يقول الفنّان الكبير الراحل محمد مرشد ناجي حول الأغنية الأشهر في اليمن «نشوان لا تفجعك خساسة الحنشان» إنه وفي العام 79م بدأت مفارقات على حدود شطري الوطن واستمرّت في التصاعد إلى درجة خطيرة، ودُعيت في ليلة رمضانية إلى منزل الأخ علي ناصر محمد، رئيس الوزراء وبحضور مجموعة من القيادات السياسية والشاعر الملحّن حسين المحضار والفنان عبدالرحمن الحداد، قال الحاضرون: سمعنا أن لديك أغنية بعنوان “نشوان” نود سماعها، وقلت: هذه أغنية رُفضت كلماتها عام 77م من قبل القيادة، قالوا: نسمعها الليلة، وفهمت وأسمعتهم، فقال العميد علي أحمد ناصر عنتر: يا بن مرشد هذه الأغنية بمائة خطبة، وغداً تسجّلها للإذاعة ولم تكن هناك أية ملاحظة على القصيدة؛ لأن الحاضرين ما كانوا على علم بأسباب رفض القصيدة في العهد السابق سوى الرئيس سالمين وصاحبه عبدالفتاح اسماعيل.. وقال: هذه القصيدة كتبها الشاعر سلطان الصريمي؛ وجدتها منشورة في أحد أعداد مجلة «الحكمة» كانت قصيدة جريئة في تناولها لقضايا الأرض وهموم الإنسان اليمني، وقد قرأتُ هذه القصيدة على الشاعر القرشي عبدالرحيم سلّام بعد أن اخترتها لتقديمها كأغنية تعالج قضية الإنسان اليمني بشكل عام بأسلوب “المرمزة” الشفّافة، فقال خيراً.. وحانت حفلات أكتوبر 77م وكان أول من عرضت عليه قصيدة «نشوان» الصديق طه غانم، فقال: أبوعلي؛ هذا غير معقول..؟!. وأثناء حديثنا أقبل رئيس لجنة الاحتفالات الأخ سالم باجميل وكان صديقاً للرئيس سالمين وسألني بعد أن قرأ مطالع القصيدة: أتريد أن تقدّم هذه القصيدة..؟! قلت: نعم، وماذا فيها..؟!. قال: وماذا تعني بالعصابة..؟! قلت: لست ما أعني أنا وإنما الشاعر قال: سأريها “الشيبة” ويعني الرئيس سالمين والأمين العام عبدالفتاح اسماعيل لمعرفته باللهجة ورفضت القصيدة وألغيت مشاركتي في الحفل. المهم أنه بعد إجازة هذه الأغنية تم تسجيلها على العود عصر اليوم التالي وظلّت الإذاعة تذيع إعلانات بين وقت وآخر من صبيحة اليوم الثاني تلفت انتباه المستمعين إلى إذاعة أغنية جديدة بعنوان «نشوان» في الخامسة بعد الظهر، الأمر الذي جعل المواطنين في الساحة اليمنية والجزيرة والاستريوهات في قمّة الشوق لسماعها، وأذيعت الأغنية في موعدها. ستظل أغنية «نشوان» التي شدا بها الراحل محمد مرشد ناجي من أهم الأغاني الفارقة في تاريخ الأغنية اليمنية؛ ستظل أغنية «نشوان» بمفرداتها الغارقة بالخصوصية اليمنية متجدّدة وكأنها وشم في جبين حاضر يكرّر نفسه. قصيدة «نشوان» كلمات الدكتور سلطان الصُّريمي نشوان لا تفجَعَك خَسَاسَة الحِنْشَانْ ولا تُبَهِّر إذا ماتت غُصُون البان الموت يا بن التعاسة يخلُق الشُّجعان فكِّر بباكر ولا تبكِ على ما كان قطر العروق جاء يُسقِّي الورد يا نشوان حِسَّك تُصدِّق عجائب طاهِش الحَوبان ولا تُصَدِّق عِصابَة عمَّنا رَشوان أصحابها ضيّعونا كسّروا الميزان باعوا الأصابِع وخلّوا الجِسم للديدانْ وقطَّعوها على ما يشتهي الوزّان فكّر بباكر ولا تبكِ على ما كان لكن دم الضحايا صانع الألحان لحّن لصنعاء نشيد الأرض والريحان ولاح برق المعنّى في جبل شمسان ينقُش على الصّخر والأحجار والعِيدان لكن زرع الحَنَش وحارس البُستان يشتي يركّب برأس الجمبية جعنان فكّر بباكر ولا تبكِ على ما كان نشوان أنا فريسة المصالح ضحيّة الطبّال والقوارح وانا وحيد في قريتي أشارح ابني المَكَاسِر وازرَع البراصِح والفائدة لِمَنْ مَسَبُّه فاتِح والويل لمن في سُوقِنا يُصارِح أو من بَجَش صِدقُه على الفَضَائِح نشوان كم في جعبتي نصائح وكم ورِم قلبي من الفضائح وكم شسامِح لو أنا شسامِح أوصيك لا تهرب ولا تمازح لا تفتجع من كثرة المرازح شُق الطَريق وظهِّر المَلامِح حتى تُعانِق صبحنا تصافح وينتهي الإرهاب والمذابِح نشوان سامح من جِنِن وهَسّتَر ومن رِدِع عَرض الجِدار وفكّر ولا تُسَامِح من رقًد وفسّرْ أو الذي من عَومَتُه تِكَسَّر أما الذي عِند المصيبة يفتَر وبالنفَس يَهدِر هَدِير عَنتَر يحتاج تلقينه دُروس ومَعشَر فهو من الحِنشانِ بَلْ هو أخطَر