الظهور المتميز للمرأة اليوم في مجال التدريب وفي مواضيع التنمية البشرية يعطي مؤشرا أنها قادرة على التعاطي مع مستجدات العصر وكل جديد فيه، ومنها التدريب والتأهيل اللذان تواجدا فيها بقوة وصار لها بصمة في الواقع، بل ولها برامجها ومشاريعها الخاصة في التنمية البشرية، ولذلك فلا غرابة أن واجهت الكثير من المنتقدين لوجودها في التنمية البشرية لأن من ينتقدها لا ينظر للمصلحة المشتركة بين الرجل والمرأة، بل نظرته مركزة على تضرر مصلحته الخاصة من مزاحمة المرأة له في مجال التدريب. اليوم نلمس الوجود المتميز للعنصر النسائي في البرامج التدريبية والتأهيلية بحثاً عن التميز في تلك البرامج، وهناك من صارت مدربة ولها بصمتها في الواقع وهناك من تسعى لتصنع لنفسها بصمة، وبين المدربات والمتدربات يتواجد رابط مشترك بين الطرفين وهو إثبات الذات وتحقيق هدف المرأة في الحياة وخدمة المجتمع من خلال التنمية البشرية. صانعة البصمة اليوم غنية عن التعريف ولأن المعرف لا يعرف فإن القلم يعجز عن إعطاء صانعة البصمة حقها من السرد لما تستحقه من الثناء والإشادة بدورها الإنساني في الواقع من بوابة التدريب الذي من خلالها وضعت لها بصمة تدل عليها. صانعة بصمتنا اليوم هي المدربة عائشة يحيى سعيد قائد الصلاحي محاضرة ومربية جماهيرية متعددة الاهتمامات الإنسانية.. مدربة وكاتبة وإعلامية ومستشارة في مجال التنمية البشرية ومتخصصة في الجوانب الوجدانية والتربوية خصوصاً للشباب والفتية منذ أكثر من 17 سنة (بالتدريج). الصلاحي تتذكر أولى لحظاتها مع التدريب فتقول: بالتأكيد أتذكرها فهي من أجمل أوقات حياتي.. كانت لطالباتي وبناتي الحبيبات في جامعة تعز وكنا نمارس التدريب دون أن نعرف أن اسمه تدريب.. يعني نخترع تمارين وورش عمل من باب التجديد للبنات ونبتكر وسائل توضيح وألعاب لنوصل لهم الفكرة بأحسن طريقة. وتتذكر من كان لهم فضل في دفعها للتدريب وتذكر منهم – حسب قولها - مرشدتي وأستاذتي وفاء الصلاحي.. وأستاذي الذي منحني رخصة التدريب سمير حبيب بنتن.. أكثر مدربين تأثرت بهما في بداية مشواري وفيما بعد تأثرت بالدكتور طارق السويدان، والأستاذ شوقي القاضي، والشهير ستيفن كوفي. وعن سبب توجهها للتدريب تقول: التدريب وسيلة قوية وحديثة لتوصيل المعلومة للناس وأنا أحتاج لها لإيصال رسالتي للآخرين كحاجتي لوسائل أخرى استخدمها بحسب وقتها ومناسبتها للمعلومة المراد توصيلها، وسيلة أخرى ممتعة وثرية لتوصيل رسالتي.. مدخل ممتاز للتواصل مع الناس ومساعدتهم، ومنبع رائع لزيادة خبراتي وصقل مواهبي الجماهيرية، ومصدر جيد للدخل المادي والمكانة الاجتماعية. وحول وجهة نظرها تجاه التخصص في التدريب تقول: بالتأكيد التخصص ثم التخصص ثم التخصص، أما صاحب (السبع الصنايع والبخت ضائع) لا مكان له في عصر (الميكروتخصص) وثورة المعلومات.. كما أنه عبث وتدليس على الناس.. تصور أن موضوع واحد (رسالة العمر) أخذ مني بحث وتطوير ل11 سنة وما زلت أشعر أني أحتاج لمزيد من التحسين فيه، فكيف بمن يقفز هنا وهناك بمجرد منشورات أنترنت لا فائدة منها حقيقة، وأقول لهم (اتقوا الله واحترموا عقول الناس) ومن ثم أخبرهم أن عليهم مراجعة تقديرهم لذواتهم فلديهم فجوة كبيرة في الوعي بالذات والرسالة الشخصية. وعن مواصفات المدرب الناجح تقول: هناك مواصفات في كل كتب تدريب المدربين وهنا سأذكر ما أريد التركيز عليها من خبرتي ورؤيتي: الحب ثم الحب.. على المدرب أن يحب جمهوره وأن تكون مشاعره صادقة تجاههم لينفعهم و يفيدهم ويقدم لهم ما يحتاجونه، والقدرة على تحليل الاحتياجات للمتدربين وهي مهارة عميقة وصعبة جداً إذ عليه أن يطرح ما يحتاجه الناس من الموضوع وليس كل ما يجده في الموضوع، فهو ليس بحث ماجستير أو ما شابه بل هو مرشد ومعلم وطبيب لمكان الألم والنقص لدى المتدربين، والنكهة