بين يديك عزيزي القارئ وجبات إدارية خفيفة يمكنك تناولها أثناء دوامك أو استراحتك أو حتى في منزلك, فهي لن تأخذ منك أكثر من دقائق معدودة؛ لكني آمل من الله أن تحدث لك فرقاً في حياتك المهنية والخاصة, جمعت فيها ما يفيد المدير والموظف ويعينهم على تحقيق أهدافهم الوظيفية وبالتالي يعزّز نجاح المؤسّسة وتطوّرها.. مازال لدينا العديد من الهمسات التي نضعها بين يدي المدير لتعينه على مهمته الجوهرية والأساسية وهي إدارة فريق العمل بفاعلية، ففي الأسبوع الماضي تحدثنا عن همستين (أشعرهم باهتمامك - لا تكلفهم فوق ما يطيقون) واليوم نكمل معك عزيزي المدير حديثنا بهمستين إنسانيتين: • الهمسة الثالثة: قدّر الفوارق بين الموظفين إن إدارة فرق العمل تكون صعبة بشكل كبير على المديرين الذين يحاولون إدارة العمل بطريقة واحدة فقط، لابد أن تدرك عزيزي المدير أن لكل إنسان شخصيته المستقلة والفريدة عن الآخر، حيث يسمّي ذلك علماء النفس ب “الفروق الفردية” وعرّفوها بأنها «تلك الصفات التي يتميّز بها الإنسان عن غيره من الأفراد سواء كانت تلك الصفات جسمية أم عقلية أو مزاجية، في سلوكه النفسي أو الاجتماعي» فما يحفز شخصاً ما قد لا يحفّز الآخر, وقد يتقبّل منك موظف التوجيهات بطريقة ما, يراها زميله أنها طريقة غير لائقة وغير مناسبة لتتعامل بها معه، إنه إبداع الخالق سبحانه القائل: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) سورة «هود». يأتي التنوّع والاختلاف في فهم الأوامر والمدخلات لتتنوّع بذلك الإنجازات والمخرجات وتكون أكثر إبداعاً وإبهاراً, قد يسألني أحدّهم: كيف لي أن أفهم هذا التنوّع وأستوعبه ثم يكون مطلوباً منّي أن أتعامل مع كل موظف على أنه شخصية فريدة..؟!. تأتي هنا مهارتك وحنكتك الإدارية في فهم هذا التنوّع وطبيعته واستثماره في تكامل الفريق وخلق بيئة عمل محفّزة، عليك عزيزي المدير أن تدرس الفروق المختلفة وتقيّم المزايا الفريدة حتى تنتفع بها وتُخرج من فريقك أفضل ما لديه. • الهمسة الرابعة: آمن بقدراتهم وعبّر عن امتنانك “أوساهير” ناقل قوّة الغرب إلى اليابان، هل سمعت من قبل عن هذا الرجل الأسطورة..؟! إنه طالب ياباني ابتعثته الدولة لدراسة أصول الميكانيكا العلمية في ألمانيا, كل الكتب التي ذكرت قصته تحدّثت كثيراً عن صبره وتفانيه في فهم تركيب المحرّك, ومحاولاته الطويلة لصنع القطع بنفسه, وتركيب أول محرّك ياباني، لكنهم لم يسلّطوا الضوء على القوة المحرّكة لهذا الرجل العظيم، إنه مسؤوله في البعثة. يقول عنه «أوساهير»: (وكان بمثابة الأب يتولّى قيادتي روحيّاً) ظل يحفّزه ويشجّعه إلى أن أوصل مشروعه إلى امبراطور اليابان, والذي أرسل له عميق شكره وإعجابه مما سمع, وأرسل له مبلغاً من المال أعانه على شراء مصنع صغير لينتج ذلك المحرّك، وأسهمت كلماته وثناؤه على أعمال الشاب “أوساهير” بإنتاج عشرة محرّكات “يابانية الصنع” لم يتوقّف شغف أوساهير ولم تنخفض همّته؛ لأن وقود كلمات التشجيع والثناء لم تتوقّف عنه يوماً، هل تعرف عزيزي المدير ماذا قال الامبراطور عند سماعه أصوات المحرّكات في قصره..؟!. لقد قال: (هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي؛ صوت محرّكات يابانية خالصة, هكذا ملكنا سر قوة الغرب) يا لهُ من وصف لهذا الإنجاز..!!. لقد انتقلت كلماته من التشجيع والثناء إلى التغزُّل بإنجاز الطالب المجتهد, ونقله من باحث إلى أسطورة نهضت بالدولة بأكملها, إنه سحر الكلمة والأثر العظيم للتحفيز المتواصل. فكل موظفيك فيهم روح “أوساهير” لكنها لم تعثر على كلمات توقظ تلك الروح ومن خلف الكلمات ذلك الإيمان العميق بقدراتهم, دعهم يرون بريق عينيك حين تقول لهم: “أؤمن بأنكم تستطيعون، وسأكون ممتنّاً مهما كانت النتائج”.