عقدت في مقر صندوق النقد الدولي بواشنطن يوم أمس جلسة مباحثات ثلاثية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بحضور ممثلي وخبراء صندوق النقد والبنك الدوليين. ترأس الجلسة من الجانب اليمني كل من وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي ووزير المالية صخر الوجيه وممثل الجانب السعودي وكيل وزارة المالية للشؤون المالية الدولية الدكتور سليمان بن محمد التركي، فيما ترأس الفريق الأمريكي النائب الأول لمساعد وزير الخزانة لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا اندرو باوكول. كرست المباحثات لمناقشة المجالات التنموية والاقتصادية ذات الأولوية لحكومة الوفاق الوطني. كما جرى بحث سبل تعزيز مسار المرحلة الانتقالية السياسية ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية بحسب اتفاقية المساءلة المشتركة التي وقعت عليها اليمن بناءً على مخرجات اجتماعات وتعهدات مجموعة أصدقاء اليمن. وتناولت المحادثات الترتيبات الجارية لعقد الاجتماع القادم لمجموعة أصدقاء اليمن في العاصمة البريطانية لندن وذلك نهاية الشهر الجاري. وعبرت الحكومة اليمنية عن أملها في أن يقف شركاء التنمية والمانحون خلال الاجتماع القادم لأصدقاء اليمن أمام التحديات الراهنة الماثلة في الجوانب الاقتصادية والتنموية، بغية الخروج بنتائج من شأنها تعزيز دعم المجتمع الدولي لليمن ومواصلة تمويل المشاريع والبرامج التي تحمي الفئات الأشد فقراً وتزيد من النمو الاقتصادي عبر النهوض بالاستثمارات والمشاريع الاستراتيجية الكبرى والرامية بشكل أساسي إلى مجابهة البطالة في أوساط الشباب. وأوضح وزيرا التخطيط والتعاون الدولي والمالية أن اليمن يقف أمام تحد اقتصادي قوي، وأن حكومة الوفاق تعكف حالياً على ترجمة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى قرارات ومصفوفة إجراءات تنفيذية .. مبينين أنه تم تشكيل لجنة صياغة الدستور، بينما تواصل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الإجراءات الهادفة للإعداد لتأسيس سجل الكتروني للناخبين. ولفتا إلى أن عجز الميزانية للعام المالي الجاري انكمش مقارنة بالعجز الفعلي للعام المنصرم.. مؤكدين أن أعمال التخريب التي طالت أنابيب نقل خام النفط أدت إلى تراجع الإيرادات الحكومية. وجرى خلال المباحثات تقييم عمل المنظمات الدولية في اليمن ومناقشة الصعوبات التي يواجهها القطاع الخاص بسبب صعوبة الاقتراض من البنوك المحلية. كما جرى بحث سبل سد الفجوة في الميزانية العامة جراء تراجع الإيرادات وارتفاع الأجور. وأشاد وزير المالية بجهود الصناديق الدولية والإقليمية في دعم المرحلة الانتقالية السياسية.. وقال: «وقوف الأصدقاء والأشقاء خاصة المملكة العربية السعودية إلى جانبنا في المرحلة الراهنة هو محل احترام وتقدير اليمن حكومة وشعباً». وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أن اليمن سيمضي بنجاح في ظل وجود الدعم الملموس من شركاء التنمية.. مشيداً باهتمام وحضور المملكة العربية السعودية القوي في هذا المجال الحيوي؛ باعتبارها الشقيقة الكبرى. وأشار إلى أن الحكومة لمست كل التعاون من الجانب السعودي. من جانبه استعرض وكيل وزارة المالية السعودية برامج المساعدات المخصصة لليمن، معرباً عن تقدير المانحين للظروف الصعبة التي تمر بها الجمهورية اليمنية. وفي السياق ذاته، تناول النائب الأول لمساعد وزير الخزانة الأمريكية أولويات الدعم للقطاعات المالية والتنموية بحسب رؤية حكومة الوفاق الوطني.. مشددًا على ضرورة مواكبة الإصلاحات والمساعدات لتطلعات الشعب اليمني عبر تعزيز الشراكة القائمة في المجالات الاقتصادية والمالية والتنموية بُغية وضع الاقتصاد اليمني على طريق الاستدامة. واتفق المشاركون في المباحثات أن اليمن يشهد وضعاً استثنائياً يستوجب التعامل معها بشكل استثنائي. واجمعوا على ضرورة مواصلة الإصلاحات المالية والإدارية ومكافحة الفساد وإنهاء حالات الازدواج الوظيفي وترشيد الإنفاق وتوجيه التوفير في تحفيز النمو الاقتصادي؛ بُغية خلق الوظائف