يعدُّ الفن واحدًا من المجالات التي يسيطر الجمال عليها، ويظهر من خلالها، ولكن الفن ليس هو الجمال، إذ قد يوجد الفن ولا يوجد الجمال فيه، إما لطبيعة ذلك العمل الفني الذي ربما كان تصويرًا للقبح، وإما لأن الفنان قد غلب عليه الجانب الفني.. فلم يأبه لمراعاة الجمال وقد خلط كثير من الكتَّاب بين الكلمتين، حتى ما يكاد القارئ يلحظ فرقًا في استعمالهما، إن كتبًا كثيرة وضع “الجمال” عنوانًا لها، ولكنك لا تجد فيها غير الحديث عن الفن، وكأنه هو الجمال، وأعتقد أن السبب في هذا، هو ما ذهب إليه بعض الفلاسفة من اعتبار الفنِّ الميدان الوحيد للجمال. وأن “علم الجمال” قاصر على الفن. ومن هؤلاء “هيغل حيث قال: “نقصر مصطلح علم الجمال على الفن الجميل” وقال: “الموضوع الحق لبحثنا هو جمال الفن منظورًا إليه على أنه الحقيقة الوحيدة لفكرة الجمال، وإنه ما من شك في أن الصلة وثيقة بين “الفن” وبين “الجمال” فمن غاية الفن تحقيق الجمال، ولكنه تارة يدرك هذه الغاية وتارة تفوته، والجمال لا يستغني عن الفن كميدان من ميادينه الفسيحة، ولكن لا يستطيع أن يتخلى عن مجالاته الأخرى التي منها الطبيعة والإنسان وقد حاول “جون ديوي أن يوضح الصلة ينهما فقال: إذا بحثنا عن الصلة بين الفن والجمال وجدنا: أن الفن يشير إلى العمل الإنتاجي، وأن الجمال يشير إلى الإدراك والاستمتاع، إلا أنه في بعض الأحيان يشار إلى فصل الظاهرة الفنية من حيث هي إبداع وخلق عن الظاهرة الجمالية من حيث هي تذوق واستمتاع، كي لا يكون الفن شيئًا مفروضًا على المادية.