المرتزقة يرفضون مبادرة فتح الطرقات في تعز    غضب قيادات مؤتمرية بصنعاء لرفض الحوثيين السماح لهم بمرافقه "الرزامي" لاداء فريضة الحج    في الذكرى الثالثة لوفاته.. عن العلامة القاضي العمراني وجهوده والوفاء لمنهجه    النصيرات ولا نصير    "عيدنا محلي" اليوم في حديقة السبعين بصنعاء    فريق بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق السويد يزور موانئ الحديدة    عشرات الاسر والجمعيات المنتجة في مهرجان عيدنا محلي بصنعاء    أبو عبيدة: الاحتلال ارتكب جريمة حرب مركّبة في النصيرات    الخارجية تدين استمرار التصعيد العسكري الصهيوني    عرض كشفي واختتام الدورات الصيفية بمدارس المدينة والشرفين في حجة    السلطة المحلية بحضرموت تنعي وكيل أول المحافظة الشيخ عمر فرج المنصوري    جامعة عمران تدشن امتحانات القبول والمفاضلة للطب البشري    الافراج الشرطي وبالضمانات ل89 سجينا بصنعاء    وزير النقل: هناك عراقيل مستمرة لتقليل عدد المسافرين عبر مطار صنعاء    القرصنة البرتغالية في جزيرة سقطرى .. بودكاست    اصدار النسخة الثانية (صرخة غريب ) للكاتبة مروى المقرمي    أنشطة ثقافية متعددة لبطولة الجمهورية لبناء الأجسام    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    أحب الأيام الى الله    روسيا تعلن بدء مبيعات مضاد حيوي جديد يعالج العديد من الالتهابات    ما علاقة ارتفاع الحرارة ليلا بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    اجتماع بصنعاء يناقش الصعوبات التي تواجه مستوردي الأجهزة الطبية    بعد قرارات البنك المركزي بعدن .. تعرف على بوادر ازمة وشيكة وغير مسبوقة في مصارف صنعاء !    جماعة الحوثي تتراجع عن تهديداتها العنترية وتخضع للسعودية !    النهاية تقترب.. تفاهمات سعودية إيرانية للإطاحة بالحوثيين والجماعة ترضخ وهذا ما يحدث تحت الطاولة!    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    قوى 7-7 لا تريد ل عدن أن تحصل على امتيازات العاصمة    الحوثيون يعترفون بنهب العملة الجديدة من التجار بعد ظهورها بكثرة في مناطقهم    من 30 الى 50 بالمية...قيادي بالانتقالي الجنوبي يتوقع تحسنًا في سعر الصرف خلال الفترة القادمة    الرفيق "صالح حكومة و اللجان الشعبية".. مبادرات جماهيرية صباح كل جمعة    لا حلول لأزمات اليمن والجنوب.. ولكن استثمار    نادي ظفار العماني يهبط رسميا للدرجة الأدنى    انضمام مشائخ من كبار قبائل شبوة وحضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي    بعد أشهر قليلة من زواجهما ...جريمة بشعة مقتل شابة على يد زوجها في تعز (صورة)    وديا ... اسبانيا تتخطى ايرلندا الشمالية بخماسية    "لن نفتح الطريق"...المقاومة الجنوبية ترفض فتح طريق عقبة ثرة وتؤكد ان من يدعو لفتحها متواطئ مع الحوثي    سياسة حسن الجوار والأزمة اليمنية    عاجل: انفجار في خليج عدن وإعلان بريطاني بهجوم حوثي جديد    ما حد يبادل ابنه بجنّي    صيد حوثي كبير في يد قوات العمالقة ودرع الوطن    الحسناء المصرية بشرى تتغزل باليمن و بالشاي العدني    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    أطباء بلا حدود: 63 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهالات المائية في اليمن منذ مطلع العام الجاري    منتخب الشباب ينهي معسكره الداخلي ويعلن القائمة النهائية للمشاركة ببطولة غرب آسيا    زيدان: البرنابيو يحمل لي ذكريات خاصة جداً    اتحاد النويدرة بطلا لبطولة أبطال الوادي للمحترفين للكرة الطائرة النسخة الثالثة.    