فتيل الأنفصال – وقد أصبحوا أهم الفاعلين في الحدث السياسي – إنما يحاولون إستعادة قيمتهم ومعناهم بعد أن شعروا بالضياع والتحليق في خارج المدار .. ولا يمكن نكران حضور الثأر السياسي بين القوى السياسية فالإشتراكي مثلاً حقق إنتصاراً على خصمين لدودين هما المؤتمر الذي عمل على إخراجه من السلطة وصادر أمواله وممتلكاته وخاض ضده حرباً ضروساً في صيف 1994م والإصلاح الذي ساهم مع المؤتمر في الحرب وساهم في التخفيف من التأثير الجماهيري للإشتراكي من خلال فتاوى التكفير وتسفيه إيديولوجيته من على منابر المساجد .
- معنى ذلك أن الحزب الأشتراكي هو الحزب الوحيد المنتصر في أحداث 2011م ؟
لا ... ليس الوحيد ولكنه الأبرز ... القضية هنا نسبية .. الإشتراكي استطاع تجريد المؤتمر من أهم مفردات قوته وهي السلطة واستطاع تجريد الإصلاح من أهم مفردات قوته الجماهيرية وهي استغلال العاطفة الدينية ، لقد فكك هذه المنظومة بكل رموزها من خلال التناقض الذي بدت عليه تلك الرموز في القول والممارسة ، كما أن تحالف الإشتراكي والإصلاح قد كسر الحاجز النفسي الذي صنعه الخطاب الديني ضده ، عقلانية الإشتراكي انتصرت وحققت جماهيرية واسعة ,فياسين سعيد نعمان هناك إجماع شعبي على استحاقه لرئاسة الوزراء ومثل ذلك الإستحقاق لم تمنحه الجماهير لغيره من رموز العمل السياسي ، والمؤتمر فقد جزءًا كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة الحوثية والإصلاح فقد جزءاً كبيراً من قاعدته الجماهيرية لصالح الحركة السلفية والإشتراكي استعاد عافيته في الجنوب وقلب موازين القوة الجماهيرية هناك ، وتظاهرة التصالح والتسامح كانت خارج حسابات كل القوى وعقلانية الإشتراكي خلقت تعاطفاً جماهيرياً واسعاً ليس في المحافظات الجنوبية فقط بهذه المقاييس نرى أن الأشتركي كان الأبرز في تحقيق الكسب السياسي مما حدث في عام 2011م .
- هناك قوى تقليدية تحاول أن تحتفظ بقيمتها ومكانتها من خلال الإستغراق في الفعل والتاُثير في السياسة العامة للدولة .. وهي بذلك قد تعيق حركة الإنتقال من خلال قدرتها على التأثير .. كيف تقرأ المستقبل من خلال تلك التموجات في اللحظة السياسية التي نعيش ؟.
الإنسان بطبيعته أكثر ميلاً إلى الثبات إذا ألف شيئاً يريده أن يظل كما ألفه رغم أن الحركة من حوله توحي له بالتغير والتبدل لكنه يغفل أويتغافل ولا أظن أن القوى التي تقصدها قادرة على البقاء في مناخات المستقبل ، ثمة صهر قد حدث أعاد صياغة قوالب المرحلة وفق اشتراطات اللحظة والمستقبل لا وفق اشتراطات الماضي ، بوتقة الماضي الآن تستقبل كل رموز الماضي .
- أنت ترى أن بوتقة الماضي تستقبل كل رموز الماضي .. ماذا عن اللواء علي محسن الأحمر وما تتناقله الصحف من أنباء ؟
اللواء على محسن رجل ذكي هو الآن يناور من أجل ضمان مناخ أفضل لمستقبله لكنه يدرك الحقائق الموضوعية التي ساهم في صناعتها ولا أظنه غافلاً عن حقائق التبدل والتغير كما أنه يدرك أنه من المستحيل أن يملأ زمنه وزمن غيره وفي ظني أن التفاعل مع المستجدات هو الضمان الأمثل في الإستمرار في المشهد واللواء علي محسن يملك كل مقومات تأسيس حزب وكما كان متصدراً للمشهد الإجتماعي والعسكري هو يملك مقومات التصدر في المشهد السياسي لو أحسن التفكير والصناعة وتجرد من علائق الماضي وإختلاط وتداخل مصالح الموالين ،لأنه إذا استسلم لمنطقها ففي ظني أنه يذهب إلى الفناء المؤجل بنفسه.
