الهلال بطلا للدوري السعودي لكرة القدم    أول رد للشرعية على إعلان مليشيات الحوثي فتح طريق مأرب - البيضاء - صنعاء    الدوري الإنجليزي الممتاز: مانشستر سيتي يقضي على أمل ليفربول تماما    ماذا يعني تأييد الأغلبية الساحقة من دول الأمم المتحدة لعضوية فلسطين الكاملة في المنظمة؟    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    مقتل شاب برصاص عصابة مسلحة شمالي تعز    اختتام دورة مدربي لعبة الجودو للمستوى الاول بعدن    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    موقف فاضح ل"محمد علي الحوثي" والبرلماني أحمد سيف حاشد يكشف ما حدث    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    ظاهرة حرب غزة جديدة على ذاكرة التاريخ    في لعبة كرة اليد نصر الحمراء بطل اندية الدرجة الثالثة    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    تأملات مدهشة ولفتات عجيبة من قصص سورة الكهف (1)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    الريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف)    مقتل وإصابة 5 حوثيين في كمين محكم شمال شرقي اليمن    وفاة طفلين إثر سقوطهما في حفرة للصرف الصحي بمارب (أسماء)    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    لحوم العلماء ودماء المسلمين.. قراءة في وداع عالم دين وشيخ إسلام سياسي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    الحوثيون يتحركون بخطى ثابتة نحو حرب جديدة: تحشيد وتجنيد وتحصينات مكثفة تكشف نواياهم الخبيث    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    أبرز المواد الدستورية التي أعلن أمير ⁧‫الكويت‬⁩ تعطيل العمل بها مع حل مجلس الأمة    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    بسمة ربانية تغادرنا    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة اليمنية.. حضور قوي في جميع مراحل النضال
هل تمكنت بعد كل هذه التضحيات من تحقيق طموحاتها الهادفة إلى اندماجها في عملية التنمية الشاملة، أم لا تزال معوقات الأمس ماثلة أمامنا؟!
نشر في الجمهورية يوم 14 - 10 - 2013

لم تقم أية حضارة إلا باعتمادها على الأنسان, ذكوراً وإناثاً على حدٍ سواء .. وكذلك الثورات لم تكن لتنجح لولا مشاركة المرأة فيها, وحينما كان ينظر لصوت المرأة بأنه ثورة وليس بعورة يكتب لمثل هذه الثورات النجاح ويسطرها التاريخ بأحرف من ذهب، كانت المرأة اليمنية ولاتزال.. هي ذاك العنصر الفعال في مجتمعها، ومشاركتها في القضايا الوطنية، وعلى مختلف المراحل، ويطول الحديث ويتشعب إذا أراد المرء تناول دور المرأة اليمنية في القضايا التي يعيشها وطنها وشعبها، ولكن لمع في سماء اليمن من نساء أسماؤهن كانت شهباً مضيئة متواصلة لا ينقطع نورها، ولكم سجل التاريخ من صفحات زاهية عن نساء يمانيات تحملن مسؤوليات متعددة على صعيد تربية أولادهن، والمشاركة الفاعلة في ذات الوقت في القضايا المرتبطة بوطنهن، ولم تتوان نساء بلادي الجميلات من امتشاق السيوف - الخناجر- والبنادق وتوجيهها نحو أعداء اليمن أكانوا من الطغاة أو الغزاة الأجانب القادمين من وراء البحار، وسجلن صفحات شجاعة نادرة، يفتقر إليها الكثير من الرجال، وكانت نساء بلادي وبحق هنّ أولئك الجميلات بالروح والسلوك والعمل..
وفي كل المراحل والمنعطفات السياسية التي شهدها الوطن اليمني، كان للمرأة اليمنية دورها المشهود والبارز في إطار الحركة الوطنية اليمنية ضد الإمامة والاستعمار دفاعاً وحماية عن أهداف ومبادئ الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدتين.
