سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية القبطان/ جمال عبد القادر عايش ل«الجمهورية»: رغم إمكانيات ميناء الحديدة المحدودة إلا إنه ما زال في الصدارة
ميناء الحديدة نافذة اليمن الغربية وبوابتها الرئيسية على البحر الأحمر، صمد لعشرات السنوات بمعداته وآلياته المتواضعة، التي يتم توفيرها بين الحين والآخر، وبالرغم من قصور تلك الآليات والمعدات أمام تزايد الحركة التجارية الدولية ووصولها إلى درجة الإهلاك إلا إنه لا يزال مستمراً يكافح بإمكانياته المحدودة، ويحقق نجاحات تفوق التصور .. اللقاء التالي يتحدث القبطان جمال عبد القادر عايش، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية عن دور وأهمية ميناء الحديدة في الماضي والحاضر والأسباب والضرورات الملحة لتطويره وتحديثه.. كيف تقيمون إسهام ميناء الحديدة ودوره الداعم لتنفيذ مسيرة التنمية الشاملة في اليمن؟ - لكل اقتصاد دعائمه وركائزه التي يعتمد عليها من خلال المؤسسات والمرافق الحيوية والإرادية, ومؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية ومركزها الرئيسي ميناء الحديدة، تعتبر أحد أهم تلك الركائز، فلا شك بأن وجود ميناء الحديدة كان ضرورة حتمية أملتها ظروف ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، إلا إنه بالتأكيد كان وليد هذه الثورة وأحد عمالقة المرافق العامة في الدولة، وركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني، وبالتأكيد كان له دور هام وأساسي في دعم وتنفيذ مسيرة التنمية الشاملة، التي شهدها يمننا الحبيب على مدى أكثر من خمسين عاماً من عمر هذا الميناء، حيث برز دوره الفعال إما متحدياً للحركة التجارية الدولية عبر سنوات الثورة، فكان البوابة البحرية اليمنية التي استقبلت جميع متطلبات التنمية والتطوير، وكان أحد عوامل انتصار السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، فقد جاءت عن طريقة مدد العون والتأييد من الدول الشقيقة والصديقة لدعم الثورة. - بالإضافة إلى أنه كان سنداً تموينياً جباراً أمن للبلاد الغذاء والكساء والأثاث وغيره، وهو الميناء الوحيد الذي استوعب ضغط الشحن والتفريغ لكافة وسائل ومعدات البناء والتعمير في بلادنا، فقد أوصل أدوات التنمية بقدرة فائقة وطاقة غير محدودة. كيف هي إمكانيات ميناء الحديدة وما مدى توافقها مع ما يشهده العالم من تطورات متلاحقة في مجال النقل البحري ومجال الموانئ؟ - فيما يتعلق بمدى توافق تلك المقومات والإمكانيات مع ما يشهده العالم من تطورات مستمرة ومتلاحقة في مجال النقل البحري ومجال الموانئ بالتحديد، فنحن لنا رؤية أخرى ووجهة نظر قد تكون مختلفة تماماً عن كل ما قيل من تصريحات سابقة، كونها تتسم بالصراحة والشفافية أولاً، بالإضافة إلى أنها نظرة مهنية بحكم التخصص وعلاقتنا بالبحر والموانئ.. فالبنية الأساسية والتجهيزات المتوفرة بالموانئ لم تعد تشكل بمفردها العامل الأهم في جذب خطوط الملاحة العالمية كما كانت في السابق، بل أصبح للخطوط الملاحية متطلبات أساسية أهمها قدرة الميناء على استقبال السفن العملاقة وخاصة سفن الحاويات, ولا شك بأن مثل تلك السفن العملاقة تحتاج إلى أعماق واسعة وإلى غاطس أكبر يصل إلى 14متراً على أقل تقدير، وهذا للأسف ما يفتقده ميناء الحديدة الذي مضى على تنفيذ وإنشاء آخر رصيف فيه ما يقارب خمسة وعشرين عاماً وبأعماق لا تتجاوز ال 10 أمتار. فإذا ما حاولنا أن نستعرض معاً وبشكل سريع ومختصر مراحل التطور الإنشائي