نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    استمرار انهيار خدمة الكهرباء يعمّق معاناة المواطنين في ذروة الصيف في عدن    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    فعاليات للهيئة النسائية في حجة بذكرى الصرخة ووقفات تضامنية مع غزة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    شاب يمني يدخل موسوعة غينيس للمرة الرابعة ويواصل تحطيم الأرقام القياسية في فن التوازن    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    غرفة تجارة أمانة العاصمة تُنشئ قطاعا للإعلان والتسويق    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    منتخب الحديدة (ب) يتوج بلقب بطولة الجمهورية للكرة الطائرة الشاطئية لمنتخبات المحافظات    أزمة اقتصادية بمناطق المرتزقة.. والمطاعم بحضرموت تبدأ البيع بالريال السعودي    عدوان أمريكي يستهدف محافظتي مأرب والحديدة    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    وفاة عضو مجلس الشورى عبد الله المجاهد    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    الطيران الصهيوني يستبيح كامل سوريا    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    قرار بحظر صادرات النفط الخام الأمريكي    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    مليشيا الحوثي تتكبد خسائر فادحة في الجفرة جنوب مأرب    إعلان عدن التاريخي.. نقطة تحول في مسار الجنوب التحرري    المستشار سالم.. قائد عتيد قادم من زمن الجسارات    استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    الأرصاد يتوقع استمرار هطول الامطار ويحذر من التواجد في بطون الأودية    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    صحيفة: أزمة الخدمات تعجّل نهاية التعايش بين حكومة بن مبارك والانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار ل «الجمهورية» مع المناضل اللواء حسين المسوري:
أهداف الثورة اليمنية تحققت وتوجت بالوحدة اليمنية
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2011

لقد كانت ثورة 26 سبتمبر فتحاً وطنياً عظيماً، ومعجزة خالدة في تاريخ هذا الوطن الحبيب، على فلول العهد الإمامي البائد، وما حققته من ترسيخ لمبادىء الحق والعدل والحرية. ويصح القول: إنه مع سحق فلول الإمامة؛ انسحقت كل الأوهام التي سيطرت على عقول الطامعين من أعداء الثورة في إعادة التاريخ إلى الوراء.. اليوم وبعد مرور 49عاماً من عمر الثورة المجيدة لا تزال هناك أسرار وبطولات ومواقف حبيسة الأدراج والعقول لذا كان ل “الجمهورية” حوار مع المناضل الكبير اللواء . حسين محمد عبدالرحمن المسوري أحد أبرز مناضلي الثورة ممن تجرع كؤوس الظلم والقهر الإمامي منذ طفولته المبكرة ليكون واحداً من أبرز الرجال الذين كان لهم دور في الانتصار لثورة سبتمبر والدفاع عنها، وإسهامات مشرفة في النضال الوطني، ضرب أروع الأمثلة في الاستبسال والإخلاص في سبيل خلاص الشعب من جبروت الإمامة.
ربما ينتمي المناضل حسين المسوري إلى أسرة متواضعة، وخاصة في تلك المرحلة من تاريخ الوطن، ليواصل الطالب- حينها- حسين المسوري تعليمه ويوسع من معلوماته العامة من خلال الكتب التي كانت تتسرب من هنا وهناك.. ولكن الأمر يختلف عنده، فلقد أدرك مبكراً بوعيه الذاتي أن الرجل المتعلم أفضل من غير المتعلم.. إلى أن انتقل إلى الكلية حيث صقلت شخصيته ونضج تفكيره بالقضايا العامة.. وحينذاك كانت قد بدأت الظروف الموضوعية والذاتية للثورة تتبلور في صفوف الأحرار، ولكن (حسين) لم يكن في سن يؤهله لخوض هذا التحدي.. غير أنه يستمد من هذه المخاضات شحنات روح الثورة والتحرر..وفي بداية الثورة كان ضابطاً أنهى دراسته التخصصية في ما كان يسمى بمدرسة الأسلحة ، وهو مايسمى حالياً (بالعرضي)..وبصورة عامة هذا هو المكان الذي نضجت فيه شخصية الضابط المناضل حسين المسوري العسكرية، وكان منطلقاً لإسهاماته النضالية مع زملائه في صنع الثورة اليمنية وتفجيرها وانتصارها، ومواصلة مسيرة الدفاع عنها، أبناء الوطن الأحرار أولئك الذين عاشوا أصناف القهر والاستبداد والطغيان، هم الذين كانوا الأكثر استعداداً للتضحية والموت في سبيل الحرية.. وهم الذين نشأوا على روح التحرر والثورة، وكانوا يستشهدون أو يتعرضون للموت وأمل النصر والخلاص ملأ مآقيهم وخاضوا محطات الثورة بمواقف في مختلف مراحل النضال الوطني، منهم من قضى نحبه ومنهم من كتبت له الحياة.. وهؤلاء من يستحقون اليوم، ونحن نعيش احتفالات العيد التاسع و الأربعين للثورة السبتمبرية الخالدة، أن نستل الأقلام ونتلمس مواقع ذكرياتهم لأهم أحداث وحقائق الثورة، ومنعطفاتها والمحطات المفصلية في التاريخ النضالي الوطني لشعبنا اليمني..
