تمخضت جهود عدد من طلاب المرحلة الإعدادية في العاصمة صنعاء عن اختراعات متعددة أبرزها في مجال الطاقة الكهربائية.. ويشكو العديد من الشباب المبدعين في اليمن معاناتهم من عدم توفر رأس المال (التمويل)، وغياب التشجيع، إضافة إلى عديد أسباب حالت وما تزال دون ترجمة أفكارهم الاستثمارية إلى مشاريع على أرض الواقع، «الجمهورية» تسلّط الضوء في هذا الاستطلاع على أفكار واختراعات عدد من الشباب الاستثمارية لمساعدتهم في تسويقها والحصول على من يموّلها. المروحة الكهربائية يقول رامي الأشول، الطالب في الصف الثامن بالمدرسة اليمنية الحديثة بصنعاء: “مشروعي اسمه “المروحة الكهربائية”، الهدف منه توليد الطاقة الكهربائية عبر الرياح أو الحركة”. وقال الأشول، وهو أحد الطلاب الذين شاركوا في معرض الاختراعات الذي أقامته المدرسة اليمنية الحديثة لطلابها منتصف أبريل الجاري: إن فكرة هذا المشروع بدأت عندما طلب منهم المدرسون في المدرسة التفكير في اختراع يفيد في تطوير الكهرباء في اليمن؛ غير أنه لم ينجز سوى نموذج مصغر لما ستكون عليه النسخة الحقيقية. ويضيف: “قد لا تكون الفكرة جديدة، ولكن حتى الآن لم يتم تنفيذ مشروع مشابه لها، ونأمل الاهتمام بالموضوع. جميعاً نعلم أن اليمن تعاني من مشكلة الكهرباء، فإذا لقي هذا المشروع الاهتمام من قبل الممولين، وتم تبنيه بشكل استثماري، فسوف ينقل اليمن خطوة إلى الأمام، وسيساعد كثيراً في تحسين خدمة الكهرباء”. مصعد كهربائي متميز كما اخترع زميلاه في الصف الثامن وفي المدرسة نفسها، أسامة الجوبي ويزن الأشطل، مصعداً كهربائياً يتميز بخاصية تُمكّنه من العمل أثناء انقطاع التيار الكهربائي. يقول أسامة الجوبي: “إسم المشروع المصعد الكهربائي (الاصنصير)، الهدف منه نقل البضائع والمواطنين صعوداً ونزولاً في المباني بسهولة (يستخدم في نقل المواطنين واحتياجاتهم في المباني السكنية وغيرها)، أهميته يُحوّل الطاقة الكهربائية إلى طاقة كيميائية”. ويرى الجوبي، أن فكرة هذا المشروع تتميز بأن المصعد لن يتوقف مباشرة أثناء انقطاع التيار الكهربائي، كما هو حال المصاعد القائمة، “مشروعنا في حال نُفذ على أرض الواقع، سيستفيد منه اليمنيون بشكل كبير، لأنه عندما تنطفئ الكهرباء سيظل المصعد يعمل بالبطارية...»، قال الطالب أسامة الجوبي ذلك مستدركاً. الحفّار الهيدروليكي إلى ذلك تحدث علي شرف الوريث، هو الآخر طالب في الصف الثامن بالمدرسة اليمنية الحديثة بصنعاء، عن اختراعه المسمى (الحفار الهيدروليكي)، والذي شاركه فيه زميله محمد الكهالي. يقول علي الوريث: إنه وزميله الكهالي صمما هذا الاختراع بصورته المصغرة واستغرق ذلك عدداً من الأسابيع، ويضيف: “الحفار الهيدروليكي سيستخدم للحفر والتنقيب على الآثار وغيرها (بواسطة الضغط). تتكون النسخة المصغرة لهذا الجهاز من مجموعة من المفاصل (أشكال بلاستيكية) وحُقن (إبر أو شرنقات)، وعجلات، وموصل بلاستيكي (أنبوب) يربط الحقن بأعضاء الجهاز، وعند الضغط على الحقن تتحرك أعضاء الجهاز ويبدأ بعملية الحفر، وبواسطة الشفط (سحب الحقن) يعود الحفار إلى وضعه الطبيعي...”