للبنية التحتية للميناء، والبنية التحتية التي نقصدها هنا تتمثل بالأرصفة والأعماق فسوف نلاحظ بأن بداية نشأة ميناء الحديدة كانت في عام 1961م وقد تكون حينها من ثلاثة أرصفة ( 3,2,1) بلغت مجموع أطوالها 410 أمتار، وأن التطور الإنشائي مر بمرحلتين الأولى كانت خلال (الفترة من 1961م - 1981م ) وخلال هذه المرحلة تم تنفيذ الأرصفة 4 ،5 ، 6 بطول(546) متراً تقريباً وإنشاء رصيف جديد للمحروقات بطول 180 متراً مع منصة لربط البواخر في البحر – بالإضافة إلى توسيع الحوض والقناة الملاحية إلى عمق 9 أمتار وعرض 100 متر بدلاً عن 80 متراً . بينما المرحلة الثانية كانت خلال الفترة من (1980م 1990م) وفيها تم استكمال إنشاء محطة حاويات على اعتبار أن متطلبات العصر في أسلوب التفريغ أصبح يتم بواسطة حاويات، وحتى يكون ميناء الحديدة أكثر قدرة على اتباع هذا الأسلوب من التفريغ، فقد تم خلال هذه المرحلة إنشاء الرصيف السابع مع كافة ملحقاته ليصبح الرصيفان 6 ، 7 بطول 500متر تقريباً (كرصيفين مخصصين)لاستقبال سفن الحاويات بالإضافة إلى توسيع القناة الملاحية حتى 200 متر وعمق10أمتار، وأصبح حينها ميناء الحديدة من أوائل الموانئ التي تنشئ محطة حاويات في المنطقة, ومن خلال ما سبق سوف نلاحظ أن عملية استكمال البنية التحتية للميناء ومراحل التطور الإنشائي كانت إلى حدٍ ما متلاحقة ومتزامنة في نفس الوقت مع تنامي وتوسع حركة النشاط خلال تلك الفترات ومنذ بداية نشأة الميناء إلى مرحلة التوجه نحو بناء محطة الحاويات المتخصصة1981م - 1990م إلا أن عملية التطوير والتحديث ومواكبة المستجدات للأسف قد توقفت عند ذلك الحد، ولا يوجد هناك أي جديد فنحن الآن في بداية العام 2013م أي أن ما يقارب ربع قرن قد مرت على تنفيذ وإنشاء آخر رصيف وعدد الأرصفة لازال كما هو، والأعماق لا زالت هي نفس الأعماق 9.7 أمتار، إن لم تكن قد تناقصت بفعل المد والجزر وتراكم الأتربة. الشيء المؤسف هو أن مثل هذه الأعماق للأسف لا يمكنها أن تتعاطى مع الأجيال الجديدة والحديثة من السفن، وإذا استمر وضع الميناء على ما هو عليه في ظل استمرار التطورات السريعة والمتلاحقة في مجال النقل البحري والتوجه العالمي المستمر نحو بناء وصناعة واستخدام سفن عملاقة وما سوف يواكبها من اختفاء وانقراض للسفن الصغيرة فإننا نتوقع وخلال المستقبل القريب عدم قدرة الميناء على استقبال أي سفن نهائياً، نتيجة لعزوف السفن العملاقة وبالأخص سفن الحاويات عن دخول الميناء وبالتالي خروج الميناء من صفوف الموانئ الدولية، وما سيترتب على ذلك من كارثة وأزمة حقيقة إذا ما وضعنا بعين الاعتبار أن 70 % من البضائع تنقل بواسطة سفن الحاويات, و 70 % من الاحتياجات والمتطلبات السكانية الضرورية والملحة يتم الحصول عليها عن طريق ميناء الحديدة. بعيداً عن ما يقال أو يشاع عن تراجع حركة التبادل التجاري للميناء ونشاطه.. هل لكم أن تعطونا بالأرقام حجم حركة النشاط الذي يشهده الميناء في عملية التبادل التجاري ومقارنتها مع أنشطة الفترات الماضية؟ - يجب أن نعلم تماماً ونعترف بأن ميناء الحديدة صمد لعشرات السنوات بمعداته وآلياته المتواضعة التي يتم توفيرها بين الحين والأخر، وبالرغم من قصور تلك الآليات والمعدات مع تزايد للحركة التجارية الدولية إلا أنه حقق نجاحات تفوق التصور، ولا يزال يكافح بتلك الإمكانيات البسيطة والمحدودة، ويحقق معدلات نمو متصاعدة سنوياً سواءً كان ذلك على مستوى إجمالي حجم النشاط العام أو على مستوى حجم نشاط الحاويات التي تعتبر المقياس الأساسي لمعدلات النمو. وهنا نود أن نوضح نقطة هامة وهي أن ما حققه ويحققه الميناء من زيادات متواصلة في معدلات النمو بجهود وسواعد عماله وموظفيه تأتي كنتيجة طبيعية لموقعه الجغرافي المتميز من المحافظات الشمالية والوسطى ذات الكثافة السكانية العالية، والتي يمدها بأكثر من 70 % من احتياجاتها ومتطلباتها الضرورية وكنتيجة طبيعية أيضاً لما تشهده تلك المحافظات من نمو سكاني متزايد ومضطرد، وهذا بالفعل ما تثبته الأرقام الإحصائية السنوية. إيرادات المؤسسة ومواردها هل تسخر في تطوير الميناء أم أن لها أوجه صرف أخرى؟ وما هي المشاريع التطويرية المنفذة؟ - الحقيقة فيما يتعلق بأوجه وجوانب الصرف والإنفاق، المؤسسة كغيرها من المؤسسات الحكومية تخضع للقانون الخاص بالمؤسسات، فهي تخضع للرسوم والضرائب وحصة الحكومة وغيرها، ومع ذلك بالإمكان أن نوضح بشكل عام ومختصر أن المؤسسة ملزمة بتمويل كافة مشاريعها التطويرية ذاتياً في حدود قدراتها وإمكانياتها المالية، وأنها أيضاً ملتزمة بما يتم اعتماده لها سنوياً من قبل الدولة ووزارة المالية بالتحديد من مبالغ لغرض التطوير والتحديث وتحت مسمى البرنامج الاستثماري والمشاريع التطويرية، وتلك المبالغ أو ذلك الاعتماد للأسف لا يكفي لتغطية وسد الاحتياجات الأساسية والضرورية من الآليات والمعدات التي تعتمد عليها المؤسسة اعتماداً كلياً في تقديم خدماتها للعملاء والزبائن، وتعتمد عليها أيضاً اعتماداً كلياً في تحصيل إيراداتها ومواردها. فإذا كانت المؤسسة ملزمة بتمويل مشاريعها ذاتياً وملتزمة بسقف مالي محدد مسبقاً لتلك المشاريع وأن السقف المالي إجمالاً للأسف لا يكفي حتى لشراء أحد اللنشات (العائمات البحرية) والتي تعتبر أساس عمل الميناء، وبدونها لا يمكن أن تكتمل الخدمات المقدمة للعملاء.. فعن أي برنامج استثماري وأي مشاريع تطويرية نتحدث .. هل نسمي شراء وتوفير البعض من تلك الآليات بين الحين والآخر تطويراً وتحديثاً، ونحن لا زلنا نعاني من قصور وعجز في توفير الحد الأدنى والأساسي من تلك الآليات, ونستطيع القول بأن ما يتم توفيره بين الحين والآخر وفي حدود القدرات والإمكانيات المالية المتاحة ما هو إلا معالجات إسعافية ومحاولة لتوفير الحد الأدنى من الخدمات، فالمشاريع التطويرية إذا لم تواكب ما يحدث من تطورات ومستجدات عالمية على مستوى الموانئ أو النقل البحري لا يمكن أن نسميها مشاريع تطويرية. من وجهة نظرك ما هي متطلبات التطوير لميناء الحديدة.. وما هي الحلول المقترحة من قبلكم لحل المشاكل والمعوقات القائمة؟ - التنمية والتطوير وخاصة في مجال الموانئ يفترض أن توائم وتواكب تطورات الحركة التجارية البحرية وأنماط النقل البحري، ويفترض أن تأخذ تلك التطورات صفة الاستمرارية والتزامن والمشاريع التطويرية الفعلية ينبغي أن تتمثل في تعميق القنوات الملاحية وإنشاء أرصفة جديدة للموانئ التي تمتلكها المؤسسة؛ حتى تستطيع التعامل مع الأجيال الحديثة من سفن الحاويات العملاقة، ومحاولة مواكبة التطورات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم في هذا الجانب، مع إدراكنا ومعرفتنا المسبقة بأن مثل هذه المشاريع الضخمة سوف تحتاج إلى قدرات وإمكانيات مالية ضخمة تفوق وللأسف الشديد القدرات والإمكانيات المالية للمؤسسة وحتى قدرات وإمكانيات الدولة نفسها، فالمؤسسة قد استعدت وأعدت خلال العشر السنوات الأخيرة دراسة تطويرية شاملة لميناء الحديدة من قبل شركة أجنبية، وقد أوصت هذه الدراسة