الوعي التحرري
عايشت في طفولتك العنت والظلم والقهر الإمامي صف لنا ذلك .
الحقيقة أنا من مواليد عام 1942م، وبالتالي كانت طفولتي المبكرة متزامنة مع بدايات ثورة 1948م وحينها بدأ الوعي يتشكل لديّ وخاصة عندما شاهدت أحداث ثورة 48 في صنعاء وما رافقها من نهب وسلب، فتعلمت من ذلك الحدث أشياء كثيرة رغم الطفولة المبكرة، حيث وجدت أن هناك تطلعاً لدى بعض رجالات اليمن من علماء وعسكريين ومشايخ وفئات اجتماعية واسعة إلى قيام ثورة ضد الظلم والإعدامات التي جرت بعد فشل ثورة 1948م ، خاصة بعد مرور سنة على فشلها، وبعد أن أعدم الشهيد جمال جميل في ميدان التحرير في شهر رمضان، وقد كان يوم إعدامه يوماً حزيناً وكئيباً لدى أبناء مدينة صنعاء.. فتركت تلك الأحداث في ذهني مجموعة من التساؤلات حول ما حصل، ولماذا حصل؟ ولماذا أعدمت الرؤوس ؟ وبقيت هذه الاستفسارات تدور في ذهني دون إجابة أثناء دراستي الابتدائية والإعدادية والثانوية حتى التحقت بكلية الطيران التي كان مديرها المناضل الزعيم عبدالله السلال وأثناء الدراسة في الكلية مرت بلادنا بعدة أحداث منها أحداث 1959م في صنعاء، وفي تعز وخلال التحاقنا بكلية الطيران ثابرنا وصبرنا وساعدنا الزعيم عبدالله السلال كثيراً حتى تخرجنا في عام 1961م، ثم التحقت بدورة مدفعية في سلاح المدفعية، وكان معي مجموعة من الزملاء في تلك الدورة في سلاح المدفعية الذين كان لهم دور بطولي وهام في ثورة «26 سبتمبر» وخلال الفترة من 61 - 1962م قمنا بدور فعال في ليلة الثورة، حيث قمنا بضرب الأهداف الإستراتيجية الهامة وحرصنا على الذخيرة، لكي نبدأ بالقصف بعد طلوع فجر يوم 26 سبتمبر مما أعطى انطباعاً بأن هناك ذخائر مع رجال الثورة ومع سلاح المدفعية، وكان للشهيد محمد مطهر دور بارز وكبير.
زملاء النضال
من تتذكر من زملاء النضال؟
كثيرون.. في سلاح المدفعية أذكر منهم الشهيد محمد مطهر والشهيد محمد الديلمي والشهيد محمد العمري والمرحوم يحيى المتوكل والأخ محمد عبدالخالق وغيرهم وكل هؤلاء كانوا زملائي وشاركوا في معارك الدفاع عن الثورة منذ قيامها وهناك زملاء كثيرون في سلاح المدرعات وسلاح الإشارة وسلاح الصيانة.. هؤلاء من الذين أضاءوا شمعة الثورة وقد التف الشعب اليمني كله حول الثورة وقيادتها ودافعوا عنها وانتقلت الثورة بعد قيامها من أيادي الضباط الأحرار إلى الشعب اليمني الذي دافع عنها، من كل أرجاء الوطن اليمني الكبير لمواجهة المغرر بهم الذين وقفوا ضد الثورة وفي صف الأعداء.. وبالذات في حصار السبعين يوماً.. والحمدلله تمكن الشعب اليمني وقواته المسلحة والشعبية من الدفاع عن الثورة والجمهورية بعد خروج القوات المصرية من اليمن وخابت آمال أولئك المغرر بهم.. وهنا أود الإشارة إلى أن الدعم المصري للثورة قد كان له الفضل الكبير في تثبيت وترسيخ دعائم الثورة في بداياتها ومهدها وكان للجيش وللشعب المصري وقيادته الفضل الكبير في حماية الثورة ولولا ذلك الدعم وذلك الموقف لكانت اليمن في وضع مختلف على ما نحن عليه اليوم.. وهذه حقيقة تاريخية يعرفها الجميع.
