عيدروس الزبيدي..عهد الرجال للرجال    «زينبيات الحوثي».. تقرير يمني يكشف «نقاب المليشيات»    إشهار مؤسسة "آفاق التآلف للتنمية الاجتماعية" بصنعاء    حاشد .. صوت المقهورين وقلم المنفيين    توافد جماهيري حاشد الى ساحات مسيرات مع غزة جهاد وثبات    المحويت.. كتل صخرية ضخمة تهدد عدد من القرى ومخاوف الانهيار تجبر عشرات الأسر على النزوح    الشيخ نعيم قاسم يحمل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي فتنة داخلية    وفاة لاعب يمني في رحلة تهريب إلى السعودية    الأرصاد يحذر من أمطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على المحافظات الجبلية وسهل تهامة    المقالح يوجه دعوة لسلطة صنعاء لتفادي فضيحة الاعتقالات    نتنياهو يصدم العرب بخطة إسرائيل الكبرى ما بعد تفكيك حماس    وزير الرياضة يطلق تطبيق «ثمانية» بحضور وزيري الإعلام والاتصالات    بسبب محتوى "مُخل بالآداب" على تيك توك.. حملة توقيفات في مصر    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: ثمانية شهداء من الحركة الرياضية منذ مطلع أغسطس    سلة آسيا.. لبنان تفرط في التأهل ونيوزيلندا تعبر    ب 1.921 مليار.. ريال مدريد العلامة التجارية الأغلى    الضغط العالي لا يكفي.. برشلونة يبحث عن الصلابة الدفاعية    مدير أثار ذمار يفند مزاعم كشف أثري في وصاب    الإمارات تدعم شبوة بالكهرباء ومشاريع صحية وتنموية تخفف معاناة آلاف المواطنين    احتكار الأدوية في عدن والجنوب: إمتصاص لدماء وصحة الفقراء    من تصريح نتنياهو إلى جذور المؤامرة... ثلاثة قرون من التخطيط لإقامة "إسرائيل الكبرى"    جرائم القتل في سجون الأمن السياسي بمأرب تظهر الوجه القبيح لإخوان الشيطان    مستقبل اليمنيين الهاربين في عدن والتعلم من تجربة 1967    الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    انتبهوا    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    الأمطار توقف مباراة الصقر وأمل الخيامي .. واتحاد الكرة يعلن إعادتها صباح غدٍ الجمعة    ريال مدريد يهنئ باريس سان جيرمان على الفوز بالسوبر الاوروبي    ضمن بطولة"بيسان"الكروية تعز 2025 ... طليعة تعز يثخن جراح شباب المسراخ ب 9 أهداف لهدف ، ويعزز حظوظة في دور الثمانية..؟!    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    البنك المركزي يسحب تراخيص ويغلق ست منشآت صرافة مخالفة    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    هيئة الزكاة تخفض دعمها للمستشفى الجمهوري بصنعاء بأكثر من النصف والمستشفى يقلص خدماته الطبية    صنعاء .. مرضى السرطان يشكون من انعدام بعض الأصناف الدوائية    "تنمية الشبابية" بالتنسيق مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران    اللواء بن بريك يُعزّي العميد عادل الحالمي بوفاة والدته    مدير عام مديرية قشن يدشن عدد من الدورات التدريبية    مليشيا الحوثي تمنع التعامل بالبطاقة الشخصية الذكية في مناطق سيطرتها    تدشين توزيع الحقيبة المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين في مدينتي البيضاء و رداع    من يومياتي في أمريكا .. لحظة إسعاف    قرار استثنائي سيظل كسيحا    من يخرجها من ظلمات الفساد.. من يعيد المسار لجامعة عدن (وثيقة)    إجرام مستوردي الأدوية.. تخفيض أسعار أدوية خرجت من السوق قبل 25عاما    10 عادات افعلها صباحاً لصحة أمعائك وجهازك الهضمى    أرقام صادمة وجرائم جسيمة.. عقد من التدمير الحوثي الممنهج للاقتصاد الوطني        نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    من يومياتي في أمريكا .. أنا والبلدي*..!    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرشدي الإنسان والفنان الملحن في الذكرى الأولى لوفاته
نشر في الجمهورية يوم 06 - 02 - 2014

لم يكن فناناً واحداً يحمل حنجرة صوتية واحدة كما هو حال الكثير من الفنانين.. ولم يكن ملحناً منفرداً يتخصص بالتلحين نفسه ويكسبها اللون الشخصي والانفرادي أو يقيدها بشفرة لحنية لا يستطيع فتحها إلا من حاصرها بشفرة لا يملك سيرتها إلا ذلك الرجل الإنسان والفنان الملحن ولم يكن شاعراً مميزاً لا يكتب سوى القصيدة التي تحاكي معاناته ..أو يرسم القافية الشعرية التي تأتي بالسجع الشعري والمفردات اللغوية التي تحمل الطابع المناطقي الذي لا يحمل سوى لغته أو لغة التربة والمنطقة التي يقطنها...