. ويؤكد علي الوريث أن الجدوى الاقتصادية من هذا الجهاز (الحفار الهيدروليكي) كبيرة جداً، كونه يولّد طاقة حركية من قوة الضغط، وهو ما يساهم في التخفيف من استخدام المشتقات النفطية في اليمن، فضلاً عن أنه سيتيح للمواطنين إقامة مشاريع اقتصادية كثيرة. وفوق ذلك، قال الوريث: إن هذا الجهاز صديق للبيئة، في إشارة إلى أنه يتجاوز إشكالية الاستخدام المفرط للمشتقات النفطية كما هو الحال في الحفارات المستخدمة حالياً. داعياً في الوقت نفسه الحكومة اليمنية والقطاع الخاص إلى تبنّي هذا المشروع وتنفيذه.. التحكّم الذكي بالعدّاد الكهربائي ويتمتع الكثير من الشباب اليمنيين بمواهب زاخرة، وإمكانيات ذاتية أو قدرات كبيرة على الاختراع والإبداع في مختلف المجالات، الأمر الذي يتيح استثمار هذه الأفكار في مشاريع استراتيجية. ويقول الشاب نبيل قاسم، وهو خريج هندسة الكترونية واتصالات كلية الهندسة جامعة عدن عام 2011م: “مشروعنا الاستثماري اسمهIntelligent Control over Electricity Meter (التحكم الذكي بالعداد الكهربائي)، وهو جهاز عبارة عن دائرة الكترونية يتم ربطها بالعدادات الكهربائية المطلوب التحكم بها عن بعد، عن طريق شبكة GSM وذلك باستخدام رسائل SMS”. ويعدّد نبيل، مميزات هذا الجهاز، الذي كان مشروع تخرجه وستة من زملائه من الدراسة الجامعية، قائلاً: “يمكنه التحكم الكامل بالعداد الكهربائي عن بُعد، من خلال إرسال القراءات (استهلاك المواطن للتيار الكهربائي) إلى شركة الكهرباء عند نهاية كل شهر باستخدام شبكة GSM، ويوفر لشركة الكهرباء القدرة على إطفاء وتشغيل العداد الكهربائي عن بعد، فضلاً عن أنه يقوم بإرسال تحذيرات إلى شركة الكهرباء في حال التلاعب بالعداد أو القيام بسرقة التيار الكهربائي، ويوفر للمواطن ميزة الاستعلام عن فاتورة الكهرباء بأي وقت عن طريق الرسائل القصيرة SMS، إلى جانب إمكانية إضافة خدمة الدفع المسبق للتيار الكهربائي إليه». وقال المهندس نبيل قاسم: إن فكرة هذا المشروع، الأول من نوعه في اليمن، ما كان لها أن ترى النور لولا نصيحة والده (قاسم) الذي يعمل مهندساً كهربائياً لدى المؤسسة العامة للكهرباء، حيث نصحه بالتفكير في مشروع يُحل مشكلة سرقة التيار الكهربائي من العدادات. ويضيف نبيل: “المشروع جديد، ولم ينفذ من قبل، صحيح أن هناك مشروع الدفع المسبق للعدادات الكهربائية تم تنفيذه في بعض مناطق العاصمة صنعاء؛ ولكن مشروعنا لا يقتصر على الدفع المسبق، ويشمل ميزات كثيرة ومهمة، كما ذكرنا سلفاً». وأكد أنه في حال نفّذ هذا المشروع على أرض الواقع سيعود للمؤسسة العامة للكهرباء والحكومة اليمنية بعائد اقتصادي كبير؛ كونه سيحد من ظاهرة سرقة التيار الكهربائي والخسائر الكبيرة المترتبة عليها (تقدر بملايين الدولارات). وعن حجم تكلفة تنفيذه على أرض الواقع قال نبيل: «نحن قمنا بتنفيذ المشروع عملياً، وكلفنا الكثير من المال، حسب إمكانياتنا ومقدرتنا، أما في حالة تنفيذه من قبل جهة وتصنيعه تجارياً سيكون بكلفة قليلة وحجم صغير، وذلك لإمكانيات المصانع الحديثة والمتطورة». دعوة لدعم الأفكار ويرى نبيل قاسم أن هناك تقصيراً من جانب الحكومة ورجال الأعمال اليمنيين في دعم الشباب المفكر وتشجيعهم، «لا توجد مؤسسات وجمعيات تعمل على تقديم الدعم للشباب الذي لديه فكرة يريد بلورتها لمشروع واقعي». وتابع: «أوجه رسالتي إلى المؤسسة العامة للكهرباء والحكومة للنظر في مشروعي، كونه سيحل مشكلة كبيرة، وسيوفر الكثير للمؤسسة، وأيضاً أتوجه برسالة إلى القطاع الخاص لدعم أفكار الشباب الاستثمارية التي ستعود بفائدة للمجتمع والجهة الممولة للمشروع». شركة للخدمات الإعلانية وبالنسبة للشاب عمار عبدالتواب شرف، الطالب في المستوى الرابع علوم مالية ومصرفية بكلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء، فلديه عديد أفكار لمشاريع استثمارية. «أنا لديّ عدة أفكار لمشاريع بعضها يحتاج دعماً كبيراً جداً، وهناك مشروع تكلفته بسيطة، معمل للتصوير الفوتوغرافي.. لكن مشروعي الاستثماري الخاص الذي أتمنى أن يتحقق هو عبارة عن