يؤمن أبناء عدن بالرمزية التاريخية والثقافية للشارع الرئيس بالمعلا، الذي كان الواجهة الرئيسة للمدينة منذ عقود. وحتى فترة ليست بالبعيدة كان الشارع الرئيس الحاضن الوحيد لأحدث المباني والعمارات في الجزيرة العربية بحسب الشيخ عمر بامشموس أحد رجال الأعمال في عدن، الذي أكد أن عدن كانت بمثابة مدينة دبي الإماراتية حالياً, نظراً للنشاط التجاري والاقتصادي الكبير الذي شهدته عدن في منتصف القرن الماضي والنهضة العمرانية التي عاشتها. الشارع الذي صوّر واجهة عدن الحضارية وعكس طبيعتها المدنية المتحضرة لعقود مهدد بالانهيار والاضمحلال بسبب انتهاء العمر الافتراضي الذي تجاوز نصف قرن. نجمي عبد الحميد يشير إلى تاريخ الشارع قائلاً: في خمسينيات القرن الماضي وتحديداً في بدايات الخمسينيات ردم الاحتلال البريطاني الرصيف المخصص لرسو السفن أسفل عقبة عدن التاريخية فيما يسمى اليوم ب(الدكة)، وتم شق أطول شارع في عدن وبنيت على ضفتيه وبامتداد كيلومترين أكثر من مائة عمارة حديثة لاستيعاب عائلات الجنود البريطانيين، وبمواصفات مباني المدن الأوروبية حينذاك، وسمي الطريق ب(MAIN ROAD) أو الشارع الرئيس، قبل أن يطلق عليه فيما بعد شارع الشهيد مدرم. ومنذ ذلك الحين أصبح الشارع متحدثاً رسمياً لمدينة عدن ومرادفاً لمدى التمدن والتحضر الذي وصلت إليه، لكنه الى اليوم لم يشهد أية تدخلات ترميمية أو إصلاحات تحسينية لحماية الشارع أو الحفاظ عليه، خاصةً أن التشققات بدأت تغزو الشقق والمنازل وأضحت أكثر المباني آيلة للسقوط. مئات الأسر تقدمت مؤخراً لوسائل الإعلام بشكاوى حول تجاهل قيادات السلطة المحلية صرخاتهم ومعاناتهم التي أطلقوها لإغاثتهم من كارثة باتت اليوم وشيكة وتهدد المئات إن لم نقل الآلاف بانهيار المباني على رؤوس ساكنيها، بحيث إن جدران الشقق لا تكاد تستحمل مسماراً يضرب عرض الحائط. لكن لم يتم الالتفات إلى هذه الدعوات من قبل الحكومة التي اكتفت بطلاء واجهات العمارات في عملية يصفها ساكنو المباني في الشارع ب (ضحك على الذقون) وبمبلغ300 مليون ريال لتنطلق حملات ترميم بجهود شبابية ذاتية غير أنها لا تستطيع الوصول إلى جدران المنازل المشققة والسلالم المتصدعة في المباني، مكتفين بالذود عن مبانيهم من خلال حملات بيئية متكررة، ليظل المعلا ليس مجرد شارع عام، بل تاريخ بالنسبة لمدينة عدن.