أطلق النار على نفسه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا في ظروف غامضة (الاسم)    حاول التقاط ''سيلفي'' .. الفنان المصري ''عمرو دياب'' يصفع معجبًا على وجهه خلال حفل زفاف ابنه (فيديو)    الرئيس الإقليمي للأولمبياد الخاص الدولي : مصر من أوائل دول المنطقة التي أقامت ألعابا وطنية    البعداني: البرواني استعاد جاهزيته .. ولا يمكن تجاهل أي لاعب يبلي بلاءً حسنا    الحوثيون يمنحون أول باحثة من الجنسية الروسية درجة الماجستير من جامعة صنعاء    تعرف على شروط الأضحية ومشروعيتها في الشريعة الإسلامية    الوزير البكري يعزي في وفاة الكابتن علي بن علي شمسان    البنك المركزي يؤكد سريان قراراته ويحذر من تداول الشائعات    الحوثيون يعتقلون عشرات الموظفين الأمميين والإغاثيين في اليمن مميز    بينها دول عربية.. تسع دول خالفت السعودية في الإعلان عن موعد عيد الأضحى    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخلاق والحضارة صنوان لا يفترقان..! الحلقة الثانية
نشر في الجمهورية يوم 14 - 03 - 2013

إن العالم اليوم بين ثقافات دينية وفلسفية ضخمة ، لكنها لا تمتلك درجة كبيرة من عوامل المدنية الحديثة، ودول متمدنة غير مثقفة متفردة بتقرير مصير الشعوب تفرض عليها سلوكياتها الاجتماعية ونظمها السياسية والاقتصادية ، مع أن تلك الشعوب تمتلك طاقات حضارية ذاتية موجودة بالفعل لا بالقوة تؤهلها لأن تكون في موضع الريادة والمساهمة في حل المشكلات التي تعصف بالمجتمعات المعاصرة. ولهذا فالمجتمع البشري باعتباره كلاً واحداً ليس بربرياً مجرداً من الثقافة ولا بدائياً خالياً من المدنية، وأزمته الحالية هي في الجمع بين المدنية والثقافة وإيجاد التوازن الطبيعي بينهما. وقد نشأت هذه الأزمة من أفول الحضارة الغربية التي كانت أول الأمر.. فلم يعد بالإمكان تسمية الوضع الغربي اليوم (بالحضارة الغربية) لأنه يفتقد الريادة المعنوية التي تمثل أساس الحضارة. يقول الدكتور إبراهيم الحيدري: (الواقع إن أزمة الحضارة الغربية لا تنطلق من التقييم السلبي للحضارة، ولا من بؤس المدنية الصناعية ومنظومتها الفكرية والفلسفية فحسب، بل من قدر الحضارة الغربية الذي حولها إلى (مدنية بلاستيكية) بائسة في مجتمع استهلاكي يطحن الإنسان ويجرده من كل طاقاته الخلاقة، مثلما يجرده من قيمه الروحية والأخلاقية).
وليس هذا تقييم الدكتور إبراهيم الحيدري كمسلم يزن الحضارة الغربية بموازين خاصة، وإنما هو حكم مجمع عليه من قبل المتخصصين على اختلاف موازينهم.
يقول (ادغار موران): (إن سيادة التكنولوجيا تدمر اليوم كل خصوصية حضارية وبهذا فقد أنتج الغرب، ولأول مرة في التاريخ، مقومات فنائه بسبب الانحلال والضعف وبمعنى آخر بسبب (إرادة الهدم).. حيث سببت المدنية الصناعية (اجتثاثاً حضارياً) هو رديف للمغامرة والموت).