بضرورة إنشاء رصيف حاويات جديد وضرورة تعميق القناة الملاحية حتى تستطيع المؤسسة مواكبة ما يجري من تطورات سريعة ومتلاحقة في مجال الحاويات ونظراً لضخامة كلفة مثل هذا المشروع الحيوي الهام فإن المشكلة الأساسية تظل مشكلة تمويل ونحن كقيادة إدارية للمؤسسة، وأعني هنا بالتأكيد أخي وزميلي القبطان محمد أبوبكر إسحاق، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الذي أخذ على عاتقة جانباً كبيراً من هذا الهم الكبير وهذه المسئولية التاريخية، وأستطيع القول بأننا معاً ومن خلال سعينا الحثيث ومطالباتنا المستمرة والمتواصلة للبحث عن التمويل المطلوب لتنفيذ هذا المشروع الحيوي والهام لم نترك درباً إلا سلكناه ولا باباً إلا طرقناه ولا وسيلة إلا استخدمناها. وتلك المطالبات ولله الحمد تحظى بدعم ومساندة الإخوة في قيادة المحافظة والمجلس المحلي، كما تحظى بدعم ومساندة الإخوة في وزارة النقل ممثلة بمعالي الدكتور واعد باذيب، الذي يبذل جهوداً غير عادية في البحث عن التمويل المطلوب لهذا المشروع، ونستطيع القول إن تلك الجهود والمساعي قد وجدت صدىً واستجابة واسعة من خلال موافقة مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 27/11/2012م على إدراج مشروع توسعة وتطوير ميناء الحديدة ضمن المشاريع، التي سيتم تمويلها من قبل الدول المانحة وما تلا ذلك من زيارة ناجحة لجمهورية الصين وتوقيع الرئيس التنفيذي لمذكرة التفاهم المتعلقة بتنفيذ وتمويل المشروع في25/ 12 /2012م بمبلغ (307) ملايين دولار ، وإقرار مجلس الوزراء وموافقته على تلك المذكرة في 16/1/2013م. كلمة أخيرة تودون طرحها؟ - نعم هناك حقيقة يجب أن نقر ونعترف بها جميعاً، وهي أن كل ما تم التوصل إليه من مؤشرات وبوادر إيجابية حتى الآن يعود الفضل فيها بعد الله تعالى لجهود معالي الأخ وزير النقل الدكتور واعد باذيب، الذي أخذ على عاتقه، ففي أول زيارة له وعدنا بإعادة المكانة الحقيقية لميناء الحديدة، وأننا كقيادة إدارية في المؤسسة نثمن له تلك الجهود المبذولة في سبيل تطوير ميناء الحديدة وسعيه واهتمامه المتواصل بمتابعة تمويل وتنفيذ مشروع تعميق القناة الملاحية وبناء الرصيف الجديد. وهناك حقيقة أخرى يجب أن يعيها الجميع وهي بكل بساطة وبدون مبالغة.. أن محافظة الحديدة هي الميناء، وأن الميناء هو المنفذ الرئيسي لليمن على البحر الأحمر، وهو الرئة التي يتنفس بها ويطل من خلالها على العالم الخارجي، وأن محافظة الحديدة بمينائها وبكل ما تمتلكه من إمكانيات ومقومات مختلفة ومتنوعة تمثل رقماً خاصاً في عجلة التنمية الاقتصادية اليمنية يصعب تجاهله. وأننا وبرغم كل البوادر والمؤشرات الإيجابية التي استعرضناها وأشرنا إليها سابقاً حول ما تم اتخاذه من إجراءات وموافقات معلنة حتى الآن بخصوص عملية تطوير الميناء.. إلا إنه ما زالت لدينا بعض المخاوف والشكوك بسبب كثرة ما تلقيناه من وعود والتزامات سابقة، ولن نطمئن حتى يبدأ التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وكما أشرنا في إحدى اللقاءات السابقة بأن مشاريع عملاقة مثل هذه لا شك بأنها سوف تحتاج إلى نية صادقة أولاً، ومن ثم تحتاج إلى تعاون وتضافر الجميع وليس وزير النقل فقط.. تحتاج إلى قرار سياسي من رئيس الجمهورية.. تحتاج إلى تفاعل كل من وزارتي التخطيط والمالية.. تحتاج إلى التفاف وتفاعل كافة الجهات المعنية والجهات الداعمة بمحافظة الحديدة من أجل إخراج مثل هذا المشروع الاستراتيجي الهام حقيقة إلى أرض الواقع.