مطاردة أعداء الثورة
ماذا عن ذكرياتكم مع النضال الوطني والدفاع عن الثورة السبتمبرية؟
الثورة بحد ذاتها مفاجآت وذكريات وأحداث عظيمة وجسيمة وكنا كل يوم نشاهد المفاجآت التي لا حصر لها في كل المواقع التي واجهنا فيها الأعداء، وفي أكثر من أربعين جبهة.. ولك أن تتخيل أن تكون هناك أربعون أو عشرون أو عشر جبهات تدور وتستمر فيها العمليات القتالية يومياً في سبيل الدفاع عن الثورة.. وبالتأكيد كانت هناك أحداث محزنة عندما فقدنا بعض الإخوة من زملائنا وفرحة كبيرة عند الانتصار ودحر الأعداء.. ولا بأس من التطرق لبعض الذكريات هنا في سياق الحديث ، ومنها أنه عندما كنا محاصرين في كحلان عفار، في بيت الولي، في ذلك الموقع الذي كان بالنسبة لنا استراتيجياً ومهماً أثناء عمليات مطاردة أعداء الثورة وملاحقتهم وكان في ذلك الموقع تقريباً كتيبة مصرية وأربع سرايا من قواتنا النظامية القديمة كان هذا موقفاً صعباً حيث شاهدنا لأول مرة إطلاق نار كثيف علينا من مدفعية صاروخية عيار 75مم من هذا النوع من المدفعية من قبل المغرر بهم، وقد جرح حينها أحد الإخوة المصريين وقطعت يداه وأسعفناه بالإسعافات الأولية، ثم سألناه: عندما ينتهي الحصار وتعود إلى مصر.. ماذا ستقول لهم؟ وأين كنت؟ وأين قاتلت؟ قال أنا قاتلت بكل فخر وبكل اعتزاز، وبابتسامة جميلة قال سأقول لهم أنا كنت في بلاد «بره» أي في الخارج وكنت أعمل في مصنع وحصلت لي حادثة وجرحت حتى لا أضعف الروح المعنوية عند إخواني وفي قريتي بما حدث معي في اليمن.. من الذكريات أيضاً.. كان هناك سائق عندما حوصرنا في كحلان عفار قدم استقالته وقال لي يا أخ حسين أنا جئت سائقاً أسوق معك ولم آت لأقاتل «خذ بندقك»، واتركني أعد إلى قريتي وأولادي.. قلت له: خذ البندق معك واذهب إلى أولادك، وأعطيت له «مصاريف» وقلت له خذها معك لمواجهة أية متاعب ربما قد تواجهك عند العودة إلى قريتك، وفعلاً حدث لديه ما توقعته من متاعب وهذا ما علمته فيما بعد وهناك موقف آخر.. أحد الأصدقاء الله يرحمه كان شخصية ذكية ونشيطة فيما كان يسمى بيت السلك -المواصلات- وكنت أبعث برقيات فيها نوع من المبالغة وفيها متطلبات تموينية وذخائر وأسلحة حتى يكون لدينا وفر لمواجهة أي طارىء، فإذا بذلك الصديق يقول لي.. يا أخ حسين لا تبالغ في البرقيات وإنما اشرح الموقف في برقياتك كما هو عليه، وهنا وقفت متأملاً أمام هذا الصديق بكل اعتزاز على نصيحته.. هذه جزء من ذكريات ومواقف كثيرة منها المفرحة ومنها المحزنة.
قائد للواء الثورة
أين كان موقعكم الشخصي مع زملائكم أبطال السبعين في الدفاع عن الثورة والجمهورية بعد خروج القوات المصرية ؟
لا ننسى أن هناك الكثير من الضباط تبوءوا مناصب قيادية في القوات المسلحة.. في سلاح المدفعية وفي رئاسة الأركان وفي جميع أنواع الأسلحة في القوات المسلحة.. وكان لي الشرف أنني كنت أحد أولئك الضباط حيث كنت قائداً لسلاح المشاة لفترتين متتاليتين بعد أن كنت قائداً للواء الثورة اليمني الذي كان أول لواء تدرب على الأسلحة الحديثة وتدرب تدريباً عسكرياً منظماً.. وقد استطعنا أن نحل محل القوات المصرية في محور كبير وواسع كان امتداده من كوكبان، إلى ، مسور، هذا المحور الواسع والكبير تمركز في مواقعه لواء الثورة وكانت تلك خطوة متقدمة ورائعة زرعت فينا الثقة والأمل في أن الجيش اليمني حينما يتدرب تدريباً عالياً وتتوافر له الإمكانات اللازمة كغيره من وحدات الجيش المصري،فإنه يستطيع أن يؤدي دوره على أكمل وجه، بل وعلى نحو أفضل من الدور الذي كانت تؤديه الوحدات المصرية، وعلى معرفة أكبر وأوسع بحكم أنهم يمنيون، لهم علاقة ومعرفة مع القبائل ومع جميع الناس ومن خلال ذلك كنا نحصل على كل المعلومات من أولئك الرجال الذين لهم أقارب وأصدقاء أو معرفة في تلك المناطق التي رابط فيها اللواء، وبالفعل تمكن اللواء في أن يدافع ويقاتل ببسالة وأن يصمد لمدة ثلاث سنوات في هذا المحور من 1964 - 1967م حتى أصبح محوراً نموذجياً والحمدلله أديت واجبي وعملي القيادي سواء في سلاح المشاة أو لواء الثورة بكل تفانٍ وبكل ما استطعت أن أقدمه، وبعد ذلك واصلت مشوار عملي إلى أن تبوأت منصباً قيادياً في رئاسة الأركان، ثم رئيساً للأركان.
