تحتفل بلادنا هذه الايام بالذكرى الخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 في ظل ثورة شبابية تدعو للتغيير ، وتتطلع إلى بناء الدولة المدنية الحديثة، ,واعادة بناء الوحدة اليمنية على اسس متينة خاصة أن الوحدة والتي تعتبر من أهم اهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر مهددة بالتشظي بسبب العديد من الاخطاء التي شهدتها دولة الوحدة.. صحيفة الجمهورية في ظل مواكبتها لاحتفالات بلادنا بهذه المناسبة الوطنية حرصت على الالتقاء بالأستاذ نبيل حسن الفقيه رئيس مجلس ادارة الشركة الوطنية للتبغ والكبريت والذي سلط الضوء خلال الاسطر القادمة على العديد من القضايا خاصة غياب المشروع الوطني لصناع الوحدة في الطرفين (المؤتمر والاشتراكي ) الامر الذي جعل بناء دولة المؤسسات والقانون غائباً عن اذهان صناع القرار والذي يعتبر السبب الرئيسي لما تعنيه الوحدة اليمنية اليوم من تهديد ومخاطر. تحتفل بلادنا بالذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر 1962م من وجهة نظركم ما أهمية الاحتفال بهذه المناسبة ؟ نحتفل بذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر في ظل متغيرات جوهرية يمر بها وطننا اليمني ، من هنا تكمن اهمية هذا الاحتفال والذي يجب ان نستحضر معه كل قيم ومفاهيم التضحية والفداء وكل معاني الحب لكل من قدم لليمن الغالي والنفيس ، على ان الاهمية تقتضي الوقوف الصادق لتقييم و تقويم كل ما انجز خلال المرحلة الماضية بمصداقية وتجرد ، حتى يقترن الاحتفال بثورتي سبتمبر وأكتوبر بالانجازات الحقيقة والواقعية فكلما اقترن الاحتفال بالانجاز كانت السعادة بالغة وكان الطموح لتحقيق المزيد اكبر من ذي قبل . البعض يرى أن الثورة الشبابية هي تجديد للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر أنتم كيف ترون ذلك؟ الممعن والمدرك لأبعاد ثورة التغيير والإصلاح التي قامت في اليمن اليوم يدرك ان ما قام به الشباب ماهو في الأصل إلا تقويم لمسار ثورتي سبتمبر وأكتوبر ، اذ نجد ان جل اهداف ثورة 26سبتمبر على وجه الخصوص قد اختزلت في الخطابات والشعارات التي يطلقها الساسة ، وان الاهداف التي قامت من اجلها ثورتي سبتمبر وأكتوبر لم يتحقق منها على ارض الواقع إلا النزر اليسير ، وعليك ان تضع على ميزان القياس كل هدف وتقارن ما حقق على ارض الواقع مع ما خطط له ابطال ثورتي سبتمبر وأكتوبر لتدرك ان ما حقق على ارض الواقع لا يلبي طموح جل ابناء الشعب اليمني ، من هنا نجد ان التجديد بروح تواقة للتغيير والإصلاح هو ما يسعى اليه الجميع من خلال الثورة الوليدة. ما الذي تحقق للشعب والوطن من منجزات خلال الخمسين عاما الماضية من وجهة نظركم ؟ ثورتي سبتمبر وأكتوبر مثلت الرافد الاساسي لمشروع التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وحققت بعض آمال وتطلعات الشعب اليمني وفتحت آفاقاً جديدة لأبناء اليمن ، على ان ما تحقق لا يرتقي الى مستوى التطلعات ، خاصة اذا ما قارنا ما تحقق لليمن خلال ال50 سنة الماضية بما تحقق لبعض الدول التي لحقت بثورتي سبتمبر وأكتوبر بسنوات لندرك مدى الفارق فيما تم انجازه هنا وهناك ، نعم هناك منجزات تحققت الا ان ما تحقق لا يمكن ان يلامس مايطمح اليه الشعب اليمني . ما أهم المنجزات التي كان من المفترض أن تتحقق خلال الخمسين عاما الماضية ولم يتم ذلك ؟ اهم ما كان يجب ان يتحقق خلال ال50 سنة الماضية هو بناء الدولة العصرية ، ووضع الاسس السليمة للتنمية الشاملة ، والارتقاء بالإنسان الذي ظل في ادنى سلم الاهتمامات ، على ان بناء دولة المؤسسات والقانون لتحقيق العدالة للجميع كان من المفترض ان يكون المدخل لتحقيق الانجازات على مختلف الاصعدة، وكذا خلق الشراكة الفاعلة في صناعة القرار لكل ابناء الوطن ، فواقع الحال يشير الى السطحية في التوجهات والبركة في الممارسات فكان النتاج هشاشة في بناء الدولة ، ولذا نجد اننا نراوح في مكاننا منذ عقود والعالم من حولنا يمضي الى الامام ونحن نتقهقر الى الوراء. الوحدة اليمنية تعتبر ابرز المنجزات التي تحققت لكنها اليوم مهددة وهناك من يدعو للانفصال ما سبب ذلك؟ نعم قد تكون الوحدة اليمنية ابرز المنجزات التي تحققت ، إلا ان الاهمية تقتضي الاعتراف بان الوحدة اليمنية تحققت وفق الرؤية السياسية والجغرافية ، ولم تتحقق اجتماعياً بالشكل المطلوب ، على ان غياب المشروع الوطني لصناع الوحدة في الطرفين (المؤتمر والاشتراكي ) قد جعل امر بناء دولة المؤسسات والقانون غائباً عن اذهان صناع القرار ، منذ اليوم الاول لإعلان الوحدة والكل يسعى الى التفرد وكسب الجولات وتحقيق اكبر قدر من الغنائم على حساب الوحدة ، كما ان غياب العدالة والمساواة في كل مناحي الحياة ، وضيق الافق والعقلية الجامدة التى ادارت دولة الوحدة مابعد 94 وما نتج عنها من اقصاء وتمييز، والمركزية المفرطة ، وغياب البنيان المؤسسي المتماسك والفاعل لكل أجهزة الدولة ، والممارسات إلا مسؤولة قد ساعدت على بروز التيارات الانفصالية ، و ان الممارسة السلبية التي انتهجها ( علي عبدالله صالح ) بمجملها هي من مهد للأرضية التي انطلق منها دعاة الانفصال. كيف يمكن لنا الحفاظ على الوحدة اليمنية المباركة؟ الوحدة إذا كانت مهددة اليوم ، فهي لن تنهار بين ليلة وضحاها ، وعلينا ان نعي ان التحول الجوهرى في الممارسات هو ما سيساعد على تنمية الوعي بأهمية الوحدة للشمال وللجنوب ، على ان القبول بالحوار لحل الاشكاليات التي ظهرت نتيجة تلك الممارسات اللا مسئولة هو المدخل الذي يمكن ان يحقق الغايات ، خاصة وان اليمن تواجهه العديد من المشاكل التي تراكمت نتيجة طبيعة نظام الحكم الذي مورس خلال العقود الأخيرة ، لذا اجد ان العمل على تقديم النماذج المختلفة لنظام الحكم الذي قد يتوافق ومقومات الدولة المدنية الحديثة المنشودة ويحقق العدالة والمساواة للجميع في الشمال والجنوب لهو المدخل الذي يمكن معه الحفاظ على وحدة الارض والإنسان وذلك من خلال الحوار الوطني ، على ان الجميع يجب ان يدرك ان المحيط الاقليمي والمحيط الدولي لن يقبل بالتوتر في المنطقة وسيعمد الجميع على دعم الاستقرار في المنطقة ومن ذلك دعم بقاء اليمن موحداً في اطار سياسي تتوافق علية مختلف القوى السياسية شمالها وجنوبها، وقد تكون الفدرالية متعددة الاقاليم هو المخرج الذي سيدعم من الجميع للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. اللجنة التحضيرية رفعت لرئيس الجمهورية عشرين نقطة أساسية للدخول في الحور منها الاعتذار عن الحروب السابقة في الجنوب وصعدة وتعويض المواطنين المتضررين وإعادة ماتم نهبه من ممتلكات عامة وخاصة ،هل الدولة قادرة على هذا؟ وكيف؟ السؤال هذا يترك جوابه لحكومة الوفاق الوطني وللرئيس عبد ربه منصور هادي ، من وجهة نظري ان الربط في مجمله بين مختلف القضايا في هذه النقطة قد يربك المنفذين بل ويعيق الحوار ، كان يجب الفصل بين القضية الجنوبية التي لها ابعادها وتداخلاتها وبين قضية صعدة التي لها كذلك ابعاد لا تتوافق وأبعاد القضية الجنوبية ، في الظاهر قد يكون الاعتذار وتعويض المتضررين مدخلاً إلا ان التنفيذ على ارض الواقع وفقاً لما جاء من اللجنة امر قد لا يستقيم ولا ينفذ بالشكل الذي يتوقعه كل طرف ، وبالتالي وأد عملية الحوار من حيث لا تعلم اللجنة. ما هي أولويات المرحلة الانتقالية من وجهة نظركم؟ اهم أولويات المرحلة الانتقالية تتمثل في إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية ، بالإضافة الي عقد مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة كل القوى السياسية ، مع عدم اغفال الأولويات الاقتصادية فى المرحلة الانتقالية. بالنسبة للجيش هل تؤيدون العمل على إعادة هيكلته حاليا أم بعد المرحلة الانتقالية أو تغيير القيادات العسكرية فقط أم ماذا ؟ وكيف ترون تنفيذ ذلك ؟ الخطوات التي يقوم بها الاخ رئيس الجمهورية في هذا الاطار خطوات حكيمة ، فالشروع في تغيير القيادات العسكرية يصب في اتجاه توحيد قيادة القوات المسلحة وإخضاعها لسلطة الدولة لا لسلطة الفرد ، على ان هذا سيساعد في المرحلة اللاحقة على إعادة هيكلة القوات المسلحة والتي قد تأخذ من الوقت ما يجعل تنفيذها قبل الحوار امر مستحيل ...لذا اجد التغيير الجوهري في تركيبة قيادة القوات المسلحة يفي بالغرض قبل اجراء الحوار على ان إزالة أسباب التوتر و توفير الأمن والاستقرار يجب ان يوضع ضمن الاجندة الرئيسية لكل الاطراف السياسية لضمان تنفيذ المرحلة الانتقالية وفقاً لما اتفق عليه في المبادرة الخليجية. ما هي ابرز الاشكاليات التي لازالت قائمة بعد شهور من التوقيع على المبادرة الخليجية والعمل على تنفيذها ؟ سبق ان قلت ان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، وضعت السلطة والمعارضة في سلة واحدة ، فاختلط الحابل بالنابل ، واختلت البوصلة على الطرفين ، فلا من اضحوا في السلطة بعد المبادرة أمنوا انهم اصبحوا طرفاً اساسياً في السلطة ولم يعودوا في المعارضة ، ولا من ظلوا في السلطة امنوا انهم لم يخرجوا إلى المعارضة ، كما ان الاجتهاد الفردي في تفسير بنود الاتفاقية وآليتها التنفيذية لكل طرف نتيجة عدم تشكيل لجنة تفسير المبادرة قد وسع من هوة الخلاف بين طرفي العملية السياسية. أيضا كيف يمكن حل هذه الاشكاليات من وجهة نظركم ؟ يكمن الحل في ايمان طرفي العملية السياسية المؤتمر الشعبي العام و حلفائه ، و اللقاء المشترك وشركائهم بالشراكة الكاملة في هذه المرحلة ، وان يفي الطرفان بحق الشراكة التي ارتضوها وفقاً للمبادرة الخليجية ، وان عليهم العمل على تعزيز النهج الديمقراطي من خلال التفريق بين الممارسة الفعلية للسلطة، وممارسة المعارضة، وان عليهم كأطراف مشاركة في السلطة التعامل مع الواقع السياسي وفقاً للأسس المتعارف عليها ووفقاً للمصلحة الوطنية وان تحترم كل الاطراف السياسية المشاركة في السلطة لنفسها حتى تُحترم من قبل الشعب ، اذ إن الطرفين في هذه المرحلة شركاء في السلطة وعليهم تحمل المسؤولية فالتاريخ لن يرحم احداً. أخيرا استاذ نبيل كيف ترون مستقبل اليمن؟ المستقبل واعد بالخير ان ادركنا نحن اليمنيين ان الحل يكمن في قبول كل طرف للطرف الآخر ، وان التغيير سنة من سنن الله في الارض ، وان هناك الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها أن نسوي خلافاتنا بعيداً عن العنف ، على ان العالم من حولنا يدرك ان مستقبل اليمن بيد اليمنيين وان دعم الاطراف الاقليمية والدولية لليمن في هذه المرحلة هو دعم لمستقبل اليمن وعلينا ان نعي ذلك ونعمل من اجل الغد الافضل ان شاء الله.