بحسب المؤرخين فإن الجند مدينة قديمة تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة تعز وتنسب إلى جند بن شهرات بطن من المعافر وكانت الجند من أهم المخاليف في اليمن إذ كانت أحد أقسامها الثلاثة وهي الجند، أعظمها بحسب المؤرخين فإن الجند من أهم المخاليف في اليمن؛ إذ كانت أحد أقسامها الثلاثة وهي الجند، أعظمها وصنعاء ومخاليفها، أوسطها وحضرموت ومخاليفها، أدناها. وفي هذه المدينة الصغيرة جامع معاذ بن جبل والذي يعتبر من المساجد الأولى التي بنيت في اليمن في صدر الإسلام، وبالتحديد في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث بعث معاذ بن جبل إلى اليمن في العام السادس للهجرة؛ ليعلم أهل البلاد القرآن الكريم، وأحكام الشريعة الإسلامية. وحسب الروايات التاريخية فإن معاذ بن جبل توجه إلى اليمن وبركت ناقته في الجند وبنى مسجداً؛ ليكون الأول في اليمن، وهذا المسجد العتيق، شأنه في ذلك شأن مساجد اليمن الأولى، لم يبق من عمارته الأصلية إلا الرقعة الصغيرة التي كان يشغلها المسجد، ويذكر المؤرخ ابن المجاور في كتابه (صفة بلاد اليمن) أن بناء هذا الجامع قد أعيد على يد القائد الحسين بن سلامة، ثم جدده الأمير المفضل بن أبي البركات بن الوليد سنة 408ه، أي في عهد الدولة الصليحية التي كانت على صلات وثيقة مع الدولة الفاطمية وتبلغ مساحة ظله حوالي (1542م) وهي تتألف من أربعة أروقة بواسطة أربع بانكات بكل منها أعمدة مستديرة، تقوم على قواعد مربعة، وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة وبهذه الظلة ما يشبه المجاز القاطع الذي تسير عقوده باتجاه عمودي على جدار القبلة، ويؤدي المجاز القاطع إلى محراب الجامع الذي يتوسط جذر القبلة، وهو من النوع المجوف، ويعلوه عقد مدبب محمول على عمودين، ويحيط بطاقية المحراب عقد آخر، ويمتاز المحراب بنقوشه التي تحوي آيات من القرآن الكريم والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى نص تأسيس يمتد على جانبي المحراب ونصه(فرغ من عمل هذا المحراب المعبد الفقير إلى رحمة الله عبدالله ابن أبي الفتوح في شهر رجب سنة ثماني عشرة وستمائة صلى الله على محمد وآله ورضي عن الصحابة أجمعين). محراب معاذ بن جبل وإلى الشرق من هذا المحراب يوجد محراب آخر أقدم منه ينسب إلى معاذ بن جبل، وقد جاء خلوه من الزخارف والكتابات على خلاف سابقه وبرواق القبلة منبر خشبي قديم يعود إلى نهاية القرن السادس الهجري (12م)طبقاً للكتابات المسجلة عليه وهي تحوي اسم التجار(النظام بن حسين واسم الأمير الذي أمر بعمله وهو الحسن بن علي بن حسن العنسي، وقد جرت العادة في بلاد اليمن منذ تأسيس هذا المسجد على إقامة الصلاة به في أول جمعة من شهر رجب؛ احتفالاً بأول جمعة أقيمت باليمن في هذا الشهر الكريم، الإسماعيلية..وقد تناولت تجديدات الأمير الصليحي البناء بالحجر المنقوش واللبن المربع.. الجامع تعرض لحريق الجامع تعرض لحريق هائل في عام 543ه عندما هاجم الجند وحاصرها المهدي بن علي صاحب زبيد الذي قتل العديد من أهل المدينة رمياً في بئر المسجد..وتصدى لعمارته فيما بعد السلطان سيف الإسلام طغتكين بن أيوب في سنة 603ه(1206م) وشملت أعماله زخرفة الجامع بالجص وتزيين السقف بالأزورد وماء الذهب، وتجديد الأروقة في الأضلاع الشرقية والغربية والجنوبية وفي عام 626ه(1228م) أمر الملك المسعود آخر ملوك بني أيوب في اليمن بهدم أعمال طغتكين السابقة، وإعادة تجديد الجامع على الرغم من مرور البلاد في عهده بضائقة اقتصادية، وواصل سلاطين بني رسول عناية حكام الجند بهذا المسجد القديم، وكانت أهم الأعمال المعمارية في دولتهم تلك التي أمر بها السلطان الأشرف بن اسماعيل في عام 793ه (1390م)، وذلك في إطار عمارة كبيرة شملت سور المدينة، ونتيجة لتتابع أعمال الترميم والتجديد فإن هيئة جامع الجند تبدو مختلفة كلياً عن الأصل القديم (4365متراً مربعاً) ويتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربع ظلات للصلاة، أعمقها ظلة القبلة، وتطل هذه الظلات على الصحن ببانكات تتوجها بأعلى الجدران مشرفات مسننة، متجاورة، تشابه ما كان سائدا في عمارة المماليك.