اليوم ونحن نحتفل بالذكرى الخمسيين لثورة 14 أكتوبر 1963م، ينبغي علينا نحن النساء أن نساهم في توثيق تاريخ الأدوار النضالية والجهود التي بذلتها المرأة في مرحلة التحرر الوطني حتى نيل الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م ولن يتأتى ذلك إلا إذا عملنا بروح الاعتراف بأدوار الآخرين، لعل يكون فيها من العبر والتجارب ما تستفيد منه الأجيال الشابة من النساء والرجال على حدٍ سواء.
الوضع العام للمرأة اليمنية إبان الاحتلال
ركز الاستعمار البريطاني طيلة تواجده خلال (139) عاماً لاحتلاله الشطر الجنوبي من الوطن اليمني، على المستعمرة عدن، فهي المدينة التي تحتل موقعاً استراتيجياً كميناء دولي مهم يطل على بوابة مدخل البحر الأحمر وكان الواقع الاجتماعي الذي سيطرت عليه العادات والتقاليد المعيقة لحركة المرأة هو السائد آنذاك.. فلم يكن يسمح للمرأة في ظل الوجود الاستعماري، إلاَّ بأدوار محددة في الحياة الأسرية والاجتماعية.. فالمرأة كربة بيت، وزوجة وأم تعتني بالعائلة وتعيش على هامش الحياة، صورة نمطية، سادها واقع ذلك الحين، هذا على صعيد المستعمرة عدن. وقلة قليلة من الأسر استطاعت نسائهن المشاركة في الحياة الاجتماعية وفق مقتضيات الواقع المعاش..وأما بقية المناطق من الشطر الجنوبي (28 مشيخة وسلطنة) فإن المرأة كانت محرومة من أبسط مظاهر الحياة الإنسانية , حيث ساد التخلف ظروف الحياة العامة على صعيد المشيخات والسلطنات، فهي كانت محرومة من كل مظاهر الحياة المدنية، إذ كانت السمة الرئيسية لظروف المرأة في الريف تنصب في تربية المواشي والزراعة وجمع الحطب وجلب الماء.. باستثناء المستعمرة عدن التي شهدت أول مدرسة ابتدائية تم تأسيسها في مدينة الشيخ عثمان عام 1937م، تخرج منها الرعيل الأول من المدرسات اللواتي تبوأن مناصب إدارية وتربوية وتعليمية.
في أواخر الأربعينيات تم إيفاد عدد لا يتجاوز الخمس إلى السودان، حيث تخرجن من كلية المعلمات، بالإضافة إلى مدرسة (البراق) التي أيضاً رفدت المدارس آنذاك بالمدرسات اليمنيات إلى جانب اللبنانيات والفلسطينيات والأردنيات.. شكل قيام مصفاة عدن 1952م البدايات التاريخية لبدء ظهور الطبقة العمالية حيث كان الحدث الهام إعلان عمال المصفاة الإضراب العام 1956م الذي شكل ركيزة أساسية في النضال الوطني التحرري فيما بعد.
ومع بدء تشكل الوعي النقابي السياسي وتبلوره وتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية منها حزب البعث، حزب الشعب الاشتراكي، وحركة القوميين العرب، ورابطة أبناء الجنوب ومنظمة شبيبة السلفي - ولا يمكن في هذا الصدد إغفال دور الجمعية اليمنية الكبرى التي تأسست عام 1948م والتي اتخذت من عدن مركزاً لها واعتبرت بحق مدرسة الوطنيين والمناضلين.. قام المؤتمر العمالي 1956م بفتح باب العضوية أمام المرأة العاملة والتي كانت تتبوأ وظائف لا تخرج عن نطاق التدريس، التمريض، السكرتارية، وفي هذه السنة التي شهدت غليان المد الثوري العربي بعد انتصار ثورة يوليو 1952م ومع إعلان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس 1956م كانت المرأة في المستعمرة عدن في مقدمة صفوف المسيرات العمالية.
دور قطاع المرأة في النضال التحرري
كان العام 1960 عاماً حاسماً بالنسبة للمرأة في المستعمرة عدن إذ كانت مسيرة السفور التي تصدرتها الأخوات: رضية إحسان الله، صافيناز خليفة، نجاة خليفة، زينب ذو الفقار (حميدان)، نعمة سلام، لوله حميدان من أهم التحديات الكبيرة لكل القوى المناوئة للثورة، كما أسست المقدمات التمهيدية لخوض المرأة معممة النضال جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل.
