تمثل الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام ولا يتم إسلام المرء إلا بها فهي تطهر النفوس وتصون الأموال وتنمي التجارة. وتعتبر الزكاة موردا اقتصاديا هاما في الاقتصاد الإسلامي، فقد وضعها المشرع اليمني في قانون السلطة المحلية رقم (4) لسنة 2000م، إحدى الموارد المحلية المشتركة على مستوى المديريات في إطار المحافظة الواحدة والتي يعتمد عليها في دفع برامج التنمية المحلية إلى الأمام وتساهم في تنفيذ الأجندة الحكومية والاستراتيجيات الهادفة الى مكافحة الفقر وتحقيق التكافل الاجتماعي والحماية الاجتماعية للفئات الأقل فقرا. ومنذ الأخذ بنظام السلطة المحلية حرصت كل محافظة على تطوير أوعية الإيرادات المحلية فيها بشكل عام ومنها الإيرادات الزكوية.. وتعتبر محافظة مأرب من المحافظات الشحيحة في الموارد المحلية بشكل عام للعديد من الأسباب أبرزها ان معظم الأنشطة الاقتصادية الصناعية والاستخراجية تعتبر مواردها قومية الى جانب ضعف الأنشطة التجارية والاستثمارية فيها وشحة الإمطار، الى جانب انتشار الفقر والأمية والثقافة السلبية التي أفرزت بعض الظواهر والسلوكيات المنفرة للاستثمار والسياحة والتجارة والمهدرة للكثير من الموارد، وانعكاس ذلك على الموارد الزكوية. الزكاة بالأرقام ووفقا للإحصاءات الرسمية فقد ارتفعت الموارد الزكوية من سبعة ملايين و153 ألف ريال عام 2001م، الى تسعة ملايين و176 الف ريال عام 2004م ثم انخفضت عام 2005م الى ثمانية ملايين و484 الف ريال، لتعاود الارتفاع عام 2007م الى 12 مليون ريال ثم الى 5ر25 مليون ريال عام 2008م. وبينت الإحصاءات الصادرة عن الإدارة العامة للواجبات الزكوية، ارتفاع الإيرادات الزكوية لزكاة الحبوب في محافظة مأرب من 48 الف ريال عام 2001م الى 325 ألف ريال عام 2005م، وارتفاع إيرادات زكاة القات من الصفر عام 2001م الى 136 الف ريال عام 2005م، وزكاة الخضروات من 787 الف ريال الى مليون و620 الف ريال، وزكاة المواشي من 53 الف ريال عام 2001 م الى 136 الف ريال عام 2003م ثم انخفضت الى 59 الف ريال عام 2005م. ونمت إيرادات زكاة باطن افراد من مليون و679 الف ريال عام 2001م الى مليونين و899 الف ريال عام 2004م، ثم انخفضت الى مليونين و136 الف ريال عام 2005م.. كما ان زكاة الفطر ارتفعت من أربعة ملايين و193 الف ريال عام 2001م الى خمسة ملايين و680 الف ريال عام 2003م لتعاود الانخفاض حتى تصل عام 2005م إلى مليونين و805 الاف ريال ولم تذكر الإحصائية اسباب الانخفاضات.. فيما نمت الإيرادات الزكوية الأخرى المحصلة من عروض التجارة وغيرها من 391 الف ريال عام 2001م الى مليونا و401 الف ريال وبنسبة نمو بلغت 136 في المائة. هذا النمو الخجول والمتذبذب للموارد الزكوية انعكس على برامج ومشاريع التنمية في هذه المحافظة النائية التي تحتاج الى حشد الموارد لتنميتها والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين مستوى معيشتهم. صعوبات تحصيلية وترجع الإدارة العامة للموارد الزكوية بمحافظة مأرب انخفاض الموارد الزكوية بالمحافظة الى العديد من الأسباب شخصتها في التقرير المقدم الى لجنة الإيرادات بالمحافظة التي شكلت برئاسة وكيل المحافظة المساعد ناصر العجي، حيث أشار