جميلة هي الحياة بوصل الأحبة والأهل, وهي أجمل بالامتثال لأوامر الخالق جل وعلا الذي أمر بصلة الرحم وقرن ذلك باسمه جل شأنه، وبين أثر ذلك على أصحابها إن وصلاً أو قطعاً, وبالرغم من أن صلة الأرحام تطيل في الأعمار وتوسع الأرزاق وتبارك في الولد, إلا إن الكثير من الناس لم يعد يهتم لأمر أرحامه، وبات أكثر قسوة إلى أقاربه من النساء أو الأبناء والأخوات نتيجة العديد من الأسباب التي تختلف من شخص إلى آخر، كما ورد في الاستطلاع التالي الذي بين بعض ظروف الحياة وأسباب الخلاف المؤدية إلى عزوف الأهل عن زيارة أقاربهم وقطع أرحامهم, وتأكيد العلماء على أن قطع الناس لأرحامهم هو السبب في قلة الأمطار ومحق البركة وانتشار الأمراض. قهر وهجر قطيعة الأرحام شعور لا يعيشه إلا من يشعر بمرارتها كفاطمة محمد ربة بيت في أحد الأرياف اليمنية التي دمعت عيناها بشوق إلى أخيها الذي لم يعد يسأل عنها بعد أن توفيت والدتها منذ سبع سنوات قائلة إنها تحب أخاها حباً كثيراً لكنه قطع اتصاله بها منذ أن توفيت والدتها، ولم يعد يسأل عنها وتركز اهتمامه على أهل زوجته في المدنية مكان إقامته، وأنه يزورهم باستمرار مهتماً بأمور عمته أم زوجته وبناتها، غير آبه أن لديه أختاً تحتاج له وتتوق إلى رؤيته, فهي كما تقول مهما حدث لها من ظلم أو جور في بيت زوجها سواء ضربها أو بالغ في معاملتها بقسوة أو حتى وصل الأمر بها إلى الطلاق، فأخوها غائب عن كل ذلك حتى لو ماتت لن يعلم عنها شيئاً نتيجة تنكره وغيابه عنها وعدم سؤاله عليها, ما يضطرها تفضيل البقاء في بيت زوجها مهانة على أن تذهب إلى أخيها الذي لا يريدها والذي كان الأولى به أن لا ينساها، وأن يهتم بأمورها سواء كانت مريضة أو حزينة أو تتلقى ظلم الآخرين أو محتاجة إلى نصرته ودعمه وحنانه. مختتمة قولها بهذه الكلمات: (من حرقة القلب اقتهرت.. أخي نساني ما سليت.. هجر عيوني من سنين.. تارك لي الشوق والأنين.. ما أريد منه فلوس.. ما أريد زنين.. أريد يميزني لحين.. أشكو إليك يا إلهي قسوته.. وفي عدم وصله وفي فرقته.. إذا جاني الموت وهو.. مني بعيد الله لا سامحه. قسوة الزوج والأهل وأم شادي لا تستطيع أن تزور أهلها في إحدى القرى البعيدة نتيجة حدوث خلافات حادة بين بعض إخوانها وزوجها الذي قام بمنع أولاده من زيارة بيت جدهم وأخوالهم, وبالرغم أنه لم يمنعها بل قطع وعداً لها أنها اذا ذهبت لزيارة أهلها وتركت أولادها فإنه سيطلقها ولن يدخلها إلى بيته، بالإضافة إلى أنها كما تقول لديها أولاد صغار ولا يوجد من يقوم على رعايتهم أو يهتم بهم كانت أسباب أجبرتها تحت ضغط زوجها القاسي في معاملته لها على البقاء بعيداً عن أهلها الذين لم يبادروا بدورهم لزيارتها وكأنها هي أيضاً أصبحت عدوتهم, وصارت ضحية الخلافات هي وأطفالها ووالدتها وأبويها اللذين اشتاقت لهما كثيراً وتعلم أن والديها يعانيان مما تعاني من ألم البعد والفراق والحرمان, غير خافية أنها تدعو على زوجها وإخوانها وتشكوهم إلى الله إذ حرمت من رؤية والديها وأقاربها, وجعل زوجها يتمادى في ظلمه لها ويشتد في قسوته عليها لأنه بات يعلم أن لا أحد يقف في ظهرها أو يسال ويدافع عنها ولم يعد لها من تحتمي إليه غير الله الذي لن ينساها وسيقتص لها من كل من ظلمها. قوة الروابط والحب مشاعر مغايرة تصفها عن نفسها أم أبرار التي يزورها أهلها وتمتن كثيراً لهم وتتوسل إلى الله بالدعاء لمن يصلها قائلة إن الله الرحيم يعلم بحال المرأة فقد اشتق صلة الرحم من اسمه جل جلاله يعلم حاجة المرأة إلى أهلها جميعاً ابتداء من الأب والإخوة وأبنائهم وانتهاء بآخر فرد له علاقة بصلة الرحم, وأنها تشعر بقوة الحب والروابط بينها وبين أرحامها الذين يزورونها على الدوام ويسألون عنها شبه يومي, مضيفة بشرحها أنها في يوم العيد تنتظر بجانب النافذة في انتظار إخوانها وأبنائهم حتى ما