يلجأ الكثيرون إلى الغرغرة بالماء المالح وحساء الدجاج وشاي الأعشاب وغيرها من الوسائل “المنزلية” لمعالجة الرشح، والظاهر أنهم على حق، لأن طبيبًا ألمانيًا يقول: “إذا شفى العلاج المنزلي الرشح في أسبوع، فعلاج الطبيب قد يمدّده ثلاثة أسابيع”. مع انتشار موجة الرشح والانفلونزا في ألمانيا، ينصح الأطباء بالوسائل المنزلية المعتادة التي توصي بها جداتنا منذ قرون، بدلًا من الحبوب والمضادات الحيوية التي يصفها الطبيب، ويقول الأطباء إن هذا الأمر ثبت علميًا من خلال التجارب العملية للأفراد، ومن خلال الدراسات العلمية. يعيد مرضاه إلى البيت الرشح، أو نزلات البرد، التهاب حاد في المجاري التنفسية العليا، سببه تعرُّض الإنسان للبرد، لكنه غير خطر ويدوم ستة أيام، بحسب تقدير الطبيب هانز ميشائيل مولينفيلد، من رئاسة نقابة أطباء الداخلية الألمان، يبدأ المرض بحرقة في البلعوم وارتفاع في الحرارة، مع سيلان الأنف والعطاس وظهور آثار التعب على الجسد. وقال مولينفيلد إنه يعيد مرضاه إلى البيت مباشرة حالما يشخّص البرد سببًا للمرض، وليس الانفلونزا المصحوبة بالتهاب اللوزتين أو الأمعاء، ويمكن للمريض نفسه أن يحس بأن حالته تسوء وتتحوّل إلى التهاب قصبة أو لوزتين حينما تستمر الحرارة لأكثر من أربعة أيام، مصحوبة بألم في اللوزتين. ويوصي الطبيب مرضاه دائمًا بشاي الأعشاب وحساء الدجاج والغرغرة بالماء المالح، والإكثار من شرب السوائل، وتنجح هذه الوصايا دائمًا في تقليص عدد أيام المعاناة الرشحية. حساء الدجاج بالخضار يرى بعض الأطباء بحسب موقع (إيلاف) أن سر فاعلية حساء الدجاج بالخضر ضد الرشح هو مادة سيستين البروتينية، التي تكبح جماح نمو الجراثيم، وإذ ينظر البعض إلى الزنك في هذا الحساء كمادة مطهّرة، ينظر البعض الآخر بكثير من الشك إلى هذه التأويلات، لكن دراسة أميركية لم تترك مجالًا للشك حول موضوع حساء الدجاج. يعرف الجميع الفاعلية العلاجية الصحية لحساء الدجاج على المرضى، إلا أن آلية هذه الفعالية بقيت مجهولة إلى أن تدخّل الأميركيون ليضعوا شيئاً من “توابلهم” العلمية عليها، وتحدثت عالمة التغذية الألمانية بريجيتا تومل لمجلة “الطبيب الألماني” عن نتائج بحث سريري أميركي أجري أخيرًا وهدفه معرفة سر فاعلية حساء الدجاج ضد فيروسات الانفلونزا، وتوصل البحث في إلى أن حساء الدجاج تكبح جماع الالتهاب الفيروسي، وتخفف أعراض المرض، وتقلص فترة الالتهاب. حساء أمهاتنا ولم يجر العلماء التجارب السريرية على مرضى الانفلونزا باستخدام حساء الدجاج الخالص، وإنما باستخدام حساء الدجاج التي تحضّرها أمهاتنا، مع البقدونس والجزر والبصل والبطاطا، ونجح سائل الحساء في المستنبتات المختبرية في وقف حركة ونمو خلايا دموية بيضاء معروفة بالمسؤولية عن التهاب وانتفاخ الأنسجة المخاطية في الجهاز التنفسي العلوي. والمثير في هذه التجارب السريرية، بحسب معطيات تومل، هو أن المكوّنات المنفردة للحساء، بما في ذلك حساء الدجاج الخالص أو حساء البصل أو الجزر، لا تمتلك بمفردها هذا التأثير الشافي على المرض، وتوصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن مكوّنات شوربة الدجاج مجتمعة هي المؤثرة ضد المرض، وظهر في التجارب أيضًا أن البخار المتصاعد من حساء الدجاج فعّال أيضًا ضد الفيروسات حينما تكون هذه الفيروسات حسّاسة أمام الحرارة؛ إذ تعمل الأبخرة الطيبة المتصاعدة عن الحساء في رفع درجة حرارة الأنسجة المخاطية بشكل طفيف، ولكن كافٍ لعرقلة نمو الفيروسات. التأثير نفسه من ناحية أخرى، تعمل الأبخرة على ترطيب الأنسجة المخاطية في الجهاز التنفسي العلوي وتساعد المريض بالتالي على التقشع، وهذا التأثير ظاهر تمامًا لدى المرضى المسنّين الذين تتميّز الانفلونزا بالخطورة لديهم، وذكرت تومل أن تأثير بخار حساء الدجاج تمت مقارنته مع تأثير بخار الماء، فظهر أن الأخير لا يمتلك فعالية بخار الحساء، ويعتقد العلماء أن بعض الصبغات الفواحة الطبيعية هي المسؤولة عن هذا التأثير الشافي لبخار لحساء الدجاج. وخبر سار للعزاب والمتعاجزين عن سلق الدجاج بالخضروات؛ إذ تبيّن من التجارب المختبرية أن حساء الدجاج الجاهز أو المعلب أو المجفّف تتمتع بنفس التأثير ضد الفيروسات. ويرى الباحثون الأميركيون أن التأثير السحري لحساء الدجاج قد يكمن في تركيز مادة الزنك فيها، حيث من المعروف أن الزنك كابح للالتهابات؛ إلا أن الباحثة الألمانية تومل ترى أن لحم البقر أكثر غنى بمادة الزنك إلا أن حساءه لا يمتلك تأثير حساء الدجاج على الفيروسات، ونصحت الباحثة بتناول حساء الدجاج في 3 وجبات صغيرة خلال فترة المرض. استنشاق الزيوت الأثيرية هناك قناعة طبّية عامة بأن السوائل بما في ذلك حساء الدجاج تعوّض فقدان السوائل من الجسم بسبب ارتفاع الحرارة والتعرُّق وسيلان المادة المخاطية من الأنف، كما أنها تعوّض عن المواد المعدنية التي يفقدها الجسم أيضًا وتقلّل تعب العضلات. ويوصي مولينتفيلد أيضًا بشرب شاي الكاميلا لأنه يوسّع الأوعية الدموية ويحسن الدورة الدموية، وهذا ينطبق أيضًا على شاي زهر الزيزفون أو شاي مستحضرات الثيامين، ولا ضير من استنشاق الزيوت الأثرية أو استخدامها في حوض حمام حار؛ لأنها تقلّل السعال وتفتح الأنف، كما أنها تقلّل فرز الغدد المخاطية، ونفس الأمر ينطبق على مستحضرات شاي النعنع ومستحضرات المنثول الطبيعية، وعلى أي حال ينطبق هنا المثل الألماني القائل: «إن الرشح يدوم أيامًا في البيت وأسابيع في العيادة».