الرئيس علي عبدالله صالح يفك الحصار
في مذكراتك تحدثت عن حصاركم في كحلان من قبل الملكيين ماذا عنه؟
حصارنا في كحلان (عفار) كان في مارس 1963م لمدة (27) يوماً.. وهو أول مكان نتعرض فيه لمهاجمة مدفعية الملكيين وقد صمدنا مع عدد من الجنود ندافع عن تلك المنطقة.. وكان من حسن الحظ أن الإخوة في عمران ومنهم الرئيس علي عبدالله صالح تمكنوا من فتح الطريق إلينا وفك الحصار عنا.. وكان من الطبيعي أن يكون لهذا الانتصار ارتياح لدينا جميعاً.. وخصوصاً القيادة العليا في ذلك الوقت ممثلة بالرئيس المشير السلال من منظور أن سقوط تلك المنطقة يعني أن المناطق من عمران إلى حجة ستكون ملكية وبما يؤثر على مسار العمل العسكري وإثر هذا تمت ترقيتي إلى رتبة “مقدم”.
تنظيم الضباط الأحرار
ماهي أبرز القوى السياسية والاجتماعية الوطنية التي شاركت في قيام ثورة 26 سبتمبر.. وساهمت بشكل رئيسي إلى جانب تنظيم الضباط الأحرار؟
ذكرت أكثر من مرة أن تنظيم الضباط الأحرار، هو القوة الفاعلة في تفجير الثورة. وكانت كثير من التنظيمات السياسية والمنظمات، كما سمعت ولم أشارك فيها، ربما لهم تنظيم أو نشاط، منها تنظيم يتكون من الإخوة عبدالقوي مطهر وعبدالقوي حاميم ومحمد قائد سيف وعدد آخر من المناضلين في محافظة تعز، وكانوا مرتبطين بالفريق العمري وعبدالسلام صبرة، وللأسف لاتوجد لديّ معلومات عن نشاطهم هذا إلا بعد الثورة، لكننا كنا نحس أن قوى وطنية ساهمت في (48م) و(55م) و (59م) و(61م) من العسكريين والمدنيين والمشائخ، وكان سني الصغير لايسمح لي بالتفكير إلى هذا البعد للاطلاع على التنظيمات الأخرى ودورها في ذلك الحين.. ولكن بعد الثورة من خلال القراءة والاختلاط والأحاديث سمعنا ذلك.
ثورة شعب ضد الظلم
وهل ماكتب من حقائق عن تاريخ الثورة حتى الآن صحيح ومحايد؟
للأسف حينما تقرأ للبعض أو تسمع من البعض الآخر عن تاريخ الثورة من خارج تنظيم الضباط الأحرار، تجد أن الكثيرين نسجوا روايات متضاربة.. ولكنها في نظري مبادرات إيجابية، لأن العمل الجيد الإيجابي يمتدح به المرء حتى ولو بالغ فيه، طالما وهو يصب لخدمة عظيمة وإثراء التاريخ الثوري والنضال الوطني الشامخ والطويل مما يعني مشاركة كبيرة لقاعدة جماهيرية واسعة في قيام الثورة اليمنية.. لأن الثورة ليست من عمل عدد محدود من الضباط، ولكنها ثورة الشعب اليمني كله، الذي نهض ضد نظام الظلم والاستبداد.
التفكير السياسي يتطور
ما مفهوم الثوار والأحرار عن الجمهورية؟
هذا القول أيضاً اعتبره ضرباً من الخيال.. ونحن نريد أن نتكلم بلغة وبمفاهيم تلك الأيام، فلم يكن يخطر على بال أحد أن تقوم جمهورية كما درست أو تابعت أحداث 48م، فقط سمعت من بعض الإخوان بأنهم تحدثوا عن اسم الجمهورية، وأول من تحدث به الشهيد أحمد محمد نعمان في عدن عام 58م مع الأخ محمد الفسيل- هذا ماقرأت عنه أو سمعت به- ومابين 58م إلى 62م هي أربع سنوات، وكان التفكير السياسي يتطور وينضج بسرعة لدى ضباط الثورة ولدى الحركة الوطنية.. فسمعنا بعض الزملاء من خارج الوطن، من الشهيد الزبيري والدكتور عبد الرحمن البيضاني، يتحدثون عن الجمهورية ولكن مجرد كلام وحلم..
الميثاق المقدس
لكن قادة حركة 48م طرحوا موضوع الدستور، و قيل عنهم «المدسترين» وهو نمط سياسي متطور؟
هم أطلقوا عليه «الميثاق المقدس» الذي وضعه الأحرار عام 48م وهم من خيرة العلماء ورجال اليمن، ولكنهم لم يصلوا الى القول «بالجمهورية» كحكم ، وكان للفضيل الورتلاني دور في هذا الاتجاه، وهو أحد رجال الحركة الإسلامية، وكتاب أحمد الشامي «رياح التغيير» فيه كثير من الحقائق، وبإمكانك الاطلاع عليه..! وأنا لا أحكم بجزم عن تلك المرحلة، لأنني لم أعشها، فقط قرأت وسمعت وتابعت، ولكن الإخوة الذين ساهموا في ثورة «48» هم الأجدر أن يجيبوا عن هذا السؤال..
