Radhya Almutawakel من حقنا أن لا نتحدث في السياسة.. وأن نتحدث عن أعمق أو أسخف مشاعرنا واهتماماتنا ، أن نفكر في الأصدقاء الذين تتلون بهم دنيانا والآخرين الذين خسرناهم أو خسرونا ، في قصص الحب التي شرخت أو رممت جدران قلوبنا ، في المخاوف التي أرهقت طفولتنا والأفراح والخيبات التي رافقت مراهقتنا ، في الأفلام والمسلسلات والأغاني والروايات التي دغدغت دواخلنا، في قلق أحدنا على مهاراته الرياضية حين يفشل في تطوير استراتيجية مع لعبة ثابتة القواعد كالبولينج ، في الفرق بين هذا الإنسان الذي نسكنه وذاك الذي كنا نتمناه ، في الشجر المتدلي فوق أسطح سياراتنا من منزل الجيران ، في مشكلة ضعف تدفق الماء في حنفية الحمام، في قصصنا مع المؤجرين والسباكين ، في الحكمة من خلق شعر ناعم وآخر مجعد ، في سقطرى التي قد نموت قبل أن تلاعب أقدامنا أمواجها، في الأحلام التي انهكناها وتلك التي انهكتنا...في كل ماله علاقة بإنسانيتنا. استنكارنا لهذا الحق باعتبار أن هناك من يموت قتلاً وظلماً هو استنكار يستحق الرثاء، لأنه لا يعترف بالموت إلا حين يأتي عبر شاشات التلفزيون ،ولا يهزه الدم إلا حين ينفر طازجاً من شرايين جديدة.. ولا يملك حيال كل ذلك سوى الصراخ جهراً وربما العبث سراً، وإلا منذ متى توقف الموت قتلاً وظلماً من حولنا ؟ بل إنه قد ينسكب على بعد كيلومترات قليلة منا ولا نلتفت له لأنه لم يأت عبر شاشة التلفزيون.. أو لأنه ينسكب باستمرار حد اعتياده. احترام الدم ورفض الظلم يحتاج إلى شيء آخر غير إلغاء إنسانيتنا والتحول إلى وحوش سياسة فسبوكية !. كمال حيدره بما أن العرب مصرون على المضي في حرب طائفية طويلة، فليكن ذلك، ولكن النتيجة التي سيصلون اليها لن تشبه النتيجة التي وصلت لها أوروبا في بداية العصر الحديث. حيث خاضت الشعوب الاوروبية حروباً دينية طاحنة حتى وصلوا الى قناعة تامة بضرورة التعايش والتسامح، وإعادة صياغة حياتهم وتفكيرهم بشكل عقلاني يجعل الدين علاقة شخصية محضة لا تترتب عليها أي نتائج على المستوى، وقدمت الدولة الأوروبية الحديثة القائمة على الفصل بين الدين والدولة وصفة أفضل لضمان السلم المجتمعي وحق حرية المعتقد، وهو ماسمح للأوروبيين بتحقيق نهضة عظيمة جعلتهم سادة العالم، بدلاً من قتل بعضهم البعض على الهوية الدينية. لكن الظرف الذي مرت به الشعوب الأوروبية آنذاك كان زمناً إنعزالياً، لم يكن يمثل فيه التدخل الدولي مشكلة بهذا القدر القائم الآن، أي أن الحرب الطائفية الاسلامية لن تصل الى نفس النتيجة التي وصل لها الأوروبيون قبل قرون، لأن القوى الدولية ستستغل هذا التحارب الديني لما فيه مزيد من تفتيت هذه الشعوب، وبما يحقق مصالح هذه القوى وحدها.. فهل يعي العرب ذلك ويبطلوا “خيضعه” ؟