سبق هذه المسيرة تأسيس جمعية المرأة العربية 1957م في مواجهة جمعية المرأة العدنية التي أقتصر نشاطها في جذب المرأة إلى عضويتها من خلال تقديم الأعمال الخيرية والاجتماعية.
هذه الجمعية شهدت انضمام العديد من الأخوات إلى عضويتها، فهي كانت الإطار التنظيمي الملبي لطموحاتها حيث تأسست تحت شعار (وطن واحد ومسئولية واحدة) .
كما أسهم إضراب طالبات كلية البنات بخور مكسر 1962م في رفد الجمعية بالقدرات الشابة التي تمرست في النضال.
ومع قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 في وجه الإمامة كانت من أبرز الأدوار المؤيدة والمساندة للثورة، سفر وفد نسائي يضم الأخت ليلى الجبلي، رضية إحسان الله، عائدة على سعيد، فتحية محمد ناجي الصياد، خورشيد محمود خان، نعمة سلام إلى تعز لتهنئة المشير عبدالله السلال بانتصار الثورة وتقديم صرة من الحلي الشخصية لهن كدعم للثورة.
بعد عودتهن تعرضت منازلهن للتفتيش وتم اقتياد الرموز منهن، رضية إحسان الله، خورشيد محمود، نعمة سلام وزينب ذو الفقار إلى سجن كريتر وأودعن غرفة جرى فيها التحقيق معهن ولم يكتف الاستعمار بذلك، بل كان يجري استدعائهن دوماً إلى مراكز الشرطة، وكذا مراقبتهن ومتابعة الكثيرات فهو قد أعلن حالة الطوارئ في 11 ديسمبر 1962م.
مع انفجار ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان الأبية، برز واضحاً معالم تلك الأدوار وعطاءات المرأة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1 طباعة المنشورات.
2 الاعتصامات في مساجد أحياء عدن المختلفة استنكاراً لاعتقال رموز الحركة النقابية والسياسية.
3 توزيع المنشورات إيواء ونقل الفدائيين إخفاء السلاح خوض المعارك بالسلاح إلى جانب الفدائيين .
4 المشاركة في الإضرابات العمالية المستمرة.
5 حضور المهرجانات الخطابية في ساحة المؤتمر العمالي.
6 اللقاء بالوفود المغادرة إلى تعز وتقديم البيانات والاحتجاجات إليها حول الممارسات الاستعمارية ومن أبرزها سفر مندوبتان من جمعية المرأة العربية إلى تعز (رضية إحسان الله، نجيبة محمد) لتمثيل المرأة أمام لجنة تقصي الحقائق التابعة للجنة لتصفية الاستعمار وكان ذلك في 25/3/1963م قبل قيام ثورة 14 أكتوبر بأشهر.
7 - المشاركة في المؤتمرات النسائية العربية والدولية مؤتمر موسكو للمرأة، مؤتمر بنزرت، والمؤتمر المنعقد في القاهرة 1961م.
كما تعززت علاقات الجمعية على الصعيد الخارجي بالاتحاد النسائي الديمقراطي العمالي (أندع) الذي تشكل بعد سنوات الحرب العالمية الثانية، وكذا رابطة النساء العربيات في كينيا (النساء المهاجرات اليمنيات والعربيات) والرابطة النسائية العالمية في سيلان.
هذا النشاط الخارجي شكل دعماً غير عادي للنضال التحرري الذي خاضه الشعب في الجنوب. تهيأت الظروف لتشكيل القطاعات النسائية التابعة لفصائل الثورة الجبهة القومية، جبهة التحرير، التنظيم الشعبي الناصري - ومع تصاعد النضال التحرري يمكن اعتبار هذين القطاعين من النساء المحرك الأساسي والمنظم لنشاط ومشاركة المرأة في الجنوب المحتل والمؤازر لنضال ودعم الثورة.