- وماذا عن أولاد الشيخ ؟
أولاد الشيخ هدموا مجداً مؤثلاً بناه لهم أبوهم الشيخ عبد الله وقد ثاروا على مشروعهم وهذا أغرب شيء مرّ في التاريخ اليمني .
- أوضح أكثر ..
بعد حرب صيف 94م تحالفت القوى التقليدية كلها ضد الحزب الإشتراكي الذي أعلن الإنفصال أو قل بعض رموزه ، وجاءت حالات الفرز ل 7 يوليو لتجعل الشيخ في واجهة الإستحقاق , وفي هذا المناخ تبلور ( مشروع الشيخ ) وكان رائده هو الشيخ عبد الله ومرتكزاته هو التصدر للمشهد السياسي ومعياريته كانت المساندة والمشاركة في حرب صيف 1994م دون أدنى اعتبار لعنصري الكفاءة والتأهيل العلمي ، وكان من نتائج هذا المشروع هو إقتصار عضوية المجلس التشريعي ( النواب ) على فئة المشائخ والعسكريين وبنسبة تكاد أن تكون مذهلة وغير معقولة وكذلك مجلس الشورى وتضخم الهيكل الإداري بأولئك المشائخ ، وظل هذا المشروع بكل مرتكزاته هو الأكثر حضوراً وفي ظلاله تبلورت فاعلية الشيخ في المشهد السياسي الوطني والإقليمي ونشأت امبراطورية حميد الأحمر المالية وأنت تلحظ أن قبل 1994م لم يكن هذا المشروع حاضراً بنفس القوة التي كان عليه بعد 1994م
وثمة من أثار الأسئلة حول هذه الظاهرة في فترات زمنية متباعدة وأحياناً متقاربة وكان يبرز حميد الأحمر كأقوى مدافع عن القبيلة ومشروع الشيخ وأظن الصحف مازالت تحتفظ بذلك الجدل الذي دار حينها حول من نقد مشروع الشيخ ودفاع حميد عنه وأولاد الشيخ ثاروا على مشروعهم بعد أن أفنوا عمراً في الدفاع عنه ولا أظنهم قادرين على صناعة بدائل .
- لكنهم يملكون امبراطورية مالية كبيرة .... ؟
نعم أصبحوا يملكون امبراطورية مالية كبيرة .. لكن تلك الإمبراطورية لا يمكنها الإستمرار إذا ظلت في مدار الاقتصاد الطفيلي والمعاشي اليومي ولم تنزاح إلى الإنتاج المؤسسي الذي يخلق لنفسه طاقة إستمرارية من خلال تحديثه لذاته وخلق علاقات جديدة وحديثة ، ولكل شيء إذا ما تم نقصان ، فصادق لا يمكنه أن يكون بديلاً عن الشيخ عبد الله ، كما أن الذي سوف يأتي بعد حميد لن يكون مثل حميد .
- وماذا عن التجمع اليمني للإصلاح ؟
الإصلاح أصابته حالة من حالات العمه الثوري فهو مع الرئيس هادي ما تناغمت مصالحه فإذا تقاطعت المصالح ذهبوا يعددون أقارب الرئيس الذين عينهم في مناصب حساسة لا يمكنه أن يعين فيها إلا من هم أهل لثقته ، ومن حق كل رئيس أن يختار معاونيه بحكم طبيعة المرحلة والواقع السياسي والاجتماعي والثقافي ويبدو مضمون خطابهم منبثقاً من وعي الغنيمة وهذا الوعي لا أظنهم يملكون القدرة على الخروج منه ، فالوطن ليس غنيمة ولا يمكن تفصيله على مقاسات فئة دون أخرى .. المضحك أن عجزهم بات واضحاً من خلال ضيق أفقهم في التعامل مع المؤسسة الأمنية وإقتراح هكيلة لا تسع إلا إلاصلاح نفسه وقد لاحظنا كيف استدعى الرئيس الخبراء لإعادة النظر في موضوع الهيكلة للجهاز الأمني .. ونمدهم في طغيانهم يعمهون .