لقطاع الشباب، وتطوير بيئة الأعمال، وتشديد الرقابة على القطاع العام، وتعزيز الحوكمة، والحفاظ على استقلالية البنك المركزي. وفي ختام اللقاء، أوضح وكيل وزارة المالية السعودية الدكتور سليمان بن محمد التركي لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أنه حرص خلال المحادثات على تأكيد التزام المملكة العربية السعودية بمواصلة دعم مسار التسوية السياسية في اليمن على ضوء مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي. وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي قال من جانبه : «نحن متفائلون لأننا وجدنا تفاعلاً ملموساً واهتماماً ملحوظاً من أصدقائنا وأشقائنا وتفهماً للتحديات التي تواجه اليمن في الوقت الراهن». وأضاف: «جرى الاتفاق على مراجعة المنح والمشاريع المقدمة في إطار مجموعة أصدقاء اليمن وإعادة تخصيص أو هيكلة المساعدات المجمدة». وأردف الدكتور السعدي قائلاً: «نحن اليوم لا نبيع الأوهام بل لدينا رؤية وقيادة موحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية والأمنية والاجتماعية وسنعمل بحذر وحكمة على حلحلتها». وزير المالية صخر الوجيه أوضح بدوره أنه جرى خلال المحادثات نقاش بناء وكانت المحادثات إيجابية وستتبعها خطوات عملية.. وقال: «لمسنا من شركاء اليمن تفهمهم الكبير للأوضاع الحرجة في اليمن وكذا تفهمهم لتجنب زيادة الأعباء والضغوطات الاجتماعية على المواطن وضرورة تحفيز النمو الاقتصادي عبر الوصول إلى رؤية اقتصادية وسياسية موحدة ومواصلة أجندة الإصلاحات الوطنية». شارك في المباحثات من الجانب اليمني رئيس مصلحة الجمارك الدكتور محمد زمام، ووكيل وزارة المالية لقطاع العلاقات الخارجية الدكتور يحيى العنسي، ورئيس المكتب الفني بوزارة المالية طارق الشرفي، ومدير عام المساعدات والمنح بوزارة المالية هاني عنان، والقائم بأعمال سفارة اليمنبواشنطن عادل علي السنيني، والملحق الاقتصادي والتجاري بالسفارة عبدالرحمن محمد الإرياني. إلى ذلك رحبت المملكة المتحدة بانعقاد الاجتماع السابع لمجموعة أصدقاء اليمن على مستوى وزراء الخارجية في لندن يوم 29 أبريل الجاري برئاسة مشتركة لكل من بريطانيا والسعودية واليمن. وقالت الخارجية البريطانية في بيان أصدرته أمس: «باختتام مؤتمر الحوار الوطني في وقت سابق من العام الحالي، دخل اليمن مرحلة جديدة في انتقاله نحو إجراء الاستفتاء الدستوري والانتخابات». وأضافت: «ومن المتوقع أن يصادق الاجتماع القادم لأصدقاء اليمن على اقتراح وزير الخارجية اليمني بتغيير هيكل مجموعة أصدقاء اليمن بحيث يكون دعمها لليمن موجهاً أكثر». وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ سيفتتح هذا الاجتماع، ثم يشاركه في رئاسته وزير شؤون الشرق الأوسط هيو روبرتسون، ووزير شؤون التنمية الدولية آلان دنكان، فضلاً عن وكيل وزير الخارجية السعودي للعلاقات المتعددة الأطراف الأمير الدكتور تركي الكبير، ووزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي. ولفت البيان إلى أن ممثلين عن مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة والمكتب التنفيذي لتسريع تعهدات الدول المانحة سيلقون كلمات في هذا الاجتماع. وأوضحت الخارجية البريطانية في البيان أنه وإلى جانب تغير هيكل المجموعة، تتضمن أولويات هذا الاجتماع تقييم ما تحقق من تقدم في الأهداف السياسية والاقتصادية والأمنية التي حددها اجتماع أصدقاء اليمن السابق الذي عقد في نيويورك في 2013، وضمان عمل الدول المانحة عن قرب مع المكتب التنفيذي بهدف ضمان أن الأموال التي تعهدت بها لمساعدة مستقبل اليمن سوف تنفق بفعالية. الجدير بالذكر أن مجموعة أصدقاء اليمن تشكلت في عام 2010 لتنسيق الدعم الدولي المقدم لليمن، وتضم في عضويتها 39 دولة ومنظمة. هذا وكان سفير بلادنا لدى المملكة المتحدة عبدالله الرضي استعرض خلال لقائه أمس بوزير التنمية الدولية البريطاني ألن دانكن الترتيبات الجارية بشأن مؤتمر أصدقاء اليمن، والذي من المقرر انعقاده في العاصمة البريطانية لندن يوم 29 أبريل 2014م.