جمالة صالح عبدالله البيضاني ولدت في الثاني عشر من فبراير1977 في قرية العيوف، محافظة البيضاء. كانت ولادتها طبيعية، ونشأت كطفلة مدللة وذات شخصية قوية. في عام 1984، وهي في عمر السابعة، أصيبت بحمى، فارتفعت درجة حرارتها، وبدأت تشعر بصداع شديد وآلام، وبعد عرضها على الطبيب أخبرهم أنها ليست حمى عادية، بل أن الطفلة الصغيرة مصابة بالحمى الشوكية «التهاب السحايا» تطور المرض سريعاً، وتحولت الطفلة المدللة والشقية إلى طفلة مقعدة على كرسي متحرك وقد نالت منها «الشوكية» وأصابت قدميها بالشلل. وبعد رحلة طويلة مع الأطباء فقد والداها الأمل ويئسا من العلاج. بعد فترة من مكوثها بالمنزل، قررت جمالة أن تعود إلى المدرسة، وقد عادت قوية وكيانها ممتلئاً برضا داخلي. كانت المعاقة الوحيدة في مدرسة تضم أربعة آلاف طالبة، وكان عليها أن تواجه قدرها الإجباري وأن تصنع قدرها بنفسها من جديد ,قررت أن تخرج وتبحث عن المعاقين، وفي عام 1995م انضمت إلى جمعية للمعاقين تضم سبعة من الذكور وهي الأنثى الوحيدة في عمر الثالثة عشرة. كانت ذكية، متفوقة وتعرف ما تريد وقد تقدمت بدراسة ميدانية عن المعاقات إلى منظمة أوكسفام البريطانية، وفي عام 1995رشحتها المنظمة لتمثيل اليمن في المؤتمر العالمي للمرأة في بكين، العاصمة الصينية، وكانت حينها في المرحلة الثانوية والتي أنهتها بتفوق عام 1995. تقدمت إلى مكتب الشئون الاجتماعية وتم قبولها كأول فتاة معاقة تعمل في دائرة حكومية بالبيضاء. تعيينها كمنسق وطني لحقوق المعاقين في برنامج تابع للمنظمة السويدية. وقد أتاح لها هذا العمل السفر إلى المحافظات والأرياف البعيدة للبحث عن الأطفال المعاقين. وفي عام 1998، قررت جمالة أن تنشئ جمعية خاصة برعاية المرأة المعاقة، وقد اختارت اسم «التحدي» لجمعيتها الناشئة والتي حصلت على تصريح رسمي من الشئون الاجتماعية. كانت تؤسس للجمعية وتواصل دراستها الجامعية وفي عام 2000، حصلت على الشهادة الجامعية في علم الاجتماع من جامعة الملكة أروى كان والدها قد توفي عام 1994، وقد انتقلت مع والدتها وأخوانها إلى صنعاء حيث أسست جمعية التحدي لرعاية المعاقات, في عام 2002، وصلت إلى الجمعية فتاة معاقة ويتيمة الأب والأم، وقد تقطعت بها السبل وتخلى عنها كل من حولها، حينها شعرت جمالة أن هذه الحالة ليست فريدة، وقررت إنشاء سكن داخلي للمعاقات. لاحقاً أنشأت عيادة طبية ومشغلاً للخياطة والحياكة ثم مدرسة تعد الأولى للمعاقات ومعترف بها رسمياً، وتضم حالياً 500طالبة معاقة.. وفي الجمعية معمل حاسوب، يتم فيه تدريب الفتيات المعاقات على أحدث برامج الحاسوب, في 2003أسندت الشئون الاجتماعية والعمل في مركز ذوي الاحتياجات الخاصة لرعاية الصم والبكم إلى جمعية التحدي، ويضم المركز 600طالب. اختيرت «التحدي» كأفضل جمعية رائدة في مجالها، من قبل وزارة الشئون الاجتماعية. وفي 2005تم ترشيح الجمعية للحصول على جائزة الكوندراد الأمريكية. وإلى مشاريعها الكبيرة قررت إنشاء مركز للعلاج الطبيعي لإعادة تأهيل المعاقات جسدياً. كان المدرب العالمي في التنمية البشرية إبراهيم الفقي قد سمع عن جمالة البيضاني وقرر أن يأتي من كندا إلى اليمن ليلتقي بها وقد تكفل ببناء مركز العلاج الطبيعي وحالياً تحتفي جمالة في إنشاء أكبر مدينة سكنية للمعاقات في الشرق الأوسط بتكلفة ملياري ريال، وقد بدأت تنفيذ هذا المشروع الطموح والمهم للغاية, تقدم جمعية التحدي خدماتها لأكثر من 1200معاقة، وهناك خمسة آلاف أخرى في قائمة الانتظار، ينتظرن أن ينتهي العمل في بناء مدينة التحدي للانضمام إلى الجمعية, اليوم تحكي جمعية التحدي قصة امرأة قهرت الصعاب وغيّرت قدرها وواقع المعاقات بإيمان قوي وإرادة صلبة، ولاتزال تصنع الأمل وترفع شعار التحدي من على كرسيّ متحرك. بعد رحلة كفاح وإرادة قوية لاتكسرها نظرات الرحمة والعادات قهرت جمالة العجز والإعاقة وكانت نموذجاً تفخر بها اليمن وواحدة من نساء يمنيات دخلن تاريخ الإنسانية ومن أعظم أبوابه استسلمت جمالة للموت في نهاية العام الماضي الموافق 15ديسمبر عن عمر 38 عاماً قضتهم بذلاً وعطاء وإنجازاً برغم الإعاقة .