ولم يكن باحثاً فقط ينتقي ألوان ومعادن ومسميات الأبحاث التي تهم شخصه ولا ترضي غيره... لم يكن هذا ولا ذاك الشخص الذي يحب لنفسه ما يكرهه الآخرين... ولكنه كان فناناً يتركب من عدة مواهب غنائية وفنية ويتقلب مع موهبته إلى عدة ألوان احتراماً منه لإرضاء كل الشرائح التي تتابع مسيرته الفنية... وكما هو حاله بالغناء فقد كان أيضاً يتنوع ويتورع باللحن الذي يقدمه فهو من يتنقل بألحانه ويوزعها على أكثر من طريقة كما تتنقل النحلة من زهرة إلى زهرة لجني العسل...
موهبة لا تتكرر
إذاً هذا هو الفنان الشامخ والعملاق المتمكن والموهبة التي لا نعتقد أن تتكرر باليمن بل والجزيرة العربية الفنان الراحل محمد مرشد ناجي أبو علي هذا الإنسان الذي استطاع أن يلج إلى بحر الفن والغناء وهو ما يزال في سن الطفولة المبكرة إلا أن المرشدي الصغير والطفل الموهبة آنذاك كان واثقاً من نفسه ومن قدراته وبالأخص عندما كان يصعد إلى المنصة المخصصة لكبار الفنانين بالمخادر التي كانت تقام داخل حواري وشوارع عدن وعمره لم يتجاوز الحادية عشرة إلا أن موهبته سبقت وتعدت طفولته وأن كانت قد ولدت تؤاماً مع ولادته وبرغم أن الفنان محمد مرشد ناجي لم يأخذ حقه من الحنان والتدليل العاطفي الأسري كونه فقد أمه وهو لا يزال في عمر الزهور وفي مرحلة كان الطفل المرشدي آنذاك في أشد الحاجة لحنان الأم وعطفها الكامل لكن هكذا هي الأقدار والشيء المكتوب الذي كان في دفتر المرشدي الذي وهبه الله له كان يحمل ذلك السبب والذي يقول له إن قدرك قد كُتب لك بأن تعيش طفولتك يتيم الأم وهي الأم التي كانت تكافح الحياة مع والد المرشدي حيث عملت بالدلالة وبيع الدجاج والأغنام ومع ذلك لم تمت أو ترحل موهبته الفنية مع رحيل والدته ولكن ربما أعطته تلك المعاناة المزيد والمزيد من التأثير والتأثر العاطفي الذي ينعكس لصالح الموهبة وجعله يقرأ ويحفظ من صفحة المعاناة ويقدم للمستمع أفضل العطاء الغنائي واللحني كون مثل هذه المادة الغنائية قد ولدت من رحم المعاناة والإبداع الحقيقي.. كيف لا وهو ذلك الطفل الذي ختم القرآن الكريم وهو في سن مبكر بعد أن تتلمذ على يد الفقيه والمربي (أحمد الجبلي) بالمعلامة التي كانت في حافة القحم وسط الشيخ عثمان.