ضباط الثورة في جبهات القتال
هناك ملابسات اكتنفت قيام الثورة أبرزها استشهاد علي عبدالمغني.. كيف يتحرك قائد بارز مثله في ثامن يوم من تفجير الثورة في مهمة إلى مأرب، ويستشهد هناك؟ هل ثمة مؤامرة أحيكت لتصفيته من قبل جهة معينة أو شخص معين؟
لا أريد ان أجيب عن هذه التساؤلات بنوع من التشاؤم، لأن هناك من فسرها تفسيراً سياسياً، فالشهيد علي عبدالمغني كان أحد ضباط الثورة القياديين الذين تحركوا إلى جبهات مختلفة، ولو كان عبدالمغني حياً لأعفى الناس من هذه التساؤلات، ولا وجود هنا لأية مؤامرة، بل كان الحماس الفياض هو الدافع لتوجهه في هذه المهمة.. وأتذكر أن محمد مطهر تحرك أيضاً في جبهة ومحمد الأهنومي تحرك في جبهة وحمود بيدر تحرك في جبهة.. ومحمد الحمزي وزملاءه في جبهة؛ ولهذا أنا لا أصدق إطلاقاً أي نوع من المؤامرات على الشهيد علي عبدالمغني مطلقاً، كذلك لا ننسى أن حمود الجائفي وأحمد الرحومي تحركوا إلى عبس في جبهة وجميعهم قيادات وتحركهم كان خلال أسبوع تقريباً من تفجير الثورة..
الشهيد محمد مطهر
ألا ترى أن نفس الغموض يكتنف عملية استشهاد محمد مطهر زيد في حجة عام 64م ؟
يا أخي هناك قوافل من الشهداء، ولماذا نأتي بسؤال على شهيد ونسكت عن شهيد آخر.. فحينما يكتب الله الشهادة للإنسان لا مفر منها.. أما محمد مطهر زيد، آخر يوم كان عندي في المنزل على وجبة العشاء في صنعاء القديمة، وقلت له يا أخ محمد، بحق الزمالة، قد استشهد الكثير من زملائنا وأنت الآن رئيس الأركان، نرجوك ألا تذهب في هذه الحملة، وكان عندنا عدد من الزملاء، ويكفي ما خسرنا من القياديين الكبار وأنت واحد منهم.. ولكنه قال لي إن أمنيتي في حياتي أريد أن أعبر الحدود إلى «عصيدة واليمنة» مكان تجمع الملكيين حينها، وكان قضاء الله وقدره أن تكون شهادة البطل محمد مطهرزيد في هذه الحملة.
حصار السبعين
بالنسبة لحصار السبعين ماذا عنه؟ وأين كان موقعكم ؟
لقد كانت صنعاء تمثل القوة الحقيقية في تلك الفترة لاستمرار وانتصار الثورة اليمنية وبقائها وشموخها في شمالها و جنوبها وكانت نظرة القادة في تلك الفترة للتعاطي مع الأمور ليست وليدة يومها، بل كانت ذات بعد استراتيجي..وحينما تعرضت صنعاء للحصار هبّ الكثير من رجال القوات المسلحة والأمن دفاعاً عنها من مختلف صنوف القوات التي كانت قائمة وموجودة في تلك المرحلة والتي استطاعت أن تلقن أعداء الثورة والجمهورية درساً قاسياً.. حينها كنت أحد قادة القوات المسلحة.. قائداً لسلاح المشاة المكون من ألوية تدافع عن صنعاء منها لواء الوحدة ولواء النصر واللواء العاشر والتي كانت قادرة على السيطرة في الدفاع عن صنعاء بالإضافة إلى وجود سريتين مقاتلتين، وكنا بهذه القوة البطلة رغم تواضع عدد ضباطها وأفرادها لكن ما كان يزيدنا فخراً أن كل فرد ومقاتل يحمل في داخله شعوراً ذاتياً بأنه يمثل كتيبة ؛ لأنه يدافع عن قضية وطنية ؛ ولأنه حدد موقفه بأن الموت يهون في سبيل الدفاع عن الثورة والجمهورية وبالمثل كانت هناك عملية تنسيق مشتركة بين كافة الوحدات العسكرية التي مثلت القوة الحقيقية للدفاع عن صنعاء سواء كانت مدفعية أو مدرعات أو مشاة أو إشارة والذين كانوا ينفذون أعمالاً بطولية وأتذكر منهم في سلاح الإشارة، أشكر منهم الأخ محمد القاسمي والأخ محمد باسلامة، هؤلاء كانوا ضباطاً وشباباً رائعين مع بقية زملائهم الذين كان لهم دور فعال في متابعة الأحداث وربط الوحدات بالاتصالات وكذلك رفع المعنويات إذا ما حدثت أية انتكاسات ليؤكدوا لجميع من يكسرون الحصار بأن الصمود مستمر والبقاء والنصر للثورة وللجمهورية وكنت على اطلاع مستمر لهذا الأداء المتميز ومتابع له بحكم موقعي في سلاح المشاة ومشارك مع إخواني في قيادة القوات المسلحة في هيئة رئاسة الأركان وسلاح المشاة.