حيث على الرغم مما شكله ذلك من انقسام في صفوف الحركة النسائية اليمنية إلا أنه جاء ملبياً لمعطيات واقع النضال آنذاك... تبرز الأسماء أمثال نجوى مكاوي، عائدة على سعيد، فوزيه محمد جعفر، نجيبة محمد عبدالله، فتحية باسنيد، أنيسه الصائغ، زهره هبة الله إلى جانب القطاع النسائي لجبهة التحرير من الهيئة الإدارية لجمعية المرأة العربية برئاسة الفقيدة ليلى جبلي، رضية إحسان الله، صافيناز خليفة، نعمة سلام، أنيسة أحمد هادي، بهجة السوقي، زينب ذو الفقار، خورشيد محمود خان وأخريات وهن رموز نسائية تحملن مشاق النضال الطويل بنكران ذات.
ردفان الشماء بقيادة الجبهة القومية
لقد اختارت المرأة اليمنية أن تكون بجانب أخيها الرجل كونها جزءاً لا يتجزأ من هذا الوطن الغالي , الجميع يدرك عظمة الدور النضالي البارز الذي جسدته المرأة اليمنية في الكفاح المسلح ونيل الاستقلال.. منذ ما قبل ثورة أكتوبر، وقد تعاظم مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الاكتوبرية، وحتى نيل الاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م- أربع سنوات شكلت عصارة النضال الوطني، ونهاية استعمار جثم لأكثر من قرن ونيف على صدر الشعب اليمني.. ذهب خلالها العديد من الفدائيين الشرفاء الذين سطروا بدمائهم تاريخاً مشرقاً لانتصار شعبنا، ومثلما كان للرجل شرف الاستشهاد في معركة الكرامة، كان أيضا للمرأة هذا الشرف العظيم- حيث كانت أول من نالت شرف الاستشهاد، الفدائية الشهيدة خديجة الحوشبية من منطقة الحواشب، في إحدى العمليات الفدائية في تلك المناطق الوعرة.
فدائيات
حكايةً ثورية لمناضلة شكلت هاجس خوف وهلع للمستعمر بكل المقاييس وذلك كما ورد في كتاب «ثورة الجنوب» الصادر عن دار المعارف بمصر عام 1969م للمؤلف «عادل رضا» عن المناضلة الكبيرة «دعرة سعيد ثابت لعظب» فيقول :
من جبال ردفان نقدم قصة المناضلة البطلة الفدائية «دعرة بنت سعيد ثابت» إحدى المناضلات البارزات عضو قيادة جيش التحرير في منطقة ردفان، خاضت البطلة المناضلة معارك كثيرة ضد الاستعمار منذ انتفاضات القبائل عام 1956م وعام 1957م، واشتركت في معارك كثيرة ضد الاستعمار واشتركت في معارك صرواح الشهيرة، ومكثت تشارك ببسالة وشجاعة انتحارية في جميع المعارك التي خاضها الرجال البواسل فوق جبال اليمن دفاعاً عن الجمهورية والثورة اليمنية. ودُهش الكثيرون من أبناء الشمال وهم يجدون بجانبهم فتاة من الجنوب تناضل نضال الأبطال، وحازت بطلتنا المناضلة تقدير المقاتلين جميعاً. ولما قُضي على التسلل الرجعي الاستعماري نقلت المناضلة البطلة مع كتيبتها إلى منطقة «المحابشة»، وبقيت هناك ستة أشهر متوالية ترتدي ملابس الرجال وتخوض أعنف المعارك ، وقد سجلت هناك بطولات خارقة ظلت حتى الآن حديثاً يتردد على لسان كل من عرف المناضلة البطلة دعرة بنت سعيد ثابت ، وعندما اشتعلت الثورة فوق جبال ردفان، كانت المناضلة تقف في الصفوف الأولى جنباً إلى جنب مع الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزه والمسئول عن منطقة ردفان، وأول شهيد يسقط على طريق الحرية والكرامة.
