طويل القامة مرفوع الهامة مفتول العضلات. بلباس العظمة يمشي لا يلتفت إلى أحد. لا يسمع إلا أطراف الحديث ولا يرى إلا من هم على شاكلته! يسير بشموخ فاردً صدره باتجاه سيارته الفارهة. جيوبه شبه ممتلئة بالنقود ومن بين أصابعه تتدلى مفاتيح يحركها كبرياؤه. يمشي وفق قوانين الهنجمة وإذا توقف دار في مخيلته غرور الأنا! لا يضره شر الحاسد فشره أكبر منه. ولا يتقي العين وهو فاقئها. مسكين هذا المهنجم ما عرف قدر نفسه! تملّكته شهوات الأنا وقيّدت عقله غرائز الهوى.. وما عاد يتذكر انه الضعيف ابن الضعيف.. ما عاد يتذكر يوم أن فتك به المرض وألزمه الفراش كيف تلاشت تلك الهنجمة وصار يتذلل ويرجو الخلاص. ما عاد يتذكّر أن في جسمه أخطر أنواع الفضلات وأبشعها. مسكين هذا المهنجم! حرم نفسه من لذة التواضع وحلاوة البساطة، حرّم على نفسه الطيبين من الناس البسطاء فصارت قلوبهم محرمة عليه ودعاؤهم له ممنوع. وما لكل هذا من داعٍ غير داعي الجهل والحماقة، ففي البساطة تكون الحياة سهلة وبالتواضع يرفع الإنسان قدره.