الخاصة للمدرب يجب أن تكون في إعداده للتمارين والأنشطة وصياغة المعلومات وترتيبها.. عليه هضم الموضوع ثم إعادة إخراجه في لون خاص به التعديل والإنصات والبحث مع التطوير المستمر أثناء كل دورة وبعدها على حسب النقاش والأسئلة التي يطرحها المتدربون، في الأول والأخير يبقى جزء كبير من العطاء هو فتح رباني لذا على المدرب الإخلاص لله وطلب الإلهام لما يجب عليه طرحه وفعله. وعن الانتشار الكبير للمراكز والمعاهد التدريبية تقول: الأسباب انفلات وفوضى.. جمهور بسيط يقبل كل ما يطرح عليه بلا محاكمة ولا محاسبة.. وأناس حمقى سيطر الجشع عليهم فصاروا يتاجرون بكل شيء.. ومفكرون مات فيهم الضمير.. وعن المدربين الجدد الذين يأخذون دورة TOT وفجأة يتعاملون مع الآخرين من زاوية الغرور تقول عنهم إن سبب ذلك يتركز في (عقدة النقص) لدى الإنسان وهي التي تجعله يشعر أنه متضخم لسبب ما ويغفل المسكين أن أشد الجهل أن تعتبر نفسك عالماً. وعن التطوع في حياتها كمدربة تقول الصلاحي: التطوع هو المحضن الأول الذي رباني وصقل مهاراتي وهو الميدان الذي تحمل أخطائي في بداية الطريق وصاحب الفضل علي، المجال الطوعي منحني الرسالة لحياتي وأعطاني الشعور بقيمتي في الكون لذا يظل هو الأصل وغيره متطلبات عيش لا مفر منها. وعن البصمة التي تفتخر بها في حياتها تقول: الحقيقة لا أمتلك شيئا محددا أفتخر به لكني ممتنة أني ما زلت مستمرة في رسالتي ومنهجيتي الخاصة بي طوال كل هذه السنين على الرغم من كل ما واجهته. وحول المشاكل التي ترى أنها تقف أمام تطور التدريب في اليمن تقول: تشرذم الجهود وانعدام توحد الرؤى ونقص رعاية الكوادر في مجاميع تخصصية رسمية وجماهيرية لتكون على مستوى التحديات التي تواجه بلادنا.. التدريب يحتاج لمسار يحقق التكامل مع الوسائل التنويرية الأخرى ليحقق كفاية لاحتياجات شعبنا.. شعبنا نحن ليس كشعوب البلدان الأخرى. وعن تفسيرها لظاهرة السفر من قبل البعض لحضور برامج تدريبية خارج الوطن مع ارتفاع كلفتها تؤكد الرغبة في التجديد و التغيير.. الشغف لاستطلاع ما عند الآخرين كتداول حضاري للعلم وخصوصاً عندما يكون مفقود في بلادنا.. وربما عقدة تفوق الغريب على ابن البلد.. والكثير لأجل أن يقال شهادة من المكان الفلاني فيرفع بذلك قدره (وسعره) كصيت إعلامي وتسويقي. وعن عدم كفاءة المدرب المحلي تقول: لا مكان في الحياة للتعميمات.. لا يمكنك أن تقول المحلي غير كفؤ أو المحلي كفؤ وتطلقه تعميم غير مفصل.. السفر للخارج له أسبابه والمدرب المحلي تتوقف كفاءته على شخصيته ومثابرته وليس على ردود الأفعال تجاهه.. وسبحان الله العودة في موطنها حطب والذهب في أرضه مجرد تراب. وعن البحث عن الكسب المادي من التدريب تقول: (يا رحمتااااااه) سيعمل كالآلة وسيحترق عاجلاً أم آجلاً.. العمل مع الناس مضن ومستنزف للقوة وإن لم تكن لك رسالة تعطيك النور والعزم لتواصل ستطحنك مجريات الحياة ومستجدات السوق وستنتهي حتى لو ظللت واقفا كشجرة جوفاء.. الرسالة منبع حياة وتدفق طاقة للإنسان وخاصة لمن يتعاملون مع مشاعر وعقول البشر وبدونها تشهد سقوطات بشعة وفضائح مفجعة.. ربنا المستعان. وعن رسالتها التي تقدمها من خلال التدريب تقول: رسالتي سري الخاص لكن يمكن تلخيصها: أحاول أن لا يتألم الآخرون مما تألمت منه فقط. وتوجه رسالتها للمدرب الجديد بأن يكون شجاعا ورائعا ومتفانيا وأكثر صدقاً وإخلاصاً للرسالات ولحوائج المجتمع وليس للمكاسب.. تقدير الذات ودردشة حب.. و سبق أن تحدثت عن احتياج التدريب في اليمن أما في تعز فيحتاج دعما ماديا فالوعي قوي في تعز والجمهور متحمس لكن الدعم المادي شحيحا والتمويل متركزا على المراكز في صنعاء. وتختم بقولها: كل ما سبق في حديثي وأختمه بالحديث القدسي :”يا موسى تعلم الخير وعلمه للناس فإني منور قبور من يتعلمون الخير ومن يعلمونه”.