بطلة أسطورية
ويضيف رضا: اشتركت المناضلة في أكثر المعارك التي دارت بين القوات البريطانية، وقوات جيش التحرير. كانت تضع الألغام في طريق السيارات البريطانية وتتربص بدوريات تنقض عليهم بالرصاص والقنابل اليدوية ، وكانت المناضلة البطلة مفخرة المرأة العربية، فانضمت الكثيرات منهن إلى صفوف المناضلين ليحاربن الاستعمار جنباً إلى جنب مع المقاتل في الجنوب الذي وهب حياته من أجل المبادئ والأهداف الكبيرة الشاملة، وأبدت الكثيرات منهن بطولات خارقة، واستشهدت في المعركة المناضلة «هند بنت أحمد» أول شهيدة تسقط في معركة التحرير الشاملة، ولحقتها في الاستشهاد المناضلة البطلة «بنت الحاج عبدالكريم»، ولقد رصدت قيادة الشرق الأوسط البريطانية مائة ألف شلن لمن يقبض على المناضلة الفدائية «دعرة سعيد بنت ثابت» لأنها أصبحت في نظرهم أخطر إرهابية، ولأنها أيضاً قد أصبحت أسطورة بطولية تناقلتها الألسن فوق أرض الجنوب، حتى المعسكرات البريطانية نفسها بدأ جنودها وضباطها يرددون قصص بطولاتها وشجاعتها النادرة.
نجوى.. الثورة والتضحية
المناضلة الجسورة نجوى عبدالقادر مكاوي، تنتمي إلى إحدى الأسر اليمنية العريقة من مدينة عدن، تميزت بالجسارة والشجاعة، انتمت إلى القطاع النسائي لتنظيم الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وكان لها دور ريادي في المظاهرات العارمة بمدينة عدن، والتي كانت تطالب بجلاء الاستعمار وتحقيق الاستقلال، وفتحت منزلها المتواضع في كريتر كمأوى للفدائيين وأعضاء التنظيم، واستطاعت إقناع أهلها بمناصرة الثورة، و تقديم كل أشكال الدعم للفدائيين، ابتداءً من الدعم المادي، ومروراً بتسهيل خزن وتخبئة السلاح، وانتهاءً بالتعامل مع المناضلين كما تتعامل الأمهات مع أبنائهن ولم تبخل في يوم من الأيام بتقديم كل ما تملك لدعم الثورة، حتى إنها باعت ما يزيد عن العشرة منازل التي كان يمتلكها والدها عبدالقادر مكاوي، و كانت هي ابنته الوحيدة.. نجوى مكاوي وفوزية محمد جعفر اعتقلتا أثناء توزيعهن منشور الشهيد بدر في منطقة كريتر أمام فندق الجزيرة، وقد سحبت سيارتهما بدبابة بريطانية إلى مركز شرطة خور مكسر.. نجوى مكاوي قامت بقيادة الدبابة البريطانية التي قتل فيها البريطانيون يوم سقوط مدينة كريتر في 20 يونيو 1967م.
نجيبة .. عضو أول خلية
المناضلة البطلة والأم الرؤوم نجيبة محمد عبدالله نسيها الناس ولم ينساها التاريخ فهي من النساء اللاتي نقشن أسماءهن في جبين المجد.. المناضلة نجيبة محمد عبدالله كانت عضواً في أول خلية نسائية وعضواً في القطاع النسائي لتنظيم الجبهة القومية، التحقت في بواكير حياتها بالعمل الوطني في فترة الكفاح المسلح، من خلال المسيرات والمظاهرات التي كانت الطالبات والمدرسات يتقدمن صفوفها الأولى.
وساهمت المناضلة نجيبة في الاعتصامات التي كانت نساء عدن يقمن بها وكانت أكبر تلك الاعتصامات النسائية تلك التي شهدها جامع الشيخ البيحاني في مدينة كريتر، واللقاءات التي كانت تتم بينهن واللجان العربية والدولية، وهن معتصمات يقرأن الآيات القرآنية الكريمة ويهتفن بالشعارات المطالبة بتحقيق الاستقلال وجلاء الاستعمار البريطاني، وقدمت المناضلة نجيبة محمد عبدالله الكثير من صور الصمود والمواقف الكفاحية وتميزت بالصلابة والصمت اللذين يتميز به عادة المناضلون الحقيقيون. وهي تلك المرأة اليمنية الجميلة التي لبت النداء بمجرد أن دعاها الوطن، وقدمت كل ما تستطيع لوطنها بشجاعة وصمت وهدوء.
