على عكس الشائع من أن شخصية جحا أسطورية جاءت نتيجة القريحة العربية ولم يكن لها وجود أبداً، يؤكد د. محمد رجب النجار في كتابه الرائد «جحا العربي- شخصيته وفلسفته في الحياة والتعبير» أن جحا شخصية حقيقية وكان يكنى بأبي غصن واسمه كاملاً هو: دجين بن ثابت اليربوعي البصري المعروف بجحا، تُوفي سنة 160ه/ 776م، كذلك كان أحد أصحاب النوادر والفطنة وسرعة البديهة، ويذهب النجار في كتابه إلى أن هذا الوجود التاريخي لجحا لا يعني أن كل ما يروى عنه ينسب إليه بل إن عملية التطور الحكائي لميراث جحا خرجت على إطار الشخصية الحقيقية وتعدتها، لتنقل الشخصية الأصلية من عالم الواقع إلى عالم الخيال، وليضيف إليها كل من شاء القصص التي يراها تتماشى مع الميراث الجحوي، فشخصية جحا وإن كان لها أصل تاريخي إلا أنها في تطوّرها قد أصبحت ملكنا جميعاً. من نوادره: حمام فوق المئذنة: دخل الحمام يوماً وكان السكون فيه سائداً فأنشأ يتغنى فأعجبه صوته. فحدثته نفسه بأنه لا يجوز أن يبخل بنعمة صوته البديع على إخوانه المسلمين. فأسرع خارجًا من الحمام قاصداً الجامع، حيث صعد إلى المئذنة وبدأ ينشد بعض التسابيح في ساعة أذان الظهر. فاستغرب المارة هذا الأمر. وكان صوته خشناً مزعجاً فناداه أحدهم قائلاً: “ويحك يا أحمق! مالك تزعج الناس بهذا الإنشاد بصوتك المزعج وفي مثل هذه الساعة؟” فأجابه من أعلى المئذنة: يا أخي لو أن محسناً يتبرع لي ببناء حمام فوق هذه المئذنة لأسمعتك من حسن صوتي ما ينسيك تغريد البلابل!