- والحركة الحوثية ؟
- الحركة الحوثية يبدو أن زهو الإنفجار الجماهيري سيأخذها إلى مربعات العمه والطغيان، كما أن مقدمات الإشتغال على مفردة الموت سيجعل من النتائج دماراً أو حزاماً ناسفاً ، وفي ظني أن التعايش مع الآخر ثقافة قرآنية محضة وخلق المبررات للوجود من خلال صناعة أعداء وهميين أو حقيقيين لا يدل على مشروع إمتلاء حضاري ، هذا الأشتغال هو ذاته الذي كانت علية حركة (الإخوان ) ولم يكن حظ الإخوان والمسلمين من ذلك الإشتغال سوى ما وصلنا إليه من تشويه وتناقض وعجز وشلل تام ، لا يمنع الحركة من الإستفادة من تجربة الإخوان وتجاوزها .. فالعدو الحقيقي ليس الآخر بقدر ماهو عجزنا وفشلنا عن صياغة مشروع امتلاء حضاري ونديّة حضارية وثقافية كما أن الدين ليس ثابتاً ورمزيات جامدة ولكنه حركة حضارية وثقافية ومشروع نهضة.
- والحراك الجنوبي ؟
الحراك الجنوبي ربما تدل مقدماته على نتائجه وأعتقد أن أشتغاله على عبارة فك الإرتباط لن يفضي به إلا إلى مزيد من التشظي والتشرذم فعمر الوحدة في الجنوب لا يتجاوز ( 23 عاما ً) وهي فترة الحزب الأشتراكي ( 1967م – 1990م ) وفك الأرتباط يعني يقظة الهويات التأريخية وبروز أكثر من دولة وأنا أعجبني قول الدكتور ياسين أن الإنفصال سيفضي إلى نشوء أكثر من دولة في الجنوب وعدم استقرار الشمال ، الوطن ليس نزوات فالقضية الوطنية أكبر من الثأر السياسي وأكبر من نزواتنا وطموحنا للسلطة.. والشعارات التي يرفعها الحراك اليوم ستكون وبالا ًعليه غداً .
وأنا متعاطف مع مكونات الحراك كلها وإدراك مالحق به من حيف وظلم ولكنني لا أرى أن حل القضية الجنوبية في الإنفصال بل في إعادة صياغة المشروع الحضاري اليمني الوحدوي وفق رؤية أكثر تناغماً مع التناقضات الإجتماعية وأكثر تحقيقاً للعدالة الإجتماعية والشراكة الوطنية وأكثر قرباً من القيم الإنسانية والحضارية والثقافية في عصرنا الذي نعيش وتكون قادرة على التخفيف من حدة الصراع في المستقبل .
- ألا يقودنا حديثنا إلى بيان بعض الأدباء في المحافظات الجنوبية الذين رأوا في الحراك وفك الإرتباط نصاً أدبياً تحررياً ..؟
أنا رأيت في البيان الذي ذكرت ردة فعل تجاه حالات قهرية يشعر بها الذين وقعوا عليه . هناك حالات قهرية عطلت من طاقة الحركة الإبداعية فتوقفت عن الإنتاج وتوقفت عن صناعة رمزيات جديدة والحقيقة أن ذلك التعطيل لا يستهدف جغرافيا دون سواها ,إستهداف الفعل الثقافي سياسة تراكمت مفرداتها منذ حرب صيف 1994م التي أتاحت الفرصة وهيأت المناخ لنمو مشروع الشيخ الإجتماعي والديني , هذا المشروع هو الذي عطل الحركة الإبداعية وهو الذي خلق تلك الحالات القهرية وكرسها في الواقع إلى درجة إفراغ الذات من محتوياها الحضاري والتاريخي والثقافي ولم يكن بيان أدباء الجنوب إلا تعبيراً عن ذلك الفراغ .