البداية يا ورد يا كاذي
وعندما بدأ الفنان محمد مرشد ناجي يميل بهوايته نحو الغناء ويحاول التقليد فإنه كان يجد نفسه يلج بكل تلقائية وعفوية نحو أغنية ( ياورد يا كاذي ) ويرددها بكلماتها ولحنها عندما يصعد إلى منصة المخدرة بالأعراس.. فيما كانت أغاني الفنان المصري محمد عبد الوهاب هي لغة ترديده الغنائي العربي وهي عشقه وعشيقته العربية وأن كان بالجانب الآخر يوقفه الصوت الملائكي الذي تصدح به الفنانة فيروز وهي تردد وتنادي وتتساءل جارة الوادي وتقول (يا جارة الوادي طربت وعادني) هذه الأغنية وهذه الكلمات التي كان يقف أمامها بكل إنصات وتخيل متذوقاً حلاوتها مما حدا به للتنسيق مع بعض الشعراء وهو أحدهم لكتابة أبيات غنائية على نسق تلك الكلمات لكنه بدأ معها بالتلحين متأخراً ليصطدم بالمرض الذي ألم به قبل أن يكملها وهو نفس الحال الذي بدأ مع الرياضة حيث بدأ حياته لاعباً متميزاً في كرة القدم إلا أن مرض الربو الذي داهم جسده النحيل في بداية صباه أجبره على ترك الملاعب وتوديع كرة القدم ليجد نفسه أسيراً في قيود الفن الغنائي ليعطي موهبته حينها كل ما يملك من جهد ووقت واصطبار ووضع نفسه بمثابة الجندي الملتزم بالعهد الوطني ليصير ذلك الجندي المجتهد والمرابط في ساحة الفن الغنائي خاصة بعد أن وضع أمامه الشعراء والفنانين أول اختبار له وهو لايزال في بداية المشوار حينها أهداه الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة.
قصيدة جرادة
قصيدة كتبها باللغة الفصحى وطلب منه تلحينها وكان ذلك في عام 1951م ولم يصدق يومها الشاعر الجرادة وبقية من كان حاضراً بالمجلس عندما بدأ الفنان محمد مرشد ناجي يعزف على أوتار عوده ويردد لأول مرة بأغنية ( هي وقفة لي لست أنسى ذكرها ) لم يصدقوا أن هذا اللحن أتى من فنان مبتدئ وكانت أول أغنية من تلحينه ومن هناك بدأ يشق طريق نجاحه ويدخل إلى ساحة المواهب والموهوبين الكبار.. ونظراً لأن المرشدي يمتلك حنجرة صافية ونقية وتتميز بتنوع طبقاتها وهذا التميز أعطاه حرية التنقل والدخول لقاعدة كل الألوان الغنائية وإجادتها إجادة متكاملة بل صار عندما يردد أي لون غنائي يخيل للمستمع وكأنه هو من صاغ ذلك اللون أو كأنه المالك الشرعي والحصري له وبالأخص اللون اليافعي الذي تميز به المرشدي كثيراً عن بقية الفنانين من أصحاب اللون اليافعي حتى أنه حصل على التكريم المميز من قبل منتدى يحيى عمر يافعي للدور الفاعل بالحفاظ على الأغنية الأصيلة ومنها اليافعية وكما هو الحال بالنسبة لتكريمه من قبل الكثير من الدول العربية والأجنبية مثل السعودية والبحرين وعمان وسورية والمعهد العربي في باريس تقديراً لدوره ومكانته وحفاظه على أصالة الأغنية العربية وبعيداً عن التكريم المتعدد من جهات عدة داخل الوطن ومن عيار الدرجة الأولى ..
