أجريت مؤخراً عديد دراسات عن معوقات الاستثمار في اليمن نفذتها عدد من مراكز الأبحاث وقياس الرأي، تحدثت عن جملة من المعوقات السياسية والاقتصادية والقانونية والأمنية التي أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلد، وتنوعت الأسباب بين الفساد المالي والإداري وظاهرة التهريب، وذكرت آخر إحصائية رسمية أن خسائر الحكومة من التهريب تجاوزت ال 300 مليون دولار سنوياً، كما مثلت ظاهرة الاختطاف نسبة متقدمة في هذه الأسباب كأحد العوامل التي تعوق الاستثمار، فيما جاءت الأوضاع الأمنية السائدة في اليمن لتشكل أهم عوائق الاستثمار أيضاً.. ولتسليط الضوء بشكل موسع على هذه العوائق كان ل (الجمهورية) لقاءات مقتضبة مع عدد من رجال الأعمال و الأكاديميين والمعنيين بالاستثمار، وخرجنا بالحصيلة التالية: رأس المال الوطني البداية كانت مع الأخ محمد محمد صلاح (نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة) والذي سألناه عن أهم العوائق التي تعيق الاستثمار في اليمن فأجاب بقوله: حقيقة لاشك أن هناك عوائق كثيرة تعيق الاستثمار وتطور هذا القطاع في اليمن، فعلى سبيل المثال قانون الاستثمار الجديد يعتبر أكبر عائق للاستثمار لأن القانون الجديد عمل على إلغاء كل المحفزات التي كانت تمثل أسساً لدعم المشاريع الاستثمارية وإقامة المصانع والاستثمارات المختلفة، وبالتالي تم إزالة المحفزات في هذا القانون؛ ولم يعد هناك محفزات ومزايا لجذب المستثمرين والاستثمارات المختلفة، وبالرغم من دعوات القطاع الخاص لتغيير هذا الواقع إلاِّ أن أصواتنا لم تلق تجاوباً من الجهات المختصة. وأضاف صلاح: أيضاً في ظل الأوضاع التي تمر بها البلد تم استحداث قوانين وتشريعات مثلت حزمة من العوائق أمام الاستثمارات، وتم اتخاذها بدون أي تشاور مع القطاع الخاص وبشكل ارتجالي، مما أضاف أعباء كثيرة على المستثمرين وعلى استثماراتهم، وبالتالي على الحكومة أن تراجع سياساتها، وندعوها إلى أن تحافظ على الرأس المال الوطني أولاً وتحد من هجرته وإزالة كل العوائق التي من شأنها الحد من تطور وازدهار هذا القطاع الحيوي الذي يمثل أهم ركائز التنمية وعمودها الفقري، وأهم قاعدة لامتصاص البطالة وتوفير فرص العمل للشباب ولتنمية المجتمع. واستطرد: طبعاً في المقام الثاني يأتي الأمن والاستقرار، فلابد من أن تبسط الدولة نفوذها وأن تعمل على بسط الأمن والاستقرار، والقضاء على ظاهرة التقطعات والاختطافات التي تهدد كل مجالات الاستثمار والاقتصاد بشكل عام، فمع حالة عدم الاستقرار من المستحيل أن تكون البلد جاذبة لأي استثمارات حتى لو كانت تملك افضل المقومات والمزايا الاستثمارية، فالأمن والاستقرار هما الأساس إذا أردنا الحديث عن دعم الاستثمار، فالكثير من رجال الأعمال تتعرض قاطراتهم ومركباتهم المحملة بالبضائع للتقطع والنهب وهذا امر خطير لا بد من معالجته بأسرع وقت، أيضاً تم مؤخراً فرض رسوم واتاوات غير قانونية والأمر الغريب وغير المنطقي أن الحكومة وافقت على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية وفق شروط وضعتها المنظمة ووافقت عليها اليمن بالرغم أن هذه الشروط مخالفة لما يستحدث الآن من تشريعات تخص الاستثمار، فالآن مثلاً يتم استحداث رسوم وعوائد تعتبر منفرة للتجارة والاستيراد واستيراد المواد الخام، لهذا المستثمر يشعر الآن أن هناك حواجز كثيرة عند إقامة أي مشروع، وأكرر مطالبتي للحكومة بأن تعمل على إزالة المعوقات التي تواجه الاستثمار، وأن تعمل على الحفاظ على رأس المال الوطني. إمكانيات اقتصادية واعدة. وقال صلاح: القطاع الخاص بدأ يضحي بنفسه ويضحي بالفوائد التي يجنيها لتطوير ذاته ليقوم باستيراد المشتقات النفطية بدلاً من إغلاق مشاريعه وتسريح عمالته التي بالآلاف، لهذا القطاع الخاص ابدى استعداده لاستيراد المشتقات النفطية التي تمثل 38 % من واردات البلد وبالتالي نحن كتجار لا نريد أن تدعمنا الحكومة في مسألة الديزل بل نريد منها أن