يمثل العيد في حياة اليمنيين حلقة من حلقات التواصل والالتقاء بين كافة أفراد المجتمع .. ويعد العيد في محافظة عمران فرصة مناسبة لتعزيز أواصر المحبة والإخاء بين أبناء المحافظة, كما أنه فرصة للتزاور والتئام الأسر.. وبهذه المناسبة التقت صحيفة (الجمهورية) عدداً من المواطنين في عمران وعاشت معهم أفراح هذا العيد وبعض ما طرأ على هذا العيد من سلبيات سواء في مظاهر التقنية الحديثة أو اختفاء بعض الموروثات الشعبية والعادات والتقاليد التي كانت معتادة، وخرجت بالحصيلة التالية.. الأخ مهدي الحاوري قال: يمثل العيد متنفساً للمواطن اليمني بحيث يلتقي فيه الأصدقاء، وتتواصل فيه الأرحام، كما أن العيد موسم للتصالح والتسامح بين كل الأسر.. وهو مؤشر جيد لفتح نوافذ جديدة بين مختلف الناس بعد انقطاع دام عاماً كاملاً. وحول العادات والتقاليد المصاحبة للعيد، أضاف: تعتبر العادات والتقاليد متوارثة من الآباء إلى الأبناء.. وما طرأ عليها من تقنيات جديدة كالهاتف ورسائل الموبايل وخدمة الإنترنت فهي من العادات غير الجيدة، نظراً لما لها من تأثير سلبي في تقليل الروابط بين الناس، وهذه من الوسائل الجديدة التي تمهد مستقبلاً لحالة غريبة والتأثير على علاقات الناس الإنسانية والنسيج الاجتماعي. كما أدى غياب الخدمات والملاهي والحدائق إلى عدم تمكن الأسر وأبناؤها من قضاء فراغ العيد. عبدالله الصايدي، أشار إلى أن العيد يشكل فرحة كبيرة عند المسلمين كافة؛ فالعيد ينقسم إلى قسمين في عمران: عيد المدينة وعيد الريف، وقال: كنا نرى العيد وفرحته سابقاً في عيون الأطفال الذين تمتلك أسرهم دخلاً كبيراً أو بمعنى أغنياء. فيما ترى ملامح الحزن في عيون الأطفال الفقراء من ذوي الدخل المحدود، أما بالنسبة للعيد في الريف أو القرية فترى العيد مختلفاً نوعاً ما عن المدينة؛ لأنه لا تظهر فيه مؤشرات الغنى والفقر، حتى وإن وجدت فهي محدودة، كما أن العيد في القرية منطلق للعادات والتقاليد والزيارات الحميدة بين الأهل والأصدقاء، وتعتبر القرية ملاذاً للتجمعات فيها. القرية وطقوس العيد محمد عبده الفقيه - مدرس وأب لطفلتين ومن سكان الريف- اعتبر العيد في القرية لدى الآباء والأجداد جزءاً من الموروث الإنساني المتعارف عليه في القرية، لاسيما وأن القرية تتحول في العيد إلى نقطة تجمع وتوافد من القادمين لتمضية إجازة العيد في الريف بعد مغادرتهم للمدن قبيل موعد العيد بفترة وجيزة، وهذه الأشياء تعد من مميزات القرية؛ إذ تتحول القرية إلى واحة لتلاقي الناس واستقبال القادمين إليها، وما يميز القرية أيضاً أنه قبيل ليلة العيد بيوم أو يومين تبدأ الأسر في تجهيز (المدارة) والبدء بإيقاد النيران من على المواقد المجهزة فوق أسطح المنازل. وما أن يتم الإعلان عن موعد العيد حتى يبدأ السكان في مساء الليلة السابقة ليوم العيد في إشعال النيران عبر المواقد المعدة في أسطح المنازل وتنطلق معها الأصوات المهللة بقدوم العيد من قبل النساء والرجال الذين يزغردون من على المدارة وكذا الأطفال الذين يقومون بإطلاق المتفجرات والطماش وغيرها من المظاهر المعتادة في العيد، وقال الفقيه : إن ما يميز العيد في القرية أيضاً هو تعود القرى على استقبال الزائرين من مختلف القرى والعزل المجاورة، والذين يأتون لمصافحة بعضهم مصحوباً بالتعاويد والقصائد الشعرية. تعبير عمّا تحمله المشاعر سلوى الشاش قالت: العيد بهجة وسرور، وفيه ترتسم الابتسامة على شفاه الزهور, والعيد فرحة كبيرة ومناسبة