غنى بجميع اللهجات
نعم انه الفنان الراحل محمد مرشد ناجي الملقب(بالمرشدي أو أبي علي) هذا الفنان الذي أحتفظ بميزته حتى وفاته أنه الفنان الوحيد الذي تغنى بجميع اللهجات اليمنية وأول فنان يغني باللهجة التهامية ويوصلها إلى مسامع اليمنيين شمالاً وجنوباً وبالأخص أغنية (واصياد) التي صاغ كلماتها الشاعر التهامي الراحل عبد الله غدوة...
قدوة العرب
والفنان محمد مرشد ناجي بصفته واحداً من القلة القليلة من الفنانين الذين يختارون كلمات أغانيهم بكل تأنٍ ومن شعراء كبار يجيدون رسم الحدث بهيئته الحقيقية داخل كلماتهم وهذا ما جعل البعض من الفنانين العرب يغنون من ألحان المرشدي وعلى رأسهم فنان العرب محمد عبده وفهد بلان وهيام يونس وكان للمرشدي أيضاً دور كبير بإعطاء الضوء الأخضر لفنان العرب محمد عبده أن يتمسك بالأغنية اليمنية وينشرها خارج موطنها فهو من قال لمحمد عبده قبل حضوره إلى اليمن إن الشعب اليمني يحبك ويعتز بأغانيك وعليك أن تعمق هذا الروح وحينها جاء محمد عبده إلى اليمن وغنى من ضمن أغانيه (جل من نفس الصباح) حينها أمسك به المرشدي وقال له(أنا فدالك) فأنت أول من استطاع أن يغني الأغنية الصنعانية على فرقة موسيقية ويجيد حياكتها بكل إتقان ...نعم لقد جٌبل الفنان المرشدي على الصراحة ومصارحة الآخرين بكل مصداقية فهو من تسأله عن أي فنان أو شاعر فيجيب عليك بكل وضوح ودون تلكؤ بمفردات الإجابة إذا كانت ليست لصالح الشخص الذي يتحدث عنه لكنها إجابة تحمل مفردات الرأي والإيضاح الذي يجعل الشخص المعني يتقبلها وكأنها وسام على صدره من شخصية كبيرة بحجم الفنان محمد مرشد ناجي ..
تميز فردي
وإذا كان الفنان الراحل محمد مرشد ناجي قد انفرد عن الكثير من عمالقة الفن بالتميز الفردي الذي يعطيه الأولوية بالانفراد التميزي فهو من استلم قصيدة من الشاعر الحضرمي أبو بكر المحضار بدون تلحين ليتولى هو بنفسه القيام بتلحينها وغنائها حيث وأن المحضار كان لا يعطي أي قصيدة لأي فنان إلا ويسلمها ملحنة من ألحانه باستثناء المرشدي الذي لحن أغنية (دار الفلك) ..
حنجرة ذهبية
إذا هذا هو الفنان صاحب الصوت والحنجرة الذهبية والأداء الفصيح والألحان العذبة التي تحمل الطابع الحماسي لتجبر المستمع أن يتوثب ويستعد للنضال إذا ما كانت الأغنية وطنية.. وتبكي المتابع والمستمع وتحرك في صدره عواطف الوفاء والمودة للأهل والخلان عندما تكون الأغنية عاطفية كما أن أغنياته تحرك مشاعر الشوق والحنين والذكريات للماضي البعيد ولزمان الصبا والطفولة والعشق الشبابي وهذا عندما تكون الأغنية حاملة في مفرداتها ذكريات الماضي فإما أن تكون باكية بدموع ومواجع ذلك الزمن وإما أن تستعيد دغدغة العقول والأفكار لترسم أمامها ملامح فنان الشعب محمد مرشد ناجي المولود والذي أخذه القدر من بيننا يوم7/2/2013م أي قبل عام من يومنا هذا رحم الله فناننا الراحل وأسكنه الفردوس الأعلى .... وهذا شيء من ذكرياته في الذكرى الأولى لوفاته..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.