أم فارس (نعمة)
زهرة هبة الله واحدة من أشهر رموز النضال في القطاع النسائي من أسرة عدنية عريقة لعبت الدور الوطني الحقيقي، وكان والدها هبة الله يملك مطبعة الفجر الجديد في كريتر، وكانت مطبعة العمل الوطني اليمني، حيث وفرت لحركة الأحرار اليمنيين خلال وجودهم في مدينة عدن الكثير من إمكانات الدعم لطباعة صحفهم وأدبيات الأحرار، ومنذ المراحل المبكرة للعمل الوطني، وكان والدها على قدر من الثقافة والمعرفة، و أسرار العمل المطبعي وكان شقيقها أحمد هبة الله واحداً من أبناء هذه الأسرة المناضلين الشجعان والكوادر الكفؤة.. وأحمد تعرفه جبهة عدن مناضلاً شجاعاً ضد المستعمرين وعملائهم.
تربت وترعرت زهرة هبة الله في جو أسري وعمل وطني، و اكتسبت تجربة وقناعات سياسية وطنية، جعلتها من أبرز قيادات العمل الوطني النسائي وقيادة المسيرات والمظاهرات التي كانت تعبر عن غليان الشارع في مدينة عدن، ضد الوجود الاستعماري وسياسته المستبدة، وكغيرها من المناضلات فتحت منزلها مأوى للفدائيين ومخزناً للسلاح، ولهذا تعرضت للملاحقات والمضايقات ولم تلن لها قناة في مواجهة قوات الاحتلال البريطانية وعملاء الاستعمار، وتبوأت مناصب قيادية في مراتب العمل الوطني في القطاع النسائي.. وبعد انتصار الثلاثين من نوفمبر استمرت تواصل واجبها الوطني في جبهة التعليم، فكانت مدرسة ومديرة مدرسة تميزت بالصلابة وقوة الشخصية، ولم تشغلها حياتها الخاصة عن التأهيل العلمي فالتحقت بالدراسة الجامعية في القاهرة ودمشق عن طريق الانتساب، وكانت الزوجة الفاضلة للمناضل الوطني البارز سلطان احمد عمر وأماً لعدد من الأولاد والبنات.. واستمرت زهرة هبة الله التي عرفت باسمها التنظيمي (نعمة) إبان فترة الكفاح المسلح وبأم فارس في ميدان التربية والتعليم، حتى آخر يوم في حياتها وكان رحيلها.. يوماً حزيناً على كل من عرفها وتتلمذ على يديها وشيع جثمانها يوم 12 يناير 1986م.. وزهرة هبة الله (نعمة) مازالت تعيش بيننا من خلال انتصار مبادئها ومن خلال المشاركة الملموسة الواسعة للمرأة اليمنية واللواتي أصبح وجودهن في كل قطاع خدمي واقتصادي واجتماعي هو تأكيد لانتصار المبادئ التي ناضلت (نعمة) طويلاً من أجل تحقيقها.
الوطنية.. حتى في البراعم
الطفلة نجاة أحمد عبده طاهر التي كانت تأتي بالمنشورات بحقيبتها المدرسية رحم الله والدها احمد عبده طاهر الذي كان له دور رائد في النضال لم نسمع عنها بعد ذلك التاريخ شيء ولكن حتماً سارت على نفس المنوال.. وبحق هن قناديل مضيئة في سماء الشعب اليمني، وبقوة في أقسى لحظات عمره، خصوصاً وأن العدو كان أقوى قوة استعمارية، تمتلك الكثير من وسائل القمع والتعذيب والقتل، ولكن كل تلك الوسائل لم تكن أقوى من إيمان الشعب اليمني الواحد بحقه من الحياة.