والنتيجة التي نصل إليها أن أزمة الحضارة الغربية ليست أزمة تمدن وإنما هي أزمة (أخلاق) و(معنوية)
ويقول الإمام الخميني: (يتعاظم إحساس المجتمعات التي تخلت عن القيم المعنوية والروحية والغارقة في مستنقع الفساد بالتعاسة يوماً بعد آخر. لأن التقدم المادي والثروة وحدهما لا تسعدان الإنسان).الذي يسعى إليه الغرب للخروج من أزمته هو: فرض الواقع الثقافي الغربي على جميع الشعوب الإنسانية من خلال هجوم ثقافي واسع. وهذا ما اختارته الحكومات الغربية اليوم، وهو حل غير معقول أيضاً، بل يسميه البعض الانتحار الحضاري لأنه لا يملأ الفراغ المعنوي، بل ويدفع مستقبل الحضارة الإنسانية نحو مستقبل غامض، فالغرب يهرب من أزمته الحضارية إلى تدويلها وتعميمها.والحل في الأخلاق.وليس في الطغيان الذي تهدم الأخلاق. يقول (جيري فولوي): (إن أميركا بحاجة إلى إنقاذ روحي وأخلاقي إذا كانت لا تريد أن تهلك في القرن العشرين )يقول الدكتور وجيه كوثراني: (في الغرب الآن يتذمرون من التكنولوجيا ؛ لأنها خلقت التلوث وحولت الإنسان إلى آلة وشيّأت الإنسان أي جعلته شيئاً كسائر الأشياء )، وهذا يعني أن الغرب متذمر حتى من مدنيته.. ويقول : الأمير تشارلز ؛ ولي العهد البريطاني: “إننا نريد أن نتعلم من الإسلام، فهم الحياة وطريقة التعامل معها بعد أن عجزت المسيحية عن ذلك.
إذن , فالغرب يبحث عن مخرج يخلصه مما هو فيه. ومن يحملون النور للبشرية ليسوا جاهزين. فلنبدأ بأنفسنا ولنغير منها.
ويقول مالك بن نبي: “إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية، ولا يمكن لشعب أن يفهم، أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها والآية الكريمة في خطابها الصريح {...إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11 تؤكد هذه الحقيقة باعتبار أن مفتاح القضية يكمن في روح الأمة”.
وإذا تأملنا وقع انهيار الحضارات سنجد أنا ركيزة ذلك الانهيار هو انهيار الأخلاق والقيم فمن يبني الأخلاق يبني الحضارة ومن يهدم الأخلاق يهدم الحضارة.
“ لو أردنا أن نقدم الإسلام نموذجاً حضارياً، لابد أن نغير واقعنا أولاً، لا بل نؤ سلمه. فالإسلام جذاب رغم سلبيات الواقع لأنه دين الفطرة الإلهية ودين الصدق ودين المحبة.”[6]
والمحور الرئيسي في ذلك هو تجذير القيم والسلوك الذي من خلاله تنعكس صورة الإسلام بين أبنائه عندها سوف يتصدر الإسلام لحل مشاكل العالم وإسعاد البشرية كلها.وإنه لكائن بإذن الله.
فلا مدنية ولا حضارة بغير قيم الإسلام فما هي مقومات المجتمع المدني الإسلامي.
يمكن للمجتمع المدني الحضاري أن يقوم إذا جمع بين مطالب الروح ومطالب الجسد فالروح تحتاج لقوة اتصال بالله ليتحقق الإشباع لها. يقول: ابن القيم: إن في القلب شعثا لا يسده إلا ذكر الله. وأما مطالب الجسد فهي الحجات المادية التي تحقق الإشباع للجسد وأي اختلال في إحدى هذه الجوانب يشكل عدم توازن في المجتمع وبالتالي لا يسمح بصلاحية إقامته , فالروح تحتاج إلى وسط ديني قيمي والجسد يحتاج إلى وسط دنيوي قيمي وكلاهما مرتبط بقيمة حضارية راقية تحقق السعادة في نهايتها للإنسان والمجتمع والدولة.. “فلم نعرف دوراً من أدوار التاريخ أكمل وأجمل وأزهر في جميع هذه النواحي من دور الخلافة الراشدة ، فقد تعاونت فيه قوة الروح والأخلاق والدين والعلم والأدوات المادية في تنشئة الإنسان الكامل , وفي ظهور المدنية الصالحة . . كانت حكومة من أكبر حكومات العالم، وقوة سياسية مادية تفوق كل قوة في عصرها، تسود فيها المثل الخلقية العليا، وتحكم معايير الأخلاق الفاضلة في حياة الناس ونظام الحكم ، وتزدهر فيها الأخلاق والفضيلة مع التجارة والصناعة ، ويساير الرقي الخلقي والروحي اتساع الفتوح واحتفال الحضارة، فتقل الجنايات، وتندر الجرائم وتتحسن علاقة الفرد بالفرد، والفرد بالجماعة، وعلاقة الجماعة بالفرد”[7].
