التسمية «البيضاء» هي اسم لحصن من حصون القيل شمر تاران، والقيل هو الرئيس دون الملك وهو من أقيال اليمن المشهورين، أما سبب التسمية فقيل إنها منسوبة إلى صخرة بيضاء تتوسط المدينة بُني عليها حصن ذلك القيل، وهي المعروفة اليوم بالقلعة، وهذه الصخرة هي الصخرة الوحيدة بيضاء؛ إذ ان الجبال في المنطقة داكنة؛ قيل إن سبب تسميتها هو لتمييزها عن مناطق مجاورة مثل السوداء والحمراء. وقد ذكر المحامي الفاضل محمود كامل في كتابه «تاريخ اليمن شماله وجنوبه» ما مضمونه أن البيضاء كانت قديماً تسمّى «زشق» والسوداء المجاورة لها تسمّى «نشان» وللتفريق بينهما فقد أطلقوا على زشق اسم البيضاء وعلى نشان اسم السوداء وكان ذلك سنة 24ق.م ابان الغزو الروماني لليمن. وتُنسب البيضاء إلى الحسين بن الشيخ أبي بكر بن سمال الحسيني العلوي الذي وصل إلى البيضاء سنة 1027ه 1606م ومكث فيها فترة من الزمن وأسّس بها المسجد المشهور إلى يومنا هذا بمسجد الحسين؛ على أن البعض ينسبها إلى السلطان الحسين بن ناصر الرصاص. بيضاء حصي وظل اسم البيضاء مرتبطاً بمدينة حصي التاريخية فترة من الزمن، حيث كانت لا تُذكر إلا مضافة إليها فيقال «بيضاء حصي» فمدينة حصي ذات ماضٍ عريق ضارب بجذوره في أعماق التاريخ التليد، وهي من أهم المدن القديمة في اليمن، وفي المناطق النجدية منه كما ذكر ذلك الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب» حيث ذكرها بعد صنعاء وذمار ورداع، وحصي هي موطن القيل شمرتاران الذي قام ببنائها وسكنها حتى وافته المنية فدفن فيها بعد أن خلد فيها مآثر ومعالم لم تنس ومازالت تُنبئ عن مدى ما كان يتحلّى به من قوة وجلد. أما موقع حصي اليوم - ومازالت بنفس التسمية - فهي في عداد مديرية الصومعة بالقرب من منطقة العقلة شرق مدينة البيضاء وتبعد عنها بحوالي 20كم. سوق شمر كما كان في المدينة سوق قديم مشهور بسوق شمر، وهو من الأسواق العربية المشهورة، وهو مركز تجاري مهم يربط شمال الجزيرة العربية بجنوبها ومازال السوق في موعده الأسبوعي الخميس، ويقال له سوق شمر، وهذا الاسم المتعارف عليه لدى الأهالي لسوق مدينة البيضاء منذ زمن غابر حسبما تناقلته الألسن بالذات في الأشعار والزوامل. وقد يُنسب ذلك السوق إلى أحد الشمرين شمر تاران مؤسّس حصي السابق ذكره أو شمر جناح قائد جيوش أسعد الكامل تبع الأول، وقد ذكر القرطبي أن تبع كان من الخمسة الذين دانت لهم الدنيا بأسرها. وعودة إلى سوق شمر حيث إنه كان مركزاً تجارياً مهمّاً كما كان كثير من الهنود والبينيان “البينيان هم الهنود من أصل بوذي” كانوا يأتون بالبضائع من الهند ليبيعوها في ذلك السوق، ومازال هذا السوق معروفاً حتى يومنا هذا وهو ما يسمّى أو يعرف الآن بحي الشرية أحد أحياء مدينة البيضاء ويقع إلى الجنوب الشرقي منها، علماً أن الهمداني ذكر في كتابه «صفة جزيرة العرب» إن بلاد البيضاء تقع على أنقاض سرو مذحج، وتوجد في البيضاء أرض تعرف إلى يومنا هذا ب«السرو» وهي المقصودة بسرو مذحج، ومذحج هو بطن من كهلان بن سبأ الأكبر، أما قبائل مذحج فهي كثيرة ومتعدّدة؛ ففي حديث عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم أنه قال: «دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها اليمن، ورأيت أكثر أهل اليمن مذحج، وفي رمضان من السنة العاشرة للهجرة عقد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم اللواء لعلي كرم الله الوجه، حيث أخذ عمامته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ولفها مثنية مربعة فجعلها في رأس الرمح ودفعها إلىعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وأرسله إلى مذحج بلاد البيضاء وقال له امض ولا تلتفت وقد خرج علي كرم الله وجهه إلىمذحج ومعه ثلاثمائة فارس». وقد كان لأهل بلاد البيضاء سرو مذحج دور كبير في الجهاد في سبيل الله؛ فقد كتب أبوبكر الصديق يستنفر أهل اليمن، وما كاد رسول الخليفة أبوبكر يتلو كتابه حتى قام ذو الكلاع الحميري إلى فرسه وسلاحه ونهض في قومه، وقام قيس بن هبيرة في مذحج وجندب بن عمرو في الأزد وحابس بن سعد الطائي في طيء، ويقال إنه وصل في يوم واحد إلى سيدنا أبي بكر ألف من أهل اليمن أنفذ نصفهم إلى العراق هم من همدان ومذحج ولم يعد الكثيرون منهم إلى اليمن بل استوطنوا العراق والشام. عاصمة مملكة أوسان تعتبر مملكة أوسان من أقدم الدول التي قامت في اليمن، ويقال إنها كانت في القرن العاشر أو الحادي عشر قبل الميلاد سيدنا المسيح عليه السلام، وتدل الرموز والنقوش إنها مملكة ذات قدر عظيم وحضارة كبيرة ونفوذ واسع وصيت ذائع جعلت كل الدول المجاورة تخضع لها، وتوجد في البيضاء منطقة العادية وبها آثار ومساند تنبئ عن ماضيها الغابر، وكما أفاد بعض المؤرخين فإنها ربما كانت هي العاصمة المجهولة لمملكة أوسان؛ غير أن هذا لا يستند إلى دليل تاريخي، حيث تفيد الدلائل أن عاصمة مملكة أوسان ربما كانت هجر الناب بمرخة أسفل قرية نقاق، وقد وجد في ذلك المحل آثار وتماثيل يعجز عن حصرها، وقد تسنّى أن زرت المنطقة ورأيت بأم عيني ما يعجز اللسان عن وصفه من كثرة التماثيل والنقوش المستخرجة والتي يتفاخر بها أبناء المنطقة ويزيّنون بها منازلهم. وهذه الآثار لم تحظ بمن يجمعها ليطلع عليها علماء الآثار علّها تزيد الأمر وضوحاً عن هذه الدولة «أوسان» والتي لم يُعثر إلا على النزر اليسير من أخبارها. كما يعتقد أن عاصمة أوسان هي وسروم التي تكرّر ذكرها في النقوش وأنها بمنطقة مرخة محافظة البيضاء سابقاً، والحقيقة أن هذه العاصمة مازالت مخفية؛ غير أن الدلائل تشير إلى إنها لا تخرج عن سرو مذحج بلاد البيضاء، كما أنه توجد في المنطقة قرية تسمّى سروم، وهي في عداد مديرية الصومعة ولعلها محرّفة من وسروم وهي ما يسمّى اليوم ببلاد الحميد بن منصور كما يفيد الأهالي في المنطقة.