في حياة كل منا ثمة محطات مميزة تشبثت بجدار الذاكرة متحدية قوة الجاذبية المنبعثة من قعر النسيان أو لنقل اللا وعي، تلك المحطات التي نظل نديم البقاء عندها في لحظات استرجاعنا للماضي الذي كناه أو عاصرناه.. وفي هذا الحيز سأرتحل بكم عبر آله الزمن لنعود إلى النصف الثاني من العقد الثامن للقرن الماضي سنتجه نحو مديرية حيفان إلى تلك القرى المعلقة على حواف الجبال لنصل إلى مدرستي الأولى مدرسة الإرشاد ظبي أعبوس التي يعود تاريخ نشأتها إلى العام 1961م بمبادرة نخبة من رجالات المنطقة وضمن عدد من المدارس التي أنشأها نادي الاتحاد العبسي بتبرعات التجار والعمال المتواجدين في المستعمرة عدن آنذاك وبمشاركة من المقيمين في القرى في هذه الفترة الزمنية وكطالب في المرحلة الإعدادية بدأ تعرفي على كنوزنا الثقافية وتميز ما نمتلكه في هذا المجتمع من موروث شعبي مادي إذ خصصت المدرسة غرفة للأنشطة (المسرح - الثقافة) وفتحت المجال أمام الطلاب والطالبات والمدرسين وأولياء الأمور للمشاركة برفدها – الغرفة – بالأدوات المستخدمة في التزيين ، والملبوسات ،أدوات الزراعة ، النحاسيات ، الفضيات ، وكذا الأدوات المصنوعة من أسعف النخيل ، إضافة إلى ركن للعملات القديمة وعملات الدول فضلاً عن مختارات من المناظر الطبيعية والتاريخية التي زينت بها جدران المتحف المدرسي . وفي تلك المرحلة التي لا تزال عالقة في ذاكرتي المعطوبة أصلاً كان الدخول إلى تلك الغرفة والتحديق لكل هذا الثراء الحضاري يستهلك دقائق الفسحة التي تتخلل الحصص لأيام وأيام ، وهذا المشهد لم يكن المشهد اليتيم حينها فكما أعتقد كانت مدارسنا حواضن متميزة لذوي الإبداعات والمواهب وأسهمت في تغذية المؤسسات المجتمعية رياضياً وفنياً وثقافياً.. ولكن لما أصاب مدارسنا إلا القليل منها هذا الجدب الجمالي والفقر الملحوظ في الأنشطة اللاصفية التي يحتاجها أبناؤنا الطلاب وتلعب دوراً رئيسياً في اكتشاف المواهب والقدرات وتنميتها في نهضة تنموية نحن بأشد الحاجة إليها . وغايتي من إشراككم في استرجاعاتي لأيام خلت هو إرسال رسالة للقائمين على التربية والتعليم وفي مقدمتهم أ.د/ عبد اللطيف حيدر وزير التربية والتعليم الرجل الذي يمثل مكسباً حقيقياً للوزارة والذي تابعنا جهوده الرائعة في إنشاء وتفعيل مركز الاعتماد الأكاديمي و ضبط الجودة ودشن فترته في الوزارة بالانفتاح على الجميع أفراداً و منظمات مجتمع مدني لتقديم المقترحات للقيام بالإصلاحات المطلوبة الرامية إلى نشر مظلة التعليم وفق ومعالجة المشكلات التي تواجهها الوزارة . هي رسالة شكر لجهودهم المبذولة ودعوة لإحياء الأنشطة اللاصفية وإعادة حصة الأنشطة إلى جدول الحصص كسراً للرتابة وفتح آفاق جديدة للنشء والفتية.. ومن ذلك أن يكون هناك حيز، لإقامة متاحف مدرسية تربط النشء بمحيطه المجتمعي ثقافياً و حضارياً وتخلق لديه الدافع للبحث والاستزادة وارتياد المتاحف في المناسبات المختلفة. أهمية هذا إن حدث لا شك عظيمة لاسيما في ظل الفضاءات المفتوحة والجرائم التي ترتكب بحق لقانا الأثرية والموروث الأصيل لشعبنا وتجسير العلاقة بين الأجيال وتاريخهم الثري وفوائد أخرى كثيرة من أهمها نشر الوعي بأهمية المتحف وما يضمه من كنوز لا تقدر ... وتغذية الولاء الوطني والاعتزاز بالهوية والإسهام في حماية آثارنا ومواقعنا الأثرية في طول وعرض البلاد التي تتعرض للنهب من قبل المخربين واللصوص نظير المال الحرام لمافيا الآثار. [email protected]