خلال رحلة الشوق إلى تهامة الغناء.. سحرت أعيننا مشاهد من السلع و المحلات الشعبية التي أبدعتها الأيدي الماهرة وشكلتها منذ مئات السنين.. لتظل مهنة موروثة ارتبطت بحياة الناس وطريقة معيشتهم على مر الزمن.. عند قيامك بجولة بين أسواق تهامة القديمة تحس بعطاء الأرض والإنسان فتعيش فن الماضي وجمال الحاضر تشدك روائح الكاذي والفل العطرية التي انتجتها أرض تهامة وتجد أنواعا مختلفة من الصناعات التقليدية التي تنافس بأصالتها تقنيات السوق الحديثة. ويقبل الكثير على هذه الصناعات كونها ترتبط بأصالة وتراث القبيلة التهامية ويحرص الكثير من أبناء تهامة حتى الأطفال على تعلم مهارة الحرفة من أبائهم وأجدادهم القدماء ..والتعامل في البيع والشراء داخل الأسواق له فنه ولغته الخاصة.. وإذا كنت زائراً أو سائحاً فإن عبارات الترحيب تبدو واضحة من الجميع وبإمكانك الاطلاع على المحلات والمنتجات القديمة والتعرف على الكثير من المعلومات المهنية للتراث التهامي. والرجل التهامي بشكل عام فنان وحرفي يحاول أن يجدد في صنعته ويبدع في تكوينها وزخرفتها ولأن عادة التنافس سائدة في الأسواق ويرتبط المنتج التقليدي بشهرة القبيلة ومكانتها وتسجل الأسرة أطول فترة عمل في تهامة سواء في حرث الأرض أو تعلم الحرف ..أما المرأة فلها بصماتها في الكثير من الأعمال وتدخل في شراكة مستمرة مع الرجل داخل البيت وفي السوق حيث تشاهد العديد من النساء يقمن ببيع منتجاتهن التقليدية كالكوافي التي تقي من الشمس والأجابات التي تستخدم لحفظ السلع والأدوات في المنزل. والميزة في أسواق تهامة أن لكل قبيلة سوقها الخاص ومنتجها التقليدي الذي تجيده والذي أشتهرت به. ومن أشهر الأسواق التقليدية سوق مدينة زبيد.. ويقام أسبوعياً كل أحد وسوق المراوعة والضحي.. وحيس يوم الأثنين وسوق الزيدية يوم الثلاثاء وسوق باجل والمنصورية يوم الأربعاء.. أما القناوص وخميس الوعظات والكدن وسردد فيقام يوم الخميس سوق المخلافي وبيت الفقيه والخوخة والدريهمي والقطيع فتقام أسواقها في يومي السبت والجمعة كل اسبوع. الصناعات اليدوية الاسواق في تهامة تجود بمختلف الصناعات وتحظى بإعجاب السياح والأجانب ومن هذه الصناعات الصياغة والحياكة والتطريز وتشتهر مدن زبيدوبيت الفقيهوالمراوعة بصباغة الملابس بمادة النيلة وتقدر عدد المصابغ في زبيد بحوالى 375 مصبغة إلى جانب أكثر من 40 مصبغة في بيت الفقيهوالمراوعة وفي مهنة الحياكة تعرف مدينة الدريهمي وزبيدوالمراوعة أيضاً بحياكة المعاجر واللحف بأنواعها والمعاوز وكذا تطريز الملابس النسائية كالقمصان بأنواعها الزبيدي والعبسي وتتألف من تشكيلات عجيبة يتم تطريزها بالأيدي وبمادة تسمى الزخرج والخيط الملون، وتحظى هذه الصناعات بالمشاركة في معارض دولية واسعة تمثل جانباً من الحضارة اليمنية ومنها المعارض التي اقيمت في باريس وبون وبرمنجهام وغيرها من عواصم العالم.. ومن الصناعات التقليدية صناعة الحصير وتشتهر بهذه الصناعة جزيرة كمران ومديرية الضحى وهي صناعة تعتمد على سعف النخيل ويتم استخدامها في صناعة الكوافي والقعائد أرائك مخصصة للجلوس والكراسي المنزلية في تهامة. وللباس التهامي محلاته الخاصة ويتميز بخفته وملاءمته لمناخ تهامة ويرتدي الرجال المعاوز أو المقطب وهو إزار يبلغ طوله مترين يلف على خاصرة الرجل ويرتدي فوق المقطب قطعة قماش ملونة تسمى المعجر ومن فوقه نسيج من الصوف يسمى «أم شمل» يحمل في خاصرته خنجراً وقميصاً يسمى مدرعة. وترتدي النساء قطعة قماش مصنوعة يدوياً ملونة وبلوزة وعلى الرأس تضع المقرمة «الشيلة »والمكونة من ثلاثة ألوان أسود ،أحمر ،أبيض، كما إنها تضع على المقرمة قبعة مصنوعة من الخزف تسمى القبع كما تتزين بمصوغات ذهبية وفضية في اليدين تسمى ملاقف كما تضع في أذنيها أخراصاً-أقراصاً- تسمى الشيل وأساور تسمى البنجلة وفي المناسبات ترتدي المرأة دشداشة مطرزة بالفل في مقدمة الرأس والمقرمة وتعرف باسم الثوب. مشغولات حرفية ومن الصناعات الغذائية المتعددة صناعة السمسم والسمن الخشبي المأخوذ من الشجر، ويعتبر زيت السمسم غذاء الإنسان التهامي مع العسل البلدي والسمن، وتتم عملية عصر السمسم في معصرة خاصة يحركها الجمل أو جذوع الأشجار الكبيرة كشجرة الحمر. أما مادة السمن الخشبي فيستخرج من لحاء الأشجار لكنه انقرض من السوق المحلية التهامية. ويتميز الإنسان التهامي باهتمامه بالأرض وزراعتها فأوجد صناعات تلبي حاجته في الزراعة ومنها المحراث والجذوع والشريم والمنجل والأخشاب والحبال المستخدمة في حراثة الارض ومازالت هذه الوسائل قائمة ويتم تشكيلها في سوق المحدادة وهو مكان مخصص لتشكيل مخلفات الحديد البالية لغرض استخدامها في الزراعة وفي بناء المساكن وتعد الأواني الفخارية واحدة من الفنون التهامية والتي يتم عملها من طين الأرض الذي يستخدم أيضاً في بناء المنازل ،ومن هذه الأواني الدلو الزيعر والكوز والجرة وهراوات لحفظ الماء وتبريده.. إضافة الى أنها تستخدم في الطبخ كالموفى والمقلى والجمنة والبرمة وأواني الأكل كالصحفة والفنجان. ومن المدن التهامية المعروفة بهذه الصناعات مديريتا الزهرة واللحية إلا أن مدينة حيس تتفوق بصناعة الفخار والخزف معاً على غيرها من المدن والقرى اليمنية .ومن البيئة التهامية الغنية يبني الانسان منزله البسيط المكون من العشة والعريش والسقيفة والدارة ولكل منها خاصيتها لاستقبال الضيوف وللنوم ولسكن الأسرة وعادة يبنى المنزل من سعف النخيل وأشجار أخرى. ومن الصناعات البحرية... تعرف مدينة الحديدة عاصمة المحافظة بصناعتها لقوارب الصيد والسفن منذ القدم كما تشتهر جزيرة كمران بتلك الصناعة خاصة .