حينما نتحدث عن ثقافة الجدران يحضرنا، الفنان الراحل ورائد الفن التشكيلي اليمن هاشم علي، هذا الرجل الذي شهد صواعق البدايات الصعبة للفن التشكيلي في اليمن، وكانت بروقه وحدها من تنير الدرب حسب ما قاله الناقد اللبناني عبود سلمان.. هاشم علي الذي تعلم ذاتياً وجمع في رأسه كل أفكار المدارس الشرقية والانطباعية وغيرها من الأفكار ليقدم رؤية جديدة أذهلت كل من صادفه من الطرف الآخر، لا يحتاج منا إلى التعريف بقدر ما نحتاج فكره لينير شوارعنا التي أصبحت اقرب إلى دفاتر أطفال، تتناثر فيها العبارات الفاحشة والشخبطات كما تتناثر الحروف في مذكرات الأطفال، هذا الرجل الذي عزل في مدينة تعز، ومات وحيداً فيها إلا من ريشته ولونه وعائلته التي لم تزل إلى اليوم بعيدةً عن دائرة الاهتمام الذي يليق بها، لكن هكذا هي بلدي تترك أضواءها مفتوحة في الضوء وتفتقدها في الظلام. في زمن الحرب، والمذكرات المفضوحة والعبارات الطائشة نحن أحوج إلى رؤى واستلهام هذا الرجل ليحيل مدينتنا من الموت إلى الحياة، وليطرد عنها شبح الحرب الذي ما زال مسيطراً فيها رغم جهد الفنانين التشكيليين والحملات اللونية التي قدمت جهوداً مشكورةً، إلا أن رؤاها لا تزال بعيدة رغم كثرة عددها، اليوم تطال رسومات هاشم علي تخريب وتشويه من قبل بعض الأشخاص الذين لا يقدرون لثقافة الجدران أي اهتمام ، وفي الصورة نرى عبارة “اذا كان ترك الدين يعني تقدماً فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي » ونحن نتساءل: ما علاقة هذه العبارة بالرسمة الموجودة هنا، ولماذا وضعت فوق هذه اللوحة بالذات؛ ألم تكن الجدران فسيحة حتى يكتبها هاهنا، أم أن هذه الجدارية تعتبر تقدماً في نظر مثل هؤلاء الأشخاص. كتب احدهم يقول: هناك الكثير من الفنانين التشكيليين أمثال هاشم علي ولكنهم ليسوا بمحظوظين ولم تتح لهم بعد فرصة الاكتشاف والتألق والحضور وهم بحاجة فقط للاهتمام وتسليط القليل من الضوء عليهم، حتى يخرجوا إلى النور حاملين إبداعاتهم على أيديهم مبروزة بلوحات نفيسة من حيث المضمون والجمال والمعنى. وتقول الدكتورة آمنه النصيري: آمل أن تصحو اليمن يوماً لتعي أن الثقافة والإبداع طريق لمواجهة الأعداء وإحلال السلام وتهذيب البشر والحد من العدوانية السائدة تحت مسميات قبلية وطائفية ومناطقية.