أكد رئيس الشؤون الدينية بجمهورية تركيا الدكتور محمد كورماز أن الأمة الإسلامية مميزة بالخيرية عن غيرها من الأمم وأنها أمة قائمة إلى يوم القيامة ما أمرت بالمعروف ونهت عن المنكر وأن هذه الخيرية مقرونة بالأفعال والأخذ بأسباب الصلاح والإصلاح. وعبر الدكتور محمد كورماز في خطبتي الجمعة التي ألقاها أمس في الجامع الكبير بصنعاء عن سعادته الغامرة بأن يعتلي منبر ثالث جامع أسس في عهد النبي «صلى الله عليه وعلى آله وسلم». وقال: «إني لأشعر بالهيبة والعزة أن أخطب في هذا الجامع المبارك ثالث جامع أسس في عهد النبي «صلى الله عليه وسلم» في أرض اليمن الشقيق وأن أقف أمام هذا الجمع الطيب والخيّر من العلماء وأبناء الشعب اليمني الشقيق الذي تربطه بالشعب التركي الأخوة الإيمانية في الماضي والحاضر والتي تجسدت في العهد القريب بصورة أكثر عندما كان البلدان دولة واحدة واليوم مازالت عرى الأخوة وثيقة رغم التباعد الجغرافي. ونوه إلى أهمية أن ينطلق الشعبان من هذه الأخوة ليحققوا الخيرية للأمة في الحاضر كما كانت في الماضي.. لافتاً إلى الوحدة التي تجمع المسلمين في شعائرهم التعبدية والتقائهم للصلوات في المساجد وأهمية أن تنظر الأمة لمختلف قضاياها من هذا المنظار بالعمل الواحد. وأكد، بحسب وكالة «سبأ»، أن المنهج القرآني الشوروي الشامل كفيل بحل كل الإشكاليات، داعياً اليمنيين إلى الاستمرار في الأخذ بهذا المنهج حتى استكمال حل مختلف قضاياهم التي بدأوها بالحوار والحوار الصادق الذي يجب أن يستمر حتى النهاية وأن يجتمعوا على قلب رجل واحد، فهم أهل فقه وحكمة وإيمان كما وصفهم الرسول «صلى الله عليه وسلم». وأشار إلى أن الاختلاف والصراع في عدد من الدول العربية نقل الأمة من الاهتمام بقضيتهم الكبرى المتمثلة بالقدس وفلسطين إلى التناحر فيما بينهم. إلى ذلك زار وفد الشؤون التركية الذي رافقه وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع الاستثمار نجيب العجي ومدير مديرية صنعاء القديمة نجيب العذري وعدد من المسئولين في الوزارة والسفارة التركية بصنعاء مكتبة الجامع الكبير واستمع من القائمين على المكتبة إلى نبذة عن محتوياتها والتي تضم آلاف الكتب والمخطوطات والفهارس النادرة في مختلف مجالات العلوم ومخطوطات القرآن الكريم تعود لفترات تاريخية قديمة ومختلفة إلى جانب الوثائق الخاصة بالأوقاف في مختلف محافظات الجمهورية. كما زار الدكتور كورماز ووزير الأوقاف والإرشاد حمود محمد عباد دار المخطوطات والذي أنشئ بمساعدة وتعاون من قبل الأشقاء في تركيا وما يتضمنه من مخطوطات نادرة وما يقوم به من صيانة لبعض المخطوطات. وكان رئيس الشؤون الدينية التركي والوفد المرافق له قد زار أمس جامع قبة البكيرية والذي يمثل أحد معالم الحضارة الإسلامية وجسور التواصل الحضاري بين اليمنوتركيا والذي بني قبل 430 عاماً في عهد السلطان مراد الثالث والوزير حسن باشا. وتعرف الوفد التركي من المتخصصين بالتاريخ على مزايا فن بناء القبة والمسجد وفن الزخرفة على المحراب والأبواب بالرقائق الذهبية وقطع العاج وفن كتابة الآيات والشعارات والزخارف التي تزين سقوف قباب الجامع بأشكال هندسية مختلفة وفن بناء الأعمدة ونحتها من حجر واحد ، كما قام بزيارة إلى قبور بعض الولاة العثمانيين في جوار جامع البكيرية وقرأ الفاتحة على أرواحهم. وزار الوفد التركي من خلال جولة استطلاعية لمدينة صنعاء القديمة وتعرّف من المتخصصين على المراحل التاريخية المختلفة للمدينة وطابعها المعماري الفريد وما تتميز به من وجود بساتين صغيرة توفر احتياجات السكان من الخضروات وتمثل أماكن للتنفس والنزهة ، بالإضافة إلى التعرف على المساجد التاريخية في المدينة وبعض المراكز الحرفية والتراثية، وكذا التعرف على بعض الأحياء التي أنشئت أيام الخلافة العثمانية. وأعرب المسئول التركي في تصريح لوسائل الإعلام عن إعجابه بما شاهده من تميّز وتفرّد في مدينة صنعاء القديمة والذي يمثل تراثاً إنسانياً يجسد العمق الحضاري والتاريخي للشعب اليمني. وقال: «تشرفت بزيارة صنعاء القديمة التي اعتبرها متحفاً تاريخياً مفتوحاً ، وأنقل تحيات الشعب التركي للشعب اليمني الشقيق، كما أرجو من الله تعالى أن يؤلف بين قلوب اليمنيين حتى تختم هذه المرحلة الانتقالية بنتائج حسنة ومزدهرة». فيما رحب وزير الأوقاف والإرشاد حمود عباد بالوفد التركي في زيارته لبلده الثاني، وقال: «إن روابط الأخوة بين الشعبين الشقيقين عميقة وإن علاقات الأخوة والتعاون ستتعزز أكثر في ظل وجود المحبة وسيكون هناك تعاون كبير بين وزارة الأوقاف في اليمن والشؤون الدينية بتركيا إلى جانب التعاون والاهتمام بقضايا التاريخ والمخطوطات والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات بشكل عام». إلى ذلك عقد أمس بصنعاء لقاء فكري ضم عدداً من أصحاب الفضيلة العلماء والمفكرين في اليمنوتركيا برئاسة وزير الأوقاف والإرشاد حمود عباد ورئيس الشؤون الدينية التركية الدكتور محمد كورماز تناول آفاق التعاون والتواصل الفكري والتعاون في مجال الشؤون الدينية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتطويرها والدفع بها إلى آفاق أرحب. وجرى التطرق إلى دور العلماء والمفكرين والمرشدين في خدمة قضايا الأمة وجمع الصف والكلمة وتأليف القلوب وتعزيز التقارب بين أبناء المجتمعات الإسلامية. كما تم التطرق لطبيعة المرحلة التي تمر بها اليمن حالياً والجهود المبذولة والمتواصلة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني للوصول بالبلاد إلى بر الأمان وبناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة ودور العلماء والمفكرين في إسناد الجهود الكبيرة التي تقوم بها القيادة السياسية ممثلة بالأخ الرئيس عبدربه منصور هادي لإنجاز كامل الاستحقاقات الوطنية التي تضمنتها وثيقة الحوار الوطني الشامل.