تسهل الإجراءات لاستيراد الديزل فقط، ونحن سنحمل عبئاً ثقيلاً من على كاهل الدولة ونتحمل فارق السعر بدون أن نضيف أي أعباء على المواطن لأنه لا يوجد مجال لإضافة أي أعباء على المواطن أو زيادة في الأسعار، لأن القدرة الشرائية للمواطن اليمني ضعيفة جداً وتعتبر أقل قدرة شرائية على مستوى المنطقة، لهذا سيتم استيراد الديزل بدون أي إضافة على الأسعار، وسيتحمل القطاع الخاص فارق السعر. وأضاف: يجب أن ننظر إلى التشريعات الجاري إعدادها والدستور والذي نأمل أن يقوِّم الاعوجاج، ونتمنى أن يشرك القطاع الخاص في إعدادها وإذا لم يشارك القطاع الخاص في إعدادها ستزداد المعوقات وينكمش دور القطاع الخاص والاستثمارات، وبالتالي ازدياد معدلات الفقر والبطالة في المجتمع، فالآن هناك رسوم جمركية مفروضة بدون وجه حق حتى في مداخل المدن والمحافظات، واستحداثات جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، فالقطاع الخاص يعاني في بعض الأحيان وتحجز ناقلات محملة بالبضائع، وفي بعض الأحيان تتعرض هذه البضائع للتلف بسبب حجزها وبسبب رسوم غير قانونية، وبالتالي لابد للحكومة أن تراعي هذه الجوانب لدعم الاستثمارات المختلفة التي تعتبر رديفاً حقيقياً للتنمية في البلد. وأردف: الواقع يشير إلى أن هناك إمكانيات اقتصادية واعدة وفرص استثمارية كامنة في اليمن خاصة وأن بعض مواردها ما تزال غير مستغلة أي أن الملاحظ على صعيد الإمكانيات أن الصورة مشجعة بما تمتلك اليمن من موارد طبيعية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، ومن أهمها قطاع الصناعة الذي سوف يكون من القطاعات الرائدة لجذب الاستثمارات المعتمدة على المواد الخام المحلية، مثل الرخام والإسمنت والمعادن، والأسمدة وغيرها من الصناعات الاستخراجية، والتحويلية، أي أن هذا القطاع سوف يكون مفتاح التنمية الاقتصادية ونحتاج فقط لدعم الاستثمارات وتقديم محفزات حقيقية لاستغلال موارد وثروات البلد. من أفضل التشريعات الأخ أنور عبدالله جار الله (نائب رئيس لجنة الصناعة بالاتحاد العام للغرف التجارية والذي سألناه عن تقييمه لبيئة الاستثمار في الفترة الحالية، واهم العوائق التي تواجه هذا القطاع فأجاب بقوله: هذه القضية الرئيسية التي تمثل محور ارتكاز للعملية التنموية في البلد، وطبعاً أكبر مشكلة نواجهها كمستثمرين ورجال أعمال في هذه الفترة هي مشكلة الأمن والاستقرار وهذه مشكلة عمت الجمهورية كاملة بالإضافة إلى إشكاليات ومعوقات أخرى كمشكلة التقطعات في الطرقات و التي سببت لنا مشاكل في نقل البضائع أو الأموال من محافظة إلى أخرى، إضافة إلى التحديات الأمنية وعدم وجود حرية في التنقل وإرسال الأموال ونقل البضائع إلى المحافظات، وأصبحت معظم المحافظات حتى الآن فيها مشاكل أمنية كبيرة وتقطعات، أيضاً هناك مشكلة انقطاع مادة الديزل عن الأسواق التي سببت لنا خسائر كبيرة، ومشاكل انطفاءات وانقطاع الطاقة وزيادة تكاليفها مما سبب زيادة تكاليف وعدم القدرة على استمرار بعض المصانع، وهذا الأمر أدى إلى توقف مصانع كثيرة وإحجام الكثير من المستثمرين عن إقامة مشاريع جديدة، وأما قرار استيراد الديزل من قبل القطاع الخاص فهذا سيخفف من المشكلة لكنه يحتاج إلى تسهيلات تقدمها الدولة بشكل جاد. وأضاف: التشريعات لدينا من أفضل التشريعات في الاستثمار لكن المهم التنفيذ، فلا ينفذ شيء من هذه التشريعات باستثناء القليل، ولو نفذنا التشريعات لكان حالنا أفضل من الواقع الحالي، واعتقد أن مخرجات الحوار لو نفذت بالشكل الصحيح لأعطت دفعة كبيرة للاستثمار في اليمن، بالرغم أن القطاع الخاص كان تمثيله في مؤتمر الحوار ضئيلا جدا، ولكنا نأمل خيراً وما نشكو منه كما قلت هو عدم التنفيذ، فلدينا قوانين تعتبر الأفضل في الشرق الأوسط. وأردف: اذا تم تطبيق الأقاليم بنية صالحة من كل الأطراف السياسية سيكون هناك منافسة، لكن التخوفات التي لدينا أن بعض المستثمرين لديهم فروع في عدة أقاليم ولا يعرفون ما هو