جليلة منحنا إياها الخالق سبحانه وتعالى، فلله الحمد والثناء. كما أن العيد فرصة للتزاور والتئام الأسر وفيه تتجدد أواصر المحبة والإخاء بين أفراد المجتمع ، وفيه تتعزز العادات الحسنة التي نفتقدها في هذا الزمن لكثرة الأعمال والأشغال التي تشغلنا وتبعدنا طوال أيام السنة عن الأهل والأصدقاء والأحبة. وأضافت الشاش: «العيد فرصة مناسبة للتعويض عن تلك الفجوة التي ربما تحصل طوال العام، فالتزاور بين الأهل والأصدقاء والجيران تعبير عما تحمله مشاعرنا تجاههم. وحول المقارنة بين عيد اليوم وعيد الأمس أشارت «الشاش» إلى الفروق التي ظهرت بين هذين الزمنين..فقد كان للعيد نكهة خاصة وملامح بسيطة وجميلة، وكان له شوق ولهفة وغير مقيد أو محدد بزمن، فهذا مما كان يميز العيد، وإذا تحدثنا عن الألعاب التي تلعب في العيد - والحديث «للشاش» - فكانت هناك ألعاب شعبية خاصة بهذه المناسبة. من ناحية ثانية كانت المدينة أوالقرية في العيد متنزهاً مفتوحاً، أما اليوم فقد أصبح العيد متأثراً بما يحدث في العالم من كوارث وأمراض تعيق تلك الفرحة خصوصاً هذا العام لما تعيشه بلادنا من مرحلة صعبة جراء أحداث صعدة وما يعيشه أهلنا في تلك المناطق. العيد والتغييرات التقنية وحول التطورات التي أحدثتها ثورة المعلومات والاتصالات وتأثيرها على العيد أشار الأخ خالد سند، وهو إعلامي بالقول: صحيح أن تطور الاتصالات جعلنا نقترب من أحبائنا وأهلنا أكثر مما كان عليه في السابق، وذلك لأسباب عديدة أهمها البعد بين المناطق، فلم يكن باستطاعة أحد أن يعاود أهله وأصدقاءه نظراً لانعدام المواصلات ,أما الآن فباستطاعتنا أن نعايشهم هذا الحدث , لكن بصراحة لا يعني الاتصال بالجوال (بأنه يغني عن الزيارة)خصوصاً إذا كان باستطاعته أن يزورهم، فهو شيء جميل من دولة إلى أخرى، أو من منطقة نائية إلى أخرى نائية. وحول الجوانب السلبية التي عادة ما تصاحب العيد أضاف «سند» بالقول: ما يعكر صفو هذا العيد هو انتشار الطماش بكثرة بين الأطفال، بالإضافة إلى عدم وجود متنزهات لأبناء هذه المحافظة، وكذلك غياب دور القطاع الخاص من إقامة المتنزهات والحدائق والمطاعم العائلية والفنادق والمقاهي، مما يجعل مظاهر العيد مقيدة داخل الجدران، وعن مظاهر العصر الحديث في العيد هو غياب التزاور بين الأسر وكل عائلة تعيش الحدث بذاتها كما أن غياب التعاطف والتراحم بين الأغنياء والفقراء يؤثر سلباً على السلم الاجتماعي، وهي مناسبة جيدة للالتفاف إلى الفقراء ومساعدتهم، والمفترض أن يظهر هذا العيد بمظهر إنساني بين مختلف الناس. تلاشي مظاهر العيد الجميلة الأخت اجلال المأخذي تحدثت عن ما طرأ على المظاهر الاجتماعية والعادات التي كانت تشهدها الأعياد بقولها : العادات والتقاليد التي كنا نعرفها مثل :المدارة، والبرع والتعاويد والرقص الشعبي قد تلاشت نوعاً ما في كثير من المناطق، وأيضاً وسائل الاتصالات الحديثة مثل الموبايلات قد جعلت من مظاهر العيد التي كانت معتادة من سابق غير إيجابية بسبب أنه بمجرد الاتصال يلغى التزاور بين الناس..كما أن غياب دور منظمات المجتمع المدني في تدوين العادات والتقاليد والحفاظ عليها وعقد اللقاءات والمهرجانات العيدية قد أدى الى اختفاء بعض الموروثات الثقافية القديمة، وهي دعوة نوجهها إلى كافة المنظمات بالعمل على تهيئة بيئة العيد وإحياء جميع العادات والمحافظة عليها وترسيخها بين الأجيال القادمة حتى لا يصبح العيد في يوم ما وكأنه يوم عابر كسائر أيام السنة.