على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب (الكتاب قنطرة حضارة)، أقيمت في المملكة العربية السعودية ندوة عن ترجمة الأدب العربي من الإسبانية إلى العربية ومن العربية للإسبانية. وجاءت الندوة في محورين رئيسين, هما ترجمة الأدب العربي من الإسبانية, وترجمة الأدب العربي إلى الإسبانية. ترجمة الأدب العربي إلى الإسبانية في المحور الأول تحدث صالح عمر علماني وهو فلسطيني مقيم في إسبانيا له أكثر من مائة ترجمة من الإسبانية إلى العربية, أشار في البدء إلى أن الإسبانية لغة واسعة؛ وقال هي لغة لأكثر من عشرين بلداً؛ فالأدب الإسباني واسع ويشمل تقريبا ثلث الكرة الأرضية, مشيراً في هذا الصدد إلى انتشار هذا النوع من الأدب في أميركا الجنوبية التي تنتشر فيها الإسبانية بشكل واسع. صلات وشيجة وأكد علماني إن العلاقة بين اللغتين الإسبانية والعربية قديمة تعود إلى القرن الثامن الميلادي عندما فتحها المسلمون وامتزج العنصر العربي بالعنصر الأندلسي (شبه الجزيرة الإيبيرية) وقال: إن الإسبانية خرجت عن اللغة اللاتينية, موضحاً أنها خرجت أيضا للقشتالية أولاً والبرتغالية, وأن العلاقة بين الإسبانية والعربية استمرت ثمانية قرون في إشارة منه لأفول الدولة العربية الإسلامية هناك, معبراً عن أسفه لعدم وجود ترجمة مباشرة وذات أثر من الإسبانية إلى اللغة العربية؛ فجل الترجمات عن الأدب الإسباني للعربية كانت عبر لغات وسيطة كالفرنسية والإنجليزية وعن الأولى أكثر. أعمال مترجمة وأضاف علماني: إن أبرز الأعمال المترجمة إلى العربية هي الملحمة الإسبانية وهي أم الروايات في العالم ولكنها لم تكن كاملة, مشيراً إلى أن أول محاولة ترجمة من الإسبانية إلى العربية كانت في مصر على يد عبد العزيز الأهواني ولكنها لم تكتمل, كما أشار إلى أن عبدالرحمن بدوي ترجم أيضاً الأدب الإسباني عن طريق اللغة الألمانية والفرنسية وهو من أفضل المترجمين كما يرى. البدايات الأولى وقال علماني: بدأ الأدب الإسباني بالانتشار في سبعينيات القرن العشرين, وكان أدبا إسبانيا ولكن من أميركا الجنوبية؛ إذ حدث انفجار هائل في الرواية الأميركية الجنوبية وأذهل أدباء أميركا الجنوبية إسبانيا نفسها، أزيد من ذلك تتلمذ الأدباء الإسبان عن الأدباء الأميركيين اللاتينيين. وأضاف: في أواخر السبعينيات بدأت ترجمات عن الإسبانية مباشرة في بيروت لمترجمين سوريين, وكانت أول ترجمة للوركا صدرت في كتاب في دمشق العام 1964م وقبل هذا ترجمت أعمال لوركا في مجلات على شكل مقالات في العام 1953م, وترجمت أعمال لوركا كاملة في مصر وليبيا. مشروعات ناجحة وأخرى متعثرة وأردف علماني: في المغرب ترجمت رواية إسبانية من القرن التاسع عشر، مشروع كلمة في أبو ظبي ترجم أيضاً العديد من الأعمال لإسبان وكذلك في الكويت، وفي السعودية نشرت دار أثر أربعة كتب مترجمة، وفي قطر كان هناك مشروع للترجمة عن الإسبانية ولكن يبدو أنه تعثر, وأضاف: أسندت لي في قطر ثمانية أعمال لم يصدر منها سوى عملين، وأخبرت أن الدار ستتوقف عن العمل. ترجمة الأدب العربي إلى الإسبانية المحور الثاني الذي كان حول ترجمة الأدب العربي إلى الإسبانية وتحدث فيه لويس ميغل مدير مدرسة طليطلة للترجمة حيث قال: لدينا قاعدة ببيوجرافيا للأعمال المترجمة في المدرسة وصلت إلى 1850 عملاً مترجماً، وأشار لويس إلى أن الترجمات العربية إلى القشتالية تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي إلى مدينة طليطلة؛ إذ شجع الأسقف دون رايموندو على ترجمة أعمال فلسفية ودينية من العربية إلى اللاتينية ثم بعد قرن قام الملك الفونسو العاشر بالدفع بترجمات في علم الفلك والفيزياء