شركة للخدمات الإعلانية والإنتاج التلفزيوني...». وقال عمار، الذي يعمل منذ سنوات في معامل للتصوير بالعاصمة صنعاء: إنه بدأ يفكر في هذا المشروع منذ عامين؛ غير أنه لم ينجز شيئاً على الواقع، بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية، التي يرى أنها عائق أساسي. ويضيف: “تكلفة تأسيس المشروع تقارب عشرين مليون ريال، ومؤسسات الإقراض (البنوك) سقف القرض لديها لا يتجاوز مليون ريال، ناهيك عن شروطها التعجيزية للتمويل، ومنها الضمانات على القروض، لذا من الصعوبة أن نحصل على التمويل المطلوب منها”. ويحاول عمار عبدالتواب، الترويج لفكرة مشروعه، قائلاً: “إنشاء شركة للخدمات الإعلانية والإنتاج التلفزيوني سيوفر فرص عمل للكثير من الشباب العاطلين، كما سيقدم خدمات مختلفة للمجتمع اليمني، أبرزها التثقيف والتوعية، ما يعني أن المشروع ذا جدوى اقتصادية واجتماعية». وهو يطالب الحكومة اليمنية والجهات المعنية والمختصة بمساندة مثل هذه المشاريع الصغيرة أو المتوسطة، وتوفير الدعم المادي والمعنوي لأصحابها. من مخرجات مؤتمر الحوار تقدر نسبة البطالة في اليمن بنحو 35 في المائة، من إجمالي عدد السكان المقدر بأكثر من 25 مليون نسمة، وتتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تتجاوز 60 في المائة. وللحد من مشكلة البطالة، كأهم التحديات التي تواجه عملية التنمية وتساهم في تقويض الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، تضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي أنهى أعماله أواخر يناير الماضي، نصوصاً في مقدمتها إلزام الدولة إنشاء بنوك التمويل الأصغر لتقديم خدمات الإقراض لمشاريع الشباب بدون أرباح، وتطوير دور الصندوق الاجتماعي للتنمية، وصندوقي الأشغال العامة، والصناعات الصغيرة، للتوسع في الإقراض الصغير لأصحاب المشروعات الصغيرة، الإنتاجية والخدمية، في الأرياف والمدن، ولمختلف الأنشطة الصناعية، الزراعية، السمكية، التجارية، الخدمية... تشغيل50 عاملاً لا يختلف الوضع بالنسبة للشاب أحمد عبداللطيف، الذي يقول هو الآخر: إن فكرة مشروعه الاستثماري المتمثل بفتح سوبر ماركت، ما زال متعثراً لعدم قدرته على التمويل. وقال عبداللطيف: وهو أحد متخرجي قسم الصحافة والإعلام في جامعة عدن: «بدأتُ التفكير بالمشروع منتصف العام الماضي 2013م، وقمت بإنجاز تصور أولي لدراسة إنشاؤه وتكلفته المالية وموقع إقامته، يحتاج المشروع إلى خمسة ملايين ريال للبدء بتشغيله وإيجاده على أرض الواقع. أهم مميزاته أنه سيكون أول مركز تسوّق شامل للمواطنين في منطقة شعبية بمحافظة تعز, خدمة السكان المحليين بدرجة كبيرة, وتقديم السلع للمواطنين بأسعار مناسبة...». وأضاف عبداللطيف: «أهداف المشروع تكوين رأس مال شخصي, وتشغيل أيادٍ عاملة لا تقل عن 50 عاملاً, كسر احتكار التجار في المنطقة التي سيقام فيها. عوائق التنفيذ هي عدم القدرة على التمويل, عدم وجود شركات داعمة, بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية غير المشجعة، إلى جانب القلق من حالة اللاستقرار التي تعيشها اليمن منذ العام 2011م». مسئولية الحكومة والقطاع الخاص وإلى جانب تبني المخترعين وتطوير اختراعاتهم وأفكارهم، وترجمتها إلى مشاريع استثمارية على أرض الواقع (تصنيع وإنتاج)، ينبغي على الحكومة اليمنية والقطاع الخاص تحمل مسئولياتهم تجاه هذه الشريحة، والتعاون لنشر ثقافة الاختراع وتنشيط بيئة الاختراعات، باعتبارها من أهم العوامل لتنمية الاستثمار وتطوير الصناعات، وسبباً رئيسياً للتقدم التكنولوجي والعلمي والحضاري.