محمد مصطفى حين تصنع المعاناة الرجال، لا تعود المناصب غاية، ولا يُقاس المجد بما في اليد من مال أو سلطة، بل بما في القلب من صدق، وفي العقل من حكمة، وفي الضمير من وفاء. في زمن عزّ فيه الثبات، وكثُر فيه التلون، يبرز رجال لا تصنعهم الكاميرات، ولا تلمّعهم الشعارات… رجال يُصنعون من نار التجارب، ويشتدّ عودهم في معمعان الشدائد. ومن أولئك الرجال، بل في طليعتهم، يأتي الشيخ درهم يحيى أبو فارع، واحدٌ من أولئك القلائل الذين تنحني لهم القلوب قبل الأكتاف، احترامًا لمواقفهم، وصدقهم، ونُبل عطائهم. الشيخ درهم يحيى أبو فارع ليس مجرد اسم في سجل الحياة العامة، ولا مجرد وجه عرفته القبائل والسلطات. إنه قامة وطنية شامخة، تركت بصمات واضحة المعالم، شاهدة على عقود من الإخلاص والعمل في محافظتي تعز وإب، وفي سائر أرجاء الوطن، حيث سار وبنى، وأصلح وأثرى، بصمت الواثق، لا ضجيج المتكسب. لقد تقلّد الشيخ درهم مناصب قيادية مهمة، منها مدير عام ورئيس مجلس محلي في عدد من المديريات، وكان دائمًا حيث تُختبر الإرادة وتُبنى الثقة. لكنّ ما يميّز هذه القامة الفريدة، أن دوره لم يكن محصورًا في دائرة الإدارة أو الروتين، بل تجاوز ذلك إلى فعلٍ تنموي حقيقي، وإصلاح اجتماعي مؤثر، وحضور قبلي متوازن وراجح الكفة. فمن الطرق والمشاريع الحيوية التي أطلقها أو سعى في إنجازها، إلى حلّ النزاعات القبلية المعقدة، إلى بناء جسور الثقة والتعايش بين أبناء المجتمع، ظلّ الشيخ درهم صامدًا، حاضرًا، راسخًا… رجل دولة حين تقتضي الدولة، وشيخ قبيلة حين يُطلب الرأي، وسندًا اجتماعيًا لا يُستغنى عنه. ومن أبرز إنجازاته التنموية الحديثة مشروع جسر سايلة نخلة، الذي لم يكن مجرد بناء هندسي، بل رمزًا لرؤية رجل يرى في التنمية واجبًا وطنيًا، لا ورقة دعاية. ذلك المشروع هو امتداد لسلسلة من الإنجازات التي لم يطلب مقابلها شكرًا، ولا أراد منها شهرة، بل قام بها لأنه يرى في خدمة الناس أعظم وسام، وفي تنمية الوطن أسمى الأدوار. إن الشيخ درهم يحيى أبو فارع لا يُقاس بتوصيف وظيفي، ولا يوضع في خانة واحدة، لأنه جمع بين حكمة الشيوخ، وفعالية الإداري، وبصيرة المصلح، ونقاء الوطنيّ الحر. ومن يعرفه، يعلم أنه لم يسعَ يومًا لمجدٍ شخصي، بل كان مجده في أن يترك أثرًا، ويبني جيلًا، ويُطفئ فتنة، ويُحيي أملًا. فما أحوجنا اليوم إلى قامات بحجمه، وإلى نفوس نقية كروحه، وإلى رجال لا يبيعون أنفسهم في أسواق السلطة، بل يقفون بثبات حين يهرب الآخرون، ويصلحون حين يفسد الكثيرون.