وحدة الرأي والموقف
إذاً برأيك أهم المحطات التي قادت إلى انتصار ال70 يوماً؟
لاشك أن التاريخ يدون لصانعيه ورجاله والمشاركين فيه ولذلك فإن الكثير من الإخوة الضباط والمشائخ والذين شاركوا في الدفاع عن الثورة والجمهورية وغيرهم من أبناء الشعب اليمني تحدثوا عن ذلك..وبالتالي فإن الأهم في هذه المسألة قصة الانتصار العظيم في ملحمة السبعين البطولية هو وحدة الرأي ووحدة الموقف ووحدة القرار، الأمر الذي جعل ملحمة الاصطفاف الوطني قادرة على ردع المعتدين عن صنعاء بالتفاف القوات المسلحة والأمن مع القوات الشعبية لتشكيل طوق للدفاع عن صنعاء يومها.. حتى حينما حدثت بعض الاختلالات في أغسطس عام 1968م في ذلك الوقت حاول الملكيون استغلال الظرف يومها لكن الجميع توحد في موقف واحد للرد على تلك المحاولة البائسة واليائسة التي حاول استغلالها من كان لهم موقف معادٍ من الثورة والجمهورية..
التفاف الشعب
ما الخطط العسكرية التي اعتمدت لفك حصار السبعين؟
الحقيقة أن قيادة القوات المسلحة كانت قد أعدت خطة واحدة، تشتمل على الدفاع عن صنعاء والسيطرة على المواقع الهامة والحفاظ على المداخل الهامة والمحصنة التي تساعد على الحماية والدفاع عن صنعاء من جبل الطويل إلى جبل نقم إلى عيبان إلى ظفار إلى براش إلى تبة العرة إلى المطار الجنوبي والمطار الشمالي وإلى النهدين، إلى حمر العند وإلى عصر وبيت عدنان هذه هي الخطة العسكرية التي أعدها واعتمدها القادة العسكريون للتمكن من احتلالها والسيطرة عليها والدفاع عنها وكما ذكرت لك أنه برغم محدودية سلاحنا وقواتنا إلا أنه لولا فضل وعناية الله وبسالة مقاتلينا والتفاف الشعب والمقاومة الشعبية حول القوات المسلحة والأمن لما تمكنا من تحقيق النصر على الحصار وأعداء الثورة والجمهورية، الجميع شارك في تنفيذ هذه الخطة العسكرية الدفاعية عن صنعاء، وكانت تحدث بين حين وآخر عملية ما يسمى بالاحتلال والإغارة أو الهجوم المضاد بالمصطلح العسكري، ولكننا كنا نعمل إجراءات وترتيبات عسكرية احترازية للحد من الهجمات المضادة من قبل المناهضين للثورة والجمهورية وكل ذلك كان يتم بالتعاون بين أبناء القوات المسلحة وأبناء القبائل من أبناء حاشد وبرط وذو محمد وذوحسين والحداء ونهم وسنحان والمقاومة الشعبية والقبائل اليمنية الذين أسهموا مع إخوانهم في القوات المسلحة والأمن.
دعم عربي ودولي
برأيك ما مدى تأثير العامل الخارجي على انتصار الثورة؟
كان هناك مناصرون لليمن وللثورة اليمنية من الدول العربية الشقيقة بمن كانوا يسمون بالتقدميين مثل مصر وسوريا والعراق والجزائر والكويت تلك الدول كانت تدعم اليمن وتساعده بالمعونات المادية والعسكرية ومن الأصدقاء الاتحاد السوفيتي سابقاً الذي كان له الدور الكبير سواء قبل الثورة أو بعد الثورة فالأسلحة الروسية هي التي ساعدتنا على قيام وانتصار الثورة والجمهورية.. هذه الدول كانت في مقدمة من ساعدنا ولذلك يجب أن نقدم لها الشكر والعرفان على مواقفها في كل مناسبة وطنية ؛ لأن دورها كان متميزاً في سبيل تثبيت دعائم الثورة والجمهورية وقد واصلت مساعداتها لليمن بعد انتصار الثورة..وبالتالي فإن كل حدث عظيم ربما من الطبيعي أن ترافقه إيجابيات وسلبيات معاً، ومن يقول إنه ليس هناك سلبيات أو ينفي الإيجابيات فهو غير دقيق في كلامه فالسلبيات في مرحلة تثبيت وانتصار الثورة حدثت منَّا ومن الإخوة المصريين.. وهنا.. وهناك.. لكن الغالب في تلك المرحلة هي الإيجابيات ولا أعتقد أنه من المفيد والمجدي أن نظل ندور في حلقة السلبيات ؛ لأننا قد تجاوزناها وأصبحت جزءاً من الماضي، مثلما استفدنا منها وتحولت إلى إيجابيات ولنتذكر دائماً أن التاريخ علمنا بأن الشعوب والدول تبنى على قاعدة مشتركة من المصالح والتفاهم، لذلك فإن الانفعالات والتجاوزات لبعضنا الآخر غير مفيدة خاصة عند أية مجابهات وتحديات مع خصوم وأعداء.. وبالتالي نحن واجهنا سلبيات وتجاوزناها والحمدلله.. حينما انتصرت الثورة بعد حصار السبعين يوماً رأس الفريق حسن العمري وفداً كبيراً وذهب إلى جمهورية مصر الشقيقة ليقدم التحية والشكر والتقدير لبطل العروبة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وللشعب والجيش المصري، وكان ذلك تأكيداً على الدور الذي لعبه الجيش المصري مع الجيش والشعب اليمني في دحر حصار السبعين وانتصار الثورة والجمهورية، وكانت زيارة الفريق حسن العمري بطل السبعين إلى مصر وتقديمه التحية والتقدير لمصر، أيضاً تأكيداً وتجاوزاً لكل السلبيات التي حدثت.