التقرير الى ضعف تعاون المجالس المحلية بالمحافظة والمديريات في تنمية الإيرادات الزكوية، وقلة النفقات التشغيلية للإدارة العامة وفروعها في المديريات بشكل كبير مقارنة بحجم العمل المطلوب انجازه لتحصيل الإيرادات الى جانب نقص الكادر الوظيفي المؤهل، ناهيك عن زيادة الربط في الموازنة على الإيرادات الزكوية مع عدم مراعاة الصعوبات والظروف في الواقع. ولفت التقرير الى قيام جهات حزبية وطائفية وغيرها بتحفيز بعض الخطباء والمرشدين لتحريض مكلفي الزكاة بدفعها إليهم او الى جمعيات او غيرها وعدم تسديدها الى الدولة مع غياب اية إجراءات رسمية لمواجهة تلك التحريضات والمحرضين سواء من المجالس المحلية او مكتب الأوقاف والإرشاد. وأشار الى تخلف بعض كبار المكلفين عن دفع زكاة أموالهم وعدم توريد حصة المحافظة من الموارد الزكوية المحصلة منهم، بالإضافة الى تكليف بعض مدراء عموم المديريات محصلين للزكاة دون التنسيق مع فروع الواجبات الزكوية لديهم في المديريات وبعض المكلفين غير نزيهين ومنهم من يقوم بتحصيلها باقل مما هي واجبة على المكلف وبعضها اكبر مما هي مسجلة على قسائم التحصيل، وكذا عدم تجاوب بعض قياديي الأجهزة التنفيذية بدفع الزكاة المفروضة على أموالهم وممتلكاتهم او خصم زكاة الفطر عن موظفيهم. معالجات: ومن اجل تطوير وتنمية الموارد الزكوية فقد اقترحت اللجنة المكلفة بدراسة آلية تطوير الموارد في اجتماعها الشهر الماضي، إصدار تعميم على المديريات بتشكيل لجنة يترأسها مدير عام المديرية وعضوية مدير فرع الواجبات، وفرع المالية والوحدة الحسابية وأمين صندوق لتحصيل الواجبات الزكوية وتوريدها الى طرف البنك المركزي اولا بأول. كما أوصت الإدارة العامة للواجبات بعمل تنسيق مع مكتب العمل في مخاطبة الشركات والمؤسسات العاملة في المحافظة لرفع اقرارات الزكاة الواجبة عليها، الى جانب التنسيق مع مكتب الأوقاف والإرشاد في تفعيل دور الخطباء والمرشدين في توعية الناس والدفع بالمواطنين بدفع الزكاة الواجبة عليهم وعلى عروض تجارتهم وأموالهم ومزارعهم وتوعية الناس بشرعية الزكاة وعقوبة الممتنع عن أدائها او المتلاعب في أدائها وفقا للشريعة الإسلامية، والرد على كافة التضليلات والدعوات التحريضية بدفع الزكاة الى غير أجهزة الدولة. ورغم الإيرادات الزكوية المحصلة خلال السنوات الثمان الماضية من عمر السلطة المحلية، فقد نمت بأكثر من ثلاثة أضعاف وقفزت من سبعة ملايين عام 2001م الى 5ر25 مليون ريال بنهاية العام الماضي 2008م، إلا انها ما تزال ضعيفة وهناك الكثير منها تذهب الى غير الوعاء الرسمي وتسلم إلى جهات وجمعيات وأشخاص بعضها لا تحصل من قبل المكلفين كما ان هناك الكثير من الانتقاص في مقاديرها على الأموال والزروع الثمار والأنفس والتي يسددها المكلفين. لكن اهتماما كبيرا يبرز حاليا من قبل قيادة السلطة المحلية في تنمية هذا المورد بدء بمحاولة تشخيص أسباب تدنيه وكيفية تنميته لمواجهة تحديات التنمية المحلية في المحافظة التي تتسم بالبطء، وهنا يطرح السؤال نفسه حول مدى نجاح الجهود المبذولة ولو في حدودها الدنيا لتنمية وتطوير أساليب تحصيل الموارد الزكوية، ومستوى الإصرار والحماس لدى قيادات السلطات المحلية في الوصول بهذه الجهود إلى الهدف المنشود.