يجول برنامج «البرية العربية» على عدد من الشاشات الغربية بعد بثه الأول على القناة الأولى ل «بي بي سي» في الربيع. فبعد برامج عن الطبيعة في الصين وروسيا قُدمت في الأعوام الماضية، وبعد زيارات تكاد تكون سنوية لأفريقيا والقطبين الجنوبي والشمالي وللحياة تحت مياه المحيطات والبحار، وصلت برامج الطبيعة الخاصة ب «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) اللي الصحراء العربية. ولا مبالغة في القول إن هذا الحدث يستدعي التوقف والغبطة، فهو يعني من جهة إن المؤسسة الإعلامية الرائدة في إنتاج برامج الحيوانات والطبيعة في العالم، وصلت بكل خبرات العقود الأربعة الماضية، وبمجموعة من أبرز تقنيي هذا النوع من البرامج، إلى الصحراء العربية لتصوّر برنامجاً يستكشف هذه المنطقة من العالم، ويقدمها للمشاهدين. كما سيعني أن البرنامج سيكون ضمن الأرشيف الضخم والمثير للإعجاب لبرامج الطبيعية الخاصة ب» هيئة الإذاعة البريطانية»، والتي إضافة إلى شعبيتها الكبيرة حول العالم، وعرضها على عدد كبير جداً من القنوات التلفزيونية، تَحجز مكانة مهمة في أسواق بيع أسطوانات «دي في دي» و«بلوو ري» العالية الدقة، إضافة إلى شعبيتها في خدمة «المشاهدة بحسب الطلب» التلفزيونية والمتوافرة في معظم الدول الغربية. لا يختلف برنامج «البرية العربية» عن برامج الطبيعة الخاصة ل «بي بي سي» من جهة تقديمه للعلاقة بين الطبيعة وساكنيها من حيوانات وبشر. فالحلقة الأولى التي ستركز على منطقة الربع الخالي والصحراء العربية، سَتُفرد اهتماماً مهماً لسكان الصحراء من البدو، وعلاقتهم بالطبيعة والحيوانات، وستبرز عادات قديمة جداً لهؤلاء، مثل تنقلهم الدائم للبحث عن الماء، والتقاليد التي تنشأ قرب مصادر المياه. هناك مشاهد رائعة في الحلقة الأولى من «البرية العربية»، منها لحيوانات تعيش تحت الأرض، في واحدة من أكثر مناطق الأرض حرارة، أو تلك الخاصة بالواحات القليلة في قلب الصحراء، والطيور التي تصل إلى هناك من أجل الماء، في طريقها إلى وجهات مختلفة على طرفي المعمورة. كما تقدم الحلقة الثانية من البرنامج التي تخصص لأطراف الجزيرة العربية في سلطنة عُمان، مشهديات خلابة لجبال ظفار التي تحظى بنسب أمطار تُعد الأعلى في منطقة شبه الجزيرة العربية، وتنمو فيها نباتات مختلفة، وتجذب حيوانات متعددة، منها النمر العربي الذي صوره البرنامج بالصدفة، بسبب ندرته الشديدة (كان يعتقد إنه اختفى بالكامل من شبه الجزيرة العربية). الحلقة الثالثة والأخيرة، ستكون عن الأثر الذي تركه النفط، والثراء الذي جلبه معه على الحياة الطبيعة في الجزيرة العربية.فبعد سنوات من الإهمال، انتبهت الدول الخليجية لضرورة الحفاظ على البيئة والطبيعة، لتبدأ بمبادرات، يقدم بعضها البرنامج، للحفاظ على ظروف طبيعة مناسبة لحياة حيوانات وطيور كانت في طريقها للانقراض.النتائج بحسب البرنامج مرضيّة جداً، بخاصة في الإمارات حيث يقدم البرنامج مشاهد رائعة لأنواع من الطيور الملونة النادرة تشرب الماء بسلام، وفي الخلفية تظهر الأبراج الحديثة لمدينة دبي. وكجزء من تقليد بدأ في السنوات الأخيرة، تقدم «بي بي سي» في نهاية كل حلقة من «البرية العربية»، برنامجاً قصيراً عن ظروف تصوير بعض مشاهد الحلقة التي تكشف عن تعقيد عمليات التصوير والوقت والصبر الكبيرين الذي تستنزفه. هناك بعض التفاصيل الحميمة التي تكشفها تلك الدقائق، منها الترحيب الذي لاقاه فريق التصوير في المناطق التي حَلّ بها، واجتهاد الفريق التقني لإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه، فسباق الجمال الذي كان ينوي البرنامج تصويره، تعطل بسبب خوف الجمال من اللباس الأوروبي للفريق البريطاني، ما دفع فريق التصوير لارتداء الزي العربي التقليدي، ما جعل التصوير يَمر من دون مشكلات.