إن يظهروا في أول الشارع تتأهب مسرعة نحو سلم المنزل لتستقبلهم عند مدخل الباب من شدة فرحها, موضحة أن زيارة الأقارب لأرحامهم ترفع من قيمة المرأة وأهلها بين الناس وتمنحها الأمان والستر بين المجتمع.. مضيفة أن المال ليس كل شيء بقدر ما ترى أهلها يأتون لزيارتها بين الحين والآخر ما يرفع قدرها وقيمتها عند أهل زوجها وجيرانها ومعارفها, وهي لا تطلب أهلها شيئاُ لكنهم يعرفون من تلقاء أنفسهم إذا كانت تعاني من ظروف مالية أو صحية أو حتى مشاكل عائلية فيبادرون بالوقوف إلى جانبها ولا يتركونها أبداً, مبتهلة إلى الله تعالى أن يوسع في أرزاقهم ويصلح ذرياتهم ويجنبهم كل مكروه وأن يرفع قدرهم ودرجتهم في الدنيا وفي الآخرة. جفاف ينابيع الحب من جانبها الأستاذة هند أحمد صعصعة إحدى موظفات وزارة المالية تقول إن صلة الأرحام من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى وصلة الأرحام شعار الإيمان بالله ومن الأساسيات التي نص عليها الدين الإسلامي الحنيف وحث على عدم القطيعة من الأقارب والأرحام.. مضيفة بالقول إن الناس باتوا يعيشون زمناً جفت منه ينابيع الحب وتمزقت فيه أواصل الصلة وتقطعت فيه الأرحام وتراكمت فيه الذنوب على الذنوب وقل فيه الخوف من علام الغيوب, ساخرة من بعض الأهل الذين يقومون بزيارة أرحامهم أيام المناسبات وخاصة يوم العيد بعد زمن طويل من قطعها قائلة: هناك نماذج كثيرة لأناس يقطعون أرحامهم طوال السنة وفي العيد مثلاً يذهب قاطع الرحم لزيارة رحمه ليسلم عليها ويعطيها 500 ريال, فتقوم المرأة بعسب أولاده ب 1000 ريال, ومن يستفيد من الزيارة هو قاطع الرحم دوناً عن المرأة التي تعبت طوال شهر كامل بتنظيف البيت وإصلاح الكعك وقيامها من فجر يوم العيد بإصلاح الصبوح العال, وما نابها منه غير الخسارة, أكلوا الجعالة, وأخذوا العسب, وربشوا البيت المرتب, مختتمة قولها على من يتذكرون زيارة الأرحام في أيام الأعياد أو في المناسبات بالمثل الشعبي (يا رازق المكلف إلى ليلة العيد). صلة الأرحام مقرونة بأخلاق الرجال ويرى الحاج محمد عبد الله العريق أن صلة الأرحام وخاصة الأقرب منها كالأخوات والبنات والوالدين والعمات هي من الدين الذي أوصى وأوجب بزيارة الأقارب والأرحام, كما يؤكد أنها في العرف القبلي من الشيم والشرف، فالإنسان الذي ينسى رحمه التي هي أخته أو ابنته أو من أقارب الناس إليه فهو رجل عديم المروءة وسيكون بين الناس شخصاً ناقصاً, كما يفيد أن من يترك رحمه أو أقاربه بدون السؤال عنهم فإن عرضه سيكون منتهكاً ويصبح قليل الاحترام بين المجتمع, موضحاً أنه يقوم بتعليم أبنائه منذ صغرهم بأهمية صلة الأرحام والأقارب وبيان أثر ذلك في الدنيا من ناحية المحافظة على الأرحام ورعايتهن والسؤال عنهن وعن حوائجهن والدعاء والبركة التي تنالهم في أرزاقهم وأولادهم وتحافظ عليهم من الكوارث والمحن, وأيضاً لأخراهم التي هي عند الله من الأجر العظيم والبركة والنجاة من النار, ناصحاً من لا يصلون الرحم أن يتقوا الله أولاً، ويتجنبوا دعاء الأرحام عليهم, ثم يستحوا من الناس الذين يعلمون أن قاطع الرحم شخص تنعدم لديه أخلاق الرجال. الاكتفاء بأخت واحدة دون سواها كما أن هناك ظاهرة تقاسم الأخوات والأرحام بين الإخوان الذكور التي انتشرت على وجه الخصوص في الأرياف وأصبحت عرفاً عند البعض حيث تكون كل واحدة من الأخوات مسئولة من أخ معين وعليه تكون زياراتها في الأعياد والمناسبات, وعند اقتضاء زيارة الأرحام يذهب الأخ الذي إليها فقط وباقي أخواته لا يسأل عنهن كونه مسئولاً عن تلك الأخت وهو المسئول عنها في الشدة والفرح, وهو من تقصد بيته دوناً عن باقي الأخوة بصورة مباشرة وهذا اصبح عرفاً عند البعض, ولذا تحرم الأرحام من زيارة باقي الأخوة والأقارب, وهذا ما سمعناه عبر العديد من الشخصيات, بالإضافة إلى العديد من الصور