يتمحور الكتاب حول إشكالية رئيسية مفادها: ما هي شروط الضرورية لتحقيق نهضة حضارية متوازنة؟ وفي إطار سعيه للإجابة عن هذه الإشكالية قال مالك بن نبي: إن العالم الإسلامي ظل لفترة طويلة خارج التاريخ واستسلم للمرض، الذي انتابه والذي عجز كل المفكرين عن تحديده بدقة، بل عادة ما ينجحون في تحديد أعراض المرض، وليس المرض نفسه، وهو ما جعل كل محاولات النهضة العربية تفشل. وإن مشكلة النهضة تتحلل إلى ثلاث مشكلات أولية مشكلة الإنسان، ومشكلة التراب، ومشكلة الوقت فلكي نقيّم بناء نهضة لا يكون ذلك بأن نكدس الإنتاج وإنما بأن نحل هذه المشكلات الثلاث من أساسها. أولاً: مشكلة الإنسان: أكد مالك بن نبي على أن الحضارة تقوم على الإنسان الذي يملك زمام المبادرة وقيادة حركة البناء وبالتالي فالعالم الإسلامي مطالب بضرورة الاستثمار في الموارد البشرية؛ لأنه مهما استورد العالم الإسلامي من التكنولوجيا الغربية، فإن هذا لن يحقق النهضة مالم يتم تأهيل الإنسان أولاً. ثانياً: مشكلة التراب: وهو العنصر الثاني، الذي يشكل الحضارة مع الإنسان والوقت في فكر مالك ابن نبي وحيث يتكلم عن التراب لا يبحث في خصائصه وطبيعته، ولكن يتكلم عن التراب من حيث قيمته الاجتماعية، وهذه القيمة الاجتماعية للتراب مستمدة من قيمة مالكيه، فحينما تكون قيمة الأمة مرتفعة، وحضارتها متقدمة، يكون التراب غالي القيمة، وحيث تكون الأمة متخلفة – كما هو الحال اليوم – يكون التراب على قدرها من الانحطاط ، وذلك بسبب تأخر القوم الذين يعيشون عليه ، فها هي رمال الصحراء تغزو بشراسة الحقول الخضراء على امتداد الوطن العربي. فتترك أهلها يتامى بين يدي الصحراء المقفرة. ثالثاً: مشكلة الوقت: و يؤكد مالك على أن الأمة الإسلامية لا تستشعر أهمية هذا العنصر في بناء الحضارة، وفي الختام أكد مالك بن نبي على أن العالم الإسلامي لديه القابلية للاستعمار، وهو ما شجع الأوروبيين على التهافت على استعمار البلاد الإسلامية بعد دراسة نفسية المجتمع الإسلامي والتعرف على نقط القوة والضعف فيه..