المصير الذي سيئول إليه استثماراتهم فالأمور ليست واضحة بما فيه الكفاية، ولو ركزنا على تطوير ودعم الاستثمار و القطاع الخاص فكل مشاكل البلد ستحل وسيقضى على البطالة، وأيضاً لابد من القضاء على الفساد المالي والإداري والذي يمثل خطراً ليس على الاستثمار وحسب وإنما على البلد بشكل عام. صورة قاتمة كما التقينا الأخ عمار محمد عبدالله الكتيت (مدير عام وكالة تجارية) والذي تحدث عن عوائق الاستثمار في اليمن بقوله: حالياً العوائق تتمثل في الحالة الأمنية وحالة إللاَّ استقرار في البلاد، فبالرغم أن هناك استثمارات كبيرة لمستثمرين من أصول يمنية ترغب في الاستثمار في البلد من الصين ومن أمريكا والخليج ومن مختلف دول العالم لديها الرغبة في إقامة استثمارات كبيرة في اليمن، ولو استقرت الأوضاع الأمنية والسياسية لحضرت استثمارات كبيرة، لكن لدينا مشاكل جوهرية تعيق الاستثمار ومنها مثلا مشكلة الكهرباء، وهي تعتبر أكبر مشكلة تعيق الاستثمار بعد الأمن، وأيضاً هناك مشكلة الديزل وهذه نقطة أيضاً تعيق الاستثمار، تخيل أن بعض المصانع السبب الرئيسي لتوقفها هو الكهرباء والديزل، وحتى المستثمر اليمني في اليمن يرفض أن يستثمر في ظل هذا الوضع المؤسف، فما بالك بالمستثمر القادم من الخارج، ولو وجد الأمن والاستقرار يمكن لخمسة تجار يمنيين في الخليج أن يعودوا باستثمارات تحقق نهضة كبيرة، لكن للأسف المجتمع إلى الآن غير مدرك لأهمية الأمن والاستقرار، ودوره في انعاش وتطوير البلد. وأضاف: الجدوى الاستثمارية ضئيلة في اليمن فمثلاً المليون الدولار يجلب للمستثمر عائداً مجزياً في الكثير من دول العالم لكن في اليمن لا يعود إليك بمبلغ مجزيٍ، ويمكن أن يحصل المستثمر على مبلغه الأساسي فقط إذا لم يخسر ما استثمره أساساً، أيضاً هناك أمور تعيق الاستثمار فمثلاً في الفترة الأخيرة رفعت الحكومة أسعار الجمارك دون أي مراعاة للمستثمرين ورجال الأعمال، ودون أي دراسات حقيقية فمثلاً الحاوية القماش يصل قيمتها الجمركية الآن إلى ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف ريال وهذا مبلغ كبير جداً ومبالغ فيه، وهذا كله يعود على ظهر المواطن الذي سيتحمل أعباء إضافية كبيرة. وأردف: لابد من توفير الأمن والاستقرار بشكل كامل في البلد وتوفير الاستقرار النفطي والاستقرار في مجال الطاقة الكهربائية وزيادتها بشكل كبير لأنها الأساس في جلب الاستثمارات، وأيضاً لابد من التسويق الجيد لليمن والفرص الاستثمارية فيها في الخارج، فحالياً لا يوجد ترويج للبلد في الخارج لأن الصورة في الخارج قاتمة، أيضاً التسهيلات البنكية غير موجودة في اليمن للمشاريع الصغيرة بل كل التسهيلات التي تقدمها البنوك هي لشركات كبيرة هي أساساً غير محتاجة للتسهيلات، وهذا أمر غير منطقي ولا يساعد على ازدهار الواقع الاقتصادي في البلد فوضى وابتزاز الأخ عدنان ناصر أحمد الصلاحي (مستثمر) تحدث عن أهم عوائق الاستثمار في اليمن قائلاً: طبعاً الاستثمار مرتبط بالأمن والاستقرار وفي ظل غياب الأمن ضعف هذا القطاع ويكاد يكون معدوماً، فالتحدي الأمني هو الأبرز الذي انعدم بسببه زيارات السياح وحتى رؤوس الأموال اليمنية المهاجرة، و نعلم أن قانون الاستثمار في اليمن هو الأفضل على مستوى المنطقة وهو مشجع لكن التحدي أمام المستثمر هو الأمن وأيضاً تداخل الاختصاصات والجهات يؤثر على الاستثمار(الضرائب والسياحة بصورة عشوائية وغير قانونية) فهناك بالفعل فوضى وابتزاز من قبل بعض الكوادر السيئة وهذا أمر غير لائق فيجب أن تكون كل هذه الجهات في الاستثمار، فالهيئة العامة للاستثمار تعاملها راق ولا يوجد فيها فساد، وهناك تسهيلات حقيقية لكن المشكلة في تداخل صلاحياتها مع عدد من الجهات، لهذا يجب أن يتم تأهيل المعنيين بالإشراف على المستثمرين حتى تقل الابتزازات، ونطالب الجهات المعنية في أمانة العاصمة والسياحة والضرائب والبلدية والبطائق الصحية أن تلغي الإجراءات والممارسات التعسفية بحق المستثمرين.