محافظة صعدة والتي يقوم اقتصادها أساساً على الزراعة تشهد انخفاضاً حاداً في الإيرادات المالية من الواجبات الزكوية المقر تسليمها للدولة بنص الشرع والقانون ومع ذلك فقد وصل التدني في هذا الجانب إلى مستويات غير معقولة هذا العام ولم تشهده المحافظة من قبل ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها: الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي بشكل عام بسبب أحداث الفتنة والتمرد طوال السنوات الماضية والتي أدت إلى تدني نسبة المحاصيل الزراعية. وبالتالي تدنى مستوى الإيرادات، أما العامل الآخر والذي يرى الكثيرون أنه الأساس في انخفاض إيرادات الدولة من الواجبات الزكوية فهو تسلط المتمردين وتنفذهم في الكثير من مديريات ومناطق المحافظة وإكراه الناس على تسليم الزكوات وخراج المزارع وعشر الباطن إليهم عنوة تحت تهديد السلاح وبحجة أنهم “جنود الله وبالتالي فإن كل ما لله يجب أن يذهب إليهم”. زكاة الفطر لهذا العام والتي حددت من قبل الدولة ب(150)ريالاً على كل نفس حية وما نصيب محافظة صعدة منها وكم منها تم توريده إلى الدولة وكم أخذ المتمردون. فسكان محافظة صعدة القاطنون في مديرياتها الخمس عشرة بلغوا حسب آخر تعداد أجري عام 2004م حوالي سبعمائة ألف نسمة، ومن الطبيعي أن تكون نسبة الزيادة خلال(6)سنوات حوالي مائة ألف نسمة أي أن إجمالي السكان قد وصل إلى اليوم ثمانمائة ألف نسمة. ووفق شهادات الكثير من أبناء المحافظة قام المتمردون بإجبار الناس على دفع (200)ريال عن كل نفس زكاة الفطر ليقدر إجمالي المبلغ الذي أخذوه من المواطنين في مديريات المحافظة الثلاث عشرة التي يقدر عدد سكانها بستمائة وخمسين ألف نسمة ما يتجاوز (مائة وثلاثين مليون ريال) على أقل التقديرات أما بالنسبة لمديريات صعدة، الحشوة، كتاف التي تم توريد زكاة الفطر للدولة فإن عدد سكانها في أفضل الأحوال لا يتجاوز مائة وخمسين ألف نسمة وتم توريد إثنين وعشرين مليوناً وخمسمائة ألف ريال فقط. وقد بنينا هذا الاستنتاج على أساس شهادات من سكان عدد من المديريات الذين أجبرهم المتمردون على تسليم الفطرة والزكاة إليهم وللقارىء بعض الشواهد منها مع التحفظ على الأسماء كاملة. نحن من يحدد الضعفاء والمساكين من مديرية رازح سألنا(أحمد ق.ع) فقال لنا: أرسل الحوثيون لي ثلاثة مبندقين من خُبرتهم صباح يوم العيد دقوا عليّ الباب فخرجت وكان معهم بيان قد سجلوا فيه أسماءنا وعدد أسرنا وقالوا لي: أين الفطرة فقلت لهم: لقد صرفتها على الضعفاء فقالوا هذا لا يخصك نحن من يصرفها ونحن من يحدد الضعفاء والمساكين..وبلهجة صعداوية يواصل حديثه المهم إن الكلام زاد ونقص فقالوا لي: با تحتاج تدفع غصباً عنك وإلا با نسجنك في مطرة، وعند ذلك كنت مضطراً لدفع الفطرة بالقوة وتسليمها لهم خوفاً على نفسي وحياتي. جباية تحت تهديد السلاح الأخ ( محسن ح .أ)من مديرية غمر روى لنا قصة مماثلة حيث قال: أعلن المتمردين قبل العيد من خلال رسلهم ومن خلال الخطب والمحاضرات أن لا أحد تسول له نفسه يسلم زكاته أو فطرته للدولة وأن من يقوم بذلك سيتعرض للعقاب الشديد ولكن والحديث مازال لمحسن ما كانت نفوسنا راضية نسلم لهم أبداً إلا أنهم أرسلوا يوم العيد لكل قرية مجموعة مسلحين يتهددون الناس بالسلاح ويأخذون الفطرة منهم غصباً، علاوة على ذلك أن بعض الأسر قد حددوا عددها وزادوا عليه ضعفاً ولا تجادل ولا تناقش وتدفع غصباً عنك ما تم فرضه عليك وقد سلمناهم الفطرة لإتقاء شرهم فقط مع اعتقادنا بأن لا علاقة لهم بالدين والإسلام وكله دجل وكذب). عشر الباطن وقبل ذلك فقد كان الحوثة مشغولون خلال شهر رمضان المبارك بما يسمى عشر الباطن وهو زكاة المحلات حيث فرضوا على الناس مبالغ باهظة وتحصلوا منهم عشر الباطن غصباً تحت ضغط السلاح وقد أخبرني أحدهم وهو صاحب بقالة بمنطقة النظير أنهم فرضوا عليه واحداً وعشرين ألف ريال وبعضهم فرضوا عليه ثلاثين والبعض خمسين ألفاً أما أصحاب محلات الجملة فقد فرضوا على بعضهم ثلاثمائة ألف ريال. يمارسون واجبات السلطة المحلية توجهنا إلى الأخ محمد البعداني - مدير عام الواجبات الزكوية بالمحافظة والذي تحدث لنا قائلاً: لقد شهدت المحافظة انخفاضاً حاداً في إيرادات الواجبات الزكوية في المحافظة خلال السنوات الماضية. وأشير هنا إلى أن إجمالي ما تم توريده إلى خزينة الدولة في المحافظة خلال التسعة الأشهر الماضية لم يتجاوز (56) مليوناً ريال فيما تجاوز ما أخذه المتمردون من الناس بالقوة خلال نفس الفترة(200)مليون ريال وأعزو هذا الانخفاض في الواجبات إلى أسباب أهمها عدم التزام المتمردين بالنقاط الست وآلياتها واستمرارهم في ممارسة مهام وواجبات السلطة المحلية في المديريات وقد انحصرت الواجبات التي وصلت إلى خزينة الدولة على مديريات صعدة وأجزاء من سحار ومديرية كتاف والبقع، وأود توجيه رسالة شكر لمحافظ المحافظة على تعاونه معنا واهتمامه الكبير بموضوع الواجبات وتنمية الموارد المالية كما نشكر مكتب الأوقاف على تعاونه معنا في إنجاح العمل وأخيراً أشكر صحيفة الجمهورية على اهتمامها بهذا الموضوع الرئيسي الذي يشكل مورداً حيوياً للمحافظة وخصوصاً كونها محافظة زراعية وتشكل إيراداتها حجر الزاوية في اقتصاد المحافظة.