أول خلية نسائية
تشكلت أول خلية سياسية نسائية لتنظيم الجبهة القومية في عدن، كانت تضم ثماني مناضلات هن:
- نجوى عبدالقادر مكاوي، فتحية باسنيد، نجيبة محمد عبدالله، عائدة علي سعيد، فوزية محمد جعفر، ثريا منقوش، فطوم الدالي، زهرة هبة الله (نعمة)
وعقد أول اجتماع في منزل المناضلة نجوى مكاوي في كريتر، والاجتماع الثاني عقد في منزل المناضلة نجيبة محمد عبدالله في مدينة الشيخ عثمان..ولم تكن من الصدفة بمكان.. أن تكون معظم القيادات النسائية البارزة من التربويات الفاضلات ، اللواتي حرصن على حمل الطباشير والكراريس بيد ورفع لافتات التنديد بالمستعمرين في اليد الأخرى.. كانت المرأة اليمنية في طليعة المسيرات والمظاهرات العارمة التي كانت تشهدها مدن عدن والشيخ عثمان للمطالبة بجلاء قوات الاحتلال البريطانية وخرجت فيها نساء بلادي العزل من السلاح وتصدين للقوات الاجنبية المدججة بالسلاح.. ومع استمرار نضالات المرأة اليمنية ورموز كفاحهن، جرى توسع كبير في انضمام عضوات جدد للإطار النسائي للجبهة القومية وتعززت مشاركتهن في نطاق الثورة اليمنية.
حتى لا ننسى
وتتويجاً لكل هذه النضالات التي أسهمت فيها المرأة في الكفاح المسلح.. جاء القرار الجمهوري الصادر 16 فبراير 1968 تقديراً وعرفاناً للأدوار التي لعبتها المرأة إبان مرحلة التحرر الوطني وتشكيل الاتحاد العام لنساء اليمن كوريث شرعي للحركة النسائية اليمنية وإطار تنظيمي انضوت في صفوفه كل نساء محافظة عدن، لحج وأبين وكانت أول رئيسة له الأخت فوزية محمد جعفر.. وفي يوليو 1974م عقد مؤتمره الأول بمدينة سيئون ليمتد نشاطه إلى بقية المحافظات الجنوبية خلال فترة نشوئه وتطوره عقد أربعة مؤتمرات عامة ومؤتمراً استثنائياً، هدفت كلها إلى تقييم تجربة المرأة النضالية على مختلف الأصعدة وتحديداً فيما يتعلق بالنشاط الجماهيري.
لقد وقفت المرأة وقفة فاعلة ومشرفة وأسهمت إسهاماً عملياً لنصرة الثورة على مستوى المدينة والريف بالرغم من محاولات الاستعمار البريطاني وأعوانه تجميدها وإبقائها في جهلها المطبق والمظلم بحيث لا تعي شيئاً مما حولها، فقد كان شعورها الوطني أقوى من محاولات الاستعمار البريطاني؛ إذ لبّت نداء الواجب الوطني لتؤدي دورها البارز الفاعل رغم أنف الاستعمار وأعوانه مما جعل التاريخ والثورة والجماهير تحفظ لها دورها وإسهامها الفاعل والمشرف مع مناضلي الجبهة القومية والثورة.. هناك العديد من المناضلات مطمورات، تعرضن للضرب والاعتقال من قبل سلطات الاستعمار البريطاني، وبالذات عندما كن يقمن بالاعتصام أمام سجن المنصورة الذي كان فيه العديد من المعتقلين.
أخيراً أقول آن الأوان لتكريم المناضلات أسوة بالمناضلين ..ليس المهم ذكر الأسماء.. الأهم ماذا قدمت لهن الثورة ولأسرهن والسؤال الأهم هل لا زلنا على العهد أوفياء!! ويا ترى هل تمكنت المرأة اليمنية بعد كل هذه التضحيات من تحقيق طموحاتها الهادفة بإدماج المرأة في عملية التنمية الشاملة.. أم ما زالت معوقات الأمس ماثلة أمامنا.. ومع كل ما تم عرضة وهو غيض من فيض نجد من لازال ينظر إلى المرأة صانعة الثورات على أنها عورة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.