وهذا من عظمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يحدث قبله نهضة أخلاقية ولا تطور قيمي حضاري حقق فيه الإنسان ذاته ورضع سعادته مثل مجتمع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم الذي جسدت فيه العدالة والشورى والمساواة والحرية وكافة الأخلاق الإنسانية.
لما طويت بعدلك الآفاق هدمتَ الأكاسر
وشنقت في حبل العدالة كبرياء دمِ المكابر
ما حرر الضعفاء إلا أنتَ يا وحي المنابر
علمت هذا الكون أغنية الهدى والسيف شاهر
صيرته فوق الطغاة فما تبقى ملك كافر
دارت نواصي الخيل وانحسر الردى والله ناصر
ومضيت بالأبطال تنثر لؤلؤاً وتقيل عاثر
لى عليك الله ما نبت بدا أو طار طائر
من ركائز الأخلاق الحضارية/العدل ..والمساواة.. والحرية.
إن العدل والمساواة والحرية , من أسس الشرائع الربانية العليا .. أما العدل فقال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة213 وقال عز وجل {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }النساء105, و أما المساواة قال تعالى : {رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ }ق11 فالجميع عباد و قال : {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }الزمر10 و قال تعالى : {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ }الزمر16 فالجميع عبيد له تعالى و التفضيل لهم بقدر تقواهم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13.. و أما الحرية فهي عبادة الإخلاص التي دعا إليها الله تعالى قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25 و هذا هو التوحيد الذي جاء به الأنبياء جميعا فلا خوف إلا من الله تعالى و لا رغبة إلا فيما عنده و هذا هو الإخلاص و كمال و التوحيد , وقال {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }ص65 و قال : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ }المؤمنون23
بل أكبر ذنب عند الله هي تنازل العبد عن حريته و توجهه نحو العبيد رجاء أو خوفا( ومنه ما يعبر عنه علماء السلوك بالرياء)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَُيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ » . قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، قُلْتُ ثُمَّ أي قَالَ « وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ » .قُلْتُ ثُمَّ أي قَالَ « أَنْ تزاني بحَلِيلَةَ جَارِكَ » [8]
و كما أنها من القيم الحضارية الكبرى التي تمكن الأمة من القيادة و الريادة واستمرار التمكين. وهي قديمة بقدم الحضارة الإنسانية الأولى. وقد نادى ببعضها أفلاطون وأرسطو ، وسقراط. قامت بجزء منها الحضارة اليونانية قديما من بقايا الرسالات السماوية المتوارثة ، وإن كانت المساواة لم تتحقق في أي عصر من العصور , سوى عصر الإسلام فقط , ففي الحضارة اليونانية لم يعترفوا بمشاركة طبقة العبيد في الديمقراطية وهكذا بقية الحضارات.أما الإسلام فقد اهتم بها اهتماماً كبيراً.
وأما العدل فالعدل يتولى تنظيم العلاقات بين الناس المادية والأدبية والسياسية والاجتماعية وغيرها ضمانا لحقوقهم , لذا فإن العدل يدخل في كافة الشرائع , أي:في جميع المعاملات. وقد أمر الإسلام به ونهى عن ضده فهو المحور الأول الذي يرتكز الإسلام عليه قال تعالى ]إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ (90) سورة النحل .وقال تعالى :]وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ (9) سورة الحجرات. {إِنَّ اللّهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }النساء58.
إن أعظم مخلوق جسد قيم العدل والشورى والمساواة والحرية هو: رسول الله صلى الله عليه وسلم- وسنذكر طرفا من ذلك.
العدلُ و الشورى ونور الفجر في لجج المخاطر
أخذتْ بأيديها يداكَ فعمَّتِ الدنيا البشائرْ
حرية الإنسان جسمٌ في قيود الجورِ سافرْ
حُبستْ بأوكارِ الرَّدى وتدثَّرتْ بلحافِ عاهرْ
حرَّرْتها من قيدها وكسوتَها حُللَ الشعائر
فمضتْ عدالتها تبدد كل طاغوت وفاجر
لو أن كل المعضلات اليوم عندك والكواسر
حلت عصائبها يداك وأنت ترشف كأس ظافر
الهوامش:
[6] الأزمة الحضارية في عالمنا المعاصر. الشيخ محمد صادق الإبراهيمي.
[7] في ظلال القرآن - (ج 8 / ص 95)
[8] صحيح البخارى - (ج 14 / ص 432) 4477 -


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.