لم يتصوّر أحد مجريات صباح السبت الحادي عشر من فبراير الجاري؛ حتى اللجنة المنظمة لكرنفال 11 فبراير الذكرى الأولى لانطلاق الثورة الشعبية من شارع جمال عبدالناصر في مدينة تعز أصابها الذهول صباح يوم أمس، حيث قال عبدالرحيم السامعي وهو عضو اللجنة المنظمة للكرنفال إن الحشد المليوني مثّل أكبر مفاجأة ثورية مثيرة للدهشة؛ فاجأت حشود المتظاهرين الذين فاق عددهم مليون متظاهر انتشروا على مسافة تقارب خمسة كيلومترات في قلب مدينة تعز الجميع، وفاقت كل التوقعات. كانت تعز قد دشّنت احتفالها بذكرى ثورة 11 فبراير مساء يوم الجمعة في مهرجان ليلي حاشد، جذب عشرات الآلاف من المواطنين رجالاً ونساءً وأطفالاً، ساروا معاً في مسيرة كرنفالية إلى ساحة الحرية في مساء مشرق بضوء القمر، أطلقت فيه ألعاب نارية أضاءت سماء المدينة لبعض الوقت، منطلقة من الساحة وأماكن متعددة. كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباح أمس السبت حين بدأت فعاليات الاحتفال بالذكرى الأولى لانطلاق الثورة الشعبية، وكانت الجماهير تتوافد بكثافة إلى شارع جمال، وكان آلاف الوافدين من المناطق الريفية، في حالة تعبئة للمنطقة الممتدة من بئر باشا حتى المنصة حول جسر المشاة في شارع جمال حيث يوجد مقر شركة النفط اليمنية والبنك اليمني للإنشاء والتعمير. من ناحية أخرى كان الشارع مزدحماً بآلاف الوافدين منذ صبيحة السبت وقد انتشروا بطول الشارع الممتد من السوق المركزي مروراً بمبنى إدارة التربية وحتى جسر المشاة, توافد آلاف الناس عفوياً بصورة مثيرة للدهشة, وكان السامعي عضو لجنة التنظيم واقفاً أمام مقر بنك اليمن والكويت عندما تحدث ل “الجمهورية” قائلاً: إن الحشد الجماهيري فاجأ اللجنة المنظمة.. لقد تدفقت مجاميع كبيرة من الناس لم تخطر على بال المنظمين، لأنه حسب السامعي (لم يتم الإعلان عن إقامة المهرجان في وسائل الإعلام، كما لم يتم توزيع ملصقات في الشوارع والأماكن العامة).. تميز التدفق الجماهيري المنقطع النظير بعفوية فاقت كل التوقعات، حتى إن المنظمين أنفسهم دُهشوا للطريقة التي سار وفقها الكرنفال بسلاسة وتلقائية في الكثير من التفاصيل, وعلى سبيل المثال يقول السامعي: إن الحشود الجماهيرية المتدفقة ردّدت شعارات وطنية بحتة، مفعمة بحب الوطن، ولم يكن معظم ما جرى بترتيب مسبق مع المنظمين وإنما بعملية جماعية جرت بتلقائية وعفوية شارك فيها آلاف الأشخاص مع بعضهم البعض، أنتجت كرنفالاً وطنياً لا نظير له حتى اليوم. عدد من مراسلي وسائل الإعلام الدولية جاءوا منذ الصباح الباكر لتغطية الفعالية. الصحافي خالد الحمادي، مراسل صحيفة (القدس) ومصور وكالات خارجية، كان من أوائل الحاضرين لتغطية الفعالية، قال ل(الجمهورية) إنه لم يشاهد من قبل مهرجاناً بهذا الحشد الجماهيري الهائل. وقد تهيأ الحمادي بصحبة فريق من الإعلاميين تضمّن مصورة فرنسية وآخرين لتغطية الفعالية من على سطح أحد المباني المطلة على قلب شارع جمال.. لقد مكث قرابة ثلاث ساعات وهو يراقب الحشود المتدفقة في المسيرة أثناء الاستعراض الذي بدأ بفرقة من العسكريين؛ تلته فرقة من طلبة المدارس والجامعات وفرق من الأطباء والمهنيين، جاءت في أعقاب ذلك جماهير المديريات التابعة لمحافظة تعز.. ويقول الحمادي: (لقد سار الكرنفال بشكل رائع، وقد أثار انتباهي كيف أن حشداً مليونياً سار في جموع حاشدة، بعفوية وكان يمكن أن تحصل إشكاليات كثيرة، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث أبداً). وقال الحمادي: (كنت من أوائل الصحافيين الذين حضروا إلى شارع جمال في تعز منذ الصباح الباكر, ولقد أمضيت ثلاث ساعات أشاهد الحشود المتدفقة وقد استمر التدفق منذ العاشرة صباحاً، كانت هناك استمرارية في تدفق أفواج من الناس بلا انقطاع؛ وبالتالي أقدّر أن العدد كبير جداً، أجزم أن أعداد المتظاهرين أكثر من مليون).. ووصف الحمادي الكرنفال أنه جاء بمثابة استفتاء شعبي على انطلاق الثورة الشعبية في 11 فبراير2011م. بشرى المقطري، وهي من قيادات الثورة الشبابية وصفت الكرنفال بأنه محاولة لاستعادة ألق الثورة ووهج البداية التي سرقها لصوص الثورات.