القرار السياسي
بعد اعتقالكم في القاهرة عام 66م ضمن وفد يمثل الجمهورية ومعكم النعمان والعمري وآخرون.. لماذا لم تتوجهوا الى المنظمات الدولية، والعربية آنذاك لعرض قضيتكم وأنتم تمثلون دولة ذات سيادة؟
أود أن أتحدث عن هذا الموضوع بكل شفافية وصراحة بحكم أهميته التاريخية فقد كانت الرؤية اليمنية حينها رؤية سيادية وليست معارضة مع الاتجاه المصري.. هدفها أن يستقل القرار اليمني وتصنعه القيادة اليمنية دون وصاية من احد ويتبنى هذه الرؤية جانب من الشخصيات السياسية البارزة والقيادات العسكرية الوطنية ومجموعة أخرى من إخواننا في القيادة كانت رؤيتهم تتمثل بضرورة الانصياع للرؤية المصرية وتوجيهات القيادة المصرية العليا في القاهرة من منظور أن المصريين يقاتلون معنا وعلينا أن نتبعهم في كل شيء حتى وإن كانت بعض القرارات خاطئة وتضر بسيادة الوطن واستقراره بعد الثورة.. والرؤية الوطنية التي تمثل الغالبية العظمى للشعب والقيادات التي تشعر بالمسؤولية الكبرى كانت تقول بأنه لايجوز أن تترك الأمور على ما هي عليه بل يجب أن تكون لنا رؤية وموقف تجاه القضايا اليمنية السيادية والإدارية والسياسية والاقتصادية ونطرحها على الإخوة المصريين لكي يقفوا معنا ويساعدونا على الاضطلاع بها.. ولكن للأسف حصل الخلاف وكان لابد من إيجاد مخرج سياسي من هذه الأزمات بصورة دائمة فعقد مؤتمر (خمر) الشهير ولكن قراراته كانت متماشية مع السياسة المصرية ولم تستجب لقضايا الوطن العليا ولم تتضمن ما هو أهم وهو الخروج عن السياسة المصرية وحينها تشكلت حكومة برئاسة الأستاذ أحمد محمد نعمان وعدد من الشخصيات السياسية اليمنية.. ولكن هذا أثار حفيظة الإخوة المصريين، ومن هنا ذهبت عدد من الوفود من هنا إلى الخارج الى بعض دول الجوار (العراق - والكويت) وغيرها.. وكذلك إلى مصر.. ولكن هذا الموقف فهمه الإخوة المصريون خطأ ،وبأنه تعدٍ على السياسة المصرية، أو خروج عن الطاعة.. وللأسف ضخم هذا الفهم ووصل درجة كبيرة من الحساسية وعقدت عدة مؤتمرات بعد ذلك منها زيارة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى جدة بالسعودية، ولقائه الملك فيصل رحمهما الله جميعا، واتفقا على إحلال السلام في اليمن وتشكيل وفد جمهوري ووفد ملكي ويلتقيان في (حرض) ؛ لأن اليمنيين كان همهم البحث عن حل لإنهاء الأزمات والحروب وإحلال السلام وكل ما فيه خدمة مصلحة اليمن وشعبه المكافح.. وكان الوفد اليمني برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني ، رحمه الله، وعدد من الشخصيات البارزة، منهم الأستاذ أحمد محمد نعمان، وعبدالله جزيلان وعلي سيف الخولاني وحسن مكي.. وغيرهم، وكان موقفهم عقلانياً ومتوازناً حظي باحترام الأعداء قبل الأصدقاء.. ثم عقد مؤتمر (الجند)، والهدف تعزيز القرار السيادي وصيانته، وكنا نتمنى أن يحاط بدعم واهتمام القيادة المصرية؛ لأنها كانت الأقرب إلى نفوسنا بحكم نضالنا المشترك والعلاقة حميمة ومعمدة بالدم..
رغم ما جرى من الأشقاء المصريين؟
رغم ذلك..إلا أن الثقة كانت هدفنا المشترك مع المصريين وبالزعيم جمال عبدالناصر،وبالتالي فإن كل ذلك لم يجعلنا نفكر مجرد التفكير بإثارة قضيتنا في أية منظمة دولية او عربية.. بل توجهنا إلى مصر وقيادته العربية جمال عبدالناصر والمشير عبدالحكيم عامر، وكان عبدالناصر يرعى السياسة العربية بشكل عام والسياسة اليمنية بشكل خاص.. وأخذ الخلاف مساراً آخر.
