سفلتة طريق مشرعة وحدنان, مشروع أسعد كثيراً أبناء هذه المديرية, بل وعلقوا آمالهم, وبدأوا برسم ملامح مستقبل أجيالهم عليه, وذلك لما سيعود عليهم بالنفع مادياً, ومعيشياً، وصحياً, وتعليمياً, وكذلك سياحياً، ليس لهم فقط بل وللمحافظة عامة, كيف لا ؟ فالطريق شريان حياة.. ولكن ومع مرور الوقت؛ أكتشف أبناء هذه المديرية بأن كل أحلامهم, وأمانيهم, قد تبددت وذهبت مع الريح.. بداية خير قبل خمس سنوات من الآن بالتحديد في شهر رمضان سبتمبر من العام 2008م زار مديرية مشرعة وحدنان, فخامة رئيس الجمهورية الأخ/ عبده ربه منصور هادي, والذي كان حينها نائباً لرئيس الجمهورية، حيث قام بوضع حجر الأساس لمشروع شق وسفلتة طريق المديرية, بالإضافة إلى بناء الجدران الساندة وعبّارات مياه السيول بتكلفة تبلغ مليار ريال, وذلك بتمويل من وزارة الأشغال العامة ومشروع الطرق, وذلك بطول 11 كيلو مترا, منها 8 كيلو مترات لربط المديرية بمدينة تعز و 3 كيلو متر لربط المديرية بمديرية صبر الموادم, وليتم إنجاز المشروع وتنفيذه من قبل المؤسسة العامة للطرق في مدة لا تتجاوز العام. - خمس سنوات من الانتظار والمشروع لم ينجز منه إلا القليل، شق الطريق وبناء بعض الجدران والعبارات الساندة هو ما تم إنجازه إلى حد الآن فقط, رغم أن ميزانيته قد سلمت بالكامل لوزارة الأشغال العامة والطرق, بل أن تمويل المشروع بالأصل هبة من دولة الكويت الشقيقة..!! خياران يندر ثلاثهما المقاول صالح الضريمي, شكر أبناء المديرية على تعاونهم, والذين وهبوا وتبرعوا بأجزاء من أراضيهم لتوسعة الطريق, وقال موضحاً: أن من أسباب تأخير إنجاز المشروع هو عدم صرف مستخلصات المقاولين من قبل مكتب فرع تعز للطرق والجسور في موعدها, مما يجعل المقاول هنا أمام خيارين: إما يترك العمل خوفاُ من الخسارة, أو أن يماشي الوضع, وذلك بالتلاعب بالعمل على حسب ما يصرف له من مستخلصات, باستثناء بعض المقاولين اللذين لديهم رأس مال يجعلهم قادرين على مواصلة العمل بنزاهة، وأضاف: تم تغيير سبعة مقاولين بسبب ذلك, وأعمل الآن من جيبي الخاص, ولم يتم دفع مستخلصات ما أنجز, وإنه وفي حال إذا صرفت, فإنها لا تصرف كاملة حسب العقد المتفق عليه. - وقال مقاول آخر لم يفصح عن اسمه: أنه قبل أسبوعين تم صرف 80 مليون ريال من وزارة الأشغال في صنعاء إلى مكتبها في تعز ليتم توزيعها على المقاولين, ولكن لم يتم الدفع من مستخلصات المقاولين؛ سوى 10 ملايين ريال فقط, و70 مليونا ابتلعت من فوق الأرض على حد قوله، وحذر بأن الوضع إذا أستمر على هذه الحالة؛ فإن المشروع سيتوقف تماماً, خاصة وأن أكثر من ثلثي ميزانية, قد (صرفت وأكلت؟!) ولا أحد يدري لمن؟ وكيف؟! تناقض منصور حده، وهو مشرف على الأعمال الإنشائية للمديرية قال: يتم باستمرار تغيير مهندسي مشروع المديرية من قبل وزارة الأشغال ومكتب تعز للطرق والجسور, وذلك لكثرة وزيادة إهمالهم. وأضاف مناقضاً: المهندسين الجيدين والنزيهين, تتم أيضاً محاربتهم, والتآمر عليهم, واقتلاعهم من أصحاب النفوذ وممن لهم مصلحة بذلك. فلا زيادة في الإهمال خوفاً من الفضيحة.. ولا نزاهة مطلقة لا تخدم الجيوب. إستثمارات خاصة - مقاولون آخرون أوضحوا بأن تمويل المشروع هو من دولة شقيقة, وليس من وزارة الأشغال العامة والطرق, وأكدوا بأنه قد تم صرف ميزانية المشروع كاملة لمالية وزارة الأشغال منذ وضع حجر الأساس, موضحين بأن المقاولين ليس من مصلحتهم تأخير إنجاز المشروع؛ لأن ذلك يعني لهم الخسارة, وبأن السبب الرئيس للتأخير بشكل عام وعدم صرف مستحقاتهم؛ يرجع إلى وزارة الأشغال, وفرعها في تعز، فما أن يصل تمويل المشاريع، إلا يتم استثمار تلك الأموال من قبل أصحاب النفوذ؛ إما في العقارات, أو في البنوك, وكلما كان إنجاز المشروع متأخراً، زادت استثماراتهم وأرباحهم, وأكدوا بأن المتلاعب الكبير في ذات المشروع هو مدير عام مكتب الطرق والجسور بمحافظة تعز, إضافة إلى المؤسسة العامة للطرق والجسور. شيخ كبير عبدالجليل حسن من قاطني قرية الصناحف, شبه المجلس المحلي بالمعدة المريضة التي إذا صلحت صلح الجسد وإذا خربت خرب الجسد كله, وقال بأن من أسباب تأخير المشروع أيضاً هو بأن مديريته لا يوجد فيها شيخ كبير, أو مسئول له نفوذ, يقوم بالمتابعة.. - مواطن آخر: وصف المجلس المحلي (بالخالة) التي لا تعطي أولاد زوجها كل شيء, وقال بأن المجلس لا يسعى إلا خلف المشاريع التي يجني من ورائها الأموال كالمدارس, أما مشروع الشق والسفلته فليس من مقامه أو من مستواه؛ لأنه لم يجد منه شيئاً يدخره لجيبه. - الحاج عبدالله الحداد من قرية كشار قال: إن المواد الغذائية ومستلزمات الحياة الأخرى تصل إليهم بأسعار مرتفعة, وذلك بسبب وعورة الطريق التي لا تسير عليها إلا السيارات الكبيرة ذات الدفع الرباعي, متسببة في زيادة تكاليف النقل والمواصلات, وأضاف بأنه إذا تطلب منه أحياناً العمل لبضعة أيام في المدينة, فإنه يمكث فيها؛ مع أن قريته لا تبعد سوى 5 كيلو مترات فقط عن المدينة, وذلك بسبب تكلفة المواصلات التي تبلغ 1000 ريال ذهاباً وإيابا. مشغولون بلقمة العيش سألنا بعض المواطنين عن عدم متابعتهم بأنفسهم للمشروع؟ فأجابوا بأنهم قد يأسوا من ذلك؟ وبأنهم مشغولون بلقمة عيشهم, وأنهم حتى وإن تابعوا فلن يستجيب لهم أحد، وأضافوا بأنه وإن أستجيب لهم فإنهم لن يروا الإسفلت عندهم؛ إلا بعد خمس سنوات على الأقل, وقال أحدهم بأن محافظ المحافظة قد زار مديريتهم منذ فترة ليست ببعيدة, وكانوا قد تفاءلوا فيه خيراً, ولكن ظنهم خاب. - معاناة المواطنين واضحة, وشكاويهم موصولة, ومنابع الفساد وأماكن الفجوة باتت معروفة، إلا تكفي خمسة أعوام من التلاعب والإختلاس؟! أين أصحاب الضمائر وأين وطنيتهم؟ ألا يعتبرون من عجلة التغيير التي دارت.. وعصفت بعتاوله كبار، هل سيُحكم على أبناء المديرية بالانتظار لخمس سنوات أخرى، أم أن أعلى مسؤول في المحافظة له رأي آخر ؟! والذي يتعين عليه الاطلاع على المشروع عن كثب؛ للتعرف على مكامن الخلل, واتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتصحيح الوضع..