- لكن في ظني أن المتغير الذي حدث كان كفيلاً بتغيير منظومة الإستهداف ؟
للأسف الشديد مشروع الإستهداف ما يزال مستمراً ,أضرب لك مثلاً رئيس الهيئة العامة للكتاب يشكو من تخفيض ميزانية الهيئة بنسبة 25 % ووزارة الثقافة خُفضت موزانتها بنسبة 25 % وهذا التخفيض متواليات تستهدف المشروع الثقافي بدأ منذ سنين ونراه مستمراً في حكومة الوفاق والتغيير .. الأمر الآخر المؤسسة الثقافية هي المؤسسة الوحيدة التي ظلت بعيدة عن التحديث في الهيكل والوظيفة الإجتماعية ولا تزال تعاني من تبعات الدمج وهي غير قادرة على التفاعل مع حاجات المجتمع وضرورات العصر الثقافية والإجتماعية والفنية . حتى كادرها الوظيفي تخشّب وتعطلت قدراته الإبداعية والوظيفية .
- يعني أن مشروع الإستهداف الذي تحدثت عنه كان دافعاً قوياً وراء فعالية الأدباء والمثقفين بداخل مقبرة خزيمة يوم الخميس 17/1/2013م ؟
بالنسبة لي نعم كان دافعا ًأساسياً وقد تحدثت بذلك للفضائيات المتعددة التي لم أعد أذكرها لكثرتها .. لقد قلت أنني جئت لخزيمة لأثبت من رمزية المكان والبردوني أن الفعل الثقافي الذي يستهدف بالقتل والإقصاء يحمل عوامل البقاء أكثر من عوامل الفناء بدليل أن المكان الذي وارى البردوني لم يستطع أن يحجب البردوني ليصرخ في وجوهم قائلا:
لن تمنعوا يا أساطين الوفاق غداً
من أن يثور وأن ينصبّ أنهاراً
مهما أقتدرتم فما عطلتم فلكاً
ولا أحلتم محيا الشمس ديناراً
البردوني كان مستهدفاً من الفعل السياسي ورغم الموت إلا أنه ظل متداخلاً مع اللحظة وظل حاضراً طوال الأزمة لا تكاد تصدر صحيفة إلا وهو في صفحتها الأخيرة . وكم من معاصريه أحياء لكنهم أموات نحن لا نشعر بوجودهم .
- من وجهة نظرك كيف تفسر حضور البردوني وغيابهم؟
البردوني كان مثقفاً حقيقياً وصاحب مشروع ثقافي ظل يكابد أسباب الحياة حتى استطاع أن يرسم ملامح مشروعه تلك الملامح التي تستهدف نهضة اليمن ونماء الإنسان وتطوره ، كان البردوني يوظف طاقته الإبداعية للتعبير عن هموم الناس وهم – أقصد معاصريه – وظفوا إبداعهم لخدمة « الأنا المظللة » إما ادعاءً أو تبريراً , لذلك ماتوا رغم وجودهم وظل البردوني حياً رغم موته .
- هؤلاء الموتى الأحياء يتكاثرون وأمثال البردوني قليل أو نادر ..!
كل مرحلة يفرز واقعها الغثاء والسمين ، فما بالك ونحن في زمن التقنيات الحديثة التي تسعى إلى موت المثقف والمؤلف الحقيقي لتبدع نصاً مرتجلاً مجهول الغاية والهدف وبدون مؤلف , ومثل هكذا واقع يغيب المثقف الحقيقي ويغيب أمثال البردوني ويحضر الهامشي والوصولي والإنتهازي .
- بمعنى أننا نعيش واقعاً استثنائياً ؟
لا هو ليس استثنائياً إنما هو واقع متطوّر لكنه هاجمنا قبل استعدادنا له نفسياً وإجتماعياً وثقافيا ً.
- هل تظن أن المشهد الثقافي اليمني لا يزال في خير ؟
المشهد الثقافي اليمني أظنه في خير وسيكون كذلك لكنه يبدو الآن مأزوماً نوعاً ما كأثر مباشر لتداعيات الأحداث التي يمر بها الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.