طالعت الكثير حول كتابات وفتاوى(الزواج المبكر) كما أسماه الفقهاء، أو كتابات (زواج الصغيرات) كما اسماه بعض الحقوقيين والمثقفين. وظهر لي كما يظهر لغيري أن هذه المسألة لم تنل حظها من الدراسة المتكاملة، أو الحوار الجاد بين الأطراف المعنية..فنتجت حولها إشكاليات كثيرة ساهمت في تغييب الحقيقة، وخلط المفاهيم. وهكذا المشكلة في عدم تكامل الدور بين لجنتي (الشريعة والحقوق) في مجلس النواب إذ كان المفترض أن لا يتكلم بالقضية حقوقي في معزل عن لجنة الشريعة. لكن استقلال وعجلة الجناح اللجنة الحقوقية أدى إلى إغفال وظيفة الجهة الشرعية، وحاول إيجاد البديل المطاوع الذي يمثل الرؤية الشرعية. وهذه الخطوة بنظري تعود إلى الخلفية المسبقة لدى الحقوقيين من تجربة إخوانهم في دول عربية مع هاجس ووَهْم التخوف من فتاوى العلماء.. وأغفلوا التفكير بحلول يمكن من خلالها اكتساب موقف العلماء للخروج بتصور متكامل في الرؤية وإن اخترقوا قاعدة سلفهم، وكان هذا بالامكان لأن العلماء لم يختلفوا معهم في أصل القضية أو نتائجها، وإنما حصل الخلاف بالحل المطروح والمختزل ب(تحديد سن الزواج) إذ يعتبره العلماء مشكلة لظواهر أخرى (سيأتي الكلام حولها)، وتشبثهم بجدوى حل (تحديد السن) تحت ضغط ومطالبة المنظمات الأجنبية!! وخلو رؤيتهم من مراعاة ظروف اختلاف البيئة، والمبالغة في ظاهرة نادرة، وتغييب النظر في الحلول الأخرى..وغيرها. وسأحاول أن أضع مقاربة برؤيتي من خلال إطلاعي على رؤى الفريقين. وسأكون مُشدِّداً على الحقوقيين بالتأكيد لأنهم أصحاب الدعوى مع تقديري لنواياهم ومقاصدهم. أولاً: الاسم والمسمى: (زواج الصغيرات) هكذا يقول المثقفون والحقوقيون لكسب التعاطف مع القضية. وهم بهذه التسمية مفرطون ومبالغون. ومطالَبون بتحديد صفة هذا الزواج بدقة ومسؤولية. لأنهم بهذه الحالة سيظلون بنظرنا باحثين عن مشاريع وهمية غير واضحة، بل يشككون المجتمع بواقعية قضيتهم، وتبقى قضية صراع ومناوشات مع جُل العلماء. بينما العلماء يناقشون القضية تحت عنوان (الزواج المبكر) ويتضمن رفض (تحديد سن الزواج) ويتفقون مع معالجة الأضرار والأخطار الناجمة عن زواج مبكر لا تتحقق فيه الباءة، ولا تتوفر فيه الحقوق، ويؤكدون البحث عن حلول تزيل المنكر ولا تؤدي إلى منكرات أكثر..فنخرج عن نطاق علاج ظاهرة واحدة إلى خَلق ظواهر خاطئة، وتقنين ما فيه عنت ومشقة في مطلب إنساني وضروري. مزيداً من التفاصيل... الصفحات اكروبات