إعادة تمركز الوحدات
ماذا عن قصة عودتكم من القاهرة تزامناً مع محطة 5 نوفمبر 67م؟
محطة (5) نوفمبر كانت هدفنا الرئيسي مع إخواننا الذين كانوا معنا في القاهرة ولكنهم عادوا إلى صنعاء، ونفذوا ما يطمح إليه الجميع.. ومع حدوث 5 نوفمبر جاء أول وفد يمني إلى القاهرة برئاسة الأستاذ محسن العيني والتقينا بهم وطلبنا العودة معهم إلى صنعاء، أنا والأخ محمد الخاوي واللواء حمود الجائفي.. وعدنا معهم عن طريق (أسمرة) إلى صنعاء.. وقبل عودتنا كان الضباط في القيادة قد اجتمعوا وأجمعوا على أن أتولى قيادة سلاح المشاة والأخ محمد الخاوي قيادة سلاح المدفعية، وكان هذا بمثابة تشريف لنا من زملائنا الضباط، وباشرت مهامي العسكرية قائداً لسلاح المشاة، وكذلك الأخ محمد الخاوي قائداً لسلاح المدفعية..
وما الخطوات التي عملتها بعد ذلك؟
بدأت عملي كأي قائد.. وكنت قد مارسته من قبل وعندي خلفية وتجربة، كقائد سلاح وقائد لواء وأركان حرب لواء سابقاً.. فبدأت بإعادة بناء سلاح المشاة، أول خطوة حصر الوحدات وإعادة ترتيبها وترتيب ألوية المشاة كأهم عمل، ومن ثم تمركزها في أماكن استراتيجية تدافع عن صنعاء.. فسحبت لواء النصر من جبل النبي شعيب إلى همدان وبراش.. ولواء العروبة من صنعاء إلى خشم البكرة.. واللواء العاشر في عصر، وبعض المواقع في المنطقة الغربية في (الصباحة) وضباط مدرسة المشاة ثم تجميعهم كقوات أو سرايا للطوارىء.. ولواء الثورة كان في (ثلاء) وخرجت إلى ثلاء بسبب مشكلة حصلت مع ضباطه وأفراده بسبب انقطاع التموين والمعاشات نتيجة التطورات حينها، واستفدت من علاقتي بهم، وعلاقتي بزميل قائد اللواء الشهيد محمد المترب (رحمه الله) وتوفقنا في تجاوز الإشكالات.. وكان لهذه الأعمال تأثير إيجابي في عمليات الدفاع عن الثورة في حصار السبعين يوماً.. من منطلق أن (براش جبل مسيطر على نقم) و(وتبة العرة) مسيطرة على المطار، وهذه الوحدات سجلت موقفين أثناء المعارك، وعملت على موقعين في (النهدين) بعد أن كان جماعة الأخ راجح ابو لحوم هناك، واحتلوا (التبتين) هاتين، وبعدهم بأيام وضعنا سريتين في النهدين لحماية المدفعية.. وهذه من الأعمال التي نعتز بها ونحس بدورنا من خلالها من زملائنا، حيث كان كل واحد من القادة يتحرك في أكثر من مكان وموقع بالإضافة لمهامه المحددة..
تحققت أهداف الثورة السبتمبرية
برأيك هل تحققت أهداف الثورة السبتمبرية التي ضحى من أجلها الثوار الأحرار؟
لاشك أن أهداف ثورة 26 سبتمبر تحققت وتوجت بعقد تحقيق الوحدة اليمنية وكان لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح الدور الأول في تحقيقها.. هذه الوحدة المباركة التي أعادت للشعب اليمني لحمته وكيانه الواحد، وأصبحت لليمن مكانتها الكبيرة واستطاعت أن تعيد أمجادها ومكانتها بين الشعوب والأمم بفضل القيادة السياسية الحكيمة للرئيس علي عبدالله صالح، الذي بالوحدة استكمل تحقيق أهداف الثورة اليمنية، وبذلك أصبحت اليمن تتمتع بمكانة إقليمية ودولية بعد وحدة أراضيها وترسيم حدودها وترسيخ علاقاتها الدبلوماسية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مع الأشقاء على وجه الخصوص ومع الأصدقاء في العالم أيضاً..وعندما نتحدث عن أهداف الثورة اليمنية، دائماً نعتبر أن الوحدة هي استثناء متميز في مفاصل ثورتنا التي ضحى من أجلها الشعب اليمني كثيراً، وعندما نقول إن الوحدة استثناء متميز؛ لكونها تحققت في وقت كان فيه العالم يشهد تشرذمات وتمزقات فيما اليمنيون يتوحدون، لذلك ستظل هذه الوحدة نبراساً شامخاً ونموذجاً يحتذى به على طريق الوحدة العربية كهدف من أهداف ثورتنا الخالدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.