يعد متحف آيا صوفيا بإسطنبول أحد أجمل المتاحف في العالم وأكثرها ازدحاما بالسياح وذلك كونه من أبرز الأمثلة على فن العمارة البيزنطية والزخرفة العثمانية.. بني هذا المتحف ككنيسة في العام 532م في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان حيث استغرق بناؤها حوالي خمس سنوات وتم افتتاحها رسمياً عام 537م، ولم يشأ جستنيان أن يبني كنيسة على الطراز المألوف بل كان دائما يميل إلى ابتكار الجديد. فكلف المهندسين المعماريين «إيسودور الميليسي» ببناء هذا الصرح الديني الجميل. وفي عام 1453 م تم تحويل هذه الكنيسة إلى مسجد محمد الفاتح، بعد أن اجتاح العثمانيون بيزنطة؛ فأصبحت في ذمة التاريخ بعد أن عمرت ألف سنة ويزيد. ومع مجيء (كمال أتاتورك) إلى السلطة 1923م وإعلان الجمهورية التركية وإلغاء الخلافة العثمانية تم تحييد البناء؛ فلم يعد مسجداً أو كنيسة، بل انقلب إلى متحف، وكان اجتهاد أتاتورك على ما يبدو، أن البناء في الأصل كان كنيسة للمسيحيين، ولم يكن مسجداً، والإسلام يقوم على التسامح، ولم يصل عمر رضي الله عنه في كنيسة القيامة؛ خوفا من توهم بعض المسلمين أنها تحولت إلى مسجد بصلاة عمر فيها؛ فيستولوا عليها، فلما حضرته الصلاة رضي الله عنه وبفطنة قام فخرج منها وصلى في الخارج، وكانت حكمة كبيرة من عمر الفاروق. كما أن أتاتورك لم يشأ أن يعيدها كنيسة، خيفة تأجيج مشاعر المسلمين، فضلاً عن محدودية المسيحيين في تركيا، وارتباطها بتاريخ الأمجاد العثمانية، فمازال الانكشاريون يخرجون كل عام في عدتهم الكاملة وموسيقاهم المتميزة، فيهيجون المشاعر عن مجد تليد، طواه الزمن كما طوى بيزنطة. أهم متاحف الشرق الأوسط اليوم يشهد آيا صوفيا هذا الصرح الفني والمعماري الموجود في منطقة السلطان أحمد بالقرب من جامع السلطان أحمد حركة كبيرة جدا للسياح الأجانب والزوار الأتراك باعتباره من أهم المتاحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط. طول هذا المبنى الضخم 100 متر وارتفاع القبة 55 متر أي أنها أعلى من قبة معبد البانثيون، ويبلغ قطر القبة 30 مترا. وكانت قبة مسجد آيا صوفيا رائعة الجمال والتطور في ذلك الوقت فقد كانت قبة ضخمة ليس لها مثيل من قبل تبدو كأنها معلقة في الهواء، وكان ذلك امرأ طبيعيا إلى حد بعيد فقد أصبح لدى المهندس البيزنطي القدرة والخبرة القديمة الواسعة والمعرفة لابتكار ما هو ملفت وجديد. ويصف لنا المؤرخ بروكوبيوس وهو أحد مؤرخي عصر جستنيان أنه من شدة أعجاب جستنيان بالمبنى لم يطلق عليه اسم أي من القديسين بل أطلق عليه اسم الحكمة الإلهية أو المقدسة «سان صوفيا» ونقل أيضا عن جستنيان إنه قال “يا سليمان الحكيم لقد تفوقت عليك” ويقصد بذلك أنه تفوق ببنائه على النبي سليمان الحكيم الذي كان يسخر الجن لبناء الأبنية العظيمة. منطقة السلطان أحمد والتي تعتبر مجمعا لمتاحف إسطنبول وذلك لتواجد التحفة المعمارية آيا صوفيا والجامع الأزرق ومتحف قصر صوب قابي، ليست مبالغة أن قلنا أنها تستقبل في اليوم الواحد حوالي مائة الف سائح تقريبا وهي تستحق ذلك ، خاصة في ظل اهتمام الأتراك شعبا وحكومة بتاريخهم وحضارتهم وحسن استقبالهم لضيوفهم. لكننا أيضا نتحسر على ما نمتلكه في اليمن والتي تزخر بالعديد من القلاع والحصون الأثرية ،أو المدن التاريخية كمدينة صنعاء القديمة وشبام حضرموت ومدينة زبيد مدينة العلم والعلماء وهي مدن مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني، إلى جانب العديد من المعالم التاريخية التي ترجع إلى صدر العصر الإسلامي كالجامع الكبير بصنعاء وأيضاً العديد من المساجد التاريخية والتي يرجع الكثير منها إلى العصر العثماني في اليمن وهي في طرازها المعماري خاصة في نمط القباب تشبه إلى حد بعيد تلك القصور والمساجد الموجودة في تركيا كمسجد السلطان أحمد أو حتى متحف آيا صوفيا الذي يزوره السياح للتمتع بجمال فنه المعماري الجميل أيضا متاحفنا هي مبان تاريخية قديمة ولعل من أهمها المتحف الوطني بصنعاء الذي كان عبارة عن مستشفى في العصر العثماني. لكن نحن في اليمن للأسف الشديد لا نستثمر كل ما نمتلكه من ثروة تاريخية وأثرية وحضارية هائلة إلى جانب من نمتلكه من مقومات سياحية أخرى، بسبب الكثير من العوامل والتي لعل من أهمها عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلد والذي اثر بشكل كبير ومباشر على مستوى تطور السياحة في بلادنا، لكن ذلك ليس مبرراً أن يتم إغلاق الكثير من المتاحف أمام الجمهور المحلي بسبب تدني ميزانية المتاحف، فما شاهدناه في تركيا أن هناك حرصا كبيرا على رفع الوعي المجتمعي بالتراث والتاريخ التركي من خلال تنظيم زيارات متعددة للطلاب في مختلف الإعمار إلى المتاحف التركية، ولا سيما الأطفال صغار السن والذين لا يزالون في الروضة فالتعليم في الصغر كالنقش في الحجر، وهذه لا شك مسؤولية وزارتي التربية والتعليم وأيضاً الثقافة المهتمة فقط بالطاسة والبرع على حساب التراث والثقافة.