دون شعور تذرف دموعك، وينتابك الأسى والحزن أمام حقيقةٍ مرّة، تحكي قصة شاب صارع الحياة لكي يعيش سعيداً فمات قبل أن يرى السعادة. الشاب هشام حامد سعيد ناجي قاسم الشرعبي، من أبناء قرية معقل، عزلة الهياجم، مديرية شرعب الرونة، يبلغ من العمر 23 عاماً، أكمل دراسته الثانوية، ولم تسمح له ظروفه المعيشية القاسية مواصلة التعليم الجامعي. فغادر مُكرهاً ساحة التعليم، والتحق بركب العمال في ساحة العمل، وظلّ متنقلاً من عملٍ إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى داخل اليمن، يركض وراء المعيشة وبِهمّةً عالية متجاوزاً حدود طاقته على خلاف العادة، وكل ذلك بغرض توفير لقمة العيش الحلال له ولأفراد أسرته، وهكذا ظل يصارع الحياة ويكابد مرارتها علّه يجد السعادة وتكون خاتمةٍ لحياة البؤس والكآبة لا سيما أن الليل يعقبه نهار، وأن مع العسر يسرا، ولبث الشاب هشام حامد على هذا الحال حتى جاء الوعد المنتظر والأمر الذي لم يكن في الحسبان. فمع بداية العام 2014م، تسلّل إلى قلب هشام قناعة أن الوضع في البلد لم يعد مناسباً العمل فيه، وقرّر أن يغادر إلى المملكة العربية السعودية بموجب «فيزا» تمكنه من العمل هناك، وفعلاً تم شراء «الفيزا» بمساعدة أصدقائه ووالدته التي باعت كل ما تملكه من الذهب، وفي تاريخ 5 فبراير 2014م غادر هشام الوطن وصولاً إلى جدة ومكث هناك يستكمل إجراءات نقل الكفالة وتصحيح وضعه حتى حان موعد العمل الذي بدأه في تاريخ 6 مارس من الشهر الجاري 2014م في أحد المخابز هناك، وحينها شعر هشام أنه قد وضع قدميه على أعتاب حياته المستقبلية الأكثر إشراقاً ونوراً وسعادة. واستبشرت أسرته هي الأخرى بذلك ورأت أنها فعلاً تجاوزت الواقع المرير وشرعت مباشرة برسم ملامح حياتها الجديدة من واقع ما يعكسه كل مغترب يمني على أفراد أسرته داخل اليمن. 10 عشرة أيام فقط، كانت هي الفاصلة بين الفرح والترح ليبدأ بعدها قصة أخرى مليئة بالألم والحسرة؛ تمثّلت بوفاة الشاب هشام حامد نتيجة احتراقه بانفجار طابونة المخبز الذي كان قد بدأ العمل فيه، حيث فارق الحياة ليلة الأحد الماضي 16مارس 2014م متأثراً بجروحه، ليطوي برحيله من الدنيا قصة كفاح مرير تاركاً خلفه فصولاً من الحزن والأسى يكتوي بنارها أفراد أسرته صباح مساء ولا يمكن أن تنساها ذاكرتهم مع كل من يذهب ويعود من وإلى أرض الوطن من المغتربين؛ لم لا وهذا لسان حال والدته الحنونة التي ودّعته بالسفر لكي تستقبله بالعودة، لا أن تودّعه إلى غير رجعة. آه... ما أقصى حياة الفرد عندما يعاديه الزمن، وما أعمق أثر الحزن عندما يغادر الحياة عزيزاً دون إنذار. رحمة الله تغشاك يا هشام، وإلى جنة الخلد إن شاء الله، وعزائي إلى أفراد أسرتك والذي أسأل الله العلي العظيم أن يعصم قلوبهم ويلهمهم الصبر والسلوان.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».