والكيمياء والرياضيات.. وقد استمرت حركة الترجمة بفضل الوجود المهم لجماعات إسبانية- عربية خلال القرون الوسطى.. وأضاف: مدرسة طليطلة للترجمة هي الوريث الشرعي لمدرسة دار الحكمة في بغداد التي أسسها الخليفة هارون الرشيد، بعد أن سقطت الدولة الأموية العربية في الأندلس وكانت هذه الأعمال تحمل المعارف اليونانية والهندية والفارسية مثل كتب أرسطوطاليس وبطليموس, ويقال إن الخليفة القرطبي الحاكم الثاني كوّن مكتبة تضم أربعمائة ألف كتاب وبلغت عدد النساء اللائي ينسخن القرآن الكريم 170 امرأة. وأشار إلى أن طليطلة كانت أول مدينة سقطت بأيدي المسيحيين وكان يسكنها مسلمون ومسيحيون وكان فيها عدد من المساجد والمعابد اليهودية, وترجمت هذه المدرسة كتب كثيرة مثل كتب أرسطوطاليس وبطليموس ولم تكن هذه الترجمات معروفة في سائر أوروبا من قبل وبعدها ظهر جيل نقل عن العربية إلى اللاتينية، ترجم في طليطلة عن العربية كتب الفلسفة والطب والهندسة والمنطق والرياضيات ... الخ. وترجم القرآن الكريم سنة 1209م وترجم كتاب كليلة ودمنة والإنجيل...الخ ومن خلال هذه الترجمات وضعت أسس النهضة الأوروبية واستمر نشاط الترجمة بفضل وجود العرب والإسبان، ومنذ القرن التاسع عشر بدأت تُدرّس العربية مادة أكاديمية وتم التركيز على تأريخ الأندلس، وترجمت مقتطفات من الشعر الأندلسي كان لها تأثير على بعض المؤلفات كما ترجم كتاب ألف ليلة وليلة، وفي العام 1954م قام المستعرب الكبير إميليو غارثيا غوميث بتأسيس المعهد الإسباني العربي للثقافة (التابع لوزارة الخارجية الإسبانية) توافقاً مع السياسة الإسبانية التي كانت تهدف إلى كسر عزلتها الدولية بتدعيم أواصر الصداقة مع العالم العربي. وقال لويس: منذ الستينيات ترجمت أعمال حديثة في المسرح والقصص والشعر مثل أعمال لتوفيق الحكيم «أهل الكهف» وثلاثة أعمال من فصل واحد (1963) ومحمود تيمور ويوسف إدريس وغيرهم. ويُعدّ الشعر الجنس المفضل لدى المترجمين الإسبان تليه بقية الأجناس الأدبية. دور النشر وفيما يتعلق بدور النشر قال لويس: ولدت أول دار نشر متخصصة في الأدب العربي سنة 1985م وشكل منح نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب والفنون منعطفا مهما؛ إذ ترجم له أربعون عملا بالرغم أنه حتى العام 1988 لم يكن له إلا عمل واحد مترجم وأشار إلى أهمية الطباعة والنشر في إسبانيا؛ إذ تكلفان ا% من الناتج القومي لإسبانيا وفي العام الماضي فقط طبع ثمانون ألف عنوان و25 % من الكتب المنشورة هناك مترجمة 20 ألف فقط العام الماضي وهي بذلك (إسبانيا) تفوق الولاياتالمتحدة وبريطانيا إذ لم تتجاوز النسبة في كل بلد منهما 4 % فحسب وأوضح أنه في العام الماضي تم ترجمة 13 عملا من العربية إلى الإسبانية 70 % منها أدبية. إحصائيات أخرى بلغت الأعمال العربية المترجمة من العربية إلى التركية خلال ال25 السنة الماضية 1161 عملاً، وفي فرنسا 1065 من العربية إلى بقية دول أوروبا كتاب واحد بين كل ألف كتاب مترجم. مدرسة طليطلة وأردف لويس: أسهمت مدرسة طليطلة للترجمة في ترجمة العديد من الأعمال تصل إلى 100 كتاب من العربية مباشرة، وأشار إلى أن المدرسة تنظم ندوات ولقاءات دولية في هذا الخصوص وفيها تخرج 1700 طالب من كل دول البحر المتوسط والعالم العربي. ترجمات للأدب السعودي وبالنسبة لحظ الأدب السعودي من الترجمة للإسبانية قال لويس: ترجمت شخصياً عدداً من الأعمال مثل: الله يراني, وماذا نأكل، وأدب الطفل السعودي، وحواسي الخمس، وعصام لا يحب الاستحمام، كان هذا في الأشهر القليلة الماضية، كما تُرجمت أعمال لعبدالرحمن منيف.. وانتهت الندوة بعدد من المداخلات والأسئلة..