والأسباب المختلفة المؤدية إلى تناسي الأقارب وقطيعتهم. بيان أهمية صلة الأرحام في الدين الإسلامي بدوره يوضح مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ جبري إبراهيم أن الصلة معناها تقديم الإحسان إلى الأقربين والأقارب جميعاً وصرف الأذى عنهم, مبيناً أن صلة الرحم تعني الإحسان إلى الأقارب وإيصال ما أمكن من الخير والإحسان إليهم, ودفع ما أمكن من الشر عنهم, وأن قطيعة الرحم هي عكس ذلك تماماً وتعني عدم الإحسان والإساءة إليهم مضيفاً بالقول: الناس أقسام بالنسبة إلى الواصل لصلة الرحم, فمنهم الواصل وهو الذي يحسن إلى الأقارب سواء أحسنوا إليه أو اساءوا، وهذا الإنسان الذي يصل رحمه ويعتبر أفضل درجة, والقسم الثاني هو قاطع الرحم وهو من يسيئ لهم ولا يقدم الإحسان إليهم, يأتي بعدهما لا واصل ولا قاطع وهذا في الدرجة الثالثة, وهناك من لا يصل رحمه إلا اذا وصلوا ولا يحسن إليهم إلا إذا احسنوا إليه وهذا الإنسان في الدرجة الرابعة, ولا شك أن أفضلها هو الأول والقاطع هو أسوأها أثماً وأكثرها بلاء, ولاشك إن قطيعة الرحم كبيرة من الكبائر باتفاق العلماء ولا يصح للإنسان أن يقترف هذا الإثم وأن يدخل في هذه الجريمة ورب العالمين يقول إن الرحم شجنة من الرحمن شققت لها اسماً من اسمي, لذلك أمر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية بالإحسان إلى ذوي القربى عموماً وهم الأرحام الذين يجب وصلهم وعدم قطيعتهم وصرف الأذى عنهم قال تعالى:(إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى،وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُون).. وقال الله تبارك وتعالى:(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، وقال الله عزوجل:(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيل،وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ). وقال الله تبارك وتعالى(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )74 الأنفال وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنكُمْ، وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى، بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” وقال عزوجل (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى،وَالْيَتَامى، وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى، وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وقال تعالى: (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)) الإسراء, والوالدان في مقدمة أولى القربى والأرحام, ولذلك يقول الله تبارك وتعالى (فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه وأولئك هم المفلحون). كما أمر سبحانه وتعالى وقدر وعظم شأن الأرحام فقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً), وقال تعالى محذراً من قطيعة الرحم وأن عاقبتها وخيمة (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) محمد:23, وقال الله تبارك وتعالى:( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ), وقد وردت أحاديث أيضاً في صلة الرحم وبيان ثواب الواصل ونهت عن قطيعة الرحم وبيان عقاب القاطع، فعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه - أن رجلاً قال يا رسول الله: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم), وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم, وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال - قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( إن الرحم شُجْنةُ متمسكة بالعرش تكلم بلسان ذُلَق، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، فيقول تبارك وتعالى : أنا الرحمن الرحيم، و إني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن نكثها نكثه), وفي رواية ومن قطعها قطعته, وفي رواية ومن بتتها بتته, والحديث له أصلاً في البخاري, وفي الأدب المفرد, وكذلك ورد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أنه قال (أوصاني خليلي أي الرسول عليه الصلاة والسلام أن لا تأخذني في الله لومةُ لائم، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت أي ولو عقت, ذكر ذلك في المجمع ورواه الطبراني في الصغير, وكذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال صلى الله تعالى عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله رواه البخاري ومسلم, وعن انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:( من سرهُ أن يبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) رواه البخاري ومسلم, وفي هذا الحديث يدل على أن صلة الرحم تطيل الأعمار وتوسع الأرزاق, وجاء في حديث أنه عليه الصلاة والسلام قال إن الله ليوسع أرزاق قوم ويطيل أعمارهم وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضاً لهم, قالوا فكيف يا رسول الله قال لصلتهم أرحامهم, وعن عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، انجفل الناس قِبَلهُ. وقيل: قد قدم رسول لله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً فجئت في الناس لأنظُرَ فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعتهُ تكلم به أن قال: ( يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا جنة ربكم بسلام), وهذا الحديث رواه الترمذي وابن ماجة واللفظ له وأحمد أيضاً وهو أيضاً صحيح, وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال صلى تعالى عليه وعلى آله وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم, وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال صلى الله تعالى عليه وسلم (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) رواه احمد وإسناده صحيح, وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع الرحم) رواه أحمد, وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (لا يدخل الجنة قاطع رحم). إرث المرأة السبب في قطيعتها كما أن قطيعة الرحم تدخل في حرمان المرأة من ورثها فتتسبب في الخلافات وبعد الأهل عن أرحامهم وفي هذا الشأن يوضح مدير عام الإفتاء والإرشاد بوزارة الأوقاف قائلاً: أحياناً بعض الأسر يحرج أخته فيأخذ ميراثها ويقول هي تنازلت لي فتأتي تقول أنا أخوك أعطني الميراث فإن اعترضتي فأنا بريء منك إلى يوم القيامة فهي تعطيه من حرج والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام فما بالنا عندما يكون هناك تهديد أنه سأعطيك حقك لكن لا أعرفك ولا تعرفيني ولا أصلك ولا أنت أختي ولا أعرفك ولا تدخلي بيتي, هذا كله من قطيعة الرحم والأشياء التي لا تجوز, فالنساء أكثر رحماً وأشد حاجة، ويجب على الناس أن يصلوا أرحامهم وخاصة النساء من الأخوات والخالات والعمات, ومن أكبر قطيعة الرحم حرمان المرأة من ميراثها, الله يعطينا ونحن نحرمها!! معنى ذلك أننا نعترض على حكم الله وشرعه, وهذا أمرٍ لا يجوز الاعتراض على شرع الله وعلى حكم الله كفر لأننا في هذه الحالة كأننا أعظم من الله الذي شرّع, ثانياً حرمان المرأة وغيرها من الميراث يحرم الله صاحبها من الجنة ويجعله في النار والعياذ بالله قال تعالى:( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً), ويقول صلى الله تعالى عليه واله وسلم: (من حرم أرثاً أرثه حرمه الله رائحة الجنة, ويقول عليه الصلاة والسلام إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى إذا جاءه الموت حاف في وصيته فحرم الورثة فيحرمه الله الجنة, إذاً يجب أن نتقي الله تعالى ولا نحرم الأنثى من إرثها فهذه مصيبة وكأننا في عصر الجاهلية الذين كانوا يحرمون المرأة من ميراثها, أما الإسلام فهو أعطى للمرأة حقها فنحن نريد أن نحرمها ونعترض على حكم الله وشرعه هذه مسألة لا تجوز وهي من الكبائر الكبيرة نسأل الله أن يتوب علينا, مشيراً إلى أن تقاسم الأخوات وصلة الرحم لواحدة وترك الأخريات أمرٌ لا يصح فكلهن أخواته ورحمه القريبة والبعيدة والذلولة والتالية والكبيرة والصغيرة فإذا وصل واحدة وترك الأخريات فهو قاطع رحم تحرم عليه الجنة كما ورد في الحديث, وتحل عليه اللعنة كما ورد في الآية, وأنه يحب أن يتقي الله تعالى ويصل رحمه دون تمييز كون الكل أقاربه رحمه ولا يجوز له في ذلك قطيعة رحم. أواصر الرحم العاجز وعن من يصل رحمه أيام الأعياد أو في المناسبات فقط, قال هذا يعتبر أواصر الرحم العاجز, الأصل أن يصلها دائماً ويكون على اتصال دائم ليتفقد حالها وعيشتها وصحتها حتى إذا احتاجت إليه تجده قريباً منها, هذا الذي يجب أن يكون, أما أنه يقطعها حتى إذا جاء العيد ثم يسلم عليها لا يكتفى بذلك ينبغي أن يكون الكل على تواصل إذا احتاجت إليه أو مرضت أو غير ذلك يجب إن يكون هو الأول المسارع إلى خدمتها والمنقذ لها حتى يكون الله في عونه ويفتح عليه. أزمات ماحقة كما أن صلة الرحم كما يبين الشيخ جبري إبراهيم هي على الكل حتى المرأة التي ينبغي أن تصل أرحامها وأقاربها وأخواتها وإخوانها من الذكور والإناث, ليبقى الجميع في اتصال وصل الله سبحانه وتعالى, مؤكداً : إن ما حصل للناس من محق في البركة ومن أزمات ومشاكل كان سببه قطيعة الرحم فقطع الله عنا البركة من السماء وقلت الأمطار وانتشرت الأمراض. معلقاً على الرجال الذين يتخاصمون مع أهل زوجاتهم ويمنعون أبناءهم وأحياناً زوجاتهم من صلة أقاربهم وأرحامهم بقوله: لا يصح للزوج أن يكون سبباً في قطيعة الرحم فإن اللعنة ستطاله فإذا طالته محقت البركة وكتب عليه الشقاء في الدنيا والنار في الآخرة, يجب أن يتقي الله تعالى في زوجته وذريته وأولاده, ويجب أن يعودوهم على صلة الأرحام وأن يأمرهم بصلة الأرحام ويترك زوجته تصل رحمها وتصل أمها ووالدها وإخوانها حتى إذا قطعت يجب أن ينصحها ويذكرها بآيات الله وبأحاديث رسول الله، فلا يجوز أبداً أن يحرم زوجته من أهلها ولا يحرم أولاده من أخوالهم وأجدادهم لأن هذا رحمهم أيضاً, فمهما كان من الخلاف يجب أن تحل خلافات الدنيا وعدم جعلها جسراً يصل بأهلها إلى مصيبة خراب الدنيا وخسران الدين. وجوب المحافظة على الأهل مختتماً مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ جبري إبراهيم بالقول: ينبغي أن نتقي الله في أرحامنا وأن نصلهم حتى يبارك الله لنا في أرزاقنا وأولادنا وأعمارنا ويقينا شر المصائب والأمراض, لأن بذلك يحصل بإذن الله الحفظ من كل هذه المصائب التي تنزل بالناس, وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان المسلم محافظاً على أهله وذويه, وكلما كان الأقارب من الرحم كان وصلها اقرب, فالإنسان مثلاً مع أخيه أو أبيه هو الأقرب ومع أمه وخالته وعمه وعمته هم الأرحام، فإذا كان أخوه أو عمه أو أي قريب في حاجة إليه كان مريضاً أو كان محتاجاً أو فقيراً فإن الصلة واجبة عليه في هذه الحالة أكثر من ذي قبل ولو ترك كان آثماً ويجب أن يصله بالنفس وبالدعاء والمال والمساعدة حتى يقف معه, وعندما يقوم بذلك ويصل رحمه يبارك الله له في رزقه وولده ويمد له في عمره, أما إذا قطع الرحم فإنه يستحق بذلك لعنة الله, نسأل الله أن يهدينا جميعاً وذلك بنص القرآن الكريم” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم” وفق الله الجميع لطاعته وجعلنا أمة متكاتفة قوية كما أمر الله تبارك وتعالى « إن هذه أمتكم أمة واحدة » ومنها صلة الرحم وبر الوالدين, نسأل الله أن يوفقنا جميعاً ويبعد عنا كل أذى ويحفظ الله اليمن وأهله وكذلك بلاد المسلمين ويجنب اليمن كل شر وفساد إنه على ما يشاء قدير.
