بين يديك عزيزي القارئ وجبات إدارية خفيفة يمكنك تناولها أثناء دوامك أو استراحتك أو حتى في منزلك, فهي لن تأخذ منك أكثر من دقائق معدودة؛ لكني آمل من الله أن تحدث لك فرقاً في حياتك المهنية والخاصة, جمعت فيها ما يفيد المدير والموظّف ويعينهم على تحقيق أهدافهم الوظيفية وبالتالي يعزّز نجاح المؤسّسة وتطورها. في الجزء الثالث والأخير من همساتنا الإنسانية لإدارة فريق عمل فعّال؛ نضع لك عزيزي المدير آخر همستين نختم بهما هذا الموضوع، وهي كسابقاتها فيها من الأهمية والحساسية الشيء الكثير: الهمسة الخامسة: فوّض بصلاحيات كاملة “أمسكَ بكتفهِ ونظر في عينيه وقال: أنت تعلم كم أثق بك وبقدراتك؛ ولذلك اخترتك من بين جميع الموظفين لتقوم بأعمالي أثناء إجازتي, ولكن لا تعتمد أي مبالغ مالية حتى تتصل بي, ولا توقّع إجازة لموظف دون علمي واعتماد الموارد البشرية, ولا تصدر أي تعميم أو قرار جديد, وقد أبلغت مديري الإدارات أنه في حال حصل أي مستجد يتواصلوا معي وأنا سأقطع إجازتي وأحضر, لا تقلق قد رتّبت لك كل شيء, ما عليك سوى أن تقعد مكاني وتدير الأمور، قاطعه الموظّف وهمس في أذنه قائلاً: أشكر لك ثقتك بي, لكن خذ قارورة فارغة وضعها مكانك ودعني أذهب إلى عملي..!!”. لا تستغرب عزيزي المدير من رد هذا الموظّف، بل استغرب من تفويض ذلك المسؤول, إنه تفويض فارغ ومعطّل من الصلاحيات, لقد عيّن قائماً بأعماله مكتوف الأيدي, فأي أمور سيديرها وأي مهام سينجزها ذلك الموظّف في ظل هذا “الحصار” الذي وضعه فيه مسؤوله..؟! فإذا لم تأتِ الصلاحيات على قدر المسؤولية فسوف تقود الموظف إلى الفشل, وهذا ليس من العدل في شيء، فمن الخطأ أن يفوّض المديرون بمهمة ويحمّلون مسؤولية تنفيذها إلى أحد الموظّفين, ولكن ولعشرات الأسباب يمنعون عنه صلاحيات التنفيذ, وهكذا يحطّمون معنويات العاملين معهم، وأيضاً يتسرّب إلى الموظف شعور بأن مديره لا يثق به وبقدراته, وأنه ليس أهلاً للمسؤولية, وسواء كان ذلك بقصد من المدير أم دون قصد؛ سيؤدّي بالموظّف إلى إطلاق ذلك الرد الناري “فوّض قارورة فارغة ودعني أذهب إلى عملي..!!”. • الهمسة السادسة: لا تخلط بين علاقاتك الشخصية وعلاقات العمل لا شك عزيزي المدير أن مسمّاك الوظيفي ووجودك على رأس هرم مؤسّسة ما؛ سيكوّن لك الكثير من العلاقات متعدّدة الأهداف, ستجد من يتقرّب إليك لتمرّر له صفقة أو مناقصة ما, وستجد من يتقرّب إليك للارتقاء بمكانته الاجتماعية, ومن الموظّفين من سيتودّد إليك ليغطّي عجزه وفشله بقليل من الرسائل ودعوات الغداء والزيارات الأسرية, والقليل منهم من يكوّن علاقة ودّية طبيعية خالية من الأهداف الدنيوية, لا بأس من كل ما ذكرناه سابقاً، فهذه للأسف نتائج مسمّاك الوظيفي, لكن احذر من أن تقع في فخ الخلط بين تلك العلاقات وقراراتك داخل المؤسّسة، فتقوم بتوظيف أقاربك وأصدقائك على حساب الكفاءات من بقية أفراد المجتمع, وباختيار المورّدين على أساس “الأقرب إلى قلبك” لتتسبّب في ذلك بضمور أداء مؤسّستك وتجني ثماراً “فاشلة”. وتعتبر هذه المشكلة من أكبر المشاكل التي تواجهها المؤسّسات في وطننا العربي, وتكاد لا تُذكر في المجتمعات الغربية وفي المؤسّسات العملاقة الناجحة. لقد قرأت قصّة لرجل أمريكي ثري أنشأ ما يقرب من مائة شركة, وجعل لها قوانين ونظماً تحكمها وقيماً وأعرافاً تسير عليها، وقد تعرّض هذا الرجل وهو في الستين من عمره إلى حالة حب وعشق مفتعلة من فتاة عشرينية, على أمل أن يوظّف خطيبها في إحدى شركاته على أنه أخوها، وحاول الرجل استخدام نفوذه للتمكين لهذه العلاقة الشخصية؛ لكن جميع مديري شركاته رفضوا توظيف هذا الشاب لعدم توافر الشروط فيه حسب معايير هذه الشركات التي شارك في وضعها وبنائها هذا الرجل العجوز، وباءت كل محاولاته بتجاوز النظام لمآرب شخصية بالفشل, وكان الجميع يرفضون تدخُّلاته مع كونه مؤسّس هذه الشركات وشريكاً رئيسياً فيها..!!. عزيزي المدير: إن العلاقات الاجتماعية لا تُنجح العمل إطلاقاً إلا بطريقة واحدة فقط, وهي جعلها بعيداً عن العمل. كانت تلك ست همسات نابعة من ملامستي لواقع العديد من موظّفي بعض المؤسّسات والشركات, أتمنّى أن تسهم في حل كثير من الإشكاليات التي